تساؤلات بشأن ربط حسابات الصحافيين بمؤسساتهم على «تويتر»

تساؤلات بشأن ربط حسابات الصحافيين بمؤسساتهم على «تويتر»
TT

تساؤلات بشأن ربط حسابات الصحافيين بمؤسساتهم على «تويتر»

تساؤلات بشأن ربط حسابات الصحافيين بمؤسساتهم على «تويتر»

أثار بدء منصة «تويتر» اختبار ميزة جديدة من شأنها ربط حسابات الصحافيين بالمؤسسات التي يعملون فيها، تساؤلات حول تأثير ذلك على حرية الصحافي فيما يكتبه على حسابه الشخصي من تغريدات. وهكذا يتجدد جدل وسؤال قديم: لمَن تؤول ملكية الحسابات على منصة التغريدات الشهيرة؟... أهي للصحافي أم المؤسسة التي يعمل فيها؟ وفي حين اعتبر بعض الخبراء أن من شأن هذه الميزة إتاحة الفرصة للجمهور لفهم ما يكتبه الصحافيون من تغريدات في ضوء السياسات التحريرية للمؤسسات حيث يعملون، فإنهم أشاروا في الوقت نفسه إلى أن هذا الربط قد يحد من حرية الصحافي ويعرضه للخطر.
«تويتر» تختبر حالياً الميزة الجديدة، وفق تقرير نشرته «بريس غازيت» البريطانية، خلال يناير (كانون الثاني) الماضي. ويوضح التقرير أن «الميزة بدأ اختبارها بالفعل على حسابات عدد من العاملين في صحف (التابلويد) البريطانية، التي تظهر لدى تصفّحها أيقونة (أو رسمة) تحمل شعار المؤسسة بجوار صورة الصحافي واسمه، ويمكن بالنقر على هذه الأيقونة الانتقال إلى الحساب الرئيس للمؤسسة على (تويتر)». هذه الميزة هي جزء مما كان يُعرف سابقاً باسم «تويتر بلو فور بيزنيس»، التي أصبح يطلق عليها الآن ميزة «توثيق حسابات المؤسسات». ولم يتضح حتى الآن التفاصيل بشأن كيفية تطبيق هذه الميزة، وهل ستطلب «تويتر» دفع رسوم في مقابلها، شبيهة بالرسوم التي كانت قد فرضتها أخيراً على «توثيق» الحسابات.
الدكتورة نهى عاطف، الباحثة الإعلامية بجامعة سايمون فريزر الكندية، رأت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن جدوى هذا التحديث لا تزال غير واضحة. وتابعت أنه إذا كان «الهدف من وراء وضع الشعار المميز للمؤسسة بجوار اسم الصحافي هو تأكيد انتمائه المهني، فمن المفترض أن لصاحب الحساب الحرية في تأكيد ذلك أو لا»، ولفتت إلى أن «كثيرين من الصحافيين العرب يذكرون بوضوح أن ما ينشرونه من آراء على حساباتهم لا يعبّر بالضرورة عن مواقف أو آراء المؤسسة التي يعملون فيها». ومن وجهة نظر عاطف أن «تعميم هذه الميزة سيدفع المؤسسات الإعلامية نحو مزيد من التدقيق في حسابات العاملين بها على (تويتر)، ولا سيما أن شعار المؤسسة سيكون ظاهراً بجوار أي منشور أو تغريدة، ما يحد من حرية الصحافي في استخدام حسابه الشخصي، وربما يدفع البعض منهم لإنشاء حسابات بأسماء مستعارة».
أيضاً، يثير التحديث، بحسب عاطف، تساؤلات بشأن وضع شعار مؤسسات إعلامية على محتوى شخصي؛ إذ إن «كثرة من التغريدات قد تتعلق بحياة الصحافي الشخصية، أو تعبّر عن رأيه في قضية معينة، أو حتى تتضمن تعليقاً ساخراً على حدث ما... وسيكون من الغريب ظهور شعار لمؤسسة إعلامية بجوار هذا النوع من التغريدات». ومن ثم، تتساءل الباحثة الإعلامية عن مصير هذه الحسابات في حال تغيير الصحافي مكان عمله، أو حتى تركه العمل الإعلامي بالكامل، فلمَن إذ ذاك ستؤول ملكية الحساب؟
