تشهد ولاية جنوب دارفور اجتماعات مهمة تتعلق بتنفيذ قرارات لجان التحقيق في أحداث العنف القبلي الدامي الذي شهدته ولاية جنوب كردفان في الأشهر الماضية، وراح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى وآلاف النازحين، وهي الأحداث التي يواجه بعض الجنود التابعين لقوات «الدعم السريع» اتهامات بالضلوع فيها، أو بعدم التدخل لوقف نزف الدم بها.
ووصل نائب رئيس «مجلس السيادة الانتقالي»، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، إلى حاضرة الإقليم، نيالا، وبرفقته عضو «مجلس السيادة»، الهادي إدريس، ووفد عدلي مكوَّن من وزير العدل المكلف محمد سعيد الحلو، والنائب العام المكلف خليفة أحمد خليفة، ومن ممثلين عن جهازي الشرطة والمخابرات الوطنية، وممثل عن «حركة تحرير السودان»، وقيادات عسكرية وأمنية.
وقالت نشرة صحافية، أمس، إن زيارة «حميدتي» تهدف لمتابعة تنفيذ القرارات التي كان قد أصدرها في زيارته السابقة للولاية، فضلاً عن مراجعة النتائج التي توصلت إليها لجنتا التحقيق والحصر اللتان كوّنهما للتحقيق في الأحداث التي تعرضت لها منطقة بليل، في ولاية جنوب دارفور، نهاية العام الماضي.
وشهدت بليل، وهي منطقة إدارية في دارفور، في ديسمبر (كانون الأول) 2022، أعمال عنف قبلي دامية بين إثنية داجو الأفريقية وإثنية رزيقات العربية، راح ضحيتها 35 شخصاً بين قتيل وجريح، وأدت إلى نزوح أكثر من 16 ألف شخص، وإحراق نحو 18 قرية.
وإبان زيارته للولاية، التي أعقبت الأحداث مباشرة، شكل «حميدتي» لجنة تحقيق في الأحداث، بإشراف النائب العام، وأوكل لها سلطة حصر الخسائر، وتحديد المجرمين، متعهداً بتقديم كل مَن يثبت ضلوعه في تلك الأحداث إلى المحاكمة، وأرجأ توقيع اتفاق الصلح بين المجموعتين إلى ما بعد محاسبة الضالعين في الأحداث، مؤكداً أن تقديم المتهمين للمحاكمة سيوقف تكرار مثل هذه النزاعات الأهلية، بخلاف الإجراءات التي كانت تُتبع في النزاعات الأهلية؛ بدفع الديات وجبر الضرر.
ونقلت مواقع تواصل اجتماعي وقتها فيديوهات تشير إلى ضلوع رجال بثياب قوات «الدعم السريع» في الأحداث، والقتال إلى جانب قبائلهم، وهو ما اعتبره «حميدتي» دعاية ممن أطلق عليهم «أصحاب الأجندة»، وبناء على ذلك أمر بتوقيف كل مَن ظهر في تلك الفيديوهات من أفراد قواته، وأمر بوضعهم قيد الحبس لحين تسليمهم للجنة التحقيق للبت في أمرهم.
وانتقد «حميدتي» سلوك بعض أفراد قواته الذين ظهروا في الفيديوهات، وقال: «إنهم وقفوا يشاهدون الأحداث دون تدخل»، بيد أنه رجح أن تكون هناك جهات وأفراد صوروا تلك القوات لإلصاق التهمة بها، وهو ما يُنتظر أن تبت فيه لجان التحقيق.
وعادةً ما تُوجَّه أصابع الاتهام إلى رجال القوات الحكومية العاملة في إقليم دارفور، من جيش و«دعم سريع» ودفاع شعبي، بالانحياز إلى قبائلهم وبسلاحهم الحكومي، في حال نشوب نزاعات بينها وبين قبائل أخرى، وهو الاتهام الذي دأبت وسائط التواصل الاجتماعي على توجيهه إلى قوات «الدعم السريع»، نظراً لثقلها الأساسي في المجموعة العربية في الإقليم المضطرب.
وترجع جذور النزاعات العرقية في دارفور إلى عهد حكم الرئيس السابق عمر البشير وأنصاره من الإسلامويين، الذين استخدموا التناقضات العرقية والثقافية في الإقليم في حربهم ضد المجموعات المناوئة للحكومة والحركات المسلحة، وتصادف أنْ كان معظم حلفاء القوات الحكومية من مجموعة القبائل العربية في مواجهة الحركات المتمردة التي يغلب عليها الطابع الأفريقي.
وتُعدّ الأحداث التي يشهدها الإقليم حالياً ارتدادات للنزاع بين القوات الحكومية والحركات المتمردة الدارفورية في 2003، الذي أدى لمقتل أكثر من 300 ألف شخص، وتشريد الملايين داخلياً وخارجياً، وحَرْق آلاف القرى، وبسببه أرسلت الأمم المتحدة إلى الإقليم واحدة من أكبر بعثات حفظ السلام في تاريخ المنظمة الدولية، وهي بعثة «يوناميد» التي أنهت مهمتها بعد سقوط نظام البشير وتوقيع اتفاقية جوبا لسلام السودان.
ونتيجة لهذه الأحداث، أصدرت «المحكمة الجنائية الدولية» مذكرتَيْ قبض ضد الرئيس السابق عمر البشير، و3 من مساعديه، باتهامات تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم تطهير عرقي.
ولا تزال محكمة لاهاي تطالب بتسليم البشير ووزير دفاعه، عبد الرحيم محمد حسين، ووزير الدولة في الداخلية وقتها، أحمد هارون، في الوقت الذي سلم فيه علي كوشيب، الذي أطلقت عليه وسائل الإعلام الدولية لقب «زعيم الجنجويد»، نفسه طوعياً، ويخضع للمحاكمة الآن.
«حميدتي» في دارفور لتنفيذ قرارات التحقيق في أحداث «بليل»
على رأس وفد من «مجلس السيادة» وقيادات أمنية وعدلية رفيعة
«حميدتي» في دارفور لتنفيذ قرارات التحقيق في أحداث «بليل»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة