ماذا يعني صمت «القاعدة» عن أنباء تولي سيف العدل قيادته؟

وسط خلاف بين واشنطن وطهران بشأن حقيقة وجوده في إيران

سيف العدل (أ.ف.ب)
سيف العدل (أ.ف.ب)
TT

ماذا يعني صمت «القاعدة» عن أنباء تولي سيف العدل قيادته؟

سيف العدل (أ.ف.ب)
سيف العدل (أ.ف.ب)

أثيرت تساؤلات خلال الساعات الماضية عن أسباب صمت تنظيم «القاعدة» الإرهابي عن الحديث حول أنباء تولي المصري «سيف العدل» قيادة التنظيم، خلفاً لأيمن الظواهري الذي يُعتقد أنه قُتل بصاروخ أميركي في كابل العام الماضي. التساؤلات أثيرت وسط خلاف بين واشنطن وطهران بشأن حقيقة وجود «سيف العدل» في إيران.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن «(سيف العدل) يُعتقد أنه الزعيم الجديد لـ(القاعدة)». وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، أن «تقييم واشنطن (يتسق) مع تقرير الأمم المتحدة الأخير، الذي يعتقد أن (سيف العدل) موجود حالياً في إيران». وأشار متحدث «الخارجية الأميركية» إلى أنه «عندما يتعلق الأمر بوجود (سيف العدل) في إيران، فإن توفير ملاذ آمن لـ(القاعدة) هو مجرد مثال آخر لدعم إيران (واسع النطاق للإرهاب)».
بَيْدَ أن وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، نفى في تدوينة له عبر «تويتر» أوردتها وكالة «رويترز» (مساء الخميس): «ما ذكرته الولايات المتحدة الأميركية الذي مفاده أن زعيم تنظيم (القاعدة) سيف العدل موجود في إيران».
و«سيف العدل» اسمه الحقيقي محمد صلاح الدين زيدان، وهو في الأصل عضو بحركة «الجهاد» المصرية، وهي الجماعة الجهادية التي اندمجت رسمياً مع تنظيم «القاعدة» قبل هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وهو من قيادات «القاعدة» منذ فترة طويلة.

الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، أرجع «صمت تنظيم (القاعدة) عن تأكيد أنباء تولي سيف العدل القيادة، إلى سببين، الأول، هو أن ترجيحات واشنطن والأمم المتحدة بوجود (سيف العدل) في إيران، يستلزم بالتأكيد أن يكون هناك استئذان من (القاعدة) لطهران حال إعلان (سيف العدل) (زعيماً للتنظيم)، وألا يكون الإعلان من طرف واحد وهو (القاعدة)».
وأضاف أديب لـ«الشرق الأوسط» أن السبب الآخر هو أنه «نظراً لكون أفغانستان هي المقر القديم لتنظيم (القاعدة) وأغلب عناصر التنظيم في أفغانستان، فلا يُمكن إعلان اسم (الزعيم الجديد)؛ إلا بعد العودة لحركة (طالبان)، وهي ترفض هذا الإعلان؛ لأن الإعلان عن (القيادة الجديدة للقاعدة) يؤكد أن أيمن الظواهري كان موجوداً في كابل، وهذا يسبب حرجاً دولياً لـ(طالبان)، ولأن حركة (طالبان) وقتها سوف تُعلن أن الظواهري قُتل على أرضها، وهي لم تعترف إلى الآن بأن الظواهري قُتل».
ودلل أديب على ذلك بأن «متحدث (طالبان) ذكر أن الحركة لم تعثر على جثمان الظواهري، كما أن (طالبان) متهمة أمام المجتمع الدولي بأنها توفر ملاذاً لـ(القاعدة)، والإعلان عن (القائد الجديد سيف العدل) ونعي (القاعدة) للظواهري وأنه كان متواجد في كابل، قد تُعَرِّض (طالبان) لأزمات دولية».
وذكر الناطق باسم «طالبان»، ذبيح الله مجاهد، في أغسطس (آب) الماضي، أن «الحركة لم تعثر على جثمان الظواهري، وتواصل التحقيقات». وذكرت «طالبان»، في بيان سابق، أنه «ليس لديها أي معلومات عن مجيء الظواهري وإقامته في كابل».
لكن مسؤولين أميركيين ذكروا في تصريحات سابقة أن «الولايات المتحدة قتلت الظواهري بصاروخ أطلقته طائرة مُسيَّرة، بينما كان يقف في شرفة منزل يختبئ فيه، في أكبر ضربة للتنظيم منذ أن قتلت قوات خاصة من البحرية الأميركية أسامة بن لادن، قبل أكثر من عقد من الزمن».
ويرجح أن «سيف العدل» يبلغ من العمر 62 عاماً تقريباً، وصنفه مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي واحداً من أكثر «الإرهابيين» المطلوبين في العالم، ورصد مكافأة لمن يرشد إلى مكان وجوده تبلغ قيمتها 10 ملايين دولار... وكانت صورة قد انتشرت لسيف العدل، في وقت سابق، رجحت معها احتمالية قيادته «القاعدة».
وفي عام 2014 ظهرت وثيقة حددت الشخصيات المرشحة لـ«خلافة الظواهري» بعد توافق عناصر التنظيم عليها، وتضمنت أبو الخير المصري (قتل عام 2017)، وأبو محمد المصري (قتل في عام 2020)، وأبو بصير الوحيشي (قتل في عام 2015)، و«سيف العدل»؛ والمتغير الذي طرأ على هذه الوثيقة، هو أنه لم يبق على قيد الحياة من هذه الأسماء؛ إلا «سيف العدل»، لذا «كان صعباً رفض هذه الوثيقة»، حسب مراقبين.
وحول ما تردد خلال الساعات الماضية عن وجود خلافات داخل «القاعدة» حول «سيف العدل»، ذكر منير أديب أنه «لا يوجد ما يؤكد وجود خلافات أو صراع داخل التنظيم الآن حول (سيف العدل)».
وعن نفي طهران وجود «سيف العدل» على أرضها، ذكر الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، قائلاً: «سبق أن وجهت أميركا اتهامات لإيران بوجود أبو الخير المصري، وأبو محمد المصري، على أرضها، وطالبت واشنطن إيران في وقت سابق بتسليمهما؛ إلا أن إيران نفت وجودهما داخلها، وعقب مقتلهما (تردد أنهما كانا في إيران)»، مضيفاً أن «إيران تشير إلى أن (سيف العدل) ليس داخل أراضيها وليست لها علاقة بتنظيم (القاعدة)، وأميركا تُرجح وجود (سيف العدل) في طهران، وهذا الخلاف بين الجانبين سوف يستمر الفترة المقبلة، وقد يصعب إثبات (وجود سيف العدل في إيران)»؛ لكنه أشار إلى أن «أغلب أجهزة الاستخبارات الدولية والأمم المتحدة اتفقت على ما رجحته واشنطن».


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)
إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)
TT

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)
إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)

انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، قانوناً مقترحاً في أستراليا لحجب وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم دون 16 عاماً، وتغريم المنصات بما يصل إلى 49.5 مليون دولار أسترالي (32 مليون دولار) بسبب الخروقات النظامية.

وطرحت الحكومة الأسترالية المنتمية ليسار الوسط مشروع القانون في البرلمان، أمس (الخميس)، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وتخطط الحكومة لتجربة نظام للتحقق من العمر للسماح باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في أحد أكثر الضوابط صرامة تفرضها دولة حتى الآن.

وقال ماسك، الذي يُعدّ نفسه مدافعاً عن حرية التعبير، رداً على منشور رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي على منصة «إكس»: «تبدو كأنها وسيلة غير مباشرة للتحكم في اتصال جميع الأستراليين بالإنترنت».

وتعهَّدت عدة دول بالفعل بالحد من استخدام الأطفال لوسائل التواصل الاجتماعي من خلال تشريعات، لكن سياسة أستراليا واحدة من أكثر السياسات صرامة، ولا تشمل استثناء بالحصول على موافقة الوالدين أو باستخدام حسابات موجودة سلفاً.

واصطدم ماسك سابقاً مع الحكومة الأسترالية بشأن سياساتها الخاصة بوسائل التواصل الاجتماعي ووصفها بأنها «فاشية» بسبب قانون المعلومات المضللة.