قمة الاتحاد الأفريقي تنطلق وسط تنافس دولي وتحديات غذائية

تنعقد بحضور غوتيريش وشارل ميشيل

موسى فقي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي وأنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة في أديس أبابا الجمعة (أ.ف.ب)
موسى فقي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي وأنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة في أديس أبابا الجمعة (أ.ف.ب)
TT

قمة الاتحاد الأفريقي تنطلق وسط تنافس دولي وتحديات غذائية

موسى فقي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي وأنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة في أديس أبابا الجمعة (أ.ف.ب)
موسى فقي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي وأنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة في أديس أبابا الجمعة (أ.ف.ب)

انطلقت بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أمس، أعمال القمة السنوية السادسة والثلاثين للاتحاد الأفريقي، بحضور 55 دولة أفريقية، وممثلي عدد من المنظمات الدولية ودول كبرى. وبحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية، سيحضر القمة 35 رئيس دولة و4 رؤساء حكومات على الأقل.
ويأتي انعقاد القمة وسط تنافس دولي غير مسبوق لاستقطاب دول القارة، إضافة إلى تعقد تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية، خصوصاً أزمة الغذاء، وسط موجة جفاف هي الأعنف في بعض دول القارة منذ سنوات. ويشمل جدول أعمال القمة مناقشة تقرير مفوض السلم والأمن بالاتحاد بشأن القارة، كما يستعرض التقارير الخاصة بنتائج الأوضاع في ليبيا، والصومال، وأفريقيا الوسطى، والكونغو الديمقراطية، إضافة إلى هجمات «حركة الشباب» الصومالية.
وأدت النزاعات المسلحة التي تشهدها القارة من منطقة الساحل في غرب أفريقيا وحتى القرن الأفريقي في الشرق، بالإضافة إلى آثار موجات الجفاف والفيضانات، إلى نزوح المزيد من سكان القارة من ديارهم، إذ ارتفع عدد نازحي جنوب الصحراء الكبرى بأكثر من 15 في المائة خلال العام الماضي، وفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة.
وتقدر الأمم المتحدة أن 44 مليون شخص نزحوا في عام 2022 ارتفاعاً من 38.3 مليون في نهاية عام 2021. وقال دبلوماسيان لوكالة «رويترز»، شريطة عدم الكشف عن هويتهما، إنه من المنتظر أن يسعى مفوض السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي بانكولي أديوي لحشد الدعم لاقتراح تمويل جديد تقدمه الولايات المتحدة وأعضاء الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي للعمليات الأمنية. ورجحت تقارير إثيوبية أن تتطرق القمة إلى مناقشة مساعي كل من السودان ومالي وغينيا وبوركينا فاسو لاستعادة عضويتها المجمدة حالياً بالاتحاد إثر تعطيل الدساتير المدنية فيها، وهو إجراء يستوجب، بحسب لوائح المنظمة الأفريقية، تجميد العضوية إلى حين استعادة الحكم المدني وفق دستور متوافق عليه شعبياً.
وأثار غياب السفير الإسرائيلي في أديس أبابا، أليلي أدماسو، عن حضور افتتاح المجلس التنفيذي لوزراء خارجية الاتحاد، الذي عقد على مدى اليومين الماضيين، تكهنات بشأن قرار أفريقي محتمل حول تجميد عضوية إسرائيل كمراقب في الاتحاد الأفريقي. وكان موسى فقي، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، اتخذ قراراً «بصورة انفرادية» في 22 يوليو (تموز) 2021 بمنح إسرائيل صفة مراقب في الاتحاد، دون استشارة الدول الأعضاء. واتخذت القمة الأفريقية السابقة، في فبراير (شباط) 2022 قراراً بتعليق منح صفة مراقب لإسرائيل، بعد معارضة قادة عدة دول أفريقية، وشكلت لجنة تضم 7 دول، تترأسها الجزائر وجنوب أفريقيا لبحث الملف، وتوقع دبلوماسيون أفارقة أن تقدم اللجنة تقريرها إلى القمة خلال اجتماعاتها الحالية. ويعترف أكثر من ثلثي الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي بإسرائيل، وتقيم معها علاقات دبلوماسية.
