ليلى زاهر لـ«الشرق الأوسط»: المسرح بوابتي للغناء

اعتبرت «كلمة أخيرة» رسالة لبنات جيلها

الفنانة ليلى زاهر (الشرق الأوسط)
الفنانة ليلى زاهر (الشرق الأوسط)
TT

ليلى زاهر لـ«الشرق الأوسط»: المسرح بوابتي للغناء

الفنانة ليلى زاهر (الشرق الأوسط)
الفنانة ليلى زاهر (الشرق الأوسط)

قالت الممثلة المصرية الشابة ليلى زاهر، إن أغنية «كلمة أخيرة» التي طرحتها قبل أيام تحمل رسالة مهمة لبنات جيلها، وقالت في حوارها مع «الشرق الأوسط» إنها بكت حينما استمعت للأغنية للمرة الأولى، وتخوفت من غنائها، مشيرة إلى أن مسرحيتها «عيلة لاسعة جداً»، التي قدمتها بموسم الرياض هي التي فتحت لها طريق الغناء، ولفتت إلى أن والدها الفنان أحمد زاهر ساندها بقوة في كل شيء.
واستطاعت ليلى زاهر تصدر «الترند» في مصر عقب طرح أول أغنية مصورة لها، بعدما خاضت تجارب قليلة في الغناء عبر البرامج والأعمال الفنية، لكن أغنية «كلمة أخيرة» وضعتها على طريق الغناء باعتبارها مطربة، وهي من تأليف أحمد حسن، وألحان وتوزيع إسلام زكي، وإخراج هشام جمال، وإنتاج اللبناني معين بطرجي، وتم تصويرها في بيروت.
كانت مسرحية «عيلة لاسعة جداً»، التي شاركت ليلى في بطولتها مع والدها الفنان أحمد زاهر وشقيقتها ملك، وعُرضت بموسم الرياض، قد فتحت لها الطريق إلى الغناء حسبما تقول: «غنيت لأول مرة أمام الجمهور في برنامج (صاحبة السعادة) مع الأستاذة إسعاد يونس، حيث غنيت للمطربة الكبيرة فيروز (صباح ومسا)، و(في شيء مكان)، كما غنيت تتر مسلسل (في بيتنا روبوت)، لكن الخطوة الأكبر كانت في موسم الرياض حينما كنت أشارك في مسرحية (عيلة لاسعة جداً) التي تعرفت من خلالها على الملحن إسلام زكي، ولحن لي أغنية قدمتها على المسرح بعنوان (لايق على النجومية)، واستقبلها الجمهور بشكل رائع، وسعدت للغاية بالعمل مع إسلام لأنه ملحن كبير وماهر جداً».
وتؤكد زاهر أنها أُعجبت بأغنية «كلمة أخيرة» عندما عرضها عليها زكي: «لامستني وبكيت حين سمعتها للمرة الأولى، فهي أغنية لها طابع درامي وأنا أحب هذه النوعية من الأغنيات لكن لم يكن يخطر ببالي أن أغنيها، فأنا بطبيعتي شخصية (فرفوشة)، وأميل أكثر للأشياء المبهجة، لكن الأغنية جعلتني أخرج عن منطقة الراحة (كومفورت زون) وقمت بتسجيلها بعدما اشتغلت عليها بكل حب، لكي تخرج للناس بهذا الشكل».
وترى ليلى، ابنة العشرين عاماً، أن الأغنية تعبر أيضاً عن جيلها: «لقد حملت رسالة مهمة لجيلي، وخصوصاً المراهقين، الذين يكون حبهم نقياً ويبدو لهم مثل الحلم، فكان لابد أن نوصل لهم رسالة حتى لا يصبح الإنسان ضحية لمشاعره البريئة». على حد تعبيرها.
وعن كواليس تصوير الأغنية تقول زاهر: «كنت سعيدة بالمواقع المبهرة في لبنان لكنني كنت تقريباً على وشك التجمد بسبب برودة الجو، لكن فريق العمل شجعني بشدة، وخصوصاً المنتج معين بطرجي الذي كان من أكبر الداعمين لي، والاستايلست اللبنانية مايا حداد، التي اختارت لي ملابس ملائمة لأجواء الأغنية».
وتلقت ليلى ردود فعل عديدة أسعدتها بشأن الأغنية، لا سيما أن رسالتها وصلت للجمهور، على حد تعبيرها. كما تلقت التهنئة من مطربين وملحنين على غرار زياد فورجي: «زياد كان من أوائل الناس الذين شجعوني، وهو ملحن ومطرب كبير وستجمعنا مشروعات في الفترة المقبلة، وكذلك المطرب أحمد سعد، كما تلقيت سبعة آلاف رسالة لم أنتهِ بعد من الرد عليها».
وتضيف ليلى: «أعرف أن الغناء يعد مجالاً صعباً ومسؤولية، لكن أتمنى أن أكون على قدرها وأقدم أعمالاً تعجب الناس... بطبيعتي أركز في كل شيء، وأستطيع عمل توازن، وأتطلع لأجمع بين التمثيل والغناء، وأتدرب على الاستعراض لأكون فنانة شاملة على غرار الفنانة دنيا سمير غانم، التي أحبها جداً، وأرى أنها حققت نجاحاً كبيراً في هذا الإطار».
وتحظى ليلى بدعم كبير من والدها الفنان أحمد زاهر: «والدي تحمس أكثر مني للأغنية، وكان دائماً يشجعني ويقف في ظهري ويبدد قلقي، ويقول لي (ستقدمين الأغنية وتنجحين)، وقابلتنا صعوبات كثيرة، كان هو الذي يتصدى لحلها، وحضر معي التسجيل والتصوير، ووالدتي أيضاً، أما شقيقاتي فقد حفظن الأغنية ويسمعنها باستمرار في البيت والسيارة».
وكانت ليلى قد ظهرت سينمائياً لأول مرة وهي طفلة عمرها 8 سنوات في فيلم «عمر وسلمى 2» مع الفنانين تامر حسني ومي عز الدين، مع شقيقتها ملك، حيث قدمتا دوري ابنتي تامر ومي، وتتطلع ليلى لعرض أحدث أفلامها «مطرح مطروح» الذي تقول عنه: «أعجبتني قصته التي تدور في شكل كوميدي، كما أنه يجمعني بالأستاذ محمود حميدة، والمخرج وائل إحسان وسيعرض قريباً».
ويبدو أن تجربتها المسرحية الأولى قد فتحت شهيتها للمسرح، مثلما تؤكد: «المسرح مجال مهم جداً لكل فنان؛ لأنه يقوي الممثل ويكسبه ثقة بالنفس، وقد استفدت كثيراً من التجربة رغم صعوبتها؛ لأننا جهزنا المسرحية في وقت محدود، والحمد لله أنها حظيت بإعجاب الجمهور السعودي وحققت ردود فعل جميلة جداً».


