تضامن عربي ودولي واسع مع ضحايا المأساة

ولي العهد السعودي يؤكد لإردوغان وقوف المملكة إلى جانب تركيا... مستشفى ميداني إماراتي... وفرق إنقاذ أميركية وأوروبية

طفل أنقذ من تحت الأنقاض في تركيا (أ.ب)
طفل أنقذ من تحت الأنقاض في تركيا (أ.ب)
TT

تضامن عربي ودولي واسع مع ضحايا المأساة

طفل أنقذ من تحت الأنقاض في تركيا (أ.ب)
طفل أنقذ من تحت الأنقاض في تركيا (أ.ب)

أعربت أمس دول عربية وأجنبية عن تضامنها مع تركيا وسوريا عقب الزلزال المدمر الذي ضربهما وتسبب في سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى.
وأجرى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، اتصالاً هاتفياً، بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قدّم خلاله التعازي له ولشعب تركيا وأهالي ضحايا الزلزال، متمنياً للمصابين الشفاء العاجل، مؤكداً وقوف السعودية ومساندتها لتركيا لتجاوز هذه الكارثة الطبيعية.
من جانبه، أعرب الرئيس اردوغان عن شكره وتقديره لولي العهد على ما عبر عنه من مشاعر أخوية نبيلة، مقدراً وقوف المملكة إلى جانب بلاده في هذا الظرف الصعب.
وكانت السعودية قد أعربت، في بيان لوزارة خارجيتها، عن تضامنها ومواساتها وتعازيها لدولتي سوريا وتركيا جراء الزلزال المدمر الذي ضربهما، مبينة أنها تتابع عن كثب مجريات الأحداث التي وصفتها بـ«المؤسفة». وقالت الخارجية السعودية في البيان: «تتابع المملكة العربية السعودية عن كثب مجريات الأحداث المؤسفة في كلٍ من جمهورية تركيا، والجمهورية العربية السورية، إثر الزلزال الذي أسفر عن وفيات وإصابات».

يحمل جثة ضحية في قرية بمحافظة إدلب قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

وعبرت عن «تضامن المملكة العربية السعودية ومواساتها وتعازيها للأشقاء في سوريا وتركيا، وتمنياتها للمصابين بالشفاء العاجل».
وفي ردود الفعل، أعرب الشيخ الدكتور محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي عن التضامن الكامل مع الشعبين السوري والتركي في هذا المصاب الكبير. بينما وجَّه أمين عام منظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، نداءً عاجلاً إلى الدول الأعضاء في المنظمة والمؤسسات الإنسانية للمنظمة والشركاء الدوليين، لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة لدعم ضحايا الزلزال في كل من تركيا وسوريا.
ومن العاصمة السعودية الرياض، أعرب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي، عن تعازيه في ضحايا الزلزال الذي وقع في تركيا وسوريا. وأكد البديوي تضامن ووقوف دول «التعاون الخليجي» مع الشعبين السوري والتركي، متمنياً للمصابين الشفاء العاجل.
في السياق ذاته، أكدت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية أن المملكة لم تتأثر بالهزة الأرضية التي حدثت في تركيا صباح أمس بقوة 7.7 درجة على مقياس ريختر، مشيرة إلى أن ذلك يعود إلى «بعد المسافة ما بين موقع الزلزال والحدود السعودية التي تبلغ أكثر من 1000 كيلومتر».

إنقاذ طفلة من مبنى مدمر في بلدة جندريس بريف عفرين في محافظة حلب السورية أمس (أ.ف.ب)

وبيّن طارق أبا الخيل المتحدث الرسمي للهيئة أن سبب الهزة الأرضية يعود إلى الحركة التكتونية النشطة لصدع الأناضول بجنوب شرقي تركيا، وهو صدع نشط زلزالياً بسبب الإجهادات التكتونية الناجمة عن تصادم الصفيحة العربية مع الصفيحة الأوراسية بمنطقة جبال طوروس جنوب شرقي تركيا.
السفارة السعودية في تركيا بدورها، أكدت عدم تلقيها أي بلاغات عن وجود سعوديين بمناطق الزلزال، لافتة إلى أنها تتابع مع السلطات التركية للتأكد من عدم وجود مواطنين في المناطق المتضررة، وتدعو المواطنين الموجودين في مناطق الزلزال لاتخاذ الحيطة والحذر، والتواصل معها على الرقم المخصص للطوارئ.
علمياً، يفسر الدكتور علي عشقي أستاذ علم البيئة في جامعة الملك عبد العزيز الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا بقوله: «هذه من المناطق الزلزالية المعروفة، وهي التي تلتقي فيها الصفائح التكتونية، وعادة لا تنتقل من منطقة لأخرى».
وأوضح عشقي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المناطق تشمل كلاً من «تركيا، وسوريا، والأردن، والبحر الأحمر، وخليج عدن، والمنطقة الشرقية بالسعودية، وإيران»، مبيناً أن الزلازل «دائما ما تحدث عن حواف الصفائح التكتونية».
وأشار عشقي الذي حذر من حدوث الزلزال الحالي قبل نحو 11 عاماً إلى أن الدراسات العلمية حول الدورات الزلزالية وحركة الصفائح كشفت عن حتمية تصادم أو تباعد أو انزلاق هذه الصفائح على بعضها.

