تقارير دولية: اليمن أكثر طرق الهجرة ازدحاماً وخطورة على الأفارقة

تسجيل 89 حالة وفاة واختفاء خلال عام بسبب الظروف القاسية

مهاجرون أفارقة في اليمن يبحثون عن فرص لمساعدة عائلاتهم (الأمم المتحدة)
مهاجرون أفارقة في اليمن يبحثون عن فرص لمساعدة عائلاتهم (الأمم المتحدة)
TT

تقارير دولية: اليمن أكثر طرق الهجرة ازدحاماً وخطورة على الأفارقة

مهاجرون أفارقة في اليمن يبحثون عن فرص لمساعدة عائلاتهم (الأمم المتحدة)
مهاجرون أفارقة في اليمن يبحثون عن فرص لمساعدة عائلاتهم (الأمم المتحدة)

مع أن اليمن يعاني منذ ثمانية أعوام جراء الحرب التي أشعلتها ميليشيات الحوثي، التي شردت أكثر من أربعة ملايين شخص داخلياً، فإن هذا البلد الواقع في مواجهة القرن الأفريقي، لا يزال يشكل أهم معبر للمهاجرين من تلك البلدان.
وفي هذا السياق، كشفت 47 منظمة غير حكومية ومنظمة الهجرة الدولية أن أكثر من مليون شخص من هؤلاء المهاجرين عبروا إلى هذا البلد، في رحلة للبحث عن فرص للعيش في دول الخليج، ووصفت هذا الطريق بأنه «أحد أكثر طرق الهجرة ازدحاماً وتعقيداً وخطورة».
وفي تقرير وخطة استراتيجية العمل للعام الحالي، ذكرت هذه المنظمات أن «الطريق الذي يعبره المهاجرون من القرن الأفريقي بحراً وصولاً إلى اليمن هو أحد أكثر طرق الهجرة ازدحاماً وتعقيداً وخطورة في العالم»، حيث تضاعف، خلال العام الماضي، عدد المهاجرين الذين دخلوا جيبوتي مقارنة بالعام السابق.
وفي العام نفسه، تم تسجيل 89 حالة وفاة أو اختفاء للمهاجرين على طول الطريق بسبب وسائل النقل الخطيرة، والمرض، والظروف البيئية القاسية، والغرق في البحر، والعنف.
كما أكد التقرير أن «هناك الكثير من حالات الوفاة والاختفاء التي لا يتم الإبلاغ عنها». ويذكر التقرير أنه «وفي كل عام، يغادر آلاف المهاجرين بلدانهم في القرن الأفريقي ويتحركون على طول الطريق الشرقي نحو دول الخليج، وأثناء هجرتهم، يخوض معظمهم رحلة العبور الخطيرة للبحر الأحمر من بوصاصو في الصومال، وأوبوك في جيبوتي، ليصلوا إلى اليمن»، ثم براً إلى دول الخليج.
ويقول أنطونيو فيتورينو، المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة، إن «الطريق الشرقي أزمة لا تحظى بالاهتمام الكافي ويطغى عليها النسيان» في خضم الأزمات العالمية الأخرى.
وشدد على ضرورة إعطاء المهاجرين حقهم في الدعم وحفظ الكرامة، مبيناً أنه تم وضع خطة الاستجابة الإقليمية للمهاجرين لمواجهة التحديات الهائلة والمعقدة على هذا الطريق، وللقيام بذلك بشكل موحد ومنسق.
وذكر مدير منظمة الهجرة الدولية أن «الخطة تقدم آلية مرنة لجميع أصحاب المصلحة للاستجابة لاتجاهات الهجرة المتنامية، وللتحديات الإنسانية والإنمائية بنطاقها الواسع التي تؤثر على المهاجرين والمجتمعات المستضيفة والحكومات المعنية».
ونبه إلى أن التنقل من القرن الأفريقي عبر اليمن للوصول إلى دول الخليج لا يزال «مدفوعاً بالأزمات المترابطة، بما في ذلك استمرار انعدام الأمن والصراع، والظروف المناخية القاسية، والحالات الطارئة للصحة العامة»، بالإضافة إلى الدوافع الاجتماعية والاقتصادية والعوامل الموسمية التقليدية.
وبحسب خطة الاستجابة المقترحة من منظمة الهجرة و47 شريكاً، فإنها ستحتاج إلى 84 مليون دولار أميركي «لتقديم المساعدة الإنسانية والتنموية لأكثر من مليون مهاجر وللمجتمعات التي تستضيفهم»، حيث يمر الكثير منهم بحالة ضعف ويحتاجون إلى مساعدة عاجلة على طول الطريق الشرقي من القرن الأفريقي إلى اليمن.
ووفق ما جاء في الخطة «سيتم العمل على تلبية الاحتياجات الإنسانية الملحة، بالإضافة إلى معالجة مخاطر الحماية ونقاط الضعف التي يواجهها المهاجرون في المنطقة، وسيوسع من نطاق تقديم مبادرات إنقاذ الأرواح وتعزيز القدرة على الصمود، وكذلك متابعة تنفيذ حلول مستدامة وطويلة الأمد للمهاجرين والمجتمعات المستضيفة».
كما ستعمل الخطة على «تلبية الاحتياجات الإنسانية، واحتياجات الحماية الأكثر إلحاحاً للمهاجرين الذين يمرون بحالات ضعف، وكذلك دعم عودتهم الطوعية إلى بلدانهم الأصلية بطريقة آمنة وكريمة، وضمان إعادة اندماجهم بنجاح في مجتمعاتهم».
وفي خطوة يرجح أنها تستهدف كسب المزيد من التمويل، تعهدت الخطة بخدمة جهود من سمتهم «أصحاب المصلحة في معالجة دوافع الهجرة غير النظامية»، وتعزيز قدرات الحكومات في المنطقة على إدارة الهجرة، وتنسيق الجهود، وتحسين التعاون على المستويين الدولي والإقليمي لمعالجة الأبعاد الوطنية والإقليمية للهجرة التي تربط بين القرن الأفريقي واليمن.


