أستاذ يحوّل منزله إلى مدرسة في قرية أوكرانية مدمرة

أستاذ يحوّل منزله إلى مدرسة في قرية أوكرانية مدمرة

الاثنين - 15 رجب 1444 هـ - 06 فبراير 2023 مـ رقم العدد [ 16141]
رجل يقود دراجته في قرية بإقليم دونيتسك أمس (أ.ف.ب)

يسلك ألكسندر بوغورييلوف أحياناً الطريق المؤدي إلى المدرسة في قريته في شرق أوكرانيا، لكن المبنى الذي درّس فيه لأكثر من عقدين، بات الآن أنقاضاً لا حياة فيه.

دُمّرت المدرسة في أبريل (نيسان) حين كانت هذه القرية الصغيرة والمنطقة المحيطة بها خط مواجهة بين القوات الروسية والأوكرانية. اليوم، يعود هذا الرجل البالغ 45 عاماً إلى هذا المكان فقط لجلب المستلزمات التي نجت من القصف، وتعليم حفنة من الأطفال المتبقين في صالون منزله الذي حوّله إلى صف مدرسي. تساءل ألكسندر واقفاً أمام المدرسة المدمّرة مثل عشرات المباني الأخرى في القرية حيث نشأ: «ما الذي يمكن أن يشعر به المدرّس عندما يرى أن كل شيء مدمّر؟».

هذه المدرسة هي واحدة من مئات المدارس في أنحاء أوكرانيا التي تقول منظمة اليونيسيف إنها تضررت أو دمّرت منذ الغزو الروسي الذي بدأ في فبراير (شباط). وتتّهم روسيا القوات الأوكرانية باستخدام مدارس ومنشآت مدنية أخرى لإيواء قواتها وتخزين ذخيرة، فيما تقول إن قواتها لا تهاجم المدارس أو المباني السكنية. ومن جهتها، تنفي أوكرانيا تلك الادعاءات الروسية، وتشير إلى هجمات مثل تلك التي وقعت في شاندريغولوفي.

قرية شاندريغولوفي التي أصبحت خالية بشكل شبه كامل من سكانها الذين بلغ عددهم نحو ألف نسمة قبل الحرب، أصبحت محرومة من الكهرباء والإنترنت. ورغم الصعوبات، قال ألكسندر: «إنه من الأفضل إعطاء الدروس حضورياً». لذلك، عندما دمّرت المدرسة، قرّر الاستمرار في تعليم الأطفال في منزله «حتى يكونوا قادرين على التفاعل».

كتب ومجهر

يتجمع كل يوم عدد قليل من التلاميذ في صالون ألكسندر وزوجته لاريسا، فيما تجلس قطط للاستدفاء قرب موقد يعمل بالحطب. وعلّقت على جدران الصالون ملصقات أنقذت من مبنى المدرسة المدمّر تظهر الحروف الأبجدية.

في إحدى الزوايا، هناك مجهر كان يستخدمه التلاميذ خلال حصة في علم الأحياء، وكُتُب، بعضها مأخوذ من قبو قرب المدرسة، مكدّسة على رفوف.

يدرّس ألكسندر لـ11 تلميذاً تتراوح أعمارهم بين 4 و16 عاماً اللغة والأدب الأوكرانيين والأدب الأجنبي وعلم الأحياء والجغرافيا والرياضيات. وكانت اللغة والأدب الروسيان جزءاً من المناهج الدراسية في هذه المنطقة ذات الغالبية الناطقة بالروسية. لكن ليس بعد الآن. وعندما سئل عن سبب ذلك، قال ألكسندر: «لا أعلم، أنا أدرّس اللغة والأدب الأوكرانيين فقط الآن». ووفقاً له، أيّد الأهالي انسحاب الروس لكنّ القرية ما زالت منقسمة، مثل العديد من البلدات الأخرى في منطقة دونيتسك، بين مؤيدين لأوكرانيا وموالين لروسيا.

أمل في مستقبل؟

أصبح معظم تلاميذ هذه المدرسة الذين كان يبلغ عددهم قبل الحرب 120 تلميذاً، الآن لاجئين في أوروبا وفي أجزاء أخرى من أوكرانيا أو روسيا. واستعادت القوات الأوكرانية شاندريغولوفي في سبتمبر (أيلول) 2022، لكن ندوب الحرب ما زالت ظاهرة.

يمشي ألكسندر (15 عاماً) ثلاثة كيلومترات للوصول إلى الفصل، ويحرص على المشي فقط على الطرق المعبّدة خوفا من الدوس على لغم. وأضاف رفيقه دميترو أنه في قرية مجاورة، قضى شخصان عندما نشطا فخاً تركه الجنود أثناء نزهة في الغابة. وأعرب بوغورييلوف عن أمله في أن تعود بعض مظاهر الحياة الطبيعية إلى القرية التي تلقّت تمويلاً لإعادة بناء المدرسة.

حالياً، هو المدرّس الوحيد الذي يساعد تلاميذه في تحقيق أهدافهم. ومن جهته، قال التلميذ ألكسندر إنه يريد أن يصبح شرطياً، فيما أعربت زميلته داريا (13 عاماً) عن رغبتها في العمل في مصرف. لكن مدرّسهما قلق بشأن مستقبلهما، وقال: «لم أكن لأفعل هذا الأمر لو لم أكن قلقاً».


أوكرانيا حرب أوكرانيا

اختيارات المحرر

فيديو