في أسبوع واحد.. اكتشافات «بلوتو» و«الأرض 2» تذهل العلماء

عالم مصري وصف الرحلة بالنجاح «غير المسبوق» للبشرية

في أسبوع واحد.. اكتشافات «بلوتو» و«الأرض 2» تذهل العلماء
TT

في أسبوع واحد.. اكتشافات «بلوتو» و«الأرض 2» تذهل العلماء

في أسبوع واحد.. اكتشافات «بلوتو» و«الأرض 2» تذهل العلماء

لا يتوقف كوكب بلوتو، أصغر كواكب المجموعة الشمسية الذي اكتُشف قبل 85 عاما، عن إذهال وتحيير العلماء، حيث لا يزال جاريا تحليل الصور التي أرسلتها المركبة الفضائية «نيوهورايزونز» التابعة لوكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، والتي أعلنت أيضا اليوم عن اكتشاف كوكب يماثل الأرض تقريبا وقد يكون صالحا للحياة.

وعثر العلماء على مجموعة جبال جديدة على شكل قلب داخل منطقة على سطح الكوكب القزم أطلقوا عليها «تومبو ريدجو»، يتراوح ارتفاعها بين 750 مترا وألفي متر فوق سطح بلوتو، بالإضافة إلى اكتشاف منطقة فاتحة اللون بها سهول جليدية وأخرى مظلمة بها فوهة بركان كبيرة.

وذكر علماء في ناسا قبل أيام قليلة أن صورا جديدة للمسبار «نيوهورايزونز» أظهرت وجود تكوينات مضلعة الشكل وتلال ملساء وسط سهول خالية من الحفر، وهي جميعها مؤشرات على أن هذا العالم المتجمد نشط من الناحية الجيولوجية.

والهدف من مهمة المسبار التي تكلفت 720 مليون دولار هو رسم خريطة لسطح بلوتو وتشارون أكبر أقماره، وتحديد المواد المكونة لهما فضلا عن دراسة الغلاف الجوي لبلوتو.

وأطلق «نيو هورايزونز» في يناير (كانون الثاني) من عام 2006 وقطع مسافة 4.88 مليار كيلومتر حتى أصبح يوم الثلاثاء قبل الماضي عند أقرب نقطة من الكوكب، ولم تنقل المركبة الفضائية إلى الأرض سوى نحو 1 في المائة فقط من معلومات حجمها 50 غيغابايت سجلت على مدى 10 أيام منذ اقترابه من الكوكب القزم.
ولا تزال النتائج الأولية توضح أن بلوتو المتجمد - حيث تصل درجة حرارة سطحه إلى 240 درجة تحت الصفر - يتحدى نظريات تتحدث عن كيف أن أجساما متجمدة يمكنها أن تولد حرارة تكفي لإعادة تشكيل معالم أسطحها.

واللغز المحير هو كيف احتفظ بلوتو بهذا الوجه الشاب إذ كان يعتقد أن هذا الجرم المتجمد - الذي يبدو حجمه أصغر من القمر الذي يدور حول الأرض - حافلا بالحفر والوهاد نتيجة لاصطدام صخور حزام كويبر بسطحه والكتل الصخرية الأخرى التي انهمرت عليه على مر العصور.

ويقول رئيس قسم الفلك بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر الدكتور أشرف لطيف تادرس، إن المركبة الفضائية «نيو هورايزونز»، حققت نجاحا غير مسبوق للبشرية باقترابها - بداية الأسبوع الحالي - من كوكب «بلوتو» ووصولها إلى بعد 12 ألفا و500 كيلومتر فقط منه، عقب رحلة استمرت 9 سنوات، وتمكنها من التقاط صور واضحة له تعد الأولى من نوعها.

وأضاف رئيس قسم الفلك بالمعهد القومي للبحوث الفلكية، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، أن الصور الملتقطة بلغت درجة عالية من الوضوح، دفعت فريق العمل إلى مد مهمة المركبة لرصد الجانب المظلم من الكوكب لمدة 12 يوما إضافيا، وأن الصور كشفت عن وجود نشاط جيولوجي وبركاني في الكوكب يرجع عمره إلى 100 مليون سنة، وأظهرت وجود جبال من الجليد على سطحه يبلغ ارتفاعها أكثر من ثلاثة كيلومترات، بالإضافة إلى وجود منطقة على شكل قلب أطلق عليها العلماء اسم «كلايد تومبو» تخليدا لذكرى مكتشف الكوكب.

