تتوجّه مواكب من السيارات شمالاً للخروج من مدينة شانلي أورفا المدمّرة، لإبعاد السكان المصدومين قليلاً عن مسرح أقوى زلزال يضرب تركيا منذ عقود. على الجانب الآخر من الطريق، تسير عائلة تحت المطر المتجمد تجر متعلقاتها في عربة أطفال، بحثاً عن مأوى لتمضية الليل البارد.
وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، كانت شانلي أورفا، وهي واحدة من كبرى مدن جنوب شرقي تركيا، من أكثر المناطق المتضررة بالزلزال الهائل الذي ضرب المنطقة ذات الغالبية الكردية، وسوريا المجاورة.
دمّر الزلزال نحو 3500 مبنى في 10 محافظات ما أدى إلى إصابة أكثر من 11 ألف شخص، وترك عدداً آخر غير معروف تحت الأنقاض.
في شانلي أورفا، كان عشرات المسعفين يحاولون سحب ناجين من مبنى مكون من سبعة طوابق تحول إلى أكوام من التراب والحطام. كان عمر الجنيد يبحث عن معارف له محاصرين تحت الأنقاض، حسب الوكالة الفرنسية. يقول هذا الطالب السوري البالغ 20 عاماً والذي يعيش على مقربة من المكان: «هناك عائلة أعرفها تحت الأنقاض». ويضيف: «حتى الساعة 11:00 صباحاً أو قرابة الظهر، كانت صديقتي لا تزال ترد على الهاتف، لكنها لم تعد تجيب. إنها موجودة تحت الأنقاض. أعتقد أن بطارية هاتفها نفدت».
لكن عملية البحث ليست بسيطة. أمامه بقايا أريكة مدمرة وكرسي بأرجل معدنية مكسّرة وبعض الستائر الممزقة، وكلها تدل على الهدوء والحياة البسيطة التي كانت سائدة قبل الكارثة.
يحاول عشرات الأشخاص رفع قطع ضخمة من الحطام الإسمنتي علّهم يحصلون على أي مؤشر للحياة تحته. يستريحون صامتين بينما يحدّقون إلى الأنقاض، فيما ينتابهم مزيج من المشاعر، من إرهاق وألم وأمل.
على مقربة من هذا الموقع، يجلس أمين كاتشماز حول موقد برفقة موظفيه الثلاثة خارج متجر بيع المفروشات الخاص به، فيما يحرسون المتجر المحطّم من اللصوص.
لقد تحطّمت نوافذ المتجر الضخمة، وتصدّعت أعمدته الضخمة، وأصبح بالكاد قادراً على دعم الطوابق السبعة للمبنى المتضرر المتهالك الذي قد ينهار في أي لحظة. يقول الرجل البالغ 30 عاماً إن «المبنى ليس آمناً» لكن «سنبقى هنا طوال الليل. هذا مصدر رزقنا».
على مسافة مئات الأمتار، يجلس مصطفى كويونجو البالغ 55 عاماً في سيارة العائلة مع زوجته وأطفالهما الخمسة. يقول: «نحن ننتظر هنا؛ لأننا لا نستطيع العودة إلى منزلنا. في الوقت الحالي، إنها ممنوعة»، في إشارة إلى أمر حكومي يطلب من الجميع البقاء في الشارع حفاظاً على سلامتهم. وتضيف وكالة الصحافة الفرنسية أنه إذا لم يتمكّن من العودة، فسيتوجه مع عائلته إلى مسجد قريب تحول مثل الكثير من المساجد الأخرى إلى مركز استقبال. ويصر كويونجو على أن «المبنى الذي نعيش فيه آمن» إلا أن ابنته الكبرى لا تؤيده قائلة: «لا، هو ليس متأكداً من ذلك!».
موت وبرد ودمار في شانلي أورفا التركية
موت وبرد ودمار في شانلي أورفا التركية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة