الحوثيون يرغمون التجار على الاستيراد عبر ميناء الحديدة

مخاوف من أزمة تموينية في مناطق سيطرة الجماعة جرَّاء القرار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي يستقبل في عدن أعضاء الغرف التجارية والصناعية (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي يستقبل في عدن أعضاء الغرف التجارية والصناعية (سبأ)
TT

الحوثيون يرغمون التجار على الاستيراد عبر ميناء الحديدة

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي يستقبل في عدن أعضاء الغرف التجارية والصناعية (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي يستقبل في عدن أعضاء الغرف التجارية والصناعية (سبأ)

تتخوف الأوساط التجارية اليمنية من أزمة تموين غير مسبوقة، جرَّاء قرار الانقلابيين الحوثيين منع دخول البضائع المستوردة عبر المواني الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، وتوجيههم تحذيراً نهائياً وأخيراً للتجار في مناطق سيطرتهم، يُلزم باستيراد البضائع عبر ميناء الحديدة فقط.
قرار الميليشيات الحوثية الأخير، جاء بعد سنوات من فشلها في تحويل الاستيراد من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وقيامها بإغلاق الطرق الرئيسة التي تربط ميناء عدن بمناطق سيطرتهم.
وذكرت مصادر في الغرفة التجارية بصنعاء، وأخرى تعمل في وزارة الصناعة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الوزارة، بناء على تعليمات أحمد حامد، مدير مكتب مجلس حكم الانقلابيين، وجهت «إنذاراً نهائياً» للتجار، ألزمتهم فيه بعدم الاستيراد عبر ميناء عدن، وقالت إن عليهم تحويل وارداتهم من البضائع إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الميليشيات، وذلك بعد أن تجاهل التجار إنذارات سابقة، ومحاولات لإقناعهم بوقف استيراد البضائع عبر المواني الخاضعة لسيطرة الحكومة.
وحسب هذه المصادر، فإن سلطة الانقلاب كانت قد اجتمعت مع قيادة الغرفة التجارية بصنعاء، وطلبت منها إلزام التجار بالاستيراد عبر ميناء الحديدة، وعرضت منحهم تخفيضات في الرسوم الجمركية تصل إلى 50‎ في المائة، إلا أن التجار أبلغوها صعوبة ذلك، وأن الشركات الملاحية ترفض فتح خط ملاحي إلى الحديدة، وأن مبالغ التأمين على البضائع والسفن ستكون مرتفعة جداً بسبب المخاطر المحيطة بالميناء، لوقوعه بالقرب من خطوط المواجهات مع القوات الحكومية، إلا أن ممثلي الانقلابيين أبلغوهم أنهم سيوفرون خطاً ملاحياً، ما أثار المخاوف من أن تكون هذه الشركة إيرانية.
هذه الخطوة سبقها قيام ميليشيات الحوثي بمنع دخول أعداد كبيرة من ناقلات البضائع في المنافذ الجمركية التي استحدثتها في مديرية نهم بمحافظة صنعاء، وفي محافظات البيضاء وذمار وتعز، بقصد تأخير تلك البضائع وزيادة تكاليفها، لإرغام التجار على القبول بعرضها. كما شكا تجار من قيام ممثلي الميليشيات في تلك المنافذ بالعبث بالبضائع تحت مبرر التفتيش، وتركها عرضة للشمس؛ خصوصاً المواد الغذائية ومنتجات الألبان المعرضة للتلف.
المصادر حذرت من حدوث أزمة تموينية في مناطق سيطرة الانقلابيين، في حال مضت بهذا القرار، ومنع دخول البضائع المستوردة عبر مناطق سيطرة الحكومة، لا سيما أن التجار أبلغوها بوضوح أنهم لا يستطيعون الاستيراد عبر ميناء الحديدة، نظراً لأن الشركات الملاحية ترفض التعامل مع الميناء، وحذروا من أن هذه الخطوة ستفتح الباب أمام مشرفي الميليشيات ومتنفذيها لابتزاز التجار والدخول كشركاء معهم، مقابل السماح لبضائعهم المستوردة عبر مواني الحكومة بالدخول إلى مناطق سيطرتهم، والسماح لهم بالتحكم في أسعارها، نتيجة انعدام المواد الغذائية والبضائع بفعل ذلك القرار.
وعلى خلاف هذه الممارسات، استقبل رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، ومعه عضو المجلس الرئاسي عبد الرحمن المحرمي، بقصر معاشيق، رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية للعاصمة المؤقتة، عدن أبو بكر سالم باعبيد، وأعضاء مجلس الغرفة. وتم خلال اللقاء مناقشة الأفكار والرؤى حول كافة القضايا الاقتصادية، والاستجابة المسؤولة للتطورات الطارئة، والحد من انعكاساتها على معيشة المواطنين.
ووفق المصادر الرسمية، أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي حرص المجلس والحكومة على التواصل المستمر مع القطاع الخاص، ومجتمع رجال الأعمال. وأشاد بدور غرفة تجارة وصناعة عدن في دعم الاقتصاد الوطني، وترشيد القرارات والإصلاحات الحكومية الضرورية، وتحسين الخدمات في العاصمة المؤقتة كمنطقة اقتصادية منافسة، ووصف ذلك بأنه «قصة نجاح» يحتذى بها في ظل ظروف الحرب القاهرة التي تغذيها الميليشيات الحوثية الإرهابية بدعم من النظام الإيراني ومشروعه التخريبي في المنطقة.
العليمي وجَّه باتخاذ عدد من الإجراءات الرامية إلى تعزيز الشراكة مع الغرف التجارية والصناعية، على قاعدة «شركاء في التخطيط، شركاء في التنفيذ»، بما في ذلك استيعاب ممثلي القطاع الخاص في كافة الصناديق الإنمائية والخدمية.
كما أشاد المشاركون في اللقاء بالتقدم المحرز على صعيد الشراكة الحكومية مع القطاع الخاص خلال الفترة الأخيرة، لا سيما من خلال التدابير والإجراءات الرامية لإصلاح بعض الصناديق المشتركة، وتحسين بيئة الاستثمارات الخدمية للتخفيف من المعاناة الإنسانية الأسوأ في العالم. وأكد الحضور أهمية دور القطاع الخاص في الانحياز للمصالح العامة كقاطرة للنمو، ونافذة للشراكة الفاعلة على الصعيدين الإقليمي والدولي.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.