هل الرأسمالية نهاية التاريخ؟

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
TT

هل الرأسمالية نهاية التاريخ؟

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

الرأسمال الأميركي ورساميل الثماني الكبار تسيطر على 70 في المائة من أسواق العالم، وإن البلدان الفقيرة تخسر يوميًا مليار و300 مليون جنيه إسترليني في التجارة بسبب القوانين التي تطالب بإنهاء الدعم في هذه البلدان.
صدر مؤخرًا عن دار الفارابي كتاب بعنوان «الرأسمالية.. الوغد الوسيم.. في بعض مستجدات العصر» للباحث الكويتي وليد الرجيب. والرجيب هو روائي نشر عددًا من المجموعات القصصية والروايات، ومنها رواية «بدرية» التي نالت شهرة كبيرة في الساحة الأدبية العربية منذ عام 1989، كما سبق له أن نشر كتابين عن فن وعلم التنويم والعلاج بالطاقة الكونية.
ويقول في نهاية مقدمته لكتابه الجديد: «لا ندعي أننا قدمنا إجابات شافية كافية للمسائل المطروحة في هذا الكتاب، كما لا ندعي أننا استطعنا حصر جميع الأسئلة والموضوعات المستجدة والشائكة لما تمر به الماركسية والماركسيون في هذا العصر، فالأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسة والتعمق والمناقشة بعقول مفتوحة».
الكتاب يحوي مقدمة وأربعة فصول، استغرقت 256 صفحة. تحدث الفصل الأول عن «علاقة الرأسمالية بالتطور التكنولوجي» وبيّن أن الرأسمالية لم تستهدف من التطور التكنولوجي تحقيق سعادة الإنسان، بل تحقيق الربح وزيادته. ولا تتورع عن كبحه إذا ما تعارض مع هذا الهدف، الذي هو تحقيق ربح أكبر من المتحقق حتى ظهور التطور التكنولوجي. فهي؛ أي الرأسمالية، تستخدم التكنولوجيا بادئ الأمر في مجال الاستخبارات دون أي اعتبار خلقي في التجارب العلمية، وفي الاستفادة من الاختراعات الجديدة. وضرب مثلاً بما قامت به الشركات الكبرى التي تنتج البترول ومشتقاته؛ إذ رفضت تعميم نموذج السيارة التي تعمل بالكهرباء والطاقة الشمسية، ورفعت قضايا أمام المحاكم ضد تصنيع السيارة الكهربائية وربحتها بالاستعانة بالحكومة الأميركية، وتم وأد الوليد الجديد في 24 أبريل (نيسان) 2003. وتحدث الكتاب عن استقطاب شركات المال في وول ستريت لخريجي الرياضيات المتفوقين أو خريجي العلوم للعمل لديها بأجور عالية بدلاً من خدمة المجتمع باختراعات علمية أو العمل في المختبرات العلمية بأجور أقل.
وكرّس المؤلف الفصل الثاني لـ«تأثير التطور التكنولوجي في بنية الطبقة العاملة» واستعان بورقة بحثية أعدت في الكويت تحت عنوان «التطور الرأسمالي التابع والمشوّه والطفيلي في الكويت. الطبقات الاجتماعية والصراع الطبقي» عام 2012، وهي ورقة غنية جدًا بمضمونها العلمي ومعالجتها لموضوع الصراع الطبقي في الكويت وبلدان الخليج، وتغير بنية الطبقة العاملة عبر التاريخ وعدم سقوط النظرية الماركسية واستمرار مبرر وجود الأحزاب التقدمية التي تعبر عن مصالح الطبقة العاملة وكل «شغيلة اليد والفكر»، ودورها الطليعي من أجل التغيير على الضد من ادعاءات منظري الرأسمالية الذين زعموا أن الرأسمالية هي نهاية التاريخ وأن لا مكان للنظرية الماركسية بعد الآن.
أما الفصل الثالث، فقد سمّاه المؤلف «العولمة - الأممية الرأسمالية»، وناقش فيه ادعاءات البعض بأن الماركسية في تحليلها للرأسمالية وطبيعتها، قد توقفت عند مرحلة الإمبريالية في إشارة إلى كتاب لينين «الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية»، في حين أن النظام الرأسمالي جدد نفسه وتطور إلى مرحلة «العولمة» التي لم يرد ذكرها في الأدبيات الماركسية، على حد زعمهم. علمًا بأن هناك سيلاً هائلاً من الأدبيات التي تتحدث عن موضوع العولمة. واستشهد المؤلف بمساهمات الاجتماعيين والفلاسفة والفنانين وعلماء البيئة وغيرهم الكثير الذين تناولوا العولمة من جميع جوانبها. وأورد المؤلف أسماء الكثير من الاقتصاديين واليساريين العرب من أمثال د.سمير أمين، واللبناني كمال حمدان، والدكتور فؤاد مرسي الذي ألف كتاب «الرأسمالية تجدد نفسها»، إلى جانب الكتاب الغربيين الذين بلغت مؤلفاتهم وأبحاثهم ودراساتهم الألوف. والرأسمالية، رغم أنها جددت نفسها، كما تنبأ ماركس، فإنها لم تغير قانونها أو جوهرها. وتطرق المؤلف إلى ما قام به ميخائيل غورباتشوف عندما دعا خمسمائة من قادة العالم إلى فندق فير مونت في كاليفورنيا في سبتمبر (أيلول) 1995 ليشكلوا هيئة جديدة يطلب منها تبيان الطريق إلى القرن الحادي والعشرين. هذه الطريق التي «ستفضي إلى حضارة جديدة». وكان من بين المدعوين جورج بوش الأب، ومارغرت تاتشر، وجورج شولتس، ورئيس مؤسسة سي إن إن، وغيرهم.
وفي الاجتماع المذكور جرى رسم السياسة الاقتصادية الجديدة التي أقرّت، بلا حياء ولا إنسانية، أن 20 في المائة من السكان العاملين ستكفي في القرن 21 للحفاظ على النشاط الاقتصادي الدولي. وأن لا حاجة لأيدي عاملة أكثر من هذا، فخُمس قوة العمل سيكفي لإنتاج جميع السلع، وليظل ثمانون في المائة عاطلين!
وبيّن المؤلف كيف أن العولمة الرأسمالية ومنظماتها معادية للديمقراطية. وتطرق إلى الحديث عن تطور الرأسمالية الاحتكارية إلى الرأسمالية المعولمة. وتحدث عن تمركز رأس المال وعن أزمة 2008 التي هي أشد خطورة واستدامة من كل الأزمات السابقة بما فيها أزمة 1929. وكيف أنه في «ظل التطور الهائل للقوى المنتجة العالمية الذي بات يكفي لتأمين حاجات البشرية كلها، ما زال أكثر من ثلث البشرية يعيش عند حافة الفقر، وما زال ملايين البشر يبحثون عن فرص عمل في ظل تعطيل طاقات هائلة».
وأشار المؤلف إلى أن العولمة الرأسمالية تحمل في جوفها كل سمات الرأسمالية وتناقضاتها وأزماتها، وبشكل أوسع وأعمق مما كانت عليه في السابق. وبيّن أن الرأسمال الأميركي ورساميل الثماني الكبار يسيطر على 70 في المائة من أسواق العالم، وأن البلدان الفقيرة تخسر يوميًا مليار و300 مليون جنيه إسترليني في التجارة بسبب القوانين التي تطالب بإنهاء الدعم في هذه البلدان. وكيف تحولت منظمة التجارة العالمية التي تضم 142 بلدًا إلى حكومة عالمية يديرها الأغنياء (واشنطن بالدرجة الأولى) وأن سياستها ترسم من قبل 21 بلدًا فقط. وذكر أن الرأسمالية دخلت مرحلة جديدة هي إمبريالية العولمة التي تستهدف ليس فقط الاستيلاء على الأراضي وإقامة المستعمرات بل السيطرة على كل اقتصاد العالم.
وأشار المؤلف أن هذه اللوحة السوداء ليست قدرًا لا يمكن رده؛ إذ يمكن التصدي له. وذكر ما أورده تقرير التنمية البشرية للعام 2013 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تحت عنوان نهضة «الجنوب.. تقدّم بشري في عالم متنوّع»، أن عددًا كبيرًا من البلدان النامية، مثل البرازيل والصين والهند، قد حقق تحولاً في التنمية البشرية، وأصبح لها اقتصادات قوية ونفوذ سياسي متزايد.
وفي هذا السياق، أورد المؤلف قدرة بعض دول الجنوب أو الأطراف على السير في طريق التنمية الذاتية واستغلال مواردها لمصلحة شعوبها دون أن تضطر إلى الارتهان للإمبريالية المعولمة أو الاستمرار في اقتصاد طفيلي متخلف وتابع للرأسمال العالمي. وأسهب في الحديث عمّا حققته فنزويلا بقيادة هوغو شافيز من منجزات كبيرة في انخفاض نسبة معدل الفقر وارتفاع مؤشر التنمية البشرية ارتفاعًا كبيرًا وانخفاض معدل البطالة. وكيف أن فنزويلا لم تتأثر بالأزمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية.
ولم يقتصر المؤلف على ذكر فنزويلا ونجاحاتها، بل ذكر أيضًا الإكوادور بقيادة كورييا، ونهجها المخالف للنهج النيوليبرالي، وكذلك ما حققته شيلي من منجزات واستشهد بما كتبه سمير مرقص في مقال له بعنوان «شيلي وأخواتها: عدالة اجتماعية + تداول السلطة = (تقدم)». وأخوات شيلي، هي: البرازيل، والأرجنتين، وكوستاريكا، التي حققت منجزات يجدر الاقتداء بها إلى جانب ما حققته الإكوادور. وكيف أن السياسات المناقضة للنيوليبرالية تنجح بتحقيق الاستقرار الاقتصادي والرفاه الاجتماعي، ويمكن أن تنقذ الدولة بأقل الخسائر من أزمة الرأسمالية العالمية المستمرة منذ 2008.
والحديث يطول بما لا يتحمله هذا المقال، لو أردنا إيراد كل الأمثلة التي حققتها البلدان التي انتهجت نهجًا مناقضًا للنهج النيوليبرالي الذي تسعى الولايات المتحدة لفرضه على كل الدول. وختم المؤلف هذا الفصل بالقول «إن شعوب العالم في هذه الفترة التاريخية تبدأ بكتابة تاريخ جديد لها يسعى إلى استبدال النموذج الرأسمالي المعولم اللاإنساني والغارق بأزماته. وإن هذه الشعوب تدرك أن الطريق إلى الاشتراكية طويل. وأشار إلى أهمية الاستفادة من تجربة الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية السابقة والتوقف عندها ودراستها وتحليلها ونقدها بجرأة وبعقلية متجردة من الجمود والنصية وعدم التفكير المبدع والخلاق لبناء اقتصادها وتقدم شعوبها.
أما الفصل الرابع، الذي جعل المؤلف عنوانه «الثورات العربية بداية تاريخ عربي جديد»، الذي يبدو للوهلة الأولى أن لا علاقة له بالفصول الثلاثة الأولى التي تطرقنا إليها، فقد ذكر المؤلف أنه لم يستطع استبعاد «الثورات العربية »، التي بدأت في عام 2011 كمستجد على عصرنا. ولذا كرّس لهذا الفصل ما يزيد على ثلث صفحات الكتاب، تطرق فيه إلى كون التفكير التغييري ليس غريبًا على العرب؛ إذ بدأه المثقفون العرب التنويريون بدءًا من رفاعة الطهطاوي، وانتهاء بعلي عبد الرازق وسلامة موسى وطه حسين، ومرورًا بخير الدين التونسي وبطرس البستاني وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وقاسم أمين وأحمد لطفي السيد وعبد الرحمن الكواكبي وشبلي شميل وفرح أنطون وآخرين. وما أعقب ذلك في منتصف القرن العشرين من «ثورات» وانقلابات عسكرية في الكثير من الدول العربية التي حققت طرد المستعمرين وأقامت حكومات افتقرت إلى الديمقراطية وصولاً إلى «الثورات» في عام 2011 التي أطلق عليها تسمية «الربيع العربي» التي كانت حصيلة نضالات مديدة خاضتها الشعوب العربية على مدى عشرات السنين.
ورد المؤلف في هذا الفصل على تسمية هذه الثورات بأنها ثورات شبابية أو تكنولوجية وتحدث عن الوضع العربي قبل الثورات والأحزاب السياسية قبل الثورات وعن أحزاب الإسلام السياسي قبل الثورات. وتطرق إلى الكيفية التي استغل بها الإخوان المسلمون تطور الأوضاع وانضمامهم إلى الثورات بعد اندلاعها وتمكنهم من السيطرة على نتائجها بدعم من الولايات المتحدة الأميركية، التي سارع الإخوان المسلمون إلى تطمينها على حماية مصالحهم وأمن إسرائيل.



سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم
TT

سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم

بالكثير من التفاؤل والأمل والقليل من الحذر يتحدث أدباء وشعراء سوريون عن صورة سوريا الجديدة، بعد الإطاحة بنظام الأسد الديكتاتوري، مشبهين سقوطه بالمعجزة التي طال انتظارها... قراءة من زاوية خاصة يمتزج فيها الماضي بالحاضر، وتتشوف المستقبل بعين بصيرة بدروس التاريخ، لأحد أجمل البلدان العربية الضاربة بعمق في جذور الحضارة الإنسانية، وها هي تنهض من كابوس طويل.

«حدوث ما لم يكن حدوثه ممكناً»

خليل النعيمي

بهذه العبارة يصف الكاتب الروائي خليل النعيمي المشهد الحالي ببلاده، مشيراً إلى أن هذه العبارة تلخص وتكشف عن سر السعادة العظمى التي أحس بها معظم السوريين الذين كانوا ضحية الاستبداد والعَسْف والطغيان منذ عقود، فما حدث كان تمرّداً شجاعاً انبثق كالريح العاصفة في وجه الطغاة الذين لم يكونوا يتوقعونه، وهو ما حطّم أركان النظام المستبد بشكل مباشر وفوري، وأزاح جُثومه المزمن فوق القلوب منذ عشرات السنين. ونحن ننتظر المعجزة، ننتظر حدوث ما لم نعد نأمل في حدوثه وهو قلب صفحة الطغيان: «كان انتظارنا طويلاً، طويلاً جداً، حتى إن الكثيرين منا صاروا يشُكّون في أنهم سيكونون أحياءً عندما تحين الساعة المنتظرة، والآن قَلْب الطغيان لا يكفي، والمهم ماذا سنفعل بعد سقوط الاستبداد المقيت؟ وكيف ستُدار البلاد؟ الطغيان فَتّت سوريا، وشَتّت أهلها، وأفْقرها، وأهان شعبها، هذا كله عرفناه وعشناه. ولكن، ما ستفعله الثورة المنتصرة هو الذي يملأ قلوبنا، اليوم بالقلَق، ويشغل أفكارنا بالتساؤلات».

ويشير إلى أن مهمة الثورة ثقيلة، وأساسية، مضيفاً: «نتمنّى لها أن تنجح في ممارستها الثورية ونريد أن تكون سوريا لكل السوريين الآن، وليس فيما بعد، نريد أن تكون سوريا جمهورية ديمقراطية حرة عادلة متعددة الأعراق والإثنيّات، بلا تفريق أو تمزيق. لا فرق فيها بين المرأة والرجل، ولا بين سوري وسوري تحت أي سبب أو بيان. شعارها: حرية، عدالة، مساواة».

مشاركة المثقفين

رشا عمران

وترى الشاعرة رشا عمران أن المثقفين لا بد أن يشاركوا بفاعلية في رسم ملامح سوريا المستقبل، مشيرة إلى أن معجزة حدثت بسقوط النظام وخلاص السوريين جميعاً منه، حتى لو كان قد حدث ذلك نتيجة توافقات دولية ولكن لا بأس، فهذه التوافقات جاءت في مصلحة الشعب.

وتشير إلى أن السوريين سيتعاملون مع السلطة الحالية بوصفها مرحلة انتقالية ريثما يتم ضبط الوضع الأمني ويستقر البلد قليلاً، فما حدث كان بمثابة الزلزال، مع الهروب لرأس النظام حيث انهارت دولته تماماً، مؤسساته العسكرية والأمنية والحزبية كل شيء انهار، وحصل الفراغ المخيف.

وتشدد رشا عمران على أن النظام قد سقط لكن الثورة الحقيقية تبدأ الآن لإنقاذ سوريا ومستقبلها من الضياع ولا سبيل لهذا سوى اتحاد شعبها بكل فئاته وأديانه وإثنياته، فنحن بلد متعدد ومتنوع والسوريون جميعاً يريدون بناء دولة تتناسب مع هذا التنوع والاختلاف، ولن يتحقق هذا إلا بالمزيد من النضال المدني، بالمبادرات المدنية وبتشكيل أحزاب ومنتديات سياسية وفكرية، بتنشيط المجتمع سياسياً وفكرياً وثقافياً.

وتوضح الشاعرة السورية أن هذا يتطلب أيضاً عودة كل الكفاءات السورية من الخارج لمن تسمح له ظروفه بهذا، المطلوب الآن هو عقد مؤتمر وطني تنبثق منه هيئة لصياغة الدستور الذي يتحدد فيه شكل الدولة السورية القادمة، وهذا أيضاً يتطلب وجود مشاركة المثقفين السوريين الذين ينتشرون حول العالم، ينبغي توحيد الجهود اليوم والاتفاق على مواعيد للعودة والبدء في عملية التحول نحو الدولة الديمقراطية التي ننشدها جميعاً.

وداعاً «نظام الخوف»

مروان علي

من جانبه، بدا الشاعر مروان علي وكأنه على يقين بأن مهمة السوريين ليست سهلة أبداً، وأن «نستعيد علاقتنا ببلدنا ووطننا الذي عاد إلينا بعد أكثر من خمسة عقود لم نتنفس فيها هواء الحرية»، لافتاً إلى أنه كان كلما سأله أحد من خارج سوريا حيث يقيم، ماذا تريد من بلادك التي تكتب عنها كثيراً، يرد قائلاً: «أن تعود بلاداً لكل السوريين، أن نفرح ونضحك ونكتب الشعر ونختلف ونغني بالكردية والعربية والسريانية والأرمنية والآشورية».

ويضيف مروان: «قبل سنوات كتبت عن (بلاد الخوف الأخير)، الخوف الذي لا بد أن يغادر سماء سوريا الجميلة كي نرى الزرقة في السماء نهاراً والنجوم ليلاً، أن نحكي دون خوف في البيت وفي المقهى وفي الشارع. سقط نظام الخوف وعلينا أن نعمل على إسقاط الخوف في دواخلنا ونحب هذه البلاد لأنها تستحق».

المساواة والعدل

ويشير الكاتب والشاعر هاني نديم إلى أن المشهد في سوريا اليوم ضبابي، ولم يستقر الأمر لنعرف بأي اتجاه نحن ذاهبون وأي أدوات سنستخدم، القلق اليوم ناتج عن الفراغ الدستوري والحكومي ولكن إلى لحظة كتابة هذه السطور، لا يوجد هرج ومرج، وهذا مبشر جداً، لافتاً إلى أن سوريا بلد خاص جداً بمكوناته البشرية، هناك تعدد هائل، إثني وديني ومذهبي وآيديولوجي، وبالتالي علينا أن نحفظ «المساواة والعدل» لكل هؤلاء، فهي أول بنود المواطنة.

ويضيف نديم: «دائماً ما أقول إن سوريا رأسمالها الوحيد هم السوريون، أبناؤها هم الخزينة المركزية للبلاد، مبدعون وأدباء، وأطباء، وحرفيون، أتمنى أن يتم تفعيل أدوار أبنائها كل في اختصاصه وضبط البلاد بإطار قانوني حكيم. أحلم أن أرى سوريا في مكانها الصحيح، في المقدمة».

خالد حسين

العبور إلى بر الأمان

ومن جانبه، يرصد الأكاديمي والناقد خالد حسين بعض المؤشرات المقلقة من وجهة نظره مثل تغذية أطراف خارجية للعداء بين العرب والأكراد داخل سوريا، فضلاً عن الجامعات التي فقدت استقلالها العلمي وحيادها الأكاديمي في عهد النظام السابق بوصفها مكاناً لتلقي العلم وإنتاج الفكر، والآن هناك من يريد أن يجعلها ساحة لنشر أفكاره ومعتقداته الشخصية وفرضها على الجميع.

ويرى حسين أن العبور إلى بر الأمان مرهونٌ في الوقت الحاضر بتوفير ضروريات الحياة للسوريين قبل كلّ شيء: الكهرباء، والخبز، والتدفئة والسلام الأهلي، بعد انتهاء هذه المرحلة الانتقالية يمكن للسوريين الانطلاق نحو عقد مؤتمر وطني، والاتفاق على دستور مدني ديمقراطي ينطوي بصورة حاسمة وقاطعة على الاعتراف بالتداول السلمي للسلطة، وحقوق المكوّنات الاجتماعية المذهبية والعرقية، وحريات التعبير وحقوق المرأة والاعتراف باللغات الوطنية.

ويشير إلى أنه بهذا الدستور المدني المؤسَّس على الشرعية الدولية لحقوق الإنسان يمكن أن تتبلور أحلامه في سوريا القادمة، حينما يرى العدالة الاجتماعية، فهذا هو الوطن الذي يتمناه دون تشبيح أو أبواق، أو طائفية، أو سجون، موضحاً أن الفرصة مواتية لاختراع سوريا جديدة ومختلفة دون كوابيس.

ويختتم قائلاً: «يمكن القول أخيراً إنّ مهام المثقف السوري الآن الدعوة إلى الوئام والسلام بين المكوّنات وتقويض أي شكل من أشكال خطاب الهيمنة والغلواء الطائفي وإرادة القوة في المستقبل لكي تتبوّأ سوريا مكانتها الحضارية والثقافية في الشرق الأوسط».