مبنى مدمر جراء الزلزال في بلدة جندريس بريف عفرين في محافظة حلب السورية أمس (أ.ف.ب)

ولفت إلى أن «كثيراً من الخبراء حذروا من حدوث الزلازل في الدول الواقعة على حافة تصادم الصفائح التكتونية أو انزلاقها، وأهمية مراعاة كود الزلازل في المباني (...)، كما أن الدورة الشمسية الباردة التي تمر بها الكرة الأرضية لها ارتباط بحدوث الزلازل، ومن تداعياتها أن اللب الداخلي للأرض بدأ يتباطأ ويتوقف وينعكس».
أستاذ علم البيئة في جامعة الملك عبد العزيز حذر من أن «السنوات العشرين المقبلة سوف تشهد تغيرات كبيرة من حرائق غابات وزلازل كما تفيد الدراسات العلمية». وتابع: «كان بالإمكان تقليل عدد الضحايا في تركيا وسوريا لو أخذتا بمنطق العلم وعملتا كود الزلازل، أو بناء مساكن من مواد خفيفة».
وأوضح عشقي أن «اليابان يحدث فيها زلازل أقوى من هذا الذي حصل في تركيا وسوريا، لكن المباني مبنية وفقاً لكود الزلازل، ولذلك الخسائر تكون محدودة».
وأفاد بأن مشكلة الزلازل تحدث على فترات طويلة، وهناك ضرورة للاحتياط للأجيال المقبلة.

انتشال مصاب من بين أنقاض مبنى في بلدة جندريس بريف عفرين في محافظة حلب السورية أمس (أ.ف.ب)

