نفذ الاتحاد الأوروبي تهديده ببدء عمليات تجميد الأصول المالية الروسية؛ لتعويض أوكرانيا عن أضرارها بسبب الحرب. وأطلقت بروكسل، الجمعة، الخطوة الأولى بإعلان تجميد أصول تبلغ قيمتها الإجمالية 21.5 مليار يورو، وتعهدت بمواصلة ملاحقة الأصول السيادية خلال المرحلة المقبلة. في المقابل توعدت موسكو بـ«رد مناسب» وسط ترقب لمصادرة وتجميد أصول مملوكة لشركات ومواطنين أوروبيين.
وقال المفوض الأوروبي للعدالة، ديدييه رايندرز، إن الاتحاد الأوروبي جمد الجمعة أصولاً مملوكة لـ«منظمات وأفراد في روسيا مدرجين على لوائح العقوبات، ويواصل العمل على أصول البنك المركزي للاتحاد الروسي».
وزاد المسؤول الأوروبي قبل بدء اجتماع مجموعة العمل، التابعة للمفوضية الأوروبية، لـ«تجميد ومصادرة الأصول»: «في الوقت الحالي، تمكّنا من تجميد 21.5 مليار يورو من الأوليغارشية والمنظمات المدرجة على قائمة العقوبات. نواصل العمل على أصول البنك المركزي للاتحاد الروسي، وتم تجميد بعض الأصول والمعاملات».
ولم يعلق الكرملين مباشرة على التطور، لكن الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، لوحت بإجراءات سريعة للرد على القرار الأوروبي، وقالت إن بلادها «مستعدة لاتخاذ إجراءات تعويضية مماثلة». وقالت زاخاروفا للصحافيين: «يجب ألا ننسى الأصول الأجنبية للدول الغربية، وممتلكات المواطنين التي تقع على أراضي بلادنا. كما تعلمون، كانت دول الاتحاد الأوروبي تقليدياً من كبار المستثمرين في الاقتصاد الروسي».
وأضافت أن «هذا أدى إلى تركيز أصول ملموسة كبيرة للشركات الأوروبية والمواطنين على أراضينا، بما يتجاوز بشكل كبير حجم الموارد الروسية المجمدة في الخارج»، مشيرة إلى أنها قالت هذه الكلمات «فقط لإنعاش ذاكرة الأوروبيين». ووفقاً لها، فإن روسيا تنطلق دائماً من «الشرعية (...) من حقيقة أننا نعطي الشركاء أو غير الشركاء أنواع الفرص الأخيرة جميعها». وأضافت: «لكننا مستعدون لأي خطوات لحماية الملكية الوطنية، حتى عبر استخدام تدابير تعويضية مماثلة».
وتطرقت زاخاروفا، في تعليقها، إلى كلام نائبة وزير الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند التي وصفت المنشآت الروسية في شبه جزيرة القرم بأنها «أهداف مشروعة للضربات الأوكرانية»، ونصحت الدبلوماسية الروسية الأميركيين بـ«الاهتمام أكثر بالتطورات التي تجري داخل أراضيهم».
وزادت أن على الجانب الأميركي بدل مواصلة تأجيج الصراع ومحاولة توسيعه، «التعامل مع مسألة البالونات البيضاء والأطباق الطائرة... مع الأمور التي تقع في بلدهم».
وقالت زاخاروفا: «أود أن أقدم النصيحة لفيكتوريا نولاند... عليكم الاعتناء أكثر بالبالونات البيضاء والأطباق الطائرة، فهم يحرثون الولايات المتحدة بأعداد كبيرة. وكما نرى، هناك شيء ليس جيداً بالنسبة إلى قدراتك على التعامل مع هذه الأشياء غير المحددة بسرعة وكفاءة. وأنتم تتجاهلون ما يجري على أرضكم وتحلمون جميعاً بهزيمة روسيا. لديكم ما تفعلونه في بلادكم».
وكانت نولاند أكدت مجدداً دعم الولايات المتحدة الضربات الأوكرانية في شبه الجزيرة، وقالت إن المنشآت العسكرية الروسية في شبه جزيرة القرم «أهداف مشروعة» لأوكرانيا، مضيفة أن الولايات المتحدة «تدعم الضربات ضدها». ووفقاً لها «لن تكون أوكرانيا آمنة أبداً دون نزع سلاح شبه جزيرة القرم على الأقل».
وأثارت تصريحاتها ردود فعل غاضبة في موسكو، وأعاد برلمانيون روس التذكير بأن المسؤولة الأميركية لعبت في أوقات سابقة دوراً أساسياً في تحريض الأوكرانيين على الصدام مع موسكو، واستذكروا زيارتها إلى «ميدان الاستقلال» في وسط كييف في نهاية عام 2013 عندما كانت الاعتصامات في أوجها، ما أسفر، بعد مرور أسابيع، عن اندلاع مواجهات أسفرت عن إعلان انفصال دونيتسك ولوغانسك عن أوكرانيا.
في غضون ذلك، تواصلت المعارك الضارية في محيط مدينة باخموت (أرتيوموفسك) الاستراتيجية، وسط أنباء عن تحقيق القوات الروسية تقدماً في إحكام الحصار عليها.
وبرزت الجمعة، دعوة نائبة رئيس الوزراء الأوكراني، إيرينا فيريشوك، سكان المدينة إلى إخلائها فوراً. جاء ذلك وفق ما نشرته نائبة رئيس الوزراء ووزيرة إعادة دمج المناطق غير الخاضعة للسيطرة في قناتها الرسمية على تطبيق «تليغرام»، وتابعت أنه لا يزال هناك 6 آلاف مدني في المدينة، ولا بد من مغادرتها فوراً لحماية أرواحهم.
وكان الجانب الأوكراني قد نقل وثائق ومحفوظات من الوكالات الحكومية المحلية، في الوقت الذي تجري فيه معارك شرسة من أجل السيطرة على أرتيوموفسك. ونجحت القوات الروسية في قطع 3 من 4 طرق للإمداد والتعزيزات والذخيرة للمجموعة الأوكرانية في المدينة، لكن القوات المسلحة الأوكرانية ما زالت تنقل مزيداً من قوات الاحتياط إليها.
وقال حاكم دونيتسك، دينيس بوشيلين، الموالي لموسكو يوم الخميس: «إن القوات الروسية استولت على المرتفعات الرئيسية في المنطقة جميعها».
إلى ذلك، أعلنت موسكو أن القوات الأوكرانية واصلت خلال الساعات الـ24 الماضية قصف مواقع في دونيتسك. وردت موسكو الجمعة بتوجيه ضربات جوية في عدد من المواقع الأوكرانية. ومنذ الصباح سمعت صافرات الإنذار في مدن عدة، دون إعلان وقوع انفجارات. لكن مع حلول الظهيرة نقلت وسائل إعلام حكومية روسية أن انفجارات ضخمة وقعت في مدينة سومي من دون الكشف عن تفاصيل حول المواقع التي استهدفتها الضربات الجوية الروسية.