«تفاهمات» ليبية ترجئ حسم الخلاف بين البرلمان وميليشيا «لواء القعقاع»

زيدان أكد أن «المؤتمر الوطني» سيكون عند المسؤولية.. والأمم المتحدة تنفي علاقتها بالمهلة

ليبيات من المفوضية الوطنية للإنتخابات يجهزن الصناديق في إحدى الدوائر الانتخابية للتصويت على اللجنة الدستورية (أ.ف.ب)
ليبيات من المفوضية الوطنية للإنتخابات يجهزن الصناديق في إحدى الدوائر الانتخابية للتصويت على اللجنة الدستورية (أ.ف.ب)
TT

«تفاهمات» ليبية ترجئ حسم الخلاف بين البرلمان وميليشيا «لواء القعقاع»

ليبيات من المفوضية الوطنية للإنتخابات يجهزن الصناديق في إحدى الدوائر الانتخابية للتصويت على اللجنة الدستورية (أ.ف.ب)
ليبيات من المفوضية الوطنية للإنتخابات يجهزن الصناديق في إحدى الدوائر الانتخابية للتصويت على اللجنة الدستورية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الليبية التوصل إلى تفاهم بشأن أزمة تهديد «لواء القعقاع (وهو ميليشيا مسلحة)» لأعضاء المؤتمر الوطني العام (البرلمان المؤقت). وقال الدكتور علي زيدان، رئيس الحكومة، في بيان صحافي، مساء أول من أمس: «توصل الجميع إلى تفاهم وغلبت الحكمة، وأنا متأكد أن (المؤتمر الوطني) سيكون عند المسؤولية ويحقق ما يريده الشعب الليبي».
وتحدث «لواء القعقاع» عن اتفاق بشأن تهديداته السابقة لـ«المؤتمر العام» ومطالبته بإنهاء أعماله بسبب انتهاء مدة ولايته، وانتخاب مؤتمر جديد. وقال مسؤولون في «لواء القعقاع»، إن هذا الاتفاق جاء عقب اجتماع ضم قادة للثوار ووفدا من هيئة الأمم المتحدة يقضي بإعطاء مهلة إضافية لمدة 72 ساعة لجميع الأطراف من أجل إيجاد حل نهائي وجذري للأزمة التي تمر بها البلاد.
وأثار الحديث عن اشتراك مندوب الأمم المتحدة في تحديد المهلة جدلا واعتراضات في الشارع الليبي والأوساط السياسية، لكن الناطق الرسمي في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، نفى أن تكون له صلة بهذه المهلة، وقال في تصريح مقتضب بالبريد الإلكتروني لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الأخبار عارية عن الصحة جملة وتفصيلا».
وبالتزامن مع الإعلان عن تمديد المهلة، حذر ثوار عدد من المدن الليبية في بيان مساء أول من أمس، كتيبتي «القعقاع» و«الصواعق» من عواقب «الانقلاب على الشرعية»، مؤكدين أنهم سيواجهون بكل قوة أي عملية انقلاب مماثلة تقوم بها أي جهة. وأشار البيان إلى إعلان موقعيه «حالة النفير في مختلف مدن البلاد»، مؤكدين في الوقت ذاته أن التظاهر السلمي حق مكفول لكل المواطنين. ومن جانبه، أكد زيدان مجددا موقف حكومته الرافض لـ«الانقلاب العسكري» أو استعمال القوة لإرغام الشعب الليبي على أي أمر، ودعا الفئات السياسية والمدنية والعسكرية إلى احترام مطلب غالبية الشعب المتمثل في الانتقال السريع للسلطة، وتسليمها إلى جسم شرعي عن طريق انتخابات شرعية.
وأشار زيدان إلى تلقيه عدة اتصالات من مسؤولين عرب وأجانب للاطمئنان على الأوضاع السياسية في ليبيا، بينهم وزير الخارجية الفرنسي، ورئيس الوزراء القطري، ونائب رئيس الوزراء وزير الدفاع المصري.
يشار إلى أن متري، مبعوث الأمم المتحدة، كان أشار في بيان أصدره في وقت سابق إلى أن البعثة «ستستمر في بذل جهودها كلما طلب منها ذلك، وهي لا تقيد نفسها ولا تقيد أحدا بمواعيد أو مهل غير واقعية، لافتا إلى أنها ستبقى في كل الظروف ملتزمة مبادئها القائمة على احترام مطلق لسيادة ليبيا ومؤسساتها الشرعية ووحدتها واستقرارها».
وقال متري إن البعثة تتواصل مع الأطراف كافة للمساهمة في الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق يضمن استمرار المسار الديمقراطي ويجنب البلاد الانزلاق إلى الفوضى والعنف، مشيرا إلى أن البعثة تدرك أهمية التقدم على المسار السياسي دون تباطؤ أو تسرع.
ونقلت وكالة «رويترز» عن عثمان مليقطة، قائد «كتيبة القعقاع»، إن الجماعة ستتحرك قريبا وتسلم السلطة إلى المحكمة الدستورية وتشكل لجانا للإشراف على الانتخابات. وأضاف أنهم سيعملون مع الشعب وإنهم على اتصال بالناس في الجنوب والشرق.
وتشهد ليبيا حالة من الفوضى، وتحاول حكومة زيدان السيطرة على ميليشيات مسلحة شاركت في الإطاحة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، لكنها ظلت محتفظة بسلاحها منذ ذلك الوقت. ويرى كثير من المواطنين الليبيين أن الميليشيات المسلحة والصراعات الداخلية في «المؤتمر الوطني» هي المسؤولة في الأساس عن عدم إحراز تقدم في عملية الانتقال الديمقراطي بعد الإطاحة بالقذافي.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.