وإلى جانب رؤساء الدول الـ55 الأعضاء في الاتحاد، سيحضر القمة أيضاً الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل. وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن وفداً أميركياً رفيع المستوى سيشارك في قمة الاتحاد الأفريقي، ويضم الوفد المبعوث الخاص للأمن الغذائي العالمي كاري فاولر، الذي سينضم إلى مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون أفريقيا مولي في، الممثلة الرئاسية الخاصة لتنفيذ قمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا، إضافة إلى مسؤولين بارزين في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
ووفقاً للوزارة، سيجري الوفد لقاءات على هامش القمة لمناقشة أزمة الأمن الغذائي العالمية، وتأثيرها غير المتناسب على أفريقيا، بالإضافة إلى متابعة الالتزامات الأميركية التي تم التعهد بها في قمة القادة الأميركية - الأفريقية.
ومن المتوقع أن يتبنى الزعماء الأفارقة أيضاً سلسلة من الاتفاقيات التي تهدف للتعجيل بتنفيذ كامل لمنطقة جديدة للتجارة الحرة في أفريقيا، التي بدأت بموجبها التجارة رسمياً عام 2021. وتضم منطقة اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA) أكبر سوق للتجارة الحرة في العالم من حيث عدد سكانها، إذ تضم الاتفاقية جميع دول القارة الـ55 دولة باستثناء إريتريا.
وتستهدف الاتفاقية تعزيز التجارة بين الدول الأفريقية بنسبة 60 في المائة بحلول عام 2034، عبر إلغاء جميع الرسوم وإنشاء كتلة اقتصادية لمليار و300 مليون شخص مع إجمالي ناتج محلي قدره 3.4 تريليون دولار. وتبلغ نسبة التجارة بين الدول الأفريقية حالياً 15 في المائة من السلع والخدمات، مقارنة بأكثر من 65 في المائة مع دول أوروبية.
وأشار إبراهيم إدريس، خبير الشؤون الأفريقية، إلى التطور الذي تشهده مؤسسات العمل الأفريقي منذ التحول إلى منظومة الاتحاد الأفريقي، لافتاً إلى أن القمة الحالية ستركز بشكل لافت على القضايا ذات البعد الاقتصادي، سواء قضية السوق الأفريقية المشتركة أو قضية الغذاء، أخذاً في الاعتبار ما تواجهه دول القارة من تحديات جمة في هذا الشأن. وأضاف إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن تسريع وتيرة الإجراءات لإقامة السوق الأفريقية المشتركة سيكون إطاراً جاذباً لبناء علاقات أكثر عملية للدول، ولتحقيق مصالح الشعوب الأفريقية، فضلاً عن تعزيز علاقات دول القارة بالمؤسسات والتكتلات الدولية الأخرى. وأوضح أن التوصل إلى نتائج بناءة في ملف السوق الموحدة، سينعكس بالإيجاب على مجمل العلاقات الأفريقية، خصوصاً في ضوء ما تتطلبه من إجراءات بشأن إلغاء الرسوم الجمركية، وتسهيل حركة الدخول بين الدول الأفريقية، الأمر الذي يعزز الحراك الاقتصادي والثقافي والاجتماعي بين دول القارة.
ولفت خبير الشؤون الأفريقية إلى تصدر قضية الغذاء مشاورات قمة الاتحاد الأفريقي الحالية، التي وصفها بأنها «حجر الأساس في احتياجات المواطن الأفريقي في الوقت الراهن»، مشيراً إلى محورية هذه القضية، ليس فقط في اهتمامات دول القارة، بل في علاقاتها مع القوى الكبرى في العالم. واستشهد بحضور تلك القضية في الزيارات المكوكية التي شهدتها القارة لوزراء خارجية ومسؤولين بارزين من الولايات المتحدة والصين وروسيا خلال الأسابيع الأخيرة، وكانت قضية الغذاء مكوناً أساسياً في وعود هؤلاء المسؤولين لدول القارة.
واستضافت واشنطن، في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قمة القادة الأميركية – الأفريقية، بمشاركة 49 دولة أفريقية، وشكلت مواجهة تمدد الصين وروسيا جزءاً من الطرح الأميركي خلالها، فيما تستعد روسيا خلال العام الحالي لاستضافة القمة الروسية - الأفريقية الثانية، التي من المتوقع أن تُعقد في يوليو المقبل.


