معن كوسا: التفرقة قضت على السوريين

الممثل السوري أُخضع لجراحة زراعة كبد دامت 14 ساعة

صورة من مواقع التواصل للممثل السوري معن كوسا
صورة من مواقع التواصل للممثل السوري معن كوسا
TT

معن كوسا: التفرقة قضت على السوريين

صورة من مواقع التواصل للممثل السوري معن كوسا
صورة من مواقع التواصل للممثل السوري معن كوسا

بعد 3 أسابيع من الركود على سرير المستشفى، يعود الممثل السوري معن كوسا إلى منزله. أسبوعان في العناية المشددة وثالث في المتوسطة، فيخرج وعلى لسانه الحمد والامتنان. على عكس ما يحدث عادة، فيرتمي المرء أسير اجتياح المخاوف حين يتعلق الأمر بالصحة المتقلّبة، ملأته سكينة وطمأنينة. شعر بأنّ النجاة في الانتظار، والعُمر أهداه صفحة جديدة. ما يقارب الـ14 ساعة أمضاها في جراحة زراعة كبد بمصر وضعته أمام جميع الاحتمالات، لكن الله قدَّر له الحياة.
حين نشر الممثل اللبناني وسام حنا صورة للقطة جمعتهما من مسلسل «التحدي سر» (حلقاته على «شاهد»)، شغل البال حيال وضع مَن وصفه بـ«رفيق النجاح». يومها غرّد بالدعوة إلى الصلاة لشفائه. يُخبر معن كوسا «الشرق الأوسط» فور مغادرته المستشفى أنه لم يتوقع يوماً إصابته بـ«تشمّع في الكبد غير كحولي مجهول السبب»، اكتشفه إثر نزيف داخلي طرأ قبل 3 سنوات انتهى إلى تشخيص الأطباء على هذا النحو. عدم تعاطيه الكحول أو الدخان أو أصناف المنبّهات، جعله يعزو السبب المحتمل للإصابة بالمرض إلى استفقاد الله له. رحلة العلاج بدأت وهو ينهي تصوير دور «ربيع» في الجزء الأول من مسلسل «سر» (2020)، فأُدخل المستشفى بحالة طارئة. زراعة الكبد كانت حاجة للتعمق في فهم حقيقة الإنسان.
«هل هو امتحان؟»، يسأل ويجيب: «لستُ أدري»، لكن ما يصيب الفرد برأيه لا يعدو كونه نقطة في بحر مآسي الجماعة وويلاتها، كالركام الهائل في بلده سوريا بعد الزلزال وهزّاته: «يستحيل فصل الذات عن الواقع مهما حاولنا. هناك الأهل والأصدقاء والبلد. فما لم تدمّره الحرب تسبّب الزلزال بخرابه. القلب يرتعد، وليس في اليد حيلة». همُّه أن يكنّ الشعب السوري الحب لبعضه؛ «فما قضى علينا هي التفرقة والصراعات من أجل اللاشيء».
يحطّ الحديث على شخصية «ربيع» التي تلبّسها، فكاد المُشاهد لا يشكّ بسذاجته وتدنّي درجات ذكائه. مَن تابع، لا بدّ عاد بالذاكرة إلى مَشاهده مع وسام حنا الذي يصفه بـ«الأخ والصديق، وقد عملنا معاً على الشخصية». يكشف أنّ الدور كان أكبر مما قُدِّم، لكن ظرفه الصحي حال دون ترجمة المكتوب تماماً على الورق. تقلّص مسرح الأحداث إلى «لوكايشن» واحد (السجن)، ومع ذلك «أحمدُ الله أنّ الجمهور تفاعل بمودّة».
أعمال عدّة قدّمها معن كوسا في لبنان، فحضر سنة 2012 في مسلسل «حدود شقيقة»، فمسلسل «بلحظة»، وغيرهما. الدراما المشتركة اللبنانية -السورية تعود عليه بكثير من الثناء والتهنئة. وفي لبنان أيضاً، توالت عليه عروض اضطر إلى الاعتذار عنها لظروف عائلية. فمرض والده ألزمه تفادي السفر، إلى أن انتقل إلى حيث تسافر الروح بعد عناء.
من منطلق «إذا خليِتْ خربِتْ»، يرى أنّ الصداقة والأخوّة موجودتان في الوسط الفني، «لكنها صداقة مشروطة باتخاذ بعض المسافة». في محنته، لم يُقصّر محبّون، بل ساندوا وسألوا وأثبتوا له أنه يحصد ما يزرع. مع ذلك، يُلمح إلى «بعض الشخصيات الجاحدة التي تقابلني بالخذلان. لا يخلو الأمر ممن لا يُقدّر».
يستعيد مثلاً شامياً يقول: «أيمتى بدكن تشرفونا؟ ليموت يلي بيعرفونا»، ليسجّل بعض العتب حيال مَن جازاهم خيراً في عافيته فلم يكلّفوا أنفسهم السؤال عنه في مرضه. تبقى الغلبة لمن لا يُقصّر، وللهفة والمحبة.
يراه منتجون وكتّاب في أدوار كوميدية، في حين يميل معن كوسا إلى الشخصية التراجيدية: «يغريني الدور المعقّد، لكنني أعمل بالمتوافر». الإشارة إلى اجتهاده على لسانه هي ليست من باب الاعتداد بالنفس، بل تمهيد للقول إنه رغم الاجتهاد لم يُعطَ كل ما يرى أنه يستحقه. تنويه مخضرمين في المهنة وكبارها بأدائه وموهبته، قد يخفف من قسوة أنّ «الحظ لا يحالفني كما يحالف زملائي»، لكنه لا يحجبها.
معن كوسا أب لولدين يسلّمها للطف الله، وهو يدرك تماماً أنّ حمايتهما بالكامل متعذّرة في عالم هشّ، مهزوز، يغلي بالمنغّصات. يستريح بعد الجراحة، وكان قد جمّد كل وقوفٍ أمام الكاميرا لإحساسه أنه يعبُر في نفق مجهول، ولا ضوء بانتظار نهايته. ولأنّ تواصله قليل مع المنتجين، يترقّب أعمالاً تطرق بابه عوض استعطاف مجيئها: «أومن بترتيب السماء. ما هو لي لن يكون لغيري».



