مع مرور 3 أيام على كارثة زلزال كهرمان ماراش في تركيا، لا يزال الناجون في الولايات العشر المنكوبة يتمسكون ببصيص أمل ولو كان ضئيلاً في خروج أحبائهم وذويهم من تحت الأنقاض سالمين.
وتخوض فرق البحث والإنقاذ سباقاً مع الزمن في المناطق التي دمرها الزلزال فجر الاثنين، لكن فرص الوصول إلى أحياء تتضاءل مع مرور الوقت، في ظل حرارة متدنية ليلاً.
ويأتي ذلك في وقت ارتفعت فيه حصيلة قتلى الزلزال في تركيا وسوريا إلى أكثر من 11 ألفا و700، حسبما ذكر مسؤولون وأطباء الأربعاء. وأوضحوا أن 9 آلاف و57 شخصاً قضوا في تركيا وألفين و662 شخصاً في سوريا.
وتفقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس الأربعاء، المناطق المنكوبة في ولاية كهرمان ماراش، التي شهدت زلزالين بقوة 7.8 و7.6 في بلدتي بازارجيك وإلبيستان التابعتين لها. وأعلن إردوغان حصيلة جديد للضحايا بلغت 9 آلاف و57 قتيلاً، وإصابة 52 ألفاً و979 آخرين، مضيفاً أن عدد المباني المنهارة بلغ 6 آلاف و444 في الولايات العشر المتضررة من الزلزال.
وقال إردوغان في تصريحات: «حشدنا جميع مواردنا والدولة تعمل بكل إمكاناتها مع البلديات وبخاصة إدارة الكوارث والطوارئ... فليطمئن مواطنونا، لا يمكن أن نسمح ببقائهم في العراء»، مشيراً إلى أنه تم التعاقد مع فنادق في ولايات أنطاليا ومرسين القريبة من المناطق المنكوبة لنقل المتضررين من الزلزال إليها. وأضاف أن حكومته ستمنح 10 آلاف ليرة تركية على نحو عاجل لكل عائلة متضررة من الزلزال.
وقال الرئيس التركي أيضاً إنه «مثلما نفذنا حملات لبناء مساكن بمناطق كوارث أخرى من قبل، سننجز المشاريع في الولايات العشر المتضررة من زلزالي كهرمان ماراش خلال عام واحد».
وحذر إردوغان، للمرة الثانية خلال يومين، مما وصفه بالتحريض على الدولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ولاحقاً فرضت السلطات قيوداً على الوصول إلى مواقع التواصل، ولا سيما «تويتر»، في خطوة أثارت غضباً واسعاً، لا سيما أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دوراً كبيراً في عمليات الإنقاذ عبر النداءات التي وجهها المواطنون من خلالها منذ وقوع الزلزالين، خصوصاً في ظل انقطاع الكهرباء وتعطل الطرق في المناطق المنكوبة.
وانتقدت المعارضة التركية بشدة هذه الخطوة، وقال رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، الذي يقوم لليوم الثاني على التوالي بجولة في الولايات العشر المنكوبة، في مداخلة مع قناة «خلق»، إن الحكومة فقدت قدرتها على إدارة الدولة، مشيراً إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي ساعدت في إنقاذ الكثيرين، وأن هذا الوقت ليس وقت انتقام أو حديث عن تحريض «فالناس تعيش آلاماً وأحزاناً بما فيه الكفاية».
من جانبها، انتقدت رئيسة حزب الجيد ميرال أكشينار تقييد الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي. وكتبت على «تويتر»: «عار عليكم».
في الوقت ذاته، أكد مواطنون في هطاي أن فرق البحث والإنقاذ تأخرت كثيراً، وأن هناك بعض المناطق التي لم يصل إليها أي مساعدة رغم مرور 3 أيام على وقوع الزلزال، متسائلين: «أين هذه الدولة؟!».
وفي كهرمان ماراش، ساد الغضب من تأخر عمليات الإنقاذ، وكذلك من عدم إصدار السلطات تصاريح دفن للضحايا الذين تم انتشال جثثهم. وقال أحد المواطنين غاضباً إنه فقد حفيديه وزوجته، وإن كل ما يطلبه هو استخراج تصاريح لدفنهم. وانتقد عدم تحرك وزارة العدل لإرسال مدعي العموم لإصدار التصاريح اللازمة، قائلاً: «أقول لوزير العدل بكير بوزداغ إذا لم يكن هناك عدد كاف من مدعي العموم في كهرمان ماراش فأرسل لنا من أنقرة أو من ولايات أخرى».
وبالتزامن مع الجهود المبذولة من جانب فرق البحث والإنقاذ أعلنت إدارة الطوارئ والكوارث التركية عن وقوع عدد من الهزات الارتدادية في كهرمان ماراش وهطاي جنوب البلاد، حيث وقعت هزة بقوة 5.1 على مقياس ريختر، فجر الأربعاء، في محافظة كهرمان ماراش جاء مركزها في منطقة غوك صو على عمق 9 كيلومترات.
وبالتزامن وقعت هزة بقوة 4 درجات قبالة سواحل ولاية هطاي. وقالت إدارة الطوارئ والكوارث التركية، في بيان، إن الزلزال وقع قرب الحدود مع سوريا. وتسارعت في اليوم الثالث عمليات البحث والإنقاذ في المواقع المتضررة من الزلزالين المدمرين في كهرمان ماراش، وأضنة، وعثمانية، وأديامان، وهطاي، وكليس، وغازي عنتاب، وشانلي أورفا ومالاطيا، وذلك بعد انضمام فرق من الجيش التركي وطواقم إنقاذ وصلت من الخارج.
وأعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار عن نقل 9 كتائب كوماندوز من غرب تركيا و4 كتائب من شمال قبرص إلى مناطق الزلازل للمشاركة في أعمال البحث والإنقاذ، وفتح جميع المقرات والثكنات العسكرية الواقعة في مناطق الزلزالين أمام المنكوبين. وقال إن نحو 7500 من أفراد القوات المسلحة يواصلون العمل في المناطق المنكوبة، وسينضم إليهم 1500 عنصر آخر اعتباراً من أمس الأربعاء.
كما أعلنت وزارة الدفاع استمرار عمليات إخماد الحريق الذي اندلع في الحاويات على مساحة كبيرة من ميناء إسكندرون، في أعقاب الزلزالين يوم الاثنين. وأعلنت وزارة الطوارئ الروسية إرسال طائرة «بيريف بي إي - 200» (التير)، إلى تركيا للمساعدة في إخماد الحريق، وتجهيز مجموعة إضافية من رجال الإنقاذ لإرسالها إلى تركيا. كما أعلنت إسرائيل وبلجيكا إرسال فرق إغاثة ومستشفى ميداني إلى المناطق المتضررة من الزلزال في تركيا.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن بلاده تلقت عروض مساعدة من 76 دولة و14 منظمة دولية، عقب زلزالي الاثنين، وأن 3 آلاف و319 عنصر إنقاذ قادمين من 36 دولة وصلوا إلى تركيا، ومن المنتظر وصول فرق أخرى من 7 دول، ويتم اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان وصولهم بأسرع وقت إلى المناطق المتضررة. ولفت جاويش أوغلو إلى اتخاذ خطوات لإيواء المواطنين المتضررين من الزلزال في فنادق بولايات أنطاليا وموغلا ومرسين جنوب البلاد، إضافة إلى تخصيص دور ضيافة تابعة لمؤسسات حكومية، بسعة 4 آلاف و380 سريرا لإيواء المتضررين من الزلزالين. ونجحت فرق الإنقاذ، الأربعاء، في انتشال أحد الأحياء في ديار بكر جنوب شرقي البلاد تركيا، و3 سيدات في هطاي، وتم الإبلاغ عن سماع أصوات تحت الأنقاض في هطاي، ما أعطى أملاً بإمكان العثور على أحياء.
زلزال تركيا... «بصيص أمل» يتضاءل في العثور على ناجين
إردوغان تعهد التعويض... وثكنات الجيش تُفتح أمام المتضررين
زلزال تركيا... «بصيص أمل» يتضاءل في العثور على ناجين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة