زلزال وحريق وفيضان وعاصفة رعدية تدهم سكان إسكندرون في آنٍ واحد

المدينة التركية على المتوسط لا تزال خارج الخدمة

آثار الحريق في ميناء الإسكندرون (رويترز)
آثار الحريق في ميناء الإسكندرون (رويترز)
TT

زلزال وحريق وفيضان وعاصفة رعدية تدهم سكان إسكندرون في آنٍ واحد

آثار الحريق في ميناء الإسكندرون (رويترز)
آثار الحريق في ميناء الإسكندرون (رويترز)

تراجعت المياه التي غمرت أجزاءً من مدينة إسكندرون على ساحل البحر الأبيض المتوسط، بعد تسعة أيام على الزلزال المدمر الذي ضرب الجنوب التركي والشمال السوري، تاركاً خلفه عائلات قلقة، وجروحاً في قلوب سكان المدينة وأبنيتها التي بات معظمها «خارج الخدمة».
ورغم أن الزلزال، لم يفتك بالمدينة التي تُعَدُّ الواجهة البحرية لولاية هاتاي، أكثر الأماكن تضرراً في تركيا، فإن ما فعله في بنيتها التحتية وفي مبانيها جعل السكن فيها محفوفاً بالمخاطر، خصوصاً مع استمرار الهزات الارتدادية التي لم تتوقف منذ حصول الزلزال فجر الاثنين قبل الماضي.
عاشت المدينة خلال الزلزال كل صنوف الرعب. زلزال يهز أبنيتها ويدمرها، فيضان مياه البحر، وعاصفة شتاء هي الأقسى منذ سنوات، يضاف إليها حريق كبير في ميناء المدينة لتكتمل صورة المأساة.
ومع حلول اليوم التاسع، فقدَ الكثير من الأهالي الأمل في البقاء بالمدينة. وقرر كثيرون مغادرة حياتهم في السيارات التي كانوا يبيتون فيها، أو الخيام التي أقاموها خشية من النوم في منازلهم المتضررة، وبدأوا الرحيل عبر ميناء المدينة نحو مدينة إزمير على شاطئ تركيا في المقلب الآخر.
أقام علي ألغان في منزله المتضرر من الزلزال، برغم التحذيرات «فالضرر ليس كبيراً كما ظننا في البداية، لكن التشققات ظهرت لاحقاً في أكثر من مكان في المنزل، فانتقل إلى السيارة، كحال بقية جيرانه وإخوته الذين نالت منازلهم ضرراً أكبر وهجروها منذ اليوم الأول للزلزال».
يتذكر علي ليلة الزلزال: «استيقظت على ضوضاء واهتزازات عنيفة في أنحاء المنزل». ركض إلى الخارج. منزله في الطبقة الأرضية ساهم في خروجه سريعاً.
التجأ إلى بستان قريب، وتمسك بإحدى الشجرات التي كانت تهتز بدورها بشكل عنيف. كان يراقب الأبنية المحيطة تتمايل وتهتز، وبعض أجزائها يتطاير في الهواء، لكن أكثر ما أثار الرعب في قلبه «هو الصوت الهادر الذي كان ينبعث من باطن الأرض». يقول: «لم أسمع شيئاً كهذا من قبل. تشبثت بالشجرة، فيما كان البرق يضيء المنطقة ويعطيني فكرة عما يجري حولي بعد انقطاع الكهرباء».
بعد الزلزال، وما تلاه انتقل علي للاطمئنان على بقية أفراد عائلته. الجميع بخير، لكنهم أيضاً من دون مأوى. انتقلوا إلى سياراتهم لاتقاء المطر، فيما كان لوصول مياه البحر إليهم لاحقاً ردة فعل مرعبة. «لقد خشينا من تسونامي يأخذ من تبقى منا، لكن الله لطف. كانت المياه خفيفة، لكنها تقدمت لنحو ثلاثمائة متر نحو البر».
تبيَّن لاحقاً أن البحر عاد إلى ما كان عليه قبل إنشاء كسارات الموج المحيطة بميناء إسكندرون. أما أكثر الأماكن تضرراً، فكانت منطقة مستنقعات سابقة تم تجفيفها وبناء مساكن عليها. سقطت معظم هذه الأبنية، لكن الدمار في المدينة لم يكن مماثلاً لدمار أنطاكيا على المقلب الآخر من الجبل.
وساهم الحريق الكبير الذي شبَّ في ميناء المدينة في زيادة منسوب الرعب، بعد شائعات عن وجود مواد كيماوية خطرة قد تنفجر وتتسبب في المزيد من الموت.
كافح رجال الإطفاء لسبعة أيام قبل السيطرة على الحريق، وحصره في مكان واحد. وبعد إطفاء الحريق، بدأت ورش إزالة الأنقاض من المرفأ الذي تحول إلى نقطة إجلاء للسكان.
وعلى مقربة من المرفأ، صمد مصنع الحديد القديم. صموده شكل مفاجأة للكثيرين. فإنشاءاته القديمة الصدئة، كانت توحي بأنه سيتداعى جراء الزلزال. ويمكن للزائر أن يرى بأم العين مهندسين يتفحصون أجزاء المصنع للتأكد من صمود تجهيزاته القديمة.
وتعدُّ مدينة إسكندرون الميناء الرئيسي لولاية هاتاي. ومع تضرر مطار الولاية وخروج الميناء من الخدمة، زادت صعوبة تأمين الإمدادات الحيوية لسكان المدينة الـ250 ألفاً، ولبقية أنحاء الولاية، عُوّض عنها في البدء بقوافل من قونيا وقيصري.
ومنذ حصول الزلزال، توقفت الحياة في المدينة، لكن بعض المتاجر الصغيرة بدأت لاحقاً بفتح أبوابها، لتأمين الاحتياجات للسكان الذين بقوا فيها لعدم وجود خيارات أخرى في البداية، كما يقول علي ألغان. أما مع تأمين مراكز الإيواء خارج الولاية، فيتوقع أن يستكمل إفراغ المدينة خلال الأسبوع المقبل.


مقالات ذات صلة

آسيا صورة عامة للعاصمة نيودلهي (أرشيفية-رويترز)

زلزال بقوة 4 درجات يضرب نيودلهي

ضرب زلزال بقوة 4 درجات صباح الاثنين نيودلهي وحُدد مركزه على مشارف العاصمة الهندية الضخمة.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
أفريقيا العاصمة الإثيوبية أديس أبابا (أرشيفية - د.ب.أ)

زلزال بقوة 6 درجات يهز إثيوبيا

ذكرت مراكز متخصصة في رصد الزلازل أن زلزالاً بلغت شدته ست درجات هز وسط إثيوبيا أمس (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
أوروبا رجال الإطفاء يسيرون في قرية فيرا التي تم إخلاؤها تقريبًا في سانتوريني باليونان (إ.ب.أ)

بسبب استمرار الزلازل في سانتوريني... إعلان حالة الطوارئ بجزيرة يونانية ثانية

أعلنت السلطات حالة الطوارئ في جزيرة يونانية ثانية، اليوم (الأربعاء)، فيما تواصل سلسلة من الزلازل هز المنطقة الواقعة جنوب شرقي البلاد في بحر إيجة.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
شمال افريقيا قراءة من جهاز لقياس قوة الزلازل (رويترز)

المغرب: هزة أرضية تضرب إقليم وزان بشمال البلاد

أفاد المعهد الوطني للجيوفيزياء بالمغرب بأن هزة أرضية بقوة 5.2 درجة ضربت إقليم وزان في شمال المملكة مساء يوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ماكرون يدعو ترمب وزيلينسكي إلى «الهدوء والاحترام»

TT

ماكرون يدعو ترمب وزيلينسكي إلى «الهدوء والاحترام»

اجتماع سابق بين ماكرون وترمب وزيلينسكي في باريس (أ.ف.ب)
اجتماع سابق بين ماكرون وترمب وزيلينسكي في باريس (أ.ف.ب)

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيرَيْه الأميركي دونالد ترمب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى «الهدوء والاحترام»، عقب المشادة الكلامية في البيت الأبيض التي أثارت مخاوف من انسحاب الولايات المتحدة من الملف الأوكراني وحدوث قطيعة مع حلفائها الأوروبيين.

وقال الرئيس الفرنسي لصحيفة «لا تريبون ديمانش» الأسبوعية، وعدة صحف أخرى تصدر الأحد: «أرى أنه بغض النظر عن الغضب، فإن الجميع بحاجة إلى العودة للهدوء والاحترام والتقدير، حتى نتمكّن من المضي قدماً بشكل ملموس؛ لأن ما هو على المحك مهم للغاية».

وذكر قصر الإليزيه أن ماكرون تحدّث منذ مساء الجمعة مع الرئيسَيْن الأوكراني والأميركي، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وحذّر ماكرون من أنه إذا لم يتمّ إيقاف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فإنه «سيذهب بالتأكيد إلى مولدافيا، وربما أبعد من ذلك إلى رومانيا».

وقال ماكرون إن انسحاباً محتملاً للولايات المتحدة من الملف الأوكراني «ليس في مصلحة» واشنطن؛ لأن «ما تفعله الولايات المتحدة منذ ثلاث سنوات يتوافق تماماً مع تقاليدها الدبلوماسية والعسكرية».

وأضاف أنه إذا وافقت واشنطن على «توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار من دون أي ضمانات أمنية لأوكرانيا» فإن «قدرتها على الردع الجيواستراتيجي في مواجهة روسيا والصين وغيرهما سيتلاشى في اليوم نفسه».