الحوثيون يخضعون برلمانيين وسكاناً بصنعاء لدورات طائفية

نساء وفتيات في صنعاء يخضعن لدروس حوثية (إعلام حوثي)
نساء وفتيات في صنعاء يخضعن لدروس حوثية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يخضعون برلمانيين وسكاناً بصنعاء لدورات طائفية

نساء وفتيات في صنعاء يخضعن لدروس حوثية (إعلام حوثي)
نساء وفتيات في صنعاء يخضعن لدروس حوثية (إعلام حوثي)

كثفت الميليشيات الحوثية في اليمن، في الأيام الأخيرة، من تحركاتها في أوساط السكان والعاملين في المؤسسات الحكومية الخاضعة لها في صنعاء من أجل إجبارهم على حضور أمسيات طائفية وتلقي دورات تعبوية تحت إشراف معممين ينتمون إلى سلالة زعيمها عبد الملك الحوثي، وفق ما أفادت به مصادر يمنية مطلعة.
وفي حين شملت هذه التحركات مديريات عدة في صنعاء، واستهدفت النواب الخاضعين للجماعة في البرلمان غير الشرعي، يأتي ذلك في سياق سعي الميليشيات لتكريس الأحقية المزعومة لعناصر السلالة الحوثية في حكم اليمن.
كانت الجماعة الانقلابية ألزمت منذ أيام بموجب تعليمات صادرة عنها، مسؤولي الحارات والمشرفين التابعين لها في ثلاث مديريات في العاصمة صنعاء، هي معين، والوحدة، وآزال، بالشروع بإقامة دورات ودروس تحت مسمى «فكرية وثقافية» تستهدف بمرحلتها الأولى سكان الأحياء، بما فيهم الشبان والأطفال في تلك المديريات.
وكعادة الميليشيات كل مرة في استغلال منابر المساجد وتحويلها إلى أداة لبث الطائفية والتحريض على القتل والتعبئة والتحشيد إلى جبهاتها، قالت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إن الميليشيات الحوثية حددت المساجد وبعض قاعات المناسبات الموجودة بنطاق كل حي في صنعاء كأماكن لإقامة تلك الندوات والأمسيات ذات الصبغة الطائفية.
وبهدف إجبار السكان بمختلف الأساليب والطرق على اعتناق أفكار الميليشيات المشبعة بالعنف والكراهية والحقد، وتحشيدهم إلى ميادين القتال، أكدت المصادر مواصلة الجماعة استهداف السكان في أحياء صنعاء عبر إقامة تلك الندوات والأمسيات على فترتين، تبدأ الأولى عصر كل يوم داخل قاعات مناسبات مخصصة، فيما الأخرى تحتضنها المساجد، وتم تحديد زمنها في الأوقات بين صلاتي المغرب والعشاء.
وتوعد مشرفو الجماعة الحوثية السكان في صنعاء المتغيبين دون عذر أو الرافضين المشاركة في الدورات الفكرية بحذف أسمائهم من سجلات الغاز المنزلي، واعتبارهم من ضمن المناهضين للجماعة والمتعاونين مع الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها.
يأتي ذلك بالتوازي مع دعوات حوثية أخرى وجهها مسؤولو الأحياء الموالون للجماعة للسكان في 10 مديريات في صنعاء عبر مجموعات تواصل عبر تطبيق «واتساب»، تحضهم على الحضور فيما تسمى «ندوات مركزية» تقيمها حالياً بمساجد كل مديرية في صنعاء العاصمة احتفاءً بما تسمى «جمعة رجب».
ورغم التشديد الانقلابي على إلزام سكان صنعاء وغيرهم على حضور تلك الندوات والأمسيات، فإن ثلاثة شهود أكدوا لـ«الشرق الأوسط»، أن نسبة الاستجابة للحضور في أوساط السكان لا تزال حتى اللحظة متدنية جداً، بسبب رفضهم الانصياع لرغبة الميليشيات التي تحاول أن تخضعهم بالقوة لخطابها التعبوي وأفكارها الإيرانية.
ويعد ذلك السلوك امتداداً لدورات سابقة أجبرت فيها الجماعة مسؤولي وموظفي المؤسسات ومواطنين في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها على المشاركة في دورات «التطييف» الحوثية، تمثل آخرها في إقامة دورة خاصة قبل نحو أسبوع استهدفت أعضاء في البرلمان الخاضع للانقلاب في صنعاء عبر تلقينهم أفكاراً ودروساً تكرس القداسة المزعومة للسلالة الحوثية.
وكشف عضو البرلمان الخاضع للميليشيات في صنعاء أحمد سيف حاشد، قبل أيام، عن إخضاع الميليشيات لأعضاء المجلس لدورات تعبوية وفكرية مكثفة في صنعاء.
وتساءل حاشد، وهو ناشط حقوقي مناوئ للجماعة، في تغريدة على حسابه بـ«تويتر»، قائلاً: «ماذا يعني عقد دورات تثقيفية لأعضاء البرلمان في القسم الخاضع لسلطة المشرفين في صنعاء؟».
وقال، «يعني هذا أن الجماعة الحاكمة في صنعاء هي مصدر كل السلطات ومالكها وليس الشعب، نريد دولة لكل اليمنيين يكون فيها الشعب مصدر كل السلطات ومالكها». وعبر حاشد عن إدانته للمساعي الرامية إلى أدلجة النواب في صنعاء.
إلى ذلك تؤكد مصادر حقوقية في صنعاء، أن غالبية السكان من موظفين ومسؤولين وبرلمانيين وأدباء ومثقفين وأكاديميين وتربويين وغيرهم في مناطق سيطرة الميليشيات لا يزالون يشكون من تعسفات قادة ومشرفي الجماعة، وسعيهم المتكرر لإلزامهم بالانخراط في مشروعها الانقلابي واعتناق أفكار مؤسسها حسين الحوثي المستقدمة من إيران.
وأشارت المصادر إلى بعض ما يتعرض له السكان في مناطق سيطرة الجماعة من انتهاكات وتعسفات ومضايقات يومية مستمرة واتهامات مباشرة بسبب امتناعهم عن حضور الدورات التي تعدها الجماعة إلزامية على الجميع.
وكانت تقارير محلية عدة أكدت أن عمليات الاستقطاب الحوثية المتكررة للشبان والمراهقين وغيرهم في صنعاء تركزت طيلة السنوات الماضية من عمر الانقلاب بنحو 10 مديريات تتبع أمانة العاصمة صنعاء، التي تحوي كل مديرية فيها عشرات المربعات السكنية.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.