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

منصور الرحباني في عيون نجوم مسرحه

منصور الرحباني في عيون نجوم مسرحه
TT

منصور الرحباني في عيون نجوم مسرحه

منصور الرحباني في عيون نجوم مسرحه

قبل 16 شتاءً، أَبحرَ منصور الرحباني وحدَه صوب الضفة الأخرى. ترك في أدراج مكتبه الصغير في أنطلياس سطوراً وأفكاراً وأبياتَ شِعر ما زالت تتكاثر حتى اليوم، وتتدفّق أغنياتٍ ومشاريعَ مسرحيات.

من الصعب أن يغيب منصور. في مئويّته التي تصادف هذا العام، ها هو يعود بصوت هبة طوَجي وألحان ابنِه أسامة ضمن أوراتوريو خاص بديوانه «أسافر وحدي ملكاً» يصدر خلال أشهر. أما غسان صليبا، فكلّما صعد إلى المسرح، طالبه الجمهور بغناء «غريبَين وليل»، و«وطني بيعرفني»، و«حامل عطر بلادي»، وغيرها من أعمال الرحباني. ومع كل نص مسرحي جديد يكتبه رفيق علي أحمد، يرجع إليه أسلوب منصور و«جملته المسرحية الانسيابية».

يستعد أسامة الرحباني لإصدار أوراتوريو «أسافر وحدي ملكاً» بصوت هبة طوجي (إنستغرام)

يُجمع نجوم مسرح منصور الرحباني على أنّ الحظ كان حليفهم؛ يوم اصطفاهم «الأستاذ» كي يلعبوا الأدوار الأولى في مسرحياته. يتفقون كذلك على أنّ الرجل وازَنَ ما بين العبقريّة والبساطة، فاحترف الإنسانية والفن على السواء.