مقالات ذات صلة

«البرنامج السعودي» يدرس إنشاء صندوق لدعم التنمية الزراعية في اليمن

المشرق العربي نفَّذ البرنامج السعودي أكثر من 229 مشروعاً ومبادرة تنموية في مختلف المناطق اليمنية (سبأ)

«البرنامج السعودي» يدرس إنشاء صندوق لدعم التنمية الزراعية في اليمن

ناقش مسؤول سعودي مع وكيل وزارة الزراعة والري اليمنية، إنشاء صندوق لدعم التنمية الزراعية في اليمن، إلى جانب أبرز التحديات التي تواجه قطاع الزراعة في البلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج القوات المشتركة السعودية تواصل جهودها الإنسانية في الأراضي اليمنية كافّة (الشرق الأوسط)

القوات المشتركة تنقل 1000 من سكان سقطرى في رحلات مجانية خلال 9 أشهر

تواصل القوات المشتركة السعودية جهودها الإنسانية في جميع الأراضي اليمنية حيث سيّرت مؤخراً بالتنسيق مع السلطة المحلية في محافظة أرخبيل سقطرى رحلة جوية مجانية إلى…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي عدد من سفراء الاتحاد الأوروبي خلال لقائهم رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي في زيارة سابقة لعدن (سبأ)

قلق أوروبي من استمرار اعتقال الحوثيين موظفي الوكالات الأممية

قال الاتحاد الأوروبي إن استمرار جماعة الحوثي في احتجاز الموظفين الأمميين والدبلوماسيين في اليمن بشكل تعسفي، يعوق وبشدة القدرة على مساعدة ملايين اليمنيين.

علي ربيع (عدن) عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي حملات تحصين مستمرة تنظمها الحكومة اليمنية والوكالات الأممية والمنظمات الدولية (الأمم المتحدة)

جهود حكومية يمنية وأممية لإنقاذ ملايين الأطفال باللقاحات

تزداد أعداد الإصابات بالأمراض التي يمكن الوقاية منها في اليمن وبخاصة لدى الأطفال، وذلك جراء تبعات الصراع وحرب الحوثيين ضد اللقاحات في مناطق سيطرتهم.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

الولايات المتحدة تعلن تدمير نظام صاروخي للحوثيين

أعلنت الولايات المتحدة الأميركية تدمير أحد أنظمة الصواريخ الحوثية التي كانت تشكل تهديداً وشيكاً للقوات الأميركية والسفن التجارية في البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اعترافات حوثية بممارسة الفساد... واتهامات متبادلة بنهب الموارد

حشد حوثي في ميدان السبعين في صنعاء يستمع إلى خطبة زعيم الجماعة (أ.ف.ب)
حشد حوثي في ميدان السبعين في صنعاء يستمع إلى خطبة زعيم الجماعة (أ.ف.ب)
TT