13 قتيلاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

TT

13 قتيلاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

رجال الإطفاء يعملون في موقع مبنى إداري تضرر جراء الغارات الجوية والصاروخية الروسية في زابوريجيا (رويترز)
رجال الإطفاء يعملون في موقع مبنى إداري تضرر جراء الغارات الجوية والصاروخية الروسية في زابوريجيا (رويترز)

قُتل 13 شخصاً، اليوم (الأربعاء)، في ضربة روسية على مدينة زابوريجيا الأوكرانية، وفق ما أعلن حاكم المنطقة، في حصيلة تعد من الأعلى منذ أسابيع لضربة جوية واحدة، في إطار الحرب التي تقترب من إتمام عامها الثالث، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتكثّف موسكو ضرباتها على أوكرانيا منذ بداية فصل الشتاء، وتؤكد أن بعض هذه الهجمات الانتقامية تأتي رداً على ضرب كييف الأراضي الروسية بأسلحة زوّدها بها الغرب.

ووصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي القصف بأنه هجوم «قاس»، داعياً العالم إلى الالتفاف حول أوكرانيا ضد روسيا لتحقيق «سلام دائم».

ونشر تسجيل فيديو يظهر أشخاصاً مصابين وممدّدين أرضاً يغطيهم الركام، ومسعفين يجلون ضحايا.

جاءت الضربة بعد ساعات على استهداف مسيّرات أوكرانية مخزناً يزوّد سلاح الجو الروسي بالوقود، يقع على بعد مئات الكيلومترات من خطوط المواجهة.

وقال حاكم زابوريجيا، إيفان فيدوروف، في فيديو نشرته وسيلة إعلامية محلية: «لقد ضرب العدو حيّاً سكنياً بقنبلتين جويتين موجّهتين. ما نعرفه إلى الآن هو أن 13 شخصاً قتلوا». فيما أشار إلى إصابة 29 بجروح.

ونشر الحاكم تسجيل فيديو يظهر حريقاً مشتعلاً في مبنى أمامه سيارات مدمّرة، وصورة تظهر متطوّعين يعملون على مساعدة مدنيين ممددين أرضاً.

رجال الإنقاذ يعملون في موقع غارة جوية روسية في زابوريجيا (أ.ب)

وندّد زيلينسكي باستهداف متعمّد للمدنيين.

وقال: «تجب ممارسة الضغط على روسيا بسبب إرهابها»، وأضاف: «لا شيء أكثر قسوة من إطلاق قنابل جوية على مدينة، مع العلم بأن ذلك سيسبب معاناة للمدنيين».

وتبعد زابوريجيا نحو 35 كلم من خط المواجهة في جنوب أوكرانيا. وكان عدد سكانها قبل الحرب نحو 700 ألف نسمة.

وتسيطر روسيا على مساحات محيطة بمنطقة زابوريجيا التي أعلنت ضمّها في عام 2022.

وتسري في أوكرانيا أنباء بشأن هجوم روسي جديد محتمل على العاصمة الإقليمية التي تعرّضت مراراً لضربات روسية منذ بدء الغزو مطلع عام 2022.

ضرب مخزن للوقود

في وقت سابق، أعلنت أوكرانيا أن قواتها ضربت مخزن وقود في روسيا يقع على بعد 500 كيلومتر من الحدود بين البلدين، مشيرة إلى أن سلاح الجو الروسي يستخدمه لقصف أوكرانيا.

يندرج الهجوم في سياق سلسلة من الضربات التي تنفذها مسيّرات أوكرانية في العمق الروسي.

وأفاد حاكم منطقة ساروتوف، حيث وقع الهجوم، باندلاع حريق كبير في «مؤسسة صناعية تعرضت لهجوم بواسطة مسيّرات»، معلناً حال طوارئ في المنطقة.

وقال الحاكم رومان بوساغرين إن عنصري إطفاء قتلا خلال مكافحة الحريق.

وأظهرت مشاهد تم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي وتعذّر التحقق من صحّتها، كرة نار كبيرة تتصاعد ليلاً من الموقع.

وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إن «تدمير مستودع النفط يسبب مشاكل لوجيستية خطيرة للطيران الاستراتيجي للاحتلال الروسي، ويقلل بشكل كبير من قدرته على ضرب المدن الأوكرانية والأهداف المدنية».

وفي الوقت نفسه، قالت كييف إن أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية أسقطت خلال الليل 41 طائرة مُسيرة روسية بينما أسقطت أنظمة التشويش الإلكترونية 22 مُسيرة أخرى.

وفي منطقة خيرسون بجنوب أوكرانيا التي أعلنت روسيا ضمّها، قالت السلطات إن شخصين قُتلا وأصيب خمسة آخرون بنيران المدفعية الروسية والمُسيرات.

وكانت روسيا أعلنت ضم مناطق زابوريجيا وخيرسون (جنوب) ودونيتسك ولوغانسك (شرق)، وهي تشترط تخلي أوكرانيا عنها قبل الانخراط في أي محادثات سلام.