من جهتها، أعلنت الإمارات عن توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس البلاد بإنشاء مستشفى ميداني وإرسال فريقي بحث وإنقاذ، إضافة إلى إمدادات إغاثية عاجلة، إلى المتأثرين من الزلزال في تركيا وسوريا، لتستفيد منها الأسر في المناطق الأكثر تأثراً بتداعيات الزلزال.
وقالت وكالة أنباء الإمارات (وام) إن الإمدادات تأتي في إطار العلاقات التي تجمع الإمارات بتركيا وسوريا، وضمن الدور الإنساني الذي تقوم به الدولة في إغاثة المحتاجين والمتضررين من الكوارث المختلفة.
وأكدت الإمارات تضامنها مع البلدين، إثر الزلزال الذي أسفر عن وقوع ضحايا ومصابين.
وفي السياق نفسه، بعث الشيخ محمد بن زايد برقيتي تعزية إلى الرئيس بشار الأسد والرئيس رجب طيب إردوغان، كما بعث الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس البلاد رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي برقيتي تعزية مماثلتين.وأعلنت الجزائر، من جهتها، تضامنها مع سوريا وتركيا، عارضة تقديم «المساعدة في كل ما من شأنه التخفيف من حدة وآثار هذه المأساة الأليمة»، بحسب ما قال الرئيس عبدالمجيد تبون.
في غضون ذلك، قال الرئيس الأميركي جو بايدن على تويتر: «طلبت من أجهزتي أن تواصل متابعة الوضع من كثب بالتنسيق مع تركيا وتقديم كل المساعدة الضرورية أياً كانت». وأعلن البيت الأبيض لاحقاً ارسال فورق انقاذ إلى تركيا وسوريا.
وفعّل الاتحاد الأوروبي «آلية الحماية المدنية» الخاصة به وتمت «تعبئة فرق من عشر دول أعضاء بشكل عاجل»، وغادر الفريقان الهولندي والروماني بالفعل، حسب بيان صادر عن المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات يانيز ليناركيتش.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن بلاده «مستعدة لتوفير مساعدة عاجلة للسكان»، فيما أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان توجه 139 فرداً من عمال الإنقاذ التابعين للأمن المدني إلى تركيا. كما سيغادر إليها (اليوم) الثلاثاء نحو ثلاثين متطوعاً من جمعية «أجهزة الإطفاء للطوارئ الدولية»، ومقرها فرنسا.
وأعلن المستشار الألماني أولاف شولتس في تغريدة أن «ألمانيا سترسل المساعدات بالتأكيد».
وتنوي إيطاليا «وضع عناصر الحماية المدنية في التصرف» حسب تغريدة لوزير خارجيتها أنتونيو تاجاني.
وقدمت المجر مساعدات مماثلة. وقال وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس في تغريدة إن بلاده «حشدت على الفور أفراداً ومسيرات» متوجهة إلى ملطية (تركيا) حيث يقع مركز المساعدة الدولية. وأضافت مدريد أن 85 من رجال الإنقاذ سيغادرون إلى تركيا.
وفي بولندا، أعلن وزير الداخلية ماريوس كامينسكي إرسال «76 من عناصر الإطفاء وثمانية كلاب إنقاذ».
ووعدت اليونان من جهتها بـ«توفير كل قواتها» لمساعدة تركيا، حسب رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس الذي اتصل بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
وكانت أثينا التي تربطها علاقات متوترة بجارتها ومنافستها الإقليمية، قد أعلنت بالفعل إرسال نحو عشرين رجل إطفاء ومساعدات إنسانية.
وأكدت السويد، وهي دولة أوروبية أخرى تواجه توترات دبلوماسية مع أنقرة، على لسان رئيس وزرائها أولف كريسترسون أنها «كشريك لتركيا ومكلفة برئاسة الاتحاد الأوروبي... مستعدة لتقديم مساعداتها».
وفي المملكة المتحدة كتب رئيس الوزراء ريشي سوناك في تغريدة أن «المملكة المتحدة مستعدة لتقديم المساعدة بأي طريقة ممكنة».
ثم أعلن وزير الخارجية جيمس كليفرلي عن «مساعدة فورية» مع إرسال 76 من رجال الإنقاذ والمعدات والكلاب إلى تركيا.
ونقلت وكالة الأنباء السويسرية نقلاً عن وزارة الخارجية السويسرية أنه سيتم نشر نحو 80 خبيراً في الإسعافات الأولية في تركيا.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده التي تمزقها الحرب «مستعدة لتقديم المساعدة الضرورية» لتركيا، وحتى «إرسال مجموعة كبيرة من المنقذين»، حسب تغريدة لوزير الخارجية دميترو كوليبا، على موقع تويتر.
وأشار الرئيس فلاديمير بوتين إلى أن بلاده «أرسلت عمال إنقاذ» إلى سوريا وتركيا، على ما أعلن الكرملين بعد اتصال هاتفي مع نظيريه التركي رجب طيب إردوغان والسوري بشار الأسد.
وقالت الوكالة الصينية الرسمية للمساعدات الخارجية إنها على اتصال بالسلطات التركية والسورية مؤكدة أنها «مستعدة لتقديم مساعدات إنسانية طارئة».
وقررت الهند إرسال «فرق بحث وإنقاذ وفرق طبية على الفور إلى جانب معدات الإغاثة» على ما أعلنت السلطات في بيان.
وفي وقت سابق، كتب رئيس الوزراء ناريندرا مودي في تغريدة أن بلاده «مستعدة لتقديم كل مساعدة ممكنة» لتركيا، علاوة على تقديم «المساعدة والدعم» إلى «الشعب السوري».
وتلبية لطلب أنقرة، سترسل اليابان «فريق إغاثة لحالات الكوارث... استجابة للاحتياجات الإنسانية»، وفق بيان رسمي صادر عن طوكيو.
من جهته، أعلن الرئيس إبراهيم رئيسي أن إيران مستعدة لتقديم «مساعدة فورية للدولتين الصديقتين».
وأعلنت أذربيجان، الدولة الشقيقة لتركيا، إرسال 370 عنصر إنقاذ على الفور، حسب الوكالة الرسمية.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن «فرقنا على الأرض لتقييم الاحتياجات وتقديم المساعدة»، مضيفاً في بيان: «نعوّل على المجتمع الدولي لمساعدة آلاف العائلات المنكوبة جراء هذه الكارثة. عدد كبير منها في حاجة عاجلة إلى المساعدة الإنسانية في مناطق يصعب الوصول إليها».
وفي تغريدة قال فيليبو غراندي، رئيس المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن الوكالة الأممية «مستعدة قدر الإمكان لتقديم المساعدة الطارئة للناجين عبر فرقها الموجودة على الأرض».
وفي تل أبيب، أعلنت إسرائيل ارسال طواقم إنقاذ للمساعدة في أعمال الإنقاذ لضحايا الزلزال المدمر في تركيا. كما أعلنت نيتها ارسال كميات من المساعدات الإنسانية والطبية إلى سوريا بناء على طلب «رسمي» تلقته من سوريا، وهو أمر نفته دمشق.


