بوركينا فاسو ومالي تسعيان لتنسيق أمني إقليمي بعد «الخروج الفرنسي»

مقتل 12 شخصاً على أيدي مسلحين في مناطق حدودية للجارتين

جنود فرنسيون يقفون بجوار ناقلة أفراد مصفحة (APC) بمنطقة سوم شمال بوركينا فاسو عام 2019 (أ.ف.ب)
جنود فرنسيون يقفون بجوار ناقلة أفراد مصفحة (APC) بمنطقة سوم شمال بوركينا فاسو عام 2019 (أ.ف.ب)
TT

بوركينا فاسو ومالي تسعيان لتنسيق أمني إقليمي بعد «الخروج الفرنسي»

جنود فرنسيون يقفون بجوار ناقلة أفراد مصفحة (APC) بمنطقة سوم شمال بوركينا فاسو عام 2019 (أ.ف.ب)
جنود فرنسيون يقفون بجوار ناقلة أفراد مصفحة (APC) بمنطقة سوم شمال بوركينا فاسو عام 2019 (أ.ف.ب)

تسعى بوركينا فاسو وجارتها مالي إلى تنسيق إقليمي واسع، في ظل تردٍّ أمني تشهده منطقة غرب أفريقيا بشكل عام، بسبب تنامي الجماعة الإرهابية المسلحة، بالتزامن مع خروج القوات الفرنسية، بطلب من سلطات الدولتين.
وأخيراً، لقي ما لا يقل عن اثني عشر مدنياً حتقهم، وأصيب ستة آخرون، في هجوم شنه إرهابيون مشتبه بهم، في شمال غربي بوركينا فاسو، على بُعد كيلومترات قليلة من الحدود مع مالي.
وكشفت مصادر محلية ووسائل إعلام، مساء الأحد، أن «عشرات الرجال على دراجات نارية هاجموا قرية حدودية؛ ما أسفر عن سقوط 12 قتيلاً و6 جرحى»، فيما قال شاهد إن الهجوم «أوقع 13 قتيلاً».
والأسبوع الماضي قُتل ما لا يقل عن 25 شخصاً، معظمهم من المدنيين، على يد مجموعة من الإرهابيين شمال بوركينا فاسو.
ومنذ 2015 تكافح بوركينا فاسو تمرداً عنيفاً تشنّه جماعات مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، بدأ في مالي المجاورة عام 2012، وامتد إلى دول أخرى جنوب الصحراء الكبرى. وأودى العنف بحياة آلاف، وأدى إلى تشريد ما يقرب من مليوني شخص، وزعزعة الاستقرار السياسي.
وتأتي تلك التطورات الأمنية، بعد أيام من طلب الحكومات العسكرية في بوركينا فاسو ومالي وغينيا استرجاع عضويتها في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إيكواس» والاتحاد الأفريقي، بهدف «مكافحة انعدام الأمن في قطاع الساحل والصحراء، وضرورة تضافر جهودهم وجهود دول المنطقة للتعامل مع هذه الآفة».
وعُلقت عضوية الدول الثلاث في الهيئتين الإقليميتين بعد استيلاء الجيش على السلطة في كل منها على مدار أعوام 2020 و2021 و2022.
ووفق المحلل البوركينابي والخبير بالشؤون الأفريقية محمد الأمين سوادغو؛ فإن القيادات العسكرية في بوركينا فاسو ومالي بينهما تنسيق أمني وعسكري مكثف، في ظل تشابه الظروف بينهما، من حيث انتشار الإرهاب، ورفض الوجود الفرنسي على أراضيهما، كما أنهما يسعيان إلى توسيع ذلك التعاون مع القوى الإقليمية والدولية الأخرى؛ خصوصاً روسيا التي باتت شريكاً مهماً في المنطقة.
والشهر الماضي أعلنت الحكومة الانتقالية لبوركينا فاسو، فسخ اتفاق عسكري مع فرنسا أُبرم في 2018، ودعت باريس إلى سحب قواتها الخاصة، والتي تقدر بنحو 400 جندي، في غضون شهر. في خطوة مماثلة لما قامت به مالي من التخلي عن القوات الفرنسية، التي دخلت بداعي مواجهة الجماعات الإرهابية، في مستعمراتها السابقة بغرب أفريقيا.
وقال سوادغو لـ«الشرق الأوسط»، إن «القيادات العسكرية في تلك الدول تنظر إلى العقوبات المفروضة عليها من جانب الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيكواس، على أنها مقوضة لجهودها في مواجهة الإرهاب، ولا تأخذ في الاعتبار أسباب التغيّرات السياسية التي شهدتها (في إشارة إلى الانقلابات)، ولذلك تسعى إلى رفعها».
وتطالب مالي وبوركينا فاسو المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بتقديم «دعم تقني ومالي ملموس وكبير للجهود الأمنية، ودعم عملية العودة إلى نظام دستوري»، مقرر نظرياً في 2024 في مالي وبوركينا فاسو وفي 2025 في غينيا.
وتأتي مطالب بوركينا فاسو ومالي بالتعاون الإقليمي، بعد أيام من زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى باماكو؛ حيث وعد بتقديم المساعدة «لمنطقة الساحل والصحراء وحتى الدول المطلة على خليج غينيا».
ويشير الخبير في الشؤون الأفريقية، إلى أن «مالي هي أول دولة في غرب أفريقيا تعلن بشكل رسمي عقد شراكة عسكرية وأمنية واسعة وضخمة مع روسيا، وهو التوجه الذي تسير على خطاه بوركينا فاسو الآن».
وبين الجارتين تفاهم كبير. وسبق أن اقترح رئيس وزراء بوركينا فاسو، أبولينير كيليم دي تامبيلا، أن يقيم البلدان «اتحاداً فدرالياً مرناً... يحترم تطلعات الجانبين».


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
TT

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)

وقع إطلاق نار كثيف، الخميس، في جوبا عاصمة جنوب السودان بمقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، أكول كور، الذي أقيل الشهر الماضي، حسبما أكد مصدر عسكري، فيما تحدّثت الأمم المتحدة عن محاولة لتوقيفه.

وبدأ إطلاق النار نحو الساعة السابعة مساء (17.00 ت.غ) قرب مطار جوبا واستمر زهاء ساعة، بحسب مراسلي «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأبلغت الأمم المتحدة في تنبيه لموظفيها في الموقع، عن إطلاق نار «مرتبط بتوقيف الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات»، ناصحة بالبقاء في أماكن آمنة.

وقال نول رواي كونغ، المتحدث العسكري باسم قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان، لإذاعة بعثة الأمم المتحدة في البلاد (مينوس) إنه «حصل إطلاق نار في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق».

وأضاف: «شمل ذلك قواتنا الأمنية التي تم نشرها هناك لتوفير مزيد من الأمن».

وتابع: «لا نعرف ماذا حدث، وتحول سوء التفاهم هذا إلى إطلاق نار»، و«أصيب جنديان بالرصاص». وأضاف: «بعد ذلك هرعنا إلى مكان الحادث... وتمكنا من احتواء الموقف عبر إصدار أمر لهم بالتوقف».

وقال: «مصدر عسكري مشارك في العملية» لصحيفة «سودانز بوست» اليومية، إن أكول كور أوقف بعد قتال عنيف خلف «عشرات القتلى والجرحى من عناصره»، لكن التوقيف لم يتأكد رسمياً حتى الآن.

وأظهرت صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وأخرى نشرتها الصحيفة شبه توقف لحركة المرور بالقرب من مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، حيث فر سائقون خائفون بعد سماع إطلاق النار تاركين سياراتهم، وفقاً لصحيفة «سودانز بوست».

وأقال رئيس جنوب السودان سلفاكير في أكتوبر (تشرين الأول) رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية أكول كور الذي تولى منصبه منذ استقلال البلاد عام 2011، وكلّفه تولي منصب حاكم ولاية واراب التي تشهد اضطرابات.

ولم تُحدّد أسباب هذه الخطوة. ويأتي هذا القرار بعد أسابيع من إعلان الحكومة تأجيلاً جديداً لعامين، لأول انتخابات في تاريخ البلاد، كان إجراؤها مقرراً في ديسمبر (كانون الأول).

بعد عامين على استقلاله، انزلق جنوب السودان إلى حرب أهلية دامية عام 2013 بين الخصمين سلفاكير (الرئيس) ورياك مشار (النائب الأول للرئيس)، ما أسفر عن مقتل 400 ألف شخص وتهجير الملايين.