هل يؤدي تناول الكثير من التونة المعلبة للتسمم بالزئبق؟

هل يؤدي تناول الكثير من التونة المعلبة للتسمم بالزئبق؟
TT

هل يؤدي تناول الكثير من التونة المعلبة للتسمم بالزئبق؟

هل يؤدي تناول الكثير من التونة المعلبة للتسمم بالزئبق؟

يمكن للأسماك أن توفر لك الكثير من الفوائد الصحية المذهلة؛ فمعظمها يحتوي على أحماض أوميغا 3 الدهنية التي يُعرف عنها أنها تساعد في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والصحة الإدراكية. ويمكن لأوميغا 3 الموجودة في الأسماك أيضًا أن تقلل من خطر إصابة الشخص بالاكتئاب وتساعد في تحسين الصحة العقلية.
وعلى الرغم من أن الأسماك تحتوي على الكثير من الفوائد الصحية، إلا أنها قد تزيد أيضًا من تعرضك للزئبق. وفقًا لـ«Environmental Health Perspectives»، الذي أفاد بأن استهلاك الأسماك هو المسؤول عن أكثر من 90 % من التعرض للزئبق في الولايات المتحدة، إذ ان التونة أحد أنواع الأسماك المشهورة بمحتوى الزئبق.
ورغم أننا نعلم أن التونة وأنواع الأسماك الأخرى تحتوي على الزئبق، فهل من الممكن بالفعل الإصابة بالتسمم بالزئبق جرّاء الإفراط في تناولها؟
من أجل ذلك، أصدرت تقارير المستهلك (CR) أخيرًا تقريرًا حول مستويات الزئبق (وهو سم عصبي موجود في خمسة أنواع مختلفة من التونة (Wild Planet و Bumble Bee و StarKist و Chicken of the Sea و Safe Catch) إلى جانب التحقق من العلامات التجارية المحددة؛ حيث تمت دراسة أنواع مختلفة من التونة كالباكور والضوء والقفز، وذلك وفق ما نشر موقع «eat this not that» الطبي المتخصص.
وجدت التقارير أن جميع العلامات التجارية الخمس تحتوي على مستويات من الزئبق في التونة الخاصة بها. لكن في المتوسط، كانت أصناف الباكور في جميع العلامات التجارية تحتوي على زئبق أكثر بثلاث مرات. ومع ذلك، لا تزال جميع الأصناف والعلامات التجارية تحتوي على درجة معينة من الزئبق، وكان الباحثون في تقارير المستهلك قلقين من أن الطفرات التي وجدوها في بعض العلب قد تكون خطيرة.
وعلى الرغم من أن بعض أنواع التونة معروفة باحتوائها على نسبة أقل من الزئبق من الأنواع الأخرى (على سبيل المثال، تحتوي التونة الخفيفة على نسبة أقل من الباكور في المتوسط)، تم العثور على ارتفاع غير متوقع في الزئبق ببعض العلب. فقد وجد الباحثون ستة من أصل 30 علبة (20 %) تحتوي على هذه المواد السامة.
ومع عدم القدرة على التنبؤ، يقترح الخبراء في «CR» أن الحوامل يتجنبن التونة تمامًا إن أمكن، وأن البالغين الآخرين يجب أن يستهلكوها باعتدال.
ووفق الدكتور روجرز مدير أبحاث واختبارات سلامة الأغذية في «CR» «من علبة لأخرى يمكن أن ترتفع مستويات الزئبق بطرق غير متوقعة قد تعرض صحة الجنين للخطر».
لكن حتى مع وجود هذه المعلومات الجديدة حول مستويات الزئبق في علامات تجارية وأنواع معينة من التونة، إضافة لاقتراح تجنبها من قبل الحوامل، لا يزال هناك المزيد لمعرفته حول مخاطر البالغين العاديين عندما يتعلق الأمر باستهلاك التونة والزئبق؛ على وجه التحديد حول ما إذا كان الإفراط في تناول التونة يمكن أن يصيبك بالتسمم بالزئبق أم لا.

لماذا تحتوي التونة على الزئبق؟

وفقًا لتقارير المستهلك، لا يمكنك تناول المأكولات البحرية دون استهلاك بعض مستويات الزئبق. هذا لأنه موجود دائمًا في المحيطات (لأنه معدن طبيعي ولكن أيضًا لأنه يأتي من التلوث من صنع الإنسان). وبشكل عام، من المعروف أن الأسماك الكبيرة تحتوي على مستويات أعلى من الزئبق لأنها تتغذى على الأسماك الأصغر وتمتص الزئبق أيضًا.
ووفق مقال نشر بـ«Biological Trace Element Research» فان التونة لا تحصل فقط على الزئبق من التغذية على الأسماك الأخرى، ولكن هذا المعدن يتراكم أيضًا بمرور الوقت في أنسجة التونة لأنها لا يمكنها التخلص منه بسهولة. هذا المزيج من العوامل يجعل الزئبق مشكلة كبيرة في التونة على وجه التحديد.