مقالات ذات صلة

زلزال بقوة 5 درجات يضرب شرق إندونيسيا

آسيا عناصر من البحث والإنقاذ يتدربون على محاكاة لإخلاء ضحايا تسونامي في إندونيسيا (إ.ب.أ)

زلزال بقوة 5 درجات يضرب شرق إندونيسيا

ضرب زلزال بقوة 5 درجات على مقياس ريختر شرق إندونيسيا، اليوم السبت، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
آسيا رسم بياني لزلزال (متداولة)

زلزال بقوة 5.9 درجة قبالة كامتشاتكا الروسية

قال «المركز الأوروبي المتوسطي لرصد الزلازل»، إن زلزالاً بقوة 5.9 درجة وقع قبالة الساحل الشرقي لمنطقة كامتشاتكا الروسية، اليوم (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جانب من أعمال منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكي ألوفا اليوم (إ.ب.أ)

تزامناً مع انعقاد قمة إقليمية... زلزال بقوة 6.9 درجة يضرب تونغا

ضرب زلزال بلغت قوته 6.9 درجة اليوم (الاثنين)، تونغا الواقعة في المحيط الهادئ، حسبما ذكرت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.

«الشرق الأوسط» (نوكي ألوفا)
شؤون إقليمية أشخاص ينتظرون حافلة في كهرمان مرعش المتضررة بالزلزال في 28 مايو 2023 (أ.ف.ب)

بعد 25 عاماً على «كارثة مرمرة»... إسطنبول تعيش مخاوف زلزال كبير

600 ألف مبنى سكني يقطنها نحو 2.5 مليون نسمة معرضة للانهيار في الدقائق الأولى من زلزال محتمل يهدد إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي نقطة تفتيش حدودية بالقرب من معبر نصيب بين الأردن وسوريا 29 سبتمبر 2018 (رويترز)

زلزال بقوة 4.8 يهز الحدود بين الأردن وسوريا

قال مركز أبحاث علوم الأرض الألماني (جي إف زد)، إن زلزالاً بقوة 4.8 درجة هز منطقة الحدود الأردنية - السورية، اليوم (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (عمّان)

الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)

وافقت الجماعة الحوثية في اليمن على طلب أوروبي لقطْر ناقلة النفط اليونانية «سونيون» المشتعلة في جنوب البحر الأحمر، بعد تلقيها ضوءاً أخضر من إيران، وغداة إعلان تعيين طهران مندوباً جديداً لها في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء تحت اسم «سفير».

وكانت الناقلة تعرضت لسلسلة هجمات حوثية في غرب الحديدة ابتداء من يوم 21 أغسطس (آب) الحالي، ضمن هجمات الجماعة التي تزعم أنها لمناصرة الفلسطينيين في غزة، قبل أن تقوم بإشعال الحرائق على متنها، عقب إجلاء طاقمها المكون من 29 بحاراً بواسطة سفينة فرنسية.

الحرائق مستمرة على متن ناقلة «سونيون» اليونانية منذ أسبوع (إ.ب.أ)

وتنذر الناقلة التي تحمل نحو مليون برميل من المواد البترولية بأسوأ كارثة بحرية في حال انفجارها وتسرب النفط منها أو غرقها، وسط مساع لقطرها لإنقاذ الموقف.

وجاء الضوء الأخضر الإيراني عبر بعثة طهران في الأمم المتحدة، الأربعاء، حيث ذكرت أن الحوثيين وافقوا على السماح لزوارق قطر وسفن إنقاذ بالوصول إلى ناقلة النفط المتضررة بالبحر الأحمر سونيون.

وأشارت البعثة الإيرانية إلى أن عدة دول «تواصلت لتطلب من أنصار الله (الحوثيين) هدنة مؤقتة لدخول زوارق القطر وسفن الإنقاذ إلى منطقة الحادث، وأن الجماعة وافقت على الطلب (مراعاة للمخاوف الإنسانية والبيئية)»، بحسب ما نقلته «رويترز».

وعقب الإعلان الإيراني، ظهر المتحدث باسم الجماعة الحوثية، محمد عبد السلام، في تغريدة على منصة «إكس»، زعم فيها أن جهات دولية عدة تواصلت مع جماعته، خصوصاً الجهات الأوروبية، وأنه تم السماح لهم بسحب سفينة النفط المحترقة «سونيون».