بالفعل، جدّد طرح هذه الميزة جدلاً قديماً بشأن مَن يملك حسابات الصحافيين على منصات التواصل الاجتماعي، هل هو الصحافي أو المؤسسة، وما هو مدى حرية الصحافي في نشر ما يريد من آراء على هذه الحسابات. وللعلم، هذا الأمر دفع مؤسسات إعلامية لوضع قواعد لتنظيم ذلك في فترات سابقة، بينها صحيفة «النيويورك تايمز» الأميركية التي أصدرت دليلاً عام 2017، قالت فيه إن «ما ينشره الصحافيون على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، سواء كان متعلقاً بعملهم أو لا، يؤثر على المؤسسة. وهذا الواقع يحتم عليهم الامتناع عن التعبير عن وجهات نظر سياسية أو نشر تعليقات عدائية».
في سياق متصل، وبينما ذكر معهد «بوينتر» للإعلام، في تقرير نشره منتصف عام 2020، أن «معظم المؤسسات لم تحدّث قواعدها في هذا الشأن، كما أن بعضها لم يضع قواعد من الأساس»؛ أشار معهد «نيمان لاب» الأميركي التابع لجامعة هارفارد الأميركية، في تقرير نشره نهاية يناير الماضي، إلى أن «سؤال ملكية الحسابات قديم. وهو نتيجة ثانوية للطريقة التي سمحت بها وسائل التواصل الاجتماعي للمراسلين بإنشاء علاماتهم التجارية الخاصة بهم، والتي تختلف عن منافذهم الإخبارية؛ إذ أصبح من الطبيعي أن يصطحب الصحافيون أتباعهم معهم عند انتقالهم من مؤسسة إلى أخرى»، إلا أن المعهد المتخصص في الدراسات الإعلامية لفت في تقريره إلى أن «هذا ليس الوضع بالنسبة للجميع، ووفق دراسة نُشرت عام 2017، فإن ثلثي المحطات التلفزيونية الأميركية تدّعي ملكية حسابات وسائل التواصل الاجتماعي لموظفيها». وأضاف: «وفي عام 2018، رفعت صحيفة (الروانوك تايمز) الأميركية دعوى قضائية على مراسل رياضي كان يعمل لديها، لاستعادة الوصاية على حسابه بـ(تويتر)، وهي القضية التي انتهت بالتسوية، واتفاق الطرفين على احتفاظ الصحافي بالحساب».
من جهته، يرى أنس بنضريف، الصحافي والخبير الإعلامي المغربي، أن الفكرة في مجملها ليست سيئة، إلا أنه يعتقد أن اعتمادها «قد يكون له آثار سلبية». ويوضح بنضريف في لقاء مع «الشرق الأوسط»، أن «هذه الميزة ستسهل على الجمهور فهم التغريدات التي ينشرها الصحافيون في سياق السياسة التحريرية والتوجهات السياسية للمؤسسات التي يعملون بها، وهو ما يُعد ميزة لتوضيح سياقات سياسية ومهنية وتحريرية».
في المقابل، يشير الخبير المغربي إلى «تأثيرات سلبية على الصحافيين أنفسهم؛ إذ ستؤدّي الميزة الجديدة، في حال اعتمادها، إلى ربط الصحافي بتوجهات المؤسسة التي يعمل فيها وسياساتها التحريرية. وهذا أمر ليس بالهيّن، ولا سيما أنه في كثير من الأحيان قد لا يشاطر الصحافي المؤسسة التي يعمل فيها التوجهات والآراء نفسها». وحسب بنضريف، فإن «تطبيق الميزة الجديدة سيدفع الصحافي للتفكير ملياً قبل كتابة تغريدات على حسابه الشخصي، كما أنها قد تعرّض الصحافي لهجوم من الجمهور؛ لكونه جزءاً من مؤسسة قد يعترضون على توجهاتها التحريرية». وبالتالي، يقترح أن «يكون هناك حسابان للصحافي، أحدهما شخصي والآخر مهني».
وعودةً إلى معهد «نيمان لاب»، فقد كتب جوشوا بينتون، في تقرير نشره المعهد، أنه «في الوقت الذي قد يبدو الأمر جيداً بالنسبة للغالبية العظمى، فإن المسألة قد تنطوي على بعض المشاكل، ولا سيما أن ظهور أيقونة المؤسسة وشعارها يمنح كل ما يكتبه الصحافي خاتم الاعتماد، أياً كان ما تتضمنه تغريداته، سواء كانت مهنية أو شخصية». ويضيف أن «وضع أيقونة المؤسسة بجوار اسم الصحافي يجعله بمثابة متحدث رسمي باسمها»، متسائلاً عما إذا كانت المؤسسات مستعدة لتقبل ذلك.