اعترافات حوثية بممارسة الفساد... واتهامات متبادلة بنهب الموارد

حشد حوثي في ميدان السبعين في صنعاء يستمع إلى خطبة زعيم الجماعة (أ.ف.ب)
حشد حوثي في ميدان السبعين في صنعاء يستمع إلى خطبة زعيم الجماعة (أ.ف.ب)

بعد أسابيع قليلة من إعلان الجماعة الحوثية تشكيل حكومتها الجديدة غير المعترف بها، ضمن ما تُطلق عليه «التغييرات الجذرية»، تبادل قادة وناشطون في الجماعة الاتهامات حول ممارسات فساد كبيرة، واتهامات للقضاء بالتورط فيها، بالتزامن مع إعلان «نادي المعلمين» نهب الدعم المزعوم لصالح معلمي المدارس.

في هذا السياق، هاجم القيادي في الجماعة أحمد حامد، المعيّن في منصب مدير مكتب رئيس مجلس الحكم الانقلابي (المجلس السياسي الأعلى) عدداً من القادة المعينين في مناصب إدارية مختلفة، متهماً إياهم بسرقة المال العام ونهبه، في حين جرى تراشق بين ناشط في الجماعة ووزير ماليتها حول الإفراج عن شحنة دجاج فاسدة.

القيادي الحوثي أحمد حامد (إعلام حوثي)

واتهم حامد المسؤولين في مصلحتي «الضرائب» و«الجمارك» الخاضعتين للجماعة بالفساد من خلال تقاسم الإيرادات مع التجار وملاك الشركات التجارية، عبر تفاهمات سرية لتخفيض الإيرادات مقابل حصولهم على نسبة منها، ليحصل هؤلاء المسؤولون على النسبة الأكبر من المبالغ المتفق على تسليمها، ويجري توريد الباقي، ما يحرم خزينة الجماعة من إيرادات كبيرة، حسب قوله.

وأشاد حامد، في خطاب له أمام عدد من أنصار الجماعة، بتمكّن «هيئة الزكاة» -وهي كيان حوثي موازٍ تفيد المعلومات بأنه وراء تأسيسه- من رفع إيراداتها إلى الضعف، مقارنة بمصلحتي «الضرائب» و«الجمارك» اللتين أكد وجود مئات الإثباتات والشكاوى لديه حول الفساد فيهما.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء أن هذه الاتهامات تسبّبت بغضب واسع في صفوف القيادات الحوثية المسيطرة على المؤسسات الإيرادية، واتهمت بدورها القيادي حامد بالسعي لإلهاء الرأي العام عن الفساد الذي يُتهم به والجناح الذي يقوده، خصوصاً أن كثيراً من وقائع الفساد تمت بتوجيهات منه.

وتجنّب حامد، في تصريحاته، الإشارة إلى أي إجراءات ستتبعها جماعته لمحاسبة الفاسدين الذين تحدث عنهم، أو للحد من الفساد، في حين عدّت الأوساط الشعبية هذه التصريحات إقراراً من أعلى المستويات القيادية في الجماعة بنهب المال العام وتجويع السكان.

القيادي الحوثي عبد الجبار الجرموزي المعيّن وزيراً لـ«المالية» في حكومة الجماعة (إكس)

وجاءت اتهامات حامد لقياديي الجماعة المسيطرين على الجمارك والضرائب، بعد إعلان الحكومة الانقلابية الجديدة زيادات كبيرة في الرسوم الضريبية والجمركية على مختلف السلع المستوردة، التي تُقدّر بـ30 ضعفاً عما كانت عليه في السابق، بمبرر دعم الصناعات المحلية.

وبينما قابل السكان هذه التبريرات بالتهكم، رأى التجار أنها تدفعهم إلى الإفلاس أو إيقاف أنشطتهم التجارية، ليحل تجار حوثيون محلهم، إلى جانب أنها تهدف إلى إثراء الجماعة بأسهل الطرق.

إجراءات ليلية

الاتهامات الحوثية المتبادلة ترافقت مع مطالب بإقالة القيادي في الجماعة ياسر الواحدي، المعيّن في منصبي نائب وزير النفط والمعادن في حكومة الانقلاب، والمدير العام التنفيذي لشركة الغاز، بتهمة استيراد الغاز المغشوش وإغلاق المحطات المركزية التي توفّر الغاز بأسعار مناسبة، والتسبب برفع أسعاره للمستهلكين، وتنفيذ مشروعات فاشلة بمبالغ ضخمة، منها مشروع «رأس عيسى» الذي انهار سريعاً.

