انهيار الليرة اللبنانية يربك الحكومة... و«الدولرة» تفرض نفسها على الأسعار

الرئيس نجيب ميقاتي مجتمعاً أمس مع وزير المالية يوسف الخليل (دالاتي ونهرا)
الرئيس نجيب ميقاتي مجتمعاً أمس مع وزير المالية يوسف الخليل (دالاتي ونهرا)
TT

انهيار الليرة اللبنانية يربك الحكومة... و«الدولرة» تفرض نفسها على الأسعار

الرئيس نجيب ميقاتي مجتمعاً أمس مع وزير المالية يوسف الخليل (دالاتي ونهرا)
الرئيس نجيب ميقاتي مجتمعاً أمس مع وزير المالية يوسف الخليل (دالاتي ونهرا)

تحاول حكومة تصريف الأعمال في لبنان احتواء المشكلات الناتجة عن ارتفاع سعر صرف الدولار، لا سيما مع المطالبة المستمرة باعتماد سياسة «الدولرة» (التسعير بالدولار) في معظم القطاعات، وهو ما يعكس إرباكاً واضحاً في إجراءات الوزارات المعنية. وفيما يمنع القانون فرض الدفع بالعملة الأجنبية، فإن الحلول التي يتم العمل عليها تدور جميعها في دائرة تكريس «الدولرة» رغم نفي المسؤولين لهذا الأمر، بحيث باتت القرارات تتراوح بين التسعير بالدولار وبين وضع جدول أسعار بالليرة اللبنانية، وفق سعر صرف الدولار في السوق السوداء.
هذه الأمور كانت موضع بحث أمس في الاجتماع الذي ترأسه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لبحث ملف المحروقات بمشاركة وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، ووزير الطاقة والمياه وليد فياض، وممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا، وأمين سر نقابة المحطات حسن جعفر، ورئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس، وذلك بعدما سبق لأصحاب المحطات أن طالبوا بدولرة الأسعار. كما ترأس ميقاتي اجتماعاً لبحث الشأن المالي شارك فيه وزير المال يوسف الخليل، ووزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وفي حين اتخذ قرار بإصدار أكثر من جدولين للأسعار في اليوم الواحد للمحروقات، فإن قرار التسعير بالدولار في السوبر ماركات اتخذ بحسب ما أعلن وزير الاقتصاد، الذي رفض اعتبار القرار «دولرة»، مع العلم بأن وزارات عدة تعمد إلى إصدار جداول دورية خاصة بأسعار المنتجات وفق منصة تنطلق من سعر صرف السوق السوداء، أبرزها وزارات الصحة والاقتصاد والطاقة، إضافة إلى أن معظم المؤسسات التجارية الخاصة اعتمدت سياسة «الدولرة» بعيداً عن أي قرارات رسمية، وهو ما يبدو واضحاً من خلال تسعير منتجاتها بالدولار ومنح الخيار للزبائن بالدفع بالليرة وفق سعر صرف السوق السوداء أو بالدولار الأميركي.
ويؤكد الباحث في الاقتصاد والأسواق المالية العالمية جهاد حكيم، أن «الدولرة» أصبحت واقعاً في لبنان، وهو ما يعني إمعاناً في إضعاف الليرة اللبنانية وتهميشها وإقراراً بغياب أي نية لتقوية الاقتصاد. ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا فرق بين التسعير بالدولار الأميركي أو وضع جدول أسعار بالليرة وفق سعر صرف السوق، علماً بأن محطات الوقود على سبيل المثال كما غيرها من المحلات التجارية لا ترفض القبض بالدولار»، مشيراً في الوقت عينه إلى أن المؤسسات التي تضع أسعارها بالدولار الأميركي تفرض سعر صرف أعلى بما لا يقل عن 3 آلاف ليرة عن السوق السوداء للذين يريدون الدفع بالليرة، وهو ما يعكس الفوضى وغياب القدرة على السيطرة على الأسواق، ويعد دليلاً إضافياً على فشل المسؤولين المتحكمين بالسياسات النقدية والاقتصادية.
وبعد الاجتماع الوزاري أمس، قال وزير الطاقة إنه تم البحث في التغيير السريع في سعر صرف الدولار الذي يؤثر على إمكانية الاستدامة المالية للمحطات التي تخضع للتسعيرة التي تضعها الوزارة، معلناً أنه تم اعتماد «الخيار الذي يتماشى مع الاستراتيجية التي تنتهجها الوزارة، وهي أن تبقى التسعيرة للمواطن بالليرة اللبنانية مع تعديلها من أجل أن تعكس سعر صرف الدولار، لكي لا تخسر المحطات الجعالة». فعندما يتغير سعر صرف الدولار بشكل كبير في يوم واحد ويزيد أكثر مما يمكن تحمله، «يجب إيجاد طريقة للتغيير بشكل ديناميكي أكثر وصولاً إلى أكثر من مرتين في النهار، إذا توجب الأمر».
كما تحدث وزير الاقتصاد أمين سلام عن التخبط الكبير في جميع القطاعات، لأن هناك شبه انعدام رؤية ومحاسبة في موضوع الدولار الذي يتغير بين ليلة وضحاها، مشيراً إلى أن «الموضوع أصبح خارج إطاره القانوني والمالي والنقدي، وبالتالي ما نحاول القيام به مع القطاع الخاص هو تأمين الحماية للمواطن من التقلبات المخيفة وابتداع حلول، ضمن الإطار القانوني، تخفف من وطأة الفوضى الكبرى التي نأمل إيجاد الحلول لها وبسرعة».
وأعلن أنه اتخذ قرار التسعير بالدولار في السوبر ماركت، مشيراً إلى أن هذا الأمر مختلف قليلاً عن موضوع الطاقة، «لأننا في موضوع السوبر ماركت لا يمكننا تسعير 38 ألف منتج غذائي، فالدولار يستعمل كنقطة انطلاق حتى تستطيع الناس اتباع مؤشر معين، وهذا هو الفارق بينه وبين موضوع الطاقة».
ورفض سلام وضع القرارات في خانة الدولرة قائلاً: «كل الحلول التي نعمل عليها لها طابع استثنائي ولا يزايد أحد على الوزراء أو على القطاع الخاص بأننا ندولر البلد، فلا أحد حريص على عملتنا الوطنية أكثر منا، ولكن هناك ظرف استثنائي لا نعرف كم سيستمر، فطالما أن هذا الظرف الاستثنائي موجود، علينا أن نتعاون لنخفف على المواطن والمستهلك».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

تركيا وإيران تؤكدان ضرورة العمل لوقف النار في غزة

وزيرا خارجية تركيا وإيران خلال مؤتمر صحافي عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة الاثنين (أ.ف.ب)
وزيرا خارجية تركيا وإيران خلال مؤتمر صحافي عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة الاثنين (أ.ف.ب)
TT

تركيا وإيران تؤكدان ضرورة العمل لوقف النار في غزة

وزيرا خارجية تركيا وإيران خلال مؤتمر صحافي عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة الاثنين (أ.ف.ب)
وزيرا خارجية تركيا وإيران خلال مؤتمر صحافي عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة الاثنين (أ.ف.ب)

أكدت تركيا وإيران ضرورة العمل على وقف إطلاق النار في غزة، وإيصال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، وضمان استمرارية وقف إطلاق النار في لبنان.

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني عباس عراقجي عقب مباحثاتهما في أنقرة الاثنين: «تناولنا التطورات في المنطقة وعلى رأسها وقف إطلاق النار في لبنان، وأكدنا أنه يجب القيام بالضغوط اللازمة على إسرائيل لجعله دائماً، وأن السلام في المنطقة لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تحقيق السلام في فلسطين».

وأضاف فيدان: «التطهير العرقي في غزة يتواصل، للأسف، وحكومة بنيامين نتنياهو تعوق إيصال المساعدات الإنسانية إلى المنطقة، وأي تطور يحدث في المنطقة يجب ألا ينسينا ما يحدث في غزة».

ولفت إلى أن خطوة المحكمة الجنائية ضد نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت هي خطوة تبعث على الأمل في تحقيق العدالة، مؤكداً أن المسؤولية عن محاكمة المسؤولين عما يجري في غزة هي مسؤولية أخلاقية وقانونية، وسنواصل العمل في هذا الإطار أيضاً.

بدوره، قال عراقجي: «لدينا موقف مشترك مع تركيا في كثير من القضايا كدعم وقف إطلاق النار في لبنان، ومنع انتهاكه من جانب إسرائيل، وإنهاء الهجمات الإسرائيلية العدوانية على الشعب الفلسطيني والمدنيين في غزة».

وانتقد الوزير الإيراني في هذا الصدد الدعم الأميركي «اللامحدود» لإسرائيل وإمدادها بالسلاح.

وقال إن كثيراً من المشكلات في المنطقة إنما ينبع من التدخلات الخارجية والاحتلال المستمر، وإن انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني هو أساس المشكلة في المنطقة.

وأضاف عراقجي أنه بحث مع نظيره التركي في مسألة إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مؤكداً أنه أمر ضروري، و«نأمل أن يتنبّه المجتمع الدولي إلى ذلك».