وفي نبرة تهديد، أكد المتحدث الحوثي أن احتراق سفينة النفط «سونيون» مثال على جدية جماعته في استهداف أي سفينة تنتهك قرار الحظر القاضي بمنع عبور أي سفينة إلى موانئ إسرائيل.

وأضاف المتحدث الحوثي أن على جميع شركات الشحن البحري المرتبطة بإسرائيل أن تدرك أن سفنها ستبقى عرضة للضربات أينما يمكن أن تطولها قوات الجماعة.

مندوب إيران الجديد لدى الحوثيين في صنعاء (يسار) يسلم أوراق اعتماده لوزير خارجية الجماعة (إعلام حوثي)

وكانت وسائل إعلام الجماعة الحوثية ذكرت أن وزير خارجية حكومتها الانقلابية التي لا يعترف بها أحد، استقبل في صنعاء من وصفته بالسفير الإيراني الجديد علي محمد رمضاني، الذي قدم نسخة من أوراق اعتماده.

وسبق أن عينت طهران في 2020 القيادي في الحرس الثوري حسن إيرلو مندوباً لها لدى الجماعة الحوثية في صنعاء تحت اسم «السفير» قبل أن يلقى حتفه في نهاية 2021 في ظروف غامضة، ويتم إجلاء جثمانه إلى إيران.

كما قامت الجماعة الحوثية بتعيين ما تسميه سفيراً لليمن في طهران، حيث مكنت السلطات الإيرانية عناصر الجماعة لديها من السيطرة على المباني الدبلوماسية اليمنية في أراضيها.

لا يوجد تسرب

في أحدث بيانات أوردتها المهمة البحرية الأوروبية في البحر الأحمر (أسبيدس) ذكرت أن الأصول العاملة في المنطقة التابعة للمهمة أفادت، الأربعاء، بأنه تم اكتشاف حرائق في عدة مواقع على السطح الرئيسي للسفينة «سونيون» وأنه لا يوجد تسرب نفطي، وأن الناقلة لا تزال راسية ولا تنجرف.

وأضافت المهمة في بيان أنه «يجب على جميع السفن المارة في المنطقة أن تتحرك بأقصى درجات الحذر، حيث إن السفينة (سونيون) تشكل خطراً ملاحياً وتهديداً خطيراً وشيكاً للتلوث الإقليمي».

ولتجنب أزمة بيئية كارثية، قالت «أسبيدس»: «إن القوات البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي، تقوم بالتنسيق مع السلطات الأوروبية، بتقييم الوضع وهي على استعداد لتسهيل أي مسارات عمل». وأضافت أن «التخفيف الناجح سوف يتطلب التنسيق الوثيق والمشاركة الفعالة من جانب الدول الإقليمية».

ومع المخاوف من كارثة بيئية كبرى، كان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، كشف عن أن الهجوم الذي تعرّضت له «سونيون» هو التاسع من نوعه منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ضد ناقلات النفط في البحر الأحمر، مشيراً إلى أنها تحمل 150 ألف طن من النفط الخام.

وقال الإرياني إن الحوثيين استهدفوا الناقلة بسلسلة من الهجمات، ما أدّى لجنوحها وتعطّل محركاتها، وإجلاء طاقمها، وتركها عرضةً للغرق أو الانفجار على بُعد 85 ميلاً بحرياً من محافظة الحديدة، واصفاً ذلك بأنه «إرهاب ممنهج يُنذر بكارثة بيئية واقتصادية وإنسانية غير مسبوقة».

دخان يتصاعد من جراء حرائق على متن ناقلة نفط يونانية تعرضت لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر (رويترز)

يشار إلى أن الحوثيين تبنّوا مهاجمة نحو 182 سفينة منذ بدء التصعيد في 19 نوفمبر الماضي، وأدّت الهجمات إلى إصابة نحو 32 سفينة، غرقت منها اثنتان، البريطانية، «روبيمار» واليونانية «توتور»، كما قرصنت السفينة «غالاكسي ليدر» وحوّلتها إلى مزار لأتباعها.

وتنفّذ واشنطن منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي ضربات دفاعية استباقية لحماية السفن من الهجمات الحوثية ضمن ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»، وأقرّت الجماعة بتلقّيها أكثر من 600 غارة شاركت فيها بريطانيا 4 مرات.

وتشنّ الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر الماضي هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدّعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

كما تدّعي تنفيذ هجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران، ضمن عمليات الإسناد للفلسطينيين في غزة، وهو الأمر الذي تقول الحكومة اليمنية إنه يأتي هروباً من استحقاقات السلام، وخدمةً لأجندة طهران بالمنطقة.