وتقدّم عدد من تجار الغاز وملاك محطات بيعه إلى المستهلك بشكوى تتهم الواحدي باتخاذ إجراءات تعسفية ضدهم، وصلت حد التوجيه باختطافهم وإطلاق النار على محالهم ومنشآتهم، داعين الجماعة إلى التحقيق معه، وتقديمه إلى المساءلة القانونية، وإعادة فتح المحطات المغلقة بأوامره.

وفي غضون ذلك أفرج القيادي في الجماعة عبد الجبار الجرموزي عن شحنة كبيرة من الدجاج المجمد كانت محتجزة في ميناء الحديدة منذ أكثر من 8 أشهر، بأوامر قضائية من محكمة تابعة للجماعة، بحجة صدور أوامر قضائية من محكمة أخرى بالإفراج عنها.

وواجه الجرموزي اتهامات ناشطين حوثيين له بالتواطؤ مع أحد كبار التجار، كونه من محافظة صعدة، معقل الجماعة، وموالياً لكبار رعاة الفساد فيها، بالسخرية منهم، واصفاً أحد الناشطين بالباحث عن زيادات في أعداد المتابعين له على مواقع التواصل الاجتماعي.

غير أن ناشطين آخرين اتهموا الجرموزي والتاجر بالتحايل على صاحب التوكيل الأصلي لاستيراد الشحنة، خصوصاً أنه جرى تنفيذ أوامره بإخراج البضاعة من الميناء في وقت متأخر من الليل، وخارج أوقات الدوام المعتادة.

وأشار منتقدو الجرموزي إلى أن سيرته الذاتية وتدرجه السريع في المناصب يعزّزان الشكوك بممارسته الفساد وانتمائه إلى أحد مراكز النفوذ التي تشكّلت خلال السنوات الأخيرة.

وكانت الجماعة الحوثية عيّنت الجرموزي وكيلاً لمحافظة الحديدة، ثم رئيساً لـ«مصلحة الضرائب»، قبل تعيينه أخيراً وزيراً للمالية في حكومتها المعلنة منذ قرابة شهر.

تناقضات القضاء

انتقلت الاتهامات بممارسة الفساد والتحايل على القانون إلى قضاة موالين للجماعة؛ إذ دافع أحد الناشطين الحوثيين الموالين للجماعة عن الجرموزي، بادعاء أن الأوامر القضائية بالإفراج عن الشحنة صدرت في إجازة قضائية، وخارج أوقات الدوام المعتادة، ومن منزل أحد القضاة.

ووفقاً لناشط حوثي آخر، فإن القيادي الحوثي محمد مرغم المعيّن نائباً لرئيس «المحكمة العليا»، استغل سفر رئيسه عصام السماوي خلال إجازة قضائية، وفي إحدى الليالي أصدر توجيهاً بوقف تنفيذ حكم احتجاز الشحنة، قبل أن يعلم السماوي بالأمر، ويوجه بدوره بإيقاف أوامر مرغم الذي تحداه وأصر على تنفيذ أوامره.

قرار صادر عن محكمة حوثية ببطلان قرار محكمة أخرى حول الإفراج عن شحنة دجاج مجمد مستوردة (إكس)

ووفقاً لمصادر قضائية في صنعاء؛ فإن هذه القضية كشفت عن وصول صراع الأجنحة ومراكز النفوذ إلى رأس هرم القضاء الحوثي، وانقسام القضاة الموالين للجماعة بين الأجنحة الحوثية، وتبرير ممارسات الفساد والتستر عليها.

وفي سياق آخر طالب «نادي المعلمين» في صنعاء السكان بالتوقف عن سداد المبالغ المفروضة عليهم تحت اسم «دعم صندوق المعلم»، مؤكداً أن هذه المبالغ تذهب إلى غير المعلمين، في إشارة إلى نهب الجماعة الحوثية إيرادات الصندوق وتوجيهها إلى صالحها.

وقال النادي إن «تلك المبالغ لا تملأ سوى جيوب لصوص سلطة صنعاء»، ويقصد بذلك قيادات الجماعة الحوثية، لافتاً إلى أن إعلانه هذا براءة للذمة «كي لا يُسرق المواطن» باسم المعلمين الذين لا يصلهم «من كل ذلك شيء».

يُشار إلى أن النادي يقود منذ أكثر من عام إضراباً للمعلمين اليمنيين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، مطالباً بصرف رواتب المعلمين المتوقفة منذ ثماني سنوات.