هل يُقدم ماكرون على سحب وسام جوقة الشرف من بوتين؟

3 أسباب رئيسية وراء تردد الرئيس الفرنسي

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)
TT

هل يُقدم ماكرون على سحب وسام جوقة الشرف من بوتين؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

هل يقدم أم يحجم؟ السؤال مطروح ويتناول ما أشار إليه الرئيس الفرنسي، صبيحة يوم السبت الماضي، في المؤتمر الصحافي الذي عقده عقب انتهاء القمة الأوروبية في بروكسل، عندما سئل عما إذا كان ينوي سحب وسام جوقة الشرف الذي قدّمه سلفه جاك شيراك للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في عام 2006 بمناسبة زيارة الدولة التي قام بها لباريس. وجاء رد إيمانويل ماكرون على الشكل التالي: «هذه قضية رمزية ولكنها مهمة»، مضيفاً أنها «تحمل معاني ثقيلة». وخلص ماكرون إلى القول: «لا أستبعد أي احتمال... لكن أعتقد أنه يجب تقييم اللحظة المناسبة» لاتخاذ هذا القرار. ومقابل ذلك، أقدم ماكرون على منح الرئيس الأوكراني وسام جوقة الشرف من رتبة الصليب الأكبر، وهو الوسام الأعلى، لضيفه فولوديمير زيلينسكي، في وقت متأخر من ليل الخميس - الجمعة، في احتفال ضيق، بمناسبة مجيئه إلى باريس، في إطار جولته الأوروبية التي قادته أيضاً إلى لندن وبروكسل ووارسو. وأعقب ماكرون ذلك بتغريدة جاء فيها: «تحية لأوكرانيا وشعبها. تحية لك عزيزي فولوديمير، على شجاعتكم والتزامكم». وردّ عليه زيلينسكي بعد ذلك قائلاً: «أعتقد أن هذا كثير جداً بالنسبة لي، ولهذا أهدي الوسام بالطبع لشعبنا كله، للأوكرانيين، لمجتمعنا. وإنه لشرف عظيم أن أكون هنا».
واضح، كما تقول أوساط سياسية في باريس، أن ماكرون «متردد» في أن يقوم بخطوة من هذا العيار؛ وذلك لمجموعة أسباب، أوّلُها أنها تتناول الرئيس الروسي شخصياً وليس سياسة بلاده، ولأنها تُعدّ إهانة مباشرة له، والثاني أنها ستقطع خيط التواصل الذي يحرص ماكرون على إبقائه مع بوتين رغم الحرب التي يشنها الأخير على أوكرانيا منذ ما يقارب العام، وثالثها أنه بهذه الخطوة سيَحرم نفسه وفرنسا من القيام لاحقاً بأي دور «وسطي» في الدفع نحو حل يُنهي الحرب، وهو ما فتئ يؤكد أن نهايتها سوف تجري على طاولة المفاوضات. ويمكن التكهن ومنذ اليوم بأن الجانب الروسي سيرفض أي دور لفرنسا، التي كان رئيسها، طيلة الأشهر الأولى من الحرب، «المحاور» الغربي الرئيسي، لكن يبدو، اليوم، أن ماكرون قلب صفحة السعي للتفاهم والتأثير على نظيره الروسي، والتحق بالركب الأميركي الأوروبي المتشدد وتبنَّى الموقف الراديكالي الذي يربط نهاية الحرب بانتصار أوكرانيا في ميادين القتال، وبذلك يكون ماكرون قد قلب الصفحة السابقة، حيث كان يدعو لـ«عدم إذلال روسيا» أو تأكيده أنه «يتعين توفير ضمانات» لها في إطار اتفاق لاحق، الأمر الذي أثار حفيظة كييف ودول في وسط وشمال أوروبا ودول بحر البلطيق الثلاث.
كما يبدو بعيداً صيف عام 2019 حين دعا ماكرون نظيره الروسي إلى حصن «بريغونسون»، حيث كان يقضي عطلته الصيفية ووصل الأخير حاملاً باقة ورد لبريجيت ماكرون للتباحث معه في شؤون العالم والأمن في أوروبا، قبل أيام على قمة مجموعة السبع في منتجع بياريتز المطل على المحيط الأطلسي. وتؤكد مصادر واسعة الاطلاع أن ماكرون كان من أنصار عودة روسيا إلى مجموعة السبع التي أخرجت منها في عام 2014 بعد أن عمدت إلى ضم شبه جزيرة القرم. وسبق للرئيس الفرنسي أن انتقد بقوة، بمناسبة انعقاد مؤتمر سفراء فرنسا عبر العالم، ما سمّاها «الدولة العميقة» التي ترفض رؤيته للحاجة إلى الحوار مع روسيا وربطها بالعربة الأوروبية.
ليس منح وسام جوقة الشرف من رتبة الصليب الأكبر الذي أُعطِيَه بوتين شيئاً استثنائياً، فوفقاً للقوانين التي تحكم جوقة الشرف والقواعد التي تلتزم بها، فإن قرار منحها أو سحبها يعود لرئيس الجمهورية شخصياً. وبالنظر إلى أحكام المرسوم، الصادر في 27 مايو (أيار) من عام 2010، فإن «سحب الوسام يمكن أن يتم في حال إدانة صاحبه بجريمة أو لحكم صادر عليه بالسجن الفعلي لمدة عام على الأقل أو لارتكابه أفعالاً يمكن اعتبارها مُخلّة بقواعد الشرف أو مُسيئة لفرنسا أو للقضايا التي تدافع عنها». ولا يجيز المرسوم سحب الوسام من مسؤولين بعد وفاتهم. وهكذا سُحب الوسام من رئيس بنما؛ مانويل أنطونيو أورتيغا، بعد أن تسلّمته الولايات المتحدة، وقادْته أمام مَحاكمها في عام 1987. وتُعدّ حالة نورييغا الوحيدة المعروفة. وبالمقابل فإن الرئيس السوري بشار الأسد أقدم من نفسه على رد الوسام إلى فرنسا، بينما الدكتاتور الإيطالي الفاشستي بنيتو موسوليني (قُتل في عام 1945)، والرئيس الروماني الأسبق نيكولاي تشاوشيسكو (أُعدم في عام 1989)، والرئيس الغابوني عمر بانغو (تُوفي عام 2009)، ماتوا من غير أن يُسحَب منهم تكريم الجمهورية الفرنسية. وإذا أقدم ماكرون على سحب الوسام من بوتين، فإن الأخير سيكون أول رئيس دولة يمارس السلطة، تُطبَّق عليه أحكام مرسوم عام 2010. وحتى تاريخه، لم يصدر أي رد فعل رسمي معروف من الجانب الروسي. وربما يكون هذا الأمر أحد أسباب تردد الرئيس الفرنسي في الإقدام على خطوة قد تكون لها تبِعات متعددة الأشكال؛ ليس فقط على العلاقة الشخصية بين الرئيسين، بل أيضاً على المستويين السياسي والاستراتيجي، رغم أنها ذات طابع رمزي.
قد لا يعرف الكثيرون أن وسام جوقة الشرف يزيد عمره على مائتي عام؛ إذ أسسه الجنرال نابليون بونابرت في 19 مايو من عام 1802 عندما كان يشغل منصب القنصل الأول؛ أي رئيس الدولة، عندما كان في أوْج نفوذه، وجيوشه تسيطر على أجزاء واسعة من أوروبا. وفي عام 1804 جرى تتويج بونابرت إمبراطوراً باسم «نابليون الأول». والسبب وراء إيجاد وسام جوقة الشرف هو تكريم القادة العسكريين الذين أبلوا بلاء حسناً في الحروب التي خاضها طيلة حكمه الذي انتهى بتنازله عن العرش للمرة الثانية في عام 1814 بعد هزيمته المدوّية في معركة «واترلو» الشهيرة، والتي نُفي عقبها إلى جزيرة سانت هيلينا الواقعة في جنوب المحيط الأطلسي، حيث تُوفي في عام 1821. وكانت الجزيرة وقتها وما زالت مِلكاً للتاج البريطاني.



التحقيق مع مدعي «الجنائية الدولية» بعد مزاعم عن «سوء سلوك جنسي»

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
TT

التحقيق مع مدعي «الجنائية الدولية» بعد مزاعم عن «سوء سلوك جنسي»

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)

تم اختيار مراقب من الأمم المتحدة لقيادة تحقيق خارجي في مزاعم سوء سلوك جنسي ضد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، وفقا لما علمته وكالة أسوشيتد برس أمس الثلاثاء.

ومن المرجح أن يثير هذا القرار مخاوف تتعلق بتضارب المصالح نظرا لعمل زوجة المدعي العام السابق في الهيئة الرقابية.

وقدم خان تحديثات حول التحقيقات الحساسة سياسيا التي تجريها المحكمة في جرائم حرب وفظائع في أوكرانيا وغزة وفنزويلا، وغيرها من مناطق النزاع خلال اجتماع المؤسسة السنوي هذا الأسبوع في لاهاي بهولندا. لكن الاتهامات ضد خان خيمت على اجتماع الدول الأعضاء الـ124 في المحكمة الجنائية الدولية.

فقد كشف تحقيق لوكالة أسوشيتد برس في أكتوبر (تشرين الأول) أنه بينما كان خان يعد أمر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو، كان يواجه في الوقت ذاته اتهامات داخلية بمحاولة الضغط على إحدى مساعداته لإقامة علاقة جنسية معها، واتهامات بأنه تحرش بها ضد إرادتها على مدار عدة أشهر.

وفي اجتماع هذا الأسبوع، قالت بايفي كاوكرانتا، الدبلوماسية الفنلندية التي تترأس حاليا الهيئة الرقابية للمحكمة الجنائية الدولية، للمندوبين إنها استقرت على اختيار مكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية، حسبما أفاد دبلوماسيان لوكالة أسوشيتد برس طلبا عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة المحادثات المغلقة.

وأعربت منظمتان حقوقيتان مرموقتان الشهر الماضي عن قلقهما بشأن احتمال اختيار الأمم المتحدة لهذا التحقيق بسبب عمل زوجة خان، وهي محامية بارزة في حقوق الإنسان، في الوكالة في كينيا بين عامي 2019 و2020 للتحقيق في

حالات التحرش الجنسي. وقال الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ومبادرات النساء من أجل العدالة القائمة على النوع، في بيان مشترك إنه يجب أن يتم تعليق عمل خان أثناء إجراء التحقيق، ودعتا إلى «التدقيق الشامل في الجهة أو الهيئة المختارة للتحقيق لضمان عدم تضارب المصالح وامتلاكها الخبرة المثبتة».

وأضافت المنظمتان أن «العلاقة الوثيقة» بين خان والوكالة التابعة للأمم المتحدة تتطلب مزيدا من التدقيق. وقالت المنظمتان: «نوصي بشدة بضمان معالجة هذه المخاوف بشكل علني وشفاف قبل تكليف مكتب الرقابة الداخلية التابع للأمم المتحدة بالتحقيق».