معارك ضارية في باخموت... وزيلينسكي يقر بصعوبة الوضع

كييف أكدت أنها لن تستهدف الأراضي الروسية بالأسلحة الغربية بعيدة المدى

عنصر من الدفاع المدني أمام منطقة صناعية طالها القصف في خيرسون أمس (أ.ب)
عنصر من الدفاع المدني أمام منطقة صناعية طالها القصف في خيرسون أمس (أ.ب)
TT

معارك ضارية في باخموت... وزيلينسكي يقر بصعوبة الوضع

عنصر من الدفاع المدني أمام منطقة صناعية طالها القصف في خيرسون أمس (أ.ب)
عنصر من الدفاع المدني أمام منطقة صناعية طالها القصف في خيرسون أمس (أ.ب)

شهدت الأحياء الشمالية لمدينة باخموت، الجبهة الساخنة في شرق أوكرانيا، «معارك ضارية» أمس الأحد، في حين أقر الرئيس فولوديمير زيلينسكي بصعوبة الوضع على الأرض في مواجهة القوات الروسيّة.
وتحاول القوات الروسية مدعومة من مرتزقة مجموعة فاغنر منذ الصيف السيطرة على المدينة الواقعة في شرق أوكرانيا، وقد سجل فيها دمار هائل وخسائر عسكرية فادحة.
وحققت القوات الروسية مكاسب صغيرة ميدانياً في الأسابيع الأخيرة بعدما استولت على مدينة سوليدار في شمال البلاد، ومن ثم على بلدة بلاغوداتني مؤخراً. وقال رئيس مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين، الذي تحارب عناصره في الصفوف الأمامية على الجبهة، الأحد: «دارت معارك ضارية في الأحياء الشمالية (لباخموت)، للسيطرة على كل شارع وكل منزل وكل درج». ونقل عنه مكتبه الإعلامي على «تلغرام» قوله إن «القوات المسلحة الأوكرانية لا تتراجع. إنها تقاتل حتى آخر رجل».
وأكدت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، من دون ذكر تفاصيل، استمرار المعارك وعمليات القصف في نقاط عدة في شرق البلاد، حيث قتل أربعة مدنيين على الأقل وأصيب 11 آخرون في الساعات الـ24 الماضية، وفق السلطات المحلية.
وفي خاركيف في شمال شرقي أوكرانيا، أصيب خمسة أشخاص بجروح أمس الأحد جراء ضربتين روسيتين استهدفتا وسط ثاني أكبر مدن البلاد، وألحقتا أضراراً بمبانٍ سكنية وبمؤسسة للتعليم العالي، بحسب ما قال رئيس الإدارة العسكرية الإقليمية في خاركيف أوليغ سينيغوبوف.

امرأة تنظر إلى ثقب في جدار منزلها أحدثه القصف في خيرسون أمس (أ.ب)

«الحياة قصيرة»
وأقيم أمس الأحد قداس في قبو كنيسة بباخموت بحضور نحو عشرين شخصاً بينهم جنديان أوكرانيان. وأنشدت 3 سيدات ترانيم وسط دوي قذائف الهاون. وأُضيئت الغرفة بحوالي عشرين شمعة فقط ومصباح محمول استخدمه الكاهنان لقراءة نصوص دينية، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال سيرافيم تشيرنيشوف (20 عاماً) بعد خروجه من الكنيسة: «صليت اليوم من أجل أن تكون أحوالي أفضل بعد موتي»، بينما كانت تُسمع أصوات إطلاق النار وقصف القذائف من المواقع الروسية وعليها. وأضاف: «سقط صاروخ في حديقة منزلي الليلة الماضية واستقرت رصاصة داخل المنزل، وكان من الممكن أن تصيبني. لذلك علينا أن نفهم أن الحياة قصيرة، يمكنني أن أموت الآن أو بعد 30 عاماً». وتابع: «إذا قُتلت، فستكون مشيئة الله».
وأكد ليوبوف أفرامينكو (84 عاماً) من جهته أنه صلى «من أجل الحرية». وقال: «نجلس في قبو بلا ماء وبلا غاز وبلا كهرباء». وقالت سفيتلانا بويكو (51 عاماً): «صليت من أجل بلدي، من أجل أوكرانيا، من أجل عائلتي. أنا واثقة من أن ما يحدث سينتهي قريباً».
«لا استهداف للأراضي الروسية»
وأكد وزير الدفاع الأوكراني أمس الأحد أنّ الأسلحة البعيدة المدى التي وعدت الدول الغربية بتسليمها إلى أوكرانيا لن تُستخدم لاستهداف الأراضي الروسية، بل المناطق المحتلة فقط. وقال أوليكسي ريزنيكوف، خلال مؤتمر صحافي في كييف: «نقول دائماً لشركائنا إننا نلتزم بعدم استخدام الأسلحة (المقدمة من) الشركاء الأجانب ضد أراضي روسيا، ولكن فقط ضد وحداتها في الأراضي المحتلة مؤقتاً في أوكرانيا».
ووعدت الولايات المتحدة بتسليم صواريخ إلى كييف يمكن أن تضاعف تقريباً مدى القصف الأوكراني وتستهدف خطوط الإمداد الروسية. لكن الغربيين يخشون من أن تستخدمها كييف لشن هجمات على الأراضي الروسية، ما يؤدي إلى تصعيد خطير للصراع.
وقال ريزنيكوف إنّ الروس «نقلوا مقراتهم ومراكز القيادة ومستودعاتهم للذخيرة والوقود على بعد 100 كيلومتر (من خط المواجهة) حتى لا نتمكن من استهدافهم». وأضاف: «يجعل ذلك الوضع صعباً بالنسبة لهم من الناحية اللوجيستية، لكن ما زال بإمكانهم الاستعداد للتقدّم»، مردّداً أنه يتوقع هجوماً روسياً نوعياً جديداً في فبراير (شباط). وتابع: «لن يتسنّى الوقت لأي من الأسلحة الغربية للوصول قبل ذلك»، لكن «لدينا الموارد والاحتياطات» للصمود.

