تدني أسعار النفط يفتح الباب لإصلاح دعم الطاقة في دول الخليج

خبراء: اتخاذ هذه الخطوة سيكون حجز زاوية في ضبط المالية العامة لدول المجلس

تدني أسعار النفط يفتح الباب لإصلاح دعم الطاقة في دول الخليج
TT

تدني أسعار النفط يفتح الباب لإصلاح دعم الطاقة في دول الخليج

تدني أسعار النفط يفتح الباب لإصلاح دعم الطاقة في دول الخليج

فيما تواصل أسعار النفط تأرجحها وسط وفرة في المعروض ومخاوف أخرى من حدوث تخمة بأسواق الخام بعد الاتفاق النووي الإيراني، انطلقت شرارة إصلاح دعم الطاقة، وخصوصا الوقود، في دول الخليج من الإمارات التي اتخذت قرارا بتحرير الأسعار منذ مطلع الشهر المقبل.
وبدا أن الوقت الحالي هو الخيار السليم لاتخاذ خطوة إصلاحية لطالما نُظر إليها كحجر زاوية في ضبط المالية العامة لدول المجلس، التي تشكل فيها عائدات النفط ما يربو على 49 في المائة من إجمالي الناتج المحلي وفقا لآخر تقديرات صندوق النقد الدولي.
ويقول محللون وخبراء اقتصاديين لـ«الشرق الأوسط» إن إصلاح دعم الوقود سيمكن دول الخليج من تقليل العجز في موازنتها، كما أنه سيكون حجر أساس لمواصلة الإنفاق السخي على برامج اجتماعية أخرى من شأنها أن تحيد الآثار الناتجة عن رفع الدعم.
والإمارات، التي اتخذت أولى خطوات إصلاح دعم الوقود في دول مجلس التعاون يوم الأربعاء الماضي، تنفق نحو 7 مليارات دولار سنويا على دعم الوقود الحفري ضمن حزمة أكبر لدعم الطاقة تبلغ نحو 29 مليار دولار أو ما يوازي نحو 6.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لآخر تقديرات صندوق النقد الدولي.
وقال جياس جوكينيت، اقتصادي أول لدى معهد الصيرفة العالمي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الخطوة التي اتخذتها الإمارات جيدة للغاية.. هي خطوة طال انتظارها من دول الخليج بصورة عامة. ستسهم تلك الخطوة في ضبط المالية العامة بالإمارات».
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تحقق الإمارات عجزا في موازنتها قدره بنحو 2.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
ويتابع جوكينيت أن «أسعار النفط المتراجعة هي فرصة كبيرة للمناورة، فتحرير الأسعار في دول مجلس التعاون بصورة عامة لن يلقى ذلك السخط الشعبي حينما كانت أسعار النفط تدور في فلك مائة دولار للبرميل. الوقت مناسب للتعميم في بقية دول المجلس».
ويختتم بقوله إن «الخيارات تنحسر.. هبوط أسعار النفط يعني انخفاض الإيرادات ولجوء حكومات المجلس إلى الاستدانة أو السحب من الاحتياطات، وكلاهما خيار مرير».
وتعتمد موازنات الدول الخليجية بشكل كبير على سعر برميل النفط في احتساب موازناتها العامة، حيث يحدد سعر البرميل ما إذا كانت الموازنة ستحقق فائضا أم عجزا في نهاية السنة المالية.
وتهتم الدول المنتجة للبترول بصفة عامة بسعر تعادل برميل النفط مع ميزانيتها، وهو سعر برميل النفط الذي تحتاج إليه كل دولة حتى لا تشهد ميزانيتها عجزا ماليا وتضطر إلى الاستدانة أو استخدام موارد أخرى كالاحتياطات المالية لتغطية وسد العجز.
ويهيمن القطاع النفطي في الإمارات على نحو 33 في المائة من اقتصاد البلاد، فيما ترتفع النسبة إلى نحو 64 في المائة في الكويت.
وتأتي المملكة العربية السعودية في المرتبة الرابعة بين قائمة الدول الخليجية التي يعتمد اقتصادها على النفط.
وتنفق السعودية العام الحالي نحو 86 مليار دولار على دعم الوقود من إجمالي حجم موازنتها البالغ نحو 107 مليارات دولار، أي ما يوازي نحو 13 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
ويقول أرغون شوكالا، الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط لدى «ماكسويل ستامب» إنه «توقيت جيد لاتخاذ تلك الخطوة الإصلاحية.. الأموال التي ستوفرها الحكومات الخليجية جراء تحرير الأسعار أو تحريكها قليلا على الأقل سيكون لها أثر جيد في ضبط المالية العامة للدول الخليجية، ويمكن توجيه تلك الأموال حينها لاستمرار الإنفاق السخي على البرامج الاجتماعية، ما يحيد أي آثار سلبية لرفع الدعم».
وتاريخيا، لم تنج دول الخليج من عجز الموازنة في أوقات انخفاض أسعار النفط.
ويقول صندوق النقد الدولي في آخر تقرير له حول انخفاض أسعار النفط وتأثيره على المالية العامة للدول المصدرة للنفط: «بالنسبة للبلدان المصدرة للنفط، من المتوقع أن يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى تخفيض إيراداتها بمتوسط قدره 4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2015».
* الوحدة الاقتصادية
بـ«الشرق الأوسط»



صندوق النقد: على اليابان تجنب إصدار الديون لتمويل الإنفاق الجديد

محافظ بنك اليابان المركزي كازو أويدا في مؤتمر صحافي في العاصمة طوكيو عقب إعلان قرارات البنك يوم الخميس (أ.ف.ب)
محافظ بنك اليابان المركزي كازو أويدا في مؤتمر صحافي في العاصمة طوكيو عقب إعلان قرارات البنك يوم الخميس (أ.ف.ب)
TT

صندوق النقد: على اليابان تجنب إصدار الديون لتمويل الإنفاق الجديد

محافظ بنك اليابان المركزي كازو أويدا في مؤتمر صحافي في العاصمة طوكيو عقب إعلان قرارات البنك يوم الخميس (أ.ف.ب)
محافظ بنك اليابان المركزي كازو أويدا في مؤتمر صحافي في العاصمة طوكيو عقب إعلان قرارات البنك يوم الخميس (أ.ف.ب)

قال صندوق النقد الدولي يوم الجمعة إن اليابان يجب أن تمول أي خطط إنفاق إضافية في إطار ميزانيتها بدلا من إصدار المزيد من الديون، وحث الحكومة على ترتيب وضعها المالي مع بدء البنك المركزي في رفع أسعار الفائدة.

وقال كريشنا سرينيفاسان، مدير إدارة آسيا والمحيط الهادئ بصندوق النقد الدولي، في مقابلة مع «رويترز»: «نظرا لحقيقة أن تطبيع السياسة النقدية يحدث، فإن هذا يضع العبء على الجانب المالي للبدء فعليا في ضبط الأوضاع، وهو أمر طال انتظاره في رأيي».

وتعهد رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا بتجميع حزمة إنفاق أخرى واسعة النطاق لتخفيف الضربة التي تتعرض لها الأسر من ارتفاع التكاليف. ولم يعلق حتى الآن على كيفية تمويل الإنفاق.

وقال سرينيفاسان: «يجب أن يكون أي نوع من الدعم الذي تقدمه أكثر استهدافاً، ويجب تمويل أي نوع من المبادرات الجديدة ضمن الميزانية. ولا ينبغي زيادة الديون لتوفير أي مبادرة جديدة».

وفيما يتعلق بالسياسة النقدية، قال سرينيفاسان إن بنك اليابان يجب أن يرفع أسعار الفائدة بطريقة «تدريجية» و«تعتمد على البيانات»، حيث كانت هناك مخاطر صعودية وهبوطية للتضخم.

وأبقى بنك اليابان أسعار الفائدة في مستويات منخفضة للغاية يوم الخميس، لكنه قال إن المخاطر المحيطة بالاقتصاد الأميركي تهدأ إلى حد ما، مما يشير إلى أن الظروف أصبحت مناسبة لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى.

وقال محافظ بنك اليابان كازو أويدا إن البنك المركزي سيستمر في رفع أسعار الفائدة، التي تبلغ حالياً 0.25 في المائة، إذا أحرزت اليابان تقدماً نحو تحقيق هدف التضخم بنسبة 2 في المائة بشكل مستدام.

وقال سرينيفاسان: «أعتقد أن بنك اليابان يفعل الشيء الصحيح. فهو يفعل كل ما في وسعه للتأكد من تثبيت التضخم، وتوقعات التضخم عند مستوى 2 في المائة على مدى أفق السياسة».

وكانت الفترة المطولة من أسعار الفائدة المنخفضة للغاية في اليابان سبباً جزئياً في انحدار الين الأخير. ويؤدي ضعف العملة بدوره إلى إلحاق الضرر بتجار التجزئة والأسر من خلال رفع تكلفة استيراد الوقود والمواد الخام.

وقالت السلطات اليابانية إن التحركات الأخيرة للين كانت «أحادية الجانب» وحادة، وأصدرت تحذيراً للمستثمرين من دفع العملة إلى الانخفاض أكثر من اللازم.

وقال سرينيفاسان إن «أسواق العملات قد تشهد بعض التقلبات عندما يكون هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية لليابان والولايات المتحدة، والعوامل التي قد تكبر التحركات مثل تفكيك تجار الحمل بالين. ولكن بشكل عام، أعتقد أنهم ملتزمون تماماً بنظام سعر الصرف المرن».

وقال سرينيفاسان إن الدين العام الياباني، الذي يبلغ ضعف حجم اقتصاده، هو الأكبر بين الدول الكبرى بسبب حزم الإنفاق الضخمة التي تم تقديمها في الماضي وارتفاع تكاليف الرعاية الاجتماعية للسكان الذين يتقدمون في السن بسرعة.

وفي غضون ذلك، خفضت الحكومة اليابانية يوم الجمعة توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي للسنة المالية الحالية مع تباطؤ الصادرات بسبب التعافي الاقتصادي الهش.

وفي تقديراتها المعدلة، خفض مكتب مجلس الوزراء توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي المعدل حسب التضخم للسنة المالية الحالية التي تنتهي في مارس (آذار) 2025 إلى 0.7 في المائة، من 0.9 في المائة المتوقعة في يوليو (تموز).

ويأتي التوقع الجديد المخفض بعد خفض مماثل للتوقعات في يوليو، لكنه لا يزال أعلى من توقعات القطاع الخاص بنمو 0.5 في المائة. وتم الإبقاء على توقعات النمو للسنة المالية القادمة عند 1.2 في المائة.

وتصدر الحكومة توقعاتها للنمو الاقتصادي في يناير (كانون الثاني) ثم تعدلها في يوليو. ومع ذلك، فإن المراجعة في هذا الوقت من العام نادرة، وتسلط الضوء على الضغوط المتزايدة على الاقتصاد من تباطؤ الطلب العالمي والاستهلاك المحلي الهش.

وقال مكتب مجلس الوزراء إنه «نظرا لأن الأسعار المرتفعة تضرب بشدة أصحاب الدخول المنخفضة، فيجب إطلاق تدابير للمساعدة في دعم حياتهم». كما دعا أعضاء القطاع الخاص في المجلس الاقتصادي الأعلى للحكومة الحكومة إلى تنفيذ تدابير اقتصادية فعالة وكافية للمساعدة في استعادة الزخم في الاستهلاك الخاص.

وتعهدت إدارة رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا بصياغة حزمة إنفاق كبيرة في وقت لاحق من هذا العام، لتخفيف الضربة التي تتعرض لها الأسر من ارتفاع تكاليف المعيشة ودعم الاقتصاد الأوسع.

كما قال البنك المركزي الياباني يوم الجمعة إن زيادة الحد الأدنى للأجور في اليابان من المرجح أن تدفع التضخم للارتفاع بشكل رئيسي من خلال أسعار الخدمات المرتفعة، مما يشير إلى الثقة في احتمالات بلوغ التضخم هدفه البالغ 2 في المائة بشكل مستدام.

وقال البنك إن متوسط ​​الحد الأدنى للأجور من المقرر أن يرتفع بنسبة قياسية تبلغ 5.1 في المائة في السنة المالية التي تنتهي في مارس 2025، مع زيادة كبيرة بشكل خاص في المناطق التي ظل فيها المستوى منخفضا. وأوضح أنه «إذا استمر الحد الأدنى للأجور في اليابان في الارتفاع، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار بشكل أساسي للخدمات».

وأظهرت التقديرات أن ارتفاع الحد الأدنى للأجور بنسبة 1 في المائة من شأنه أن يدفع أسعار الخدمات، كما يقاس بمؤشر أسعار المستهلك، بنسبة 0.07 نقطة مئوية، حسبما ذكر بنك اليابان في التقرير.