«سيف البحر» ورحلة العقدَين

هو «سيف البحر» في «صيف 840»، وأبو الطيّب المتنبي في «المتنبّي»، ويسوع المسيح في «وقام في اليوم الثالث»، والمعتمد بن عبّاد في «ملوك الطوائف»، والنبي في «جبران والنبي». تلك بعض الشخصيات التي أدّاها الفنان غسان صليبا على مسرح منصور الرحباني.

يذكره خلال التحضيرات لـ«صيف 840»، وهو يردّد: «نصف منصور رحل مع عاصي، ونصف عاصي بقي مع منصور». كانت تلك المرة الأولى التي يغرّد فيها منصور وحيداً على المسرح بعد رحيل توأم روحه وفنّه عاصي الرحباني.

منصور الرحباني وغسان صليبا خلال التحضيرات لـ«صيف 840» عام 1987 (أرشيف أسامة الرحباني)

منذ «صيف 840» (1987) وحتى «عودة الفينيق» (2008)، لم يترجّل صليبا عن خشبة منصور. ملأ الشاب مكانه غناءً وتمثيلاً فمنحه الرحباني الثقة، هو الآتي بعد عقودٍ كانت فيها السيدة فيروز النجمة الأولى والبطلة الأنثى الوحيدة على مسرح الأخوين. يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «عبور عقدَين بجوار منصور الرحباني شكّل فرصة ثمينة ومسؤولية كبيرة».

يذكره جالساً في الكواليس خلال أمسيات العروض الأولى، يترقّب قلِقاً ردّة فعل الجمهور؛ فـ«منصور الرحباني كان حريصاً على الكمال وعلى ألّا تشوب أعماله أي شائبة»، وفق صليبا. يسترجعه كذلك متوسطاً مقاعد المسرح، حاملاً دفتراً يدوّن عليه ملاحظاته خلال التمارين. يضيف: «حتى عندما تقدّم في السنّ وغلبه التعب، لم يتساهل منصور الرحباني يوماً وحافظ على الجدّيّة ذاتها في العمل».

منصور الرحباني متوسطاً فريق عمل مسرحية «أبو الطيب المتنبّي» (أرشيف أسامة الرحباني)

مقابل تلك الجدّيّة و«الهالة الكبيرة»، اتّسمت شخصية الرحباني بالفكاهة والبساطة. يعود صليبا بالذاكرة إلى جلسات كثيرة جمعتهما، تحدّثا خلالها عن مواضيع شتّى، لكنّ الغالب كان دائماً هاجسه بالعدالة الإنسانية. يشتاق الفنان اللبناني إلى تلك الجلسات، وإلى ولائم العصافير التي كان يرافقه فيها إلى دمشق. يفتقد كذلك الوقوف بطلاً على مسرحه؛ فيستعيض عن الأمر في حفلاته الخاصة، باستعادة أغانيه التي «عرفت كيف تجمع بين الملحميّة والإحساس المرهف».

غسان صليبا بشخصية المعتمد بن عبّاد في مسرحية «ملوك الطوائف» (فيسبوك)

سقراط و«المعلّم»

يحلو لرفيق علي أحمد أن يسمّي منصور الرحباني «المعلّم»، مستلهماً مسرحية «آخر أيام سقراط» حيث كان تلاميذ الفيلسوف اليوناني ينادونه: «يا معلّم». بالنسبة له، منصور هو «المعلّم» قولاً وفعلاً؛ إذ استقى منه الكثير من حرفة الكتابة المسرحية. أما على المستوى الإنساني، فتعلّم منه «التسامح وترك السجالات والتوترات المرافقة للعمل خلف الستارة ليكنسَها الكنّاسون».

عام 1998، وجد منصور الرحباني في رفيق علي أحمد الملامح التي رسمها لشخصية سقراط. كانت تلك المرة الأولى التي ينضمّ فيها الفنان المخضرم إلى المشروع الرحبانيّ. «لم أكن أحلم بالوقوف على هذا المسرح في يوم من الأيام، لكن الحلم تحقق فلكِ أن تتصوّري السعادة التي قد تصيب ممثلاً إذا نال هذا الحظ»، يقول علي أحمد لـ«الشرق الأوسط».

رفيق علي أحمد وكارول سماحة في مسرحية «آخر أيام سقراط» (فيسبوك)

كما حفرَ سقراط في ذاكرة علي أحمد، كذلك فعلَ «منصور الذي حوّلَ المعاني الفلسفية العميقة إلى كلمة طيّبة ومطواعة، تصل إلى قلوب الناس عبر آذانهم». تأثّر به إلى درجة أنه استوحى منه خصائص شخصية «سعدون الراعي» في مسرحية «حكم الرعيان»، فرجع بالذاكرة حينها إلى دور «بشير المعّاز» الذي أدّاه منصور الرحباني في فيلم «بنت الحارس» عام 1967.

علي أحمد الذي نال هو الآخر ثقة الرحباني، عاد وحلّ بطلاً على مسرحيتَي «جبران والنبي» و«دون كيشوت». وما بين مسرحية وأخرى كانت تتوطّد العلاقة بين الرجلَين؛ حيث اكتشف التلميذ في «المعلّم إنساناً مكتمل الخبرة، لم يُفقده العمق الإنساني شيئا من ظُرفه»، ولا من طفولته التي كانت ترجع في كل مرة يختلس فيها قطعة شوكولاته رغم تعليمات الطبيب الصارمة.

كلّما عادت الذكرى السنوية، أضاء رفيق علي أحمد شمعة لروح منصور الرحباني وناجاه قائلاً: «كان الله راضياً عنك، فحتى اللحظة الأخيرة من حياتك بقيت جالساً بوَعي وإدراك إلى مكتبك، تعمل وتؤلّف».

منصور الرحباني جالساً إلى مكتبه أحد أحبّ الأماكن إلى قلبه (أرشيف غدي الرحباني)

هبة... آخر العنقود

«يا بنت تعي تغدّي». كانت تلك العبارة الأولى التي توجّهَ بها منصور الرحباني إلى آخر عنقود نجمات مسرحه، هبة طوجي. تخبر «الشرق الأوسط» كيف ارتعدت رهبة عندما جلست قربه إلى المائدة في منزله في أنطلياس، يوم كانت في الـ19 من عمرها تتدرّب على باكورة ألبوماتها مع أسامة الرحباني.

«في مقابل الرهبة، شعرتُ فوراً بطيبته وتواضعه ورغبته في مشاركة الناس أبسط التفاصيل كطعام الغداء»، تتابع طوجي. حتى التعليقات العادية التي كانت تسمعها منه عن الحياة اليومية، أرادت الفنانة اللبنانية أن تطبعها في ذاكرتها: «كنت في حضرة الأستاذ الذي لم يحتَج إلى تكرار النصيحة كي أحفظها».

هبة طوجي وغسان صليبا في مسرحية «عودة الفينيق» (فيسبوك)

تلفت إلى أنه درّبها على ضبط إيقاع السرعة في القراءة والانفعالات في الأداء المسرحي. ومن دون أن يتعمّد ذلك علّمها السعي إلى الكمال؛ فخلال تمريناتها الغنائية مع أسامة على البيانو في بيته، كان يفصل بينهما بابٌ واحد، فيتراءى لها «الأستاذ»، وهو يسمعها من غرفة مكتبه؛ الأمر الذي حمّلها مسؤولية كبيرة.

شهِد منصور الرحباني على أولى خطوات هبة طوجي المسرحية، فجمعتهما «عودة الفينيق» في 2008، أي قبل وفاته بعامٍ واحد. تذكر كيف كان يحضر البروفات عندما تسنح صحتُه، وتلك اللحظة التي احتضنته فيها بعد العرض الأول. أما الذكرى التي تحتفظ بها كنزاً في قلبها، فذلك الاتصال الذي تلقّته منه ليهنّئها بأغنية «متل الريح»: «تجمّد بي الزمن عندما سمعته. أخذت شهادة منه مدى العمر».

منصور الرحباني في كواليس المسرح مع ابنه مروان (أرشيف غدي الرحباني)

اليوم، وبعد أن صار عمر الغياب 16 عاماً، ما زالت تلمس طوجي الفراغ الكبير الذي خلّفه «الأستاذ»: «لكن عملي مع أسامة يُشعرني وكأنه ما زال حاضراً». اليوم، وأكثر من أي وقت، يغوص الثنائي الفني في شعر منصور من خلال أوراتوريو «أسافر وحدي ملكاً»؛ بعد أن وقّع لها إهداءً على الديوان؛ ها إنّ هبة طوجي توقّع القصائد بصوتها في تحية إلى أستاذ العمر.