مقالات ذات صلة

«بي بي سي» تعتزم تسريح 500 موظف

أوروبا صورة لشعار «بي بي سي» (فليكر)

«بي بي سي» تعتزم تسريح 500 موظف

تعتزم هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» تسريح 500 موظف بحلول نهاية مارس 2026 بعدما خفّضت عدد موظفيها بنسبة 10 % خلال السنوات الخمس الماضية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث في المؤتمر الوطني رقم 115 لـ NAACP في لاس فيغاس بنيفادا (رويترز)

بايدن: أميركا تعمل بلا كلل للإفراج عن غيرشكوفيتش

أكد الرئيس الأميركي جو بايدن أن الولايات المتحدة تعمل «بلا كلل» لضمان الإفراج عن الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مراسل صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية إيفان غيرشكوفيتش في صورة غير مؤرخة (رويترز)

الحكم على الصحافي الأميركي غيرشكوفيتش بالسجن 16 عاماً في روسيا

أدانت محكمة يكاترينبورغ الروسية في الأورال الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش، اليوم (الجمعة)، بتهمة «التجسس» وحكمت عليه بالسجن 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
إعلام التوجه الاستراتيجي يجسّد إرادة جماعية واضحة لحماية المصالح الرقمية العربية (واس)

اجتماع عربي في الرياض يبحث التعامل مع الإعلام العالمي

ناقش فريق التفاوض العربي الخطة التنفيذية للتفاوض مع شركات الإعلام الدولية وفق إطار زمني، وصياغة التوجه الاستراتيجي للتعامل معها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أوروبا عناصر من الشرطة البريطانية أمام بوابة في «دوانينغ ستريت» (إ.ب.أ)

السجن مدى الحياة لرجل خطط لخطف مذيعة بريطانية لاغتصابها

قضت محكمة بريطانية بالسجن مدى الحياة على رجل أدين بمحاولة اختطاف مذيعة تلفزيونية بريطانية شهيرة واغتصابها وقتلها.

«الشرق الأوسط» (لندن)

عرض برنامج «عقول مظلمة» على منصة «نتفليكس»

عرض برنامج «عقول مظلمة» على منصة «نتفليكس»
TT

عرض برنامج «عقول مظلمة» على منصة «نتفليكس»

عرض برنامج «عقول مظلمة» على منصة «نتفليكس»

بعد النجاح الذي حققه على قناة «الشرق ديسكفري»، يعُرض برنامج «عقول مظلمة»، أول برنامج تلفزيوني عن الجريمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من إنتاج «SRMG Studios» للمرة الأولى على منصة «نتفليكس».

ويعد «عقول مظلمة» أول برنامج تلفزيوني عن الجريمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أعمال «الشرق ديسكفري» الأصلية يتم تقديمه للجمهور العربي، حيث تستكشف هذه السلسلة الوثائقية المشوّقة قصص أبرز القتلة المتسلسلين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتجمع بين الصحافة الاستقصائية والسّرد الواقعي لقصص حقيقية هزّت المجتمع.

برنامج «عقول مظلمة» هو الإنتاج الأول لـ«SRMG Studios»، قسم الإنتاج في «SRMG»، الذي يهدف إلى إنتاج محتوى أصلي للجمهور العربي وتلبية احتياجات الصناعة من خلال الاستفادة من الشراكات الدولية لـ«SRMG»، والعمل مع المواهب الإقليمية، لإنتاج عديد من المشروعات الكبرى، التي هي قيد التنفيذ حالياً.

ويقدم البرنامج منظوراً فريداً لم يسبق طرحه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يسلط الضوء على جوانب إجرامية عاشتها بعض المجتمعات، وتمّ تجاهلها على نطاق واسع، بالإضافة إلى أنه يُلقي نظرة متعمّقة على الجوانب التي لم تناقش على نطاق واسع، كما يُبحر في أساليب ودوافع هذه الجرائم عبر تحليل دقيق لسلوكيات القتلة المتسلسلين مبني على لقاءات مع اختصاصيين، وخبراء جنائيين، وقانونيين، وأطباء.

ويعرض «عقول مظلمة» قصصاً من تونس والأردن والعراق والمغرب ولبنان ومصر، وتشمل: نصير دمرجي، والإخوة تانيليان، ولؤي التقي، وسفّاح الجيزة، وبلال وسوزان، وسفّاح مديونة.

وتهدف «الشرق ديسكفري» من خلال «عقول مظلمة»، وهو البرنامج الفريد من نوعه ضمن الأعمال الأصلية للقناة، إلى تقديم محتوى تثقيفي وترفيهي عربي مجاني لم يسبق له مثيل في المنطقة، حيث تسعى من خلاله إلى تقديم القصص غير المسبوقة في قالب مشوّق ورصين يواكب الطلب المتزايد على الإنتاجات العربية عالية الجودة.

تقدّم «الشرق ديسكفري» عدداً واسعاً من البرامج المجّانية الحصرية من مكتبة «وارنر براذرز ديسكفري»، بالإضافة إلى برامج الإنتاج الأصلي والإنتاج المشترك مع «وارنر براذرز ديسكفري»، و«HBO».