كشف مسؤولون سعوديون أنه تمت معالجة ما يفوق 90 في المائة من إجمالي التحديات التي جرى حصرها في قطاع الصناعة بالبلاد، مؤكدين على وفرة الفرص في مجالات الاستثمار الإنتاجي والتصنيعي التي تسرّعها وتيرة التطور وتحقيق الأهداف الاستراتيجية للقطاع.
جاء ذلك خلال افتتاح «منتدى الأحساء (2023)» الذي تُنظّمه «غرفة الأحساء» بالتعاون مع «أرامكو السعودية»، تحت عنوان «الأحساء... اقتصاد المستقبل»، برعاية الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية الذي دعا المستثمرين وقطاعات الأعمال من جميع مناطق المملكة، خصوصاً أهل الأحساء، للاستثمار فيها، لا سيما أن المحافظة غنية بمقوماتها وميزاتها النسبية وثرواتها ومواردها.
15 ممكناً
وأكد وزير الصناعة والثروة المعدنية، بندر بن إبراهيم الخريف، أن هناك ما يفوق 200 فرصة استثمارية صناعية متاحة للمستثمرين عبر منصة «استثمر في السعودية»، مشيراً إلى أنه ستتم إضافة جميع الفرص الاستثمارية التي توفرها الاستراتيجية عبر المنصة خلال العام الحالي (2023). وعدّ الخريف، خلال مشاركته في المنتدى، قطاع الصناعة نقطة محورية في «رؤية 2030» التي تهدف إلى تحقيق النهضة الصناعية، وإطلاق القدرات في القطاع الاستراتيجي.
وقال: «تعمل المملكة، من خلال (الاستراتيجية الوطنية للصناعة)، على وضع خريطة شاملة لتسريع وتيرة التطور الصناعي وتنويعه، من خلال 3 أهداف استراتيجية، تتمثل في بناء اقتصاد صناعي مرن قادر على التكيف مع المتغيرات، وتكوين مركز صناعي متكامل لتلبية الطلب، وتحقيق الريادة العالمية في صناعة مجموعة من السلع المختارة».
وبين أن الاستراتيجية الوطنية للصناعة وضعت الأسس اللازمة لتحقيق الأهداف المنشودة التي حددت 15 ممكناً صناعياً في المملكة تم إدراجها ضمن 4 محاور تمكينية، وهي بناء وتعزيز سلاسل إمداد بمعايير عالمية، وتنمية بيئة الأعمال الصناعية، وتعزيز التجارة الدولية للمملكة، إضافة إلى تنمية وتعزيز ثقافة الابتكار والمعرفة.
وأضاف أن محافظة الأحساء تحظى بـ224 رخصة تعدينية سارية المفعول، و12 مجمعاً تعدينياً، ولها أهمية كبيرة في قطاع التعدين في المملكة، بالإضافة إلى المدينة الصناعية التابعة لـ«هيئة مدن» و«واحة مدن» التي تحتضن نحو 300 مصنع بمساحة تصل إلى 1.5 مليون متر مربع.
وأفاد الخريف بأن محافظة الأحساء تمتلك مزايا نسبية واضحة للإسهام في قطاعات رئيسية، كالطاقة، والصناعة، والتعدين، والخدمات اللوجيستية، كما أنها تمثل منطلقاً مهماً لتعزيز قاعدة الأنشطة القائمة تقليدياً على الزراعة والتجارة والخدمات، كما تُعَد من أكثر مناطق البلاد تنافسية، وتتمتع بموقع استراتيجي في الحركة التجارية.
معالجة التحديات
من جانبه، أكد نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية، المهندس أسامة الزامل، أن الوزارة تمكَّنت من حصر 185 تحدياً خلال العام الماضي (2022)، تمت معالجة 169 منها (بمعدل معالجة 91 في المائة)، مبيناً أن أبرز التحديات يكمن في إصدار التراخيص، وتجديد التراخيص المكانية، ونقل المصانع إلى المدن الصناعية، وتحديات أخرى مع الجهات الحكومية التي يتقاطع عملها مع الوزارة. وأوضح الزامل في مشاركته بمنتدى الأحساء الاستثماري أن منظومة الصناعة والثروة المعدنية تتكامل لخدمة المستثمرين وتسهيل الإجراءات، مبيناً أن وزارة الصناعة والثروة المعدنية اتخذت عدة خطوات لتحقيق ذلك، من خلال تسهيل رحلة المستثمر الصناعي، وأتمتة الخدمات وتوحيدها من خلال نماذج موحدة وشاملة لجميع متطلبات المنظومة، عبر منصة «صناعي».
وأشار الزامل إلى أن وزارة الصناعة والثروة المعدنية تعمل على رصد التحديات التي تواجه القطاع الصناعي من قِبَل المجلس الصناعي، ومعالجتها وفق نموذج تشاركي مع الجهات الحكومية وأعضاء المجلس، والعمل بشكل استباقي على ما يواجه القطاع الصناعي في الجانب التشريعي، وذلك في سبيل النهوض بهذا القطاع، وضمان تحقيق النمو المستدام فيه، والتركيز على المنتجات والخدمات ذات القيمة المُضافة، وزيادة التنوع الاقتصادي في المملكة. وأضاف: «قمنا بإنشاء إدارة في وكالة الخدمات الصناعية تُعنى بالشركاء ومعالجة تحدياتهم، وإيجاد الحلول بما يتناسب مع الوزارة والمستثمر، حيث نهدف من خلالها إلى معالجة التحديات ذات العلاقة بالمستثمر الصناعي بمنظومة الصناعة والجهات الحكومية، ومواءمة الحلول مع الجهات ذات العلاقة، بما يخدم المستثمر ويحقق مستهدفاتنا الوطنية».
منظومة التجارة
استعرض وزير التجارة الدكتور ماجد القصبي، أهم التطورات في منظومة التجارة، وأحدث التشريعات والأنظمة التجارية، مؤكداً أن السعودية تعيش تحولاً غير مسبوق، وليس تطوراً وحسب، مبيناً أن عدد السجلات التجارية في البلاد يبلغ أكثر من 1.3 مليون سجل في عام 2022، حصة المنطقة الشرقية منها 15 في المائة، يشكّل نصيب محافظة الأحساء منها 17 في المائة.
وأشار إلى نمو عدد السجلات التجارية في الأحساء بنسبة 30 في المائة، وارتفاع معدل امتثال المنشآت التجارية في الأحساء، حيث إن نسبة رضا المستهلك في المحافظة بلغت 87 في المائة، مثمناً الشراكة الاستراتيجية المتميّزة بين الغرفة و«شركة أرامكو»، ودور «أرامكو» ومساهماتها التنمويّة والمجتمعيّة الكبيرة.
مليونا زائر
من جهته، أوضح وزير السياحة أحمد الخطيب أن السياحة تشهد انتعاشاً نوعيّاً كبيراً في السعودية، مبيناً أن المشاركة المباشرة للقطاع في الناتج المحلي بلغت 3.2 في المائة من المستهدف الكلي (10 في المائة بحلول عام 2030)، موضحاً أن منظومة السياحة في البلاد تسعى للاستفادة من مقومات السياحة الكبيرة في الأحساء، مشيراً إلى أن عام 2022 كان استثنائياً لمحافظة الأحساء، حيث تخطى عدد زوارها المليونين، أنفقوا أكثر من مليار ريال. وأكد أن الأحساء أصبحت وجهة سياحية جاذبة بالفعل، مبيناً أن القطاع السياحي سيوفر نحو 72 ألف وظيفة جديدة في الأحساء بحلول عام 2030، معلناً تقديم الوزارة 10 آلاف دورة تدريبية لأبناء وبنات الأحساء، وتقديم قروض من «صندوق التنمية السياحي» لتمويل 15 مشروعاً سياحياً جديداً للأحساء، تفوق قيمتها ملياري ريال.
الناتج الزراعي
وخلال فعاليات المنتدى، قال وزير البيئة والمياه والزراعة، المهندس عبد الرحمن الفضلي، إن «الناتج المحلي الزراعي في السعودية حقق أعلى نمو في تاريخه، بقيمة بلغت 72.2 مليار ريال، خلال عام 2021، وهو ما يُعد إنجازاً كبيراً ومهماً»، على حد وصفه، مبيناً أن معدل النمو في القطاع بلغ 7.8 في المائة، بينما بلغت مساهمة القطاع في الناتج المحلي 2.3 في المائة، وبلغت مساهمة القطاع في الناتج المحلي غير النفطي 3.6 في المائة. ولفت الفضلي إلى الاستثمارات في مشاريع إنتاج المياه ونقلها وتوزيعها المخصصة لمحافظة الأحساء التي تُقدّر بـ500 ألف متر مكعب يومياً، موضحاً أن نسبة الإنجاز فيها تجاوزت أكثر من 60 في المائة، وينتظر إكمالها ودخولها الخدمة قبل نهاية العام الحالي.
اتفاقيات
وجرى خلال المنتدى توقيع 10 مذكرات تفاهم بين عدد من الجهات، بالإضافة إلى الإعلان عن اتفاقية «مبادرات حسا - لينك» بين محافظة الأحساء و«بنك الرياض». يُذكر أن منتدى الأحساء الذي انطلقت نسخته الأولى عام 2003، يُعد واحداً من أهم الفعاليات الاقتصادية، بحضور الوزراء والمسؤولين والخبراء والمستثمرين لعرض التوجّهات التنموية والاستثمارية ودعم التشاركية، بالإضافة إلى تسليط الضوء على المقومات والميزات النسبية والفرص الاستثمارية التي تتمتع بها الأحساء، من أجل تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.