طبيب سوري عن فاجعة الزلزال: الإصابات أكثر فداحة من الحرب

جانب من الأضرار جراء الزلزال في محافظة حلب السورية (رويترز)
جانب من الأضرار جراء الزلزال في محافظة حلب السورية (رويترز)
TT

طبيب سوري عن فاجعة الزلزال: الإصابات أكثر فداحة من الحرب

جانب من الأضرار جراء الزلزال في محافظة حلب السورية (رويترز)
جانب من الأضرار جراء الزلزال في محافظة حلب السورية (رويترز)

أمضى الطبيب محمد زيتون سنوات وهو يعالج ضحايا الحرب السورية، لكنه لم يسبق أن رأى قط مثل عدد الجرحى وفداحة الإصابات التي خلفها الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا يوم الاثنين.
وقال زيتون (34 عاماً) وهو جراح من مدينة حلب يعمل منذ وقوع الزلزال بأحد المستشفيات في مدينة باب الهوى على الحدود السورية التركية: «هذه فاجعة كبيرة. لقد عاصرت عمليات قصف ونجوت من مذابح. هذا مختلف تماماً، إنه أمر مرعب ومروع».
ويقع المستشفى في منطقة تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب سوريا، وتعرضت لقصف روسي وسوري عنيف خلال الصراع الذي شهدته البلاد وأودى بحياة مئات الآلاف. ويعيش في مدنها كثير من النازحين الذي قدموا إليها من مناطق أخرى في سوريا.
وقال زيتون: «تجاوزت الموجة الضخمة الأولى من المرضى قدرة أي فريق طبي». وتحولت العيادة الخارجية بالمستشفى إلى عنبر ووضعت مراتب على الأرض بسبب امتلاء الغرف بالضحايا وأفراد أسرهم. ويتذكر زيتون كيف أن «الحالات التي كانت تأتي إلى المستشفى للعلاج من القصف المدفعي والجوي كانت تدخل الواحدة تلو الأخرى في أعداد صغيرة». واستدرك أن المستشفى يشهد دخول 500 حالة كل يوم بسبب الزلزال ما يتطلب إجراء عشرات العمليات.
وسارع المسعفون لعلاج أسر بأكملها بعد نقلها إلى المستشفى بسبب جروح في الرأس وكسور متعددة وإصابات في العمود الفقري وقصور في وظائف بعض أعضاء الجسم وغير ذلك. وأضاف: «يموت كثير من الجرحى خلال ساعة أو ساعتين من الصدمة أو السكتة القلبية أو النزيف، خصوصاً أنهم ظلوا تحت الأنقاض في هذا الطقس البارد لمدة 11 أو 12 ساعة».
وجرى تحويل أفنية بعض مستشفيات المنطقة إلى مشارح مؤقتاً ووضعت الجثامين في أكياس في انتظار أن يتعرف عليهم أقاربهم. وقضى الزلزال على عائلات وأحياء بأكملها. ولقت 150 عائلة حتفها في بلدة بسنايا، وانهار أكثر من 89 مبنى في بلدة جنديرس، ما أدى إلى مقتل المئات.
وقال زيتون إن مخزون فرق الطوارئ بالمستشفى ينفد من المضادات الحيوية والمهدئات والمعدات الجراحية وأكياس الدم والضمادات والقطرات في ظل إغلاق الحدود مع تركيا.
وقد ينضب مخزون المستلزمات العلاجية في المستشفيات الرئيسية بالمنطقة خلال أسبوع على الأكثر مع وصول القليل من الأدوية في الأشهر الأخيرة والحاجة الماسة لاستئناف تدفق المساعدات عبر الحدود مع تركيا. لكنّ هناك أيضاً دماراً واسع النطاق على الجانب الآخر من الحدود في مدينة خطاي التركية. وختم زيتون قائلاً إنها «كارثة إنسانية على الجانبين».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».