مقالات ذات صلة

ما مستقبل الخلاف بين متمردي «أوروميا» والحكومة الإثيوبية؟

العالم ما مستقبل الخلاف بين متمردي «أوروميا» والحكومة الإثيوبية؟

ما مستقبل الخلاف بين متمردي «أوروميا» والحكومة الإثيوبية؟

أثار عدم التوصل إلى اتفاق، بعد محادثات سلام أولية بين الحكومة المركزية الإثيوبية، ومتمردي إقليم «أوروميا»، تساؤلات حول مستقبل تلك المحادثات، واحتمالات نجاحها، وأسباب تعثرها من البداية. ورأى خبراء أن «التعثر كان متوقعاً؛ بسبب عمق الخلافات وتعقيدها»، في حين توقّعوا أن «تكون المراحل التالية شاقة وصعبة»، لكنهم لم يستبعدوا التوصل إلى اتفاق. وانتهت الجولة الأولى من المحادثات التمهيدية بين الطرفين، دون اتفاق، وفق ما أعلنه الطرفان، الأربعاء.

العالم رئيس الحكومة الإثيوبية يُعلن مقتل عضو بارز في الحزب الحاكم

رئيس الحكومة الإثيوبية يُعلن مقتل عضو بارز في الحزب الحاكم

أعلن رئيس الحكومة الإثيوبية آبي أحمد اليوم (الخميس) مقتل مسؤول الحزب الحاكم في منطقة أمهرة الواقعة في شمال البلاد. وقال آبي أحمد عبر «فيسبوك»، إنّ «أولئك الذين لم يتمكّنوا من كسب الأفكار بالأفكار، أخذوا روح شقيقنا جيرما يشيتيلا». واتهم أحمد، وفقا لما نقلته وكالة «الصحافة الفرنسية»، «متطرّفين يتسمون بالعنف» بالوقوف وراء هذا العمل الذي وصفه بـ«المخزي والمروّع».

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
العالم محادثات سلام «غير مسبوقة» بين حكومة إثيوبيا ومتمردي «أورومو»

محادثات سلام «غير مسبوقة» بين حكومة إثيوبيا ومتمردي «أورومو»

تنطلق في تنزانيا، الثلاثاء، محادثات سلام غير مسبوقة بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية ومتمردي إقليم أوروميا، ممثلين في «جبهة تحرير أورومو» التي تخوض معارك مع القوات الحكومية بشكل متقطع منذ عقود. وتسعى أديس أبابا لإبرام اتفاق سلام دائم مع متمردي الإقليم، الذي يشغل معظم مناطق وسط البلاد، ويضم مجموعة من الفصائل المسلحة التابعة لقومية الأورومو، على غرار ما حدث في «تيغراي» شمالاً، قبل 5 أشهر، خشية دخول البلاد في حرب جديدة مع تصاعد التوتر بين الجانبين. وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي زار مدينة نكيمتي بالإقليم مؤخراً، أن «جولة مفاوضات ستبدأ معهم (جيش تحرير أورومو) الثلاثاء في تنزانيا»، في أ

محمد عبده حسنين (القاهرة)
شمال افريقيا هل تستغل إثيوبيا اضطرابات السودان لحسم «الخلاف الحدودي»؟

هل تستغل إثيوبيا اضطرابات السودان لحسم «الخلاف الحدودي»؟

عاد الخلاف الحدودي بين إثيوبيا والسودان، بشأن منطقة «الفشقة»، إلى الواجهة، بعد أنباء سودانية عن نشاط «غير اعتيادي» للقوات الإثيوبية ومعسكراتها، في المنطقة المتنازع عليها، منذ بداية الاضطرابات الأخيرة في السودان.

محمد عبده حسنين (القاهرة)
أفريقيا إثيوبيا: متمردو تيغراي يُظهرون «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام

إثيوبيا: متمردو تيغراي يُظهرون «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام

أظهر متمردو إقليم «تيغراي» شمال إثيوبيا، «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام، الموقَّع قبل نحو 5 أشهر، مع الحكومة الفيدرالية بأديس أبابا، وذلك بتسليمهم مزيداً الأسلحة، ضمن عملية نزع سلاح الإقليم ودمج مقاتليه في الجيش الوطني. وحسب نائب مفوض «إعادة التأهيل الوطني»، العميد ديريبي ميكوريا، اليوم (الخميس)، فإن «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي سلمت الدفعة الأولى من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة المتنوعة التي تم جمعها حول منطقة دينقولات في إقليم تيغراي». وأنهى اتفاق السلام، الموقّع في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حرباً عنيفة استمرت عامين، راح ضحيتها الآلاف، حسب منظمات دولية.

محمد عبده حسنين (القاهرة)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.