وزير الدفاع الأوكراني خلال مؤتمر صحافي في كييف أمس (أ.ف.ب)

«كسر الدفاع» الأوكراني
وأقر الرئيس فولوديمير زيلينسكي، مساء السبت، بأنّ الوضع «يتعقّد» على الجبهة، وخصوصاً في باخموت التي تعهد في وقت سابق بعدم التخلي عنها، مؤكداً أن الجيش «سيدافع ما استطاع» عن هذه المدينة. وأشار إلى أنّ الوضع صعب جداً أيضاً في فوغليدار، حيث تشنّ القوات الروسية هجوماً، وفي ليمان (في الشرق) التي استعادتها القوات الأوكرانية بهجوم مضاد في 2022. وأضاف: «يحشد المحتل المزيد والمزيد من قوّاته لكسر دفاعنا».
وتخشى كييف من هجوم روسي جديد واسع النطاق، وتنتظر بفارغ الصبر تسلّم الأسلحة التي وعدت الدول الغربية بإرسالها، ولا سيما الدبابات الثقيلة والصواريخ بعيدة المدى. وأرسلت كندا السبت أول دبابة من دبابات ليوبارد 2 الموعودة إلى أوكرانيا. وتعهدت دول غربية أخرى عدة بتزويد أوكرانيا بمزيد من الأسلحة بينها الولايات المتحدة وفرنسا وأيضاً ألمانيا بعدما ترددت بشأن إرسال دبابات ليوبارد الألمانية الصنع.
وتعتبر شحنات الأسلحة الغربية حاسمة بالنسبة لكييف، في حين تثير حفيظة موسكو التي حذرت من تصعيد الصراع الذي بدأ في فبراير 2022. وبدأ أمس الأحد تطبيق حظر أوروبي على المنتجات النفطية الروسية المصدرة بحراً إلى الخارج، فيما ندد الكرملين الجمعة بتدابير «سلبية» ستزعزع استقرار الأسواق بشكل أوسع.


مقالات ذات صلة

مسؤول روسي: موسكو قد تعدّل عقيدتها النووية

أوروبا نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف (رويترز)

مسؤول روسي: موسكو قد تعدّل عقيدتها النووية

قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف إن روسيا ستجري تعديلات على عقيدتها النووية رداً على أفعال الغرب بشأن النزاع في أوكرانيا.

أوروبا قائد الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي (رويترز)

قائد الجيش الأوكراني: الوضع «صعب» في مواجهة الهجوم الروسي الرئيسي

قال قائد الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي، اليوم (الأحد)، إن الوضع «صعب» في مواجهة الهجوم الروسي الرئيسي، ولكن تم اتخاذ جميع القرارات اللازمة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يجلس داخل مقصورة طائرة «إف - 16» بالدنمارك في 20 أغسطس (آب) 2023 (أ.ب)

زيلينسكي يطلب ضوءاً أخضر أميركياً لشن ضربات أعمق في روسيا

كثف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الضغوط على الولايات المتحدة للسماح لكييف بالتوغل في عمق الأراضي الروسية، بعد أن التقى ممثلوه بمسؤولين أميركيين كبار.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة نشرها حساب حاكم منطقة ساراتوف لمبنى تضرر إثر هجوم بمسيرات أوكرانية الاثنين الماضي (إ.ب.أ)

«الدفاع» الروسية تعلن إسقاط 158 مسيرة أوكرانية

أسقطت الدفاعات الجوية الروسية 158 طائرة مسيّرة أوكرانية فوق 15 منطقة روسية ليلاً بينها اثنتان فوق العاصمة موسكو.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القائد العسكري الشيشاني أبتي علاء دينوف (لقطة من فيديو)

«أبتي علاء دينوف» أبرز المعلقين العسكريين على هجوم كورسك

بات القائد العسكري الشيشاني أبتي علاء الدينوف وجهاً مألوفاً للروس على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يطل عليهم معتمراً خوذة أو قبعة عسكرية ليقدم أخباراً إيجابية.