ما الضرر الذي يمكن أن يلحقه الزئبق بجسمك؟

وفقًا لـ«وكالة حماية البيئة»، يعتبر الزئبق سمًا عصبيًا يمكن أن يكون له آثار جانبية صحية سلبية إذا تم استهلاكه بكميات أكبر مثل فقدان خلايا الدماغ والمهارات الحركية وتدهور الذاكرة ومشاعر القلق وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب. وبشكل أكثر تحديدًا، ميثيل الزئبق هو نوع الزئبق الموجود في المأكولات البحرية والأسماك مثل التونة، ويمكن أن تؤدي المستويات العالية منه إلى التسمم.
وفي توضيح أكثر لهذا الأمر، تقول الوكالة ان أعراض التسمم بميثيل الزئبق تشمل ضعف الكلام أو السمع وفقدان الرؤية المحيطية وضعف العضلات والشعور بالدبابيس والإبر في جسمك. ولكن السؤال هو كيف يمكنك معرفة متى تتوقف أو ما هي كمية الزئبق التي يمكن أن تؤدي إلى تسمم فعلي؟
ولسوء الحظ، لا يوجد مقياس واضح لمعرفة كمية التونة التي يمكنك تناولها قبل المخاطرة بالتسمم بالزئبق، لا سيما بالنظر إلى أن النتائج الجديدة لتقرير المستهلك بشأن التونة المعلبة تحتوي غالبًا على ارتفاعات زئبقية غير متوقعة وغير متسقة. لكن لدى إدارة الغذاء والدواء الأميركية بعض الإرشادات الأساسية التي يمكنك اتباعها لتقليل خطر الإصابة بالتسمم.

ماذا تقول «إدارة الأغذية والعقاقير»

تدعي إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) أن البالغين يجب أن يكونوا على ما يرام مع الأسماك منخفضة الزئبق مرة أو مرتين في الأسبوع ، وأن النساء الحوامل أو المرضعات يجب أن يحدّن من استهلاكهن من الأسماك من الأنواع ذات المستويات المنخفضة من الزئبق والحفاظ على حصصهن بحوالى 4 أونصات فقط؛ مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع. ومع ذلك، من المهم أن نتذكر أن Consumer Report أصدرت اقتراحها الجديد بتجنب الحوامل للتونة تمامًا بسبب عدم الاتساق مع بعض العلب ومستويات الزئبق الموجود فيها.
لذلك إذا كنت ممن يأكلون الكثير من التونة بشكل منتظم، انتبه لبعض العلامات المحتملة للتسمم بالزئبق وتحدث مع طبيبك إذا كنت تشعر بالقلق بشأن مقدار ذلك. تستهلك.
من المهم أن تتذكر أنه في أي وقت تستهلك فيه المأكولات البحرية، من المرجح أن تضع مستوى معينًا من الزئبق في جسمك. ومع ذلك، هناك أنواع من الأسماك والمحار تحتوي على كمية أقل من الزئبق في المتوسط من التونة.
وحسب تقارير المستهلك، هناك مستويات منخفضة من الزئبق في أشياء مثل السلطعون والروبيان والحبار والبلطي وسمك القد والسلمون والمحار وجراد البحر. فإذا كنت تبحث عن عناصر معلبة يمكنك الحصول عليها وتخزينها ولا تحتوي على قدر كبير من التعرض للزئبق مثل التونة المعلبة، فجرّب شيئًا مثل الأنشوجة أو السردين، وكلاهما يعتبر ضمن فئة «الزئبق المنخفض».
وعلى الرغم من أنه لا يمكنك التنبؤ تمامًا بكمية التونة التي يمكن أن تؤدي إلى التسمم بالزئبق، إلا أنه من الآمن القول إن المستويات المرتفعة من الزئبق يمكن أن يكون لها بالتأكيد تأثير ضار محتمل على صحتك. لكن على الرغم من عدم قدرتك على التنبؤ بالتسمم، يمكنك أن تكون على دراية بأعراض التسمم بالزئبق ومحاولة الالتزام بالحصص الموصى بها من الأسماك كل أسبوع لتجنب التعرض المفرط.


مقالات ذات صلة

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

يوميات الشرق التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

يشعر معظمنا بقرب عملية التثاؤب. تبدأ عضلات الفك بالتقلص، وقد تتسع فتحتا الأنف، وقد تذرف أعيننا الدموع عندما ينفتح فمنا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف مع مرضى السكري من أفراد مدرّبين على القيام بذلك، أدَّت إلى تحسينات كبيرة في قدرتهم على التحكُّم في نسبة السكر بالدم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

أحياناً لا يستطيع بعضنا النوم رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين، الأمر الذي يعود إلى سبب قد لا يخطر على بال أحد وهو الميكروبات الموجودة بأمعائنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك 323 قارورة من فيروسات معدية متعددة اختفت من المختبر (أ.ف.ب)

اختفاء عينات فيروسات قاتلة من أحد المختبرات بأستراليا

أعلنت حكومة كوينزلاند، الاثنين، عن اختفاء مئات العينات من فيروسات قاتلة من أحد المختبرات في أستراليا.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
صحتك الدماغ يشيخ ويتقدم في السن بسرعة في 3 مراحل محددة في الحياة (رويترز)

3 مراحل بالحياة يتقدم فيها الدماغ في السن

كشفت دراسة جديدة أن الدماغ يشيخ ويتقدم في السن بسرعة في 3 مراحل محددة في الحياة.

«الشرق الأوسط» (بكين)

معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
TT

معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)

ما إنْ تدخُل معرض «المجهول» للفنان التشكيلي المصري أحمد مناويشي، حتى تستوقفك وجوه لوحاته، بريشة حرّة تستكشف ملامحَ وأحداثاً غامضة. أعماله تبحث عن مشاعر عميقة وعلامات استفهام تحضّك على التحليل وفكّ الألغاز.

ينقسم معرض مناويشي في غاليري «آرت ديستريكت» بمنطقة الجميزة البيروتية إلى قسمين، من بينها ما يروي حكايات أشخاص اختبأت مشاعرهم تحت الأقنعة الواقية من جائحة «كورونا»، وأخرى رسمها حديثاً لمَن عاشوا الحرب الأخيرة في لبنان.

يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)

مع هذا المعرض، يستعيد غاليري «آرت ديستريكت» عافيته. فالحرب منعته قسرياً من إقامة نشاطات ثقافية. ومن خلال «المجهول»، يعلن صاحبه المصوّر الشهير ماهر عطّار انطلاق الموسم الفنّي في الغاليري.

في الجزء الأول من مجموعة أحمد منشاوي، تصطفُّ سلسلة لوحات صغيرة، تصوِّر جميعها وجوهاً يعتريها القلق. فالفنان المصري لفتته ملامح الإنسانية في زمن «كورونا». كان يرى الإنسان يمشي مرتدياً القناع خوفاً من الإصابة بالعدوى. وهو ما حضَّه، خلال إقامته في بروكسل، على تخيّل ملامحه الأصلية. وفي 30 لوحة يئنُّ أصحابها تحت وطأة أحاسيسهم، يُترجم أفكاره. مجموعة من النساء والرجال تصرخ بصمت، فتُخرج غضبها وقلقها وحزنها عابسةً في معظم الوقت.

تقنيته المرتكزة على الأكليريك تتدخَّل فيها أحياناً أنامل الفنان بعيداً عن ريشته (الشرق الأوسط)

يوضح مناويشي لـ«الشرق الأوسط»: «بدأتِ التجربة عندما كنتُ في بروكسل عام 2021. كانت مفاعيل الجائحة لا تزال تسيطر على حياتنا. جميعنا اعتقدنا بأنّ هذه الحقبة أبدية، كأنَّ سوادها لا حدود له. فرحتُ أتخيّل الناس الذين أراهم كأنهم خلعوا أقنعة الوقاية ورسموها. جميعهم كانوا مجهولين بالنسبة إليّ، ولا تربطني بهم أي علاقة. عندما عدتُ إلى لبنان، انتابتني الأحاسيس عينها. كانت الحرب محتدمة، وكان الناس قلقين، لا يعرفون مصيرهم. فرأيتُ بوضوح المجهول الذين يتخبَّطون فيه. حالة الترقب هذه حرّضت ريشتي على التحرُّك من جديد. ومن خلال تلك الحالتين، تناولتُ موضوع (المجهول)، إنْ من ناحية المشاعر أو المصير».

الإحساس بالتأرجُح في طريق لا رؤية واضحة لنهايتها، يُترجمه أحمد مناويشي. ويعترف من خلال ريشته بأنّ الانتظار مخيف، فكيف إذا كانت الأجواء التي يعيشها الناس غامضة؟

تحمل وجوه لوحات مناويشي أسئلة مختلفة تتعلّق بقلق المصير (الشرق الأوسط)

في واحدة من لوحاته، يشير إلى شخصيات مجموعة «أنونيموس» العاملة في مجال «النضال» عبر الاختراق البرمجي. راجت أعمالها المثيرة للجدل عام 2003، فمثَّلت مفهوماً لمستخدمي الإنترنت المجهولين. حينها، عَبَروا من العالم الواقعي إلى الوهمي في أعمال تتعارض مع الرقابة. اخترقوا مواقع حكومية عدّة، وأنظمة كومبيوتر أهم شركات الحماية. وولَّدوا «بلبلة» على أصعدة مختلفة، وهم يرتدون أقنعة تُعرَف بـ«جاي فوكس».

يتابع الرسام المصري: «قناع (الأنونيموس) كان الأشهر في القرن الحالي، فرغبتُ بالربط بينه وبين عنوان معرضي، لتُولد هذه اللوحة الوحيدة عن تلك المجموعة. مبدأ هؤلاء يرتكز على الثورة ورفض حُكم الدولة العميقة والسلطات العليا».

لم يعنون مناويشي لوحاته بأسماء معيّنة، فتركها مجهولةً. يقول: «رغبتُ في أن يسمّيها ناظرها كما يشتهي. أرنو إلى هذا التفاعل المباشر بين المُشاهد واللوحة». وهو يميل إلى المدرسة التعبيرية في الفنّ التشكيلي: «أحبُّ حالة الحركة في لمسات اللوحة وموضوعها، وأرغب في التواصل معها القائم على الشعور بأنها حيّة، فلا تكون باهتة تمرّ من دون تَرْك أثرها على ناظرها. لذلك، تسير ريشتي بشكل غير مُنتظم باحثةً عن نَفَس لا ينقطع؛ ومرات تتدخَّل أناملي مباشرة، فأبتعدُ عن ريشتي لتخرُج أعمالي من رتابتها، وتكسر تلك القدرة على التحكُّم التقليدي بمشاعر مُشاهدها».

تؤلّف الألوان التي يستعملها مناويشي حالةً بذاتها. فهو جريء باختيارها زاهيةً مرّات؛ ودافئة أخرى. يُحدِث زوبعة بألوان تبدو ثائرة، فتُعبّر عن الظلم والقلق والعنف: «مشاعر الإنسانية لا يمكن حصرها في بوتقة واحدة. وهذه الألوان تعبّر عن المشهدية المدفونة في أعماقنا، فتُبرز التنوّع في أحاسيس تنتابنا وفيها كلّ الاحتمالات. وهنا يأتي دور المتلقّي الذي يرى اللوحة من وُجهة نظره، ويُلاقي ما يمثّل تفكيره ومشاعره في أحد هذه الألوان».

ينقسم «المجهول» إلى قسمين من الأعمال التعبيرية (الشرق الأوسط)

في قسم لوحات الحرب، تأخُذ أعمال الرسام أحمد مناويشي منحى آخر، فيكبُر حجمها بشكل ملحوظ لتضع تفاصيل الوجه تحت المجهر. يعلّق: «هذه المساحات الكبيرة تزوّدنا بفرصة للتوضيح بشكل أفضل. فالعبور من زمن (كورونا) إلى زمن الحرب، كان لا بدَّ أن يحمل التطوّر. واعتمدتُ هذا التغيير؛ لئلا أقع في التكرار والتشابُه».

وأنت تتجوَّل بين أقسام معرض «المجهول»، تستوقفك ملامح وجه رجل حائر، ووجه امرأة تنظر إلى الغد بعتب. وأحياناً تلمس صلابة وجه آخر على شفير هاوية. وفي أخرى، تحملك ملامح رجل تلقّى صفعات الحياة بعينين حزينتين. لكنَّ جميع الشخصيات لا تبدو مستسلمة لقدرها، كأنها تقول: «وماذا بعد؟» على طريقتها.

يبرُز العنصر الأنثوي بوضوح في مجموعة «المجهول». وهنا كان لا بدَّ للرسام التشكيلي أن يعترف: «النساء لا يعرفن إخفاء أحاسيسهن ببراعة. مشاعرهن تخرج بقوة. لذلك نكتشفها بصورة أسهل من تلك الموجودة عند الرجل. فالأخير يحاول أن يُظهر صموداً تجاه مشاعره. ويفضّل ألا تُقرأ بسهولة».

يؤكد أحمد مناويشي أنه لا يحبّ تقييد نفسه بأسلوب رسم واحد. ويختم: «أفضّل التنويع دائماً، وعدم طَبْع لوحاتي بهوية واحدة كما يحبّ بعضهم. أُشبّه نفسي بروائي يؤلّف القصص ليستمتع بها القارئ، فلا يكرّر نفسه أو يقدّم ما يتشابه. ما أنجزه اليوم في عالم فنّ (البورتريه)، لم أقاربه مِن قبل. هو نافذة للتعبير. وهذا الاختلاف في الأسلوب يُحفزّني على دخول مدارس فنّية مختلفة. ما يهمّني هو تقديمي للناس أعمالاً يستمتعون بها فتولّد عندهم حبَّ الاكتشاف».