«الشرق الأوسط» (وارسو)

قضاة فرنسيون سيحددون الخطوة التالية في التحقيق مع مؤسس «تلغرام»

بافيل دوروف مالك ومؤسس «تلغرام» (رويترز)
بافيل دوروف مالك ومؤسس «تلغرام» (رويترز)
TT

قضاة فرنسيون سيحددون الخطوة التالية في التحقيق مع مؤسس «تلغرام»

بافيل دوروف مالك ومؤسس «تلغرام» (رويترز)
بافيل دوروف مالك ومؤسس «تلغرام» (رويترز)

من المقرر أن يحدد قضاة تحقيق في فرنسا، اليوم (الأربعاء)، ما إذا كانوا سيُخضعون بافيل دوروف، مالك ومؤسس «تلغرام»، المولود في روسيا، لتحقيق رسمي بعد اعتقاله في إطار تحقيق بارتكاب جريمة منظمة على تطبيق التراسل.

وبحسب «رويترز»، سلّط اعتقال دوروف لدى نزوله من طائرة خاصة في مطار قريب من باريس مساء يوم السبت، الضوء على المسؤولية الجنائية لمقدمي التطبيقات، وأثار جدلاً بشأن النقطة التي تنتهي عندها حرية التعبير ومن أين يبدأ تنفيذ القانون.

ومن المتوقع أن يصدر القضاة قرارهم بحلول الساعة الثامنة مساء اليوم (18:00 بتوقيت غرينتش)، أي بعد مرور 96 ساعة أو أربعة أيام على احتجاز دوروف، وهي أقصى مدة يمكن احتجازه فيها قبل أن يقرر القضاة ما إذا كانوا سيُخضعونه لتحقيق رسمي.

وذكرت صحيفة «بوليتيكو» أن السلطات الفرنسية أصدرت أيضاً مذكرة اعتقال بحق نيكولاي، شقيق دوروف وأحد مؤسسي «تلغرام»، وأن مذكرتي اعتقال الأخوين صدرتا في مارس (آذار).

ورداً على سؤال عن تقرير الصحيفة، قال مكتب المدعي العام في باريس إنه لا يعلق على أوامر الاعتقال لأنها تخضع لسرية التحقيق. وأضاف أن الشخص الوحيد الذي يتم استجوابه في هذه المرحلة بهذه القضية هو بافيل دوروف.

وسلّط القبض على دوروف الضوء أيضاً على العلاقة المتوترة بين «تلغرام»، الذي لديه زهاء مليار مستخدم، والحكومات.

ووضع المتهم رهن التحقيق الرسمي في فرنسا لا يعني إدانته أو إحالته بالضرورة إلى المحاكمة، لكنه يشير إلى أن القضاة يرون أن القضية فيها ما يكفي للمضي قدماً نحو التحقيق. وقد يستمر التحقيق لسنوات قبل الإحالة إلى المحاكمة أو حفظ التحقيق.

وإذا ما وُضع دوروف رهن التحقيق الرسمي، فسيقرر القضاة أيضاً ما إذا كانوا سيضعونه في الحبس الاحتياطي وسينظرون أيضاً فيما إذا كان سيحاول الفرار.

وقال مصدر في مكتب المدعي العام في باريس إن تحديثاً بشأن التحقيق من المرجح أن يصدر في وقت متأخر من اليوم (الأربعاء).

ولا يستهدف التحقيق بصفة عامة في هذه المرحلة أشخاصاً بعينهم.

وقال ممثلو الادعاء إن التحقيق يركز على شبهة التواطؤ في جرائم تشمل إدارة منصة على الإنترنت تسمح بمعاملات غير مشروعة وحيازتها صور انتهاكات جنسية لأطفال وعمليات اتجار في المخدرات واحتيال ورفضها تقديم معلومات إلى السلطات وتقدم خدمات تشفير للمجرمين.

ولم يذكر مكتب الادعاء العام ما هي الجريمة أو الجرائم التي يشتبه في أن دوروف نفسه قد ارتكبها.