وتابع بالقول إن اكتشاف القطر الحقيقي لبلوتو الذي بلغ ألفين و370 كيلومترا، يعد من أهم نتائج مهمة «نيو هورايزونز» التي تتولى رسم خريطة لسطح «بلوتو» وأكبر أقماره «شارون»، وأثبت أن قطره أكبر مما كان مقدرا بنحو 70 كيلومتر تقريبا، وأن الكوكب وأقماره والآلاف من الأجسام التي تم اكتشافها حديثا في حزام «كويبر»، ما هي إلا كويكبات صغيرة متجمدة ومخلفات ناتجة عن تكون المجموعة الشمسية الذي حدثت قبل نحو 4.6 مليار سنة.

وأضاف أن عجائب اكتشافات «نيو هورايزونز» لبلوتو، تشمل مواجهة أقماره الخارجية حالات غامضة من الانقلاب والانعكاس، خاصة القمر «نيكس» الذي يتأرجح وينقلب ويعكس اتجاهاته بشكل عجيب، وهو يشبه حبة الفاصوليا وتتراوح أبعاده بين 42 كيلومترا طولا و36 كيلومترا عرضا، إلى جانب ما كشفته الصور من تفاصيل القمر «هيدرا» من حيث شكله المتعرج جدا وغير المنتظم، الذي تتراوح أبعاده بين 55 كيلومترا طولا و23 كيلومترا عرضا.

واختتم تادرس تصريحاته بتوضيح أن كوكب بلوتو الذي يبعد نحو 5 مليارات كيلومتر عن كوكب الأرض، تم اكتشافه منذ 85 عاما في عام 1930، بواسطة العالم الأميركي كلايد تومبو، وأنه أصغر كواكب المجموعة الشمسية وأبعدها عن الشمس وتبلغ درجة حرارة سطحه 250 درجة تحت الصفر، وفي الآونة الأخيرة طالب علماء فلك بشطبه من قائمة الكواكب، بدعوى أن قائمة مواصفات الكواكب لا تنطبق جميعها عليه، وبعد جدل واسع تقرر الإبقاء عليه ضمن كواكب المجموعة الشمسية.

إلى ذلك، أعلنت وكالة ناسا اليوم العثور على كوكب جديد يماثل الأرض عبر تلسكوب كبلر المخصص لرصد الكواكب خارج النظام الشمسي، وقال العلماء إنه يكاد يكون مماثلا للأرض، لكنه يكبرها حجما بنحو 60 في المائة، ويوجد على بعد 1400 سنة ضوئية في مجموعة نجمية تعرف بمجموعة الدجاجة.

وقال العلماء إن الكوكب المكتشف، الذي أطلق عليه كبلر 452b أو «الأرض 2»، يدور في مدار مطابق تقريبا لمدار الأرض حول الشمس، ويتلقى القدر نفسه من الأشعة الشمسية، وتقترب مدة السنة فيه من الأرض، لكن العلماء ليسوا على يقين بعد من إمكانية وجود حياة على سطحه، لكن في حال نقل النباتات إليه فإنها قد تعيش وتنمو.



الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك
TT

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

قليلاً ما يتحول حفل تكريم مبدع كبير إلى احتفاءٍ بكل الحلقة الخلاّقة التي تحيط به. هذا يتطلب رقياً من المكرّم والمنظمين، يعكس حالةً من التسامي باتت نادرة، إن لم تكن مفقودة.

فمن جماليات حفل تكريم الشاعر الفذّ طلال حيدر على «مسرح كركلا»، برعاية وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري وحضوره، الأحد الماضي، هذا التحلق اللافت لجمع من الشعراء وأهل الفكر والثقافة والفنانين والإعلاميين، حول شاعرهم الذي رفد الأغنية اللبنانية بأجمل القصائد، وأغنى الشعر بصوره المدهشة وتعابيره المتفجرة.

طلال حيدر قبل التكريم مع الفنان عبد الحليم كركلا ووزير الإعلام زياد المكاري

طربيه ودور البطل

قدم الحفل الممثل القدير رفعت طربيه الذي هو نفسه قيمة فنية، معتبراً أن حيدر «كان دائماً البطل الأول على (مسرح كركلا). فهو ابن الأرض، وابن بعلبك، لكنه في الوقت عينه واكب الشعر العالمي ودخل الحداثة فكراً وصورةً وإيقاعاً، راكباً صهيل الخيل». فليس شائعاً أن يترجم شاعر بالعامية إلى لغات أجنبية كما هي دواوين المكرّم وقصائده.

عبد الحليم كركلا مع الشاعر نزار فرنسيس (خاص - الشرق الأوسط)

ومن أرشيف المايسترو عبد الحليم كركلا، شاهد الحضور فيلماً قصيراً بديعاً، عن طلال حيدر، رفيق طفولته ودربه طوال 75 عاماً. قال كركلا: «لقاؤنا في طفولتنا كان خُرافياً كَأَسَاطِيرِ الزَمَان، غامضاً ساحراً خارجاً عن المألوف، حَصَدنَا مَواسم التراث معاً، لنَتَكَامل مع بعضنا البعض في كل عمل نبدعه».

فيلم للتاريخ

«طلال حيدر عطية من عطايا الله» عنوان موفق لشريط، يظهر كم أن جيل الستينات الذي صنع زهو لبنان ومجده، كان متآلفاً متعاوناً.

نرى طلال حيدر إلى جانبه كركلا، يقرآن قصيدة للأول، ويرسمان ترجمتها حركةً على المسرح. مارسيل خليفة يدندن نغمة لقصيدة كتبها طلال وهو إلى جانبه، وهما يحضّران لإحدى المسرحيات.

لقطات أثيرة لهذه الورشات الإبداعية، التي تسبق مسرحيات كركلا. نمرّ على مجموعة العمل وقد انضم إليها سعيد عقل، ينشد إحدى قصائده التي ستتحول إلى أغنية، والعبقري زكي ناصيف يجلس معه أيضاً.

عن سعيد عقل يقول حيدر: «كنا في أول الطريق، إن كان كركلا أو أنا، وكان سعيد عقل يرينا القوى الكامنة فينا... كان يحلم ويوسّع حلمه، وهو علّمنا كيف نوسّع الحلم».

في أحد المشاهد طلال حيدر وصباح في قلعة بعلبك، يخبرها بظروف كتابته لأغنيتها الشهيرة «روحي يا صيفية»، بعد أن دندن فيلمون وهبي لحناً أمامه، ودعاه لأن يضع له كلمات، فكانت «روحي يا صيفية، وتعي يا صيفية، يا حبيبي خدني مشوار بشي سفرة بحرية. أنا بعرف مش رح بتروح بس ضحاك عليي».

في نهاية الحوار تقول له صباح: «الله ما هذه الكلمات العظيمة!»، فيجيبها بكل حب: «الله، ما هذا الصوت!» حقاً ما هذا اللطف والتشجيع المتبادل، بين المبدعين!

كبار يساندون بعضهم

في لقطة أخرى، وديع الصافي يغني قصيدة حيدر التي سمعناها من مارسيل خليفة: «لبسوا الكفافي ومشوا ما عرفت مينن هن»، ويصرخ طرباً: «آه يا طلال!» وجوه صنعت واجهة الثقافة اللبنانية في النصف الثاني من القرن العشرين، تتآلف وتتعاضد، تشتغل وتنحت، الكلمة بالموسيقى مع الرقصة والصورة. شريط للتاريخ، صيغ من كنوز أرشيف عبد الحليم كركلا.

المقطع الأخير جوهرة الفيلم، طلال حيدر يرتجل رقصة، ويترجم بجسده، ما كتبه في قصيدته ومعه راقصو فرقة كركلا، ونرى عبد الحليم كركلا، أشهر مصمم رقص عربي، يرقص أمامنا، هذه المرة، وهو ما لم نره من قبل.

عبد الحليم كركلا يلقي كلمته (خاص - الشرق الأوسط)

روح الألفة الفنية هي التي تصنع الإبداع. يقول حيدر عن تعاونه مع كركلا: «أقرأه جيداً، قرأنا معاً أول ضوء نحن وصغار. قبل أن أصل إلى الهدف، يعرف إلى أين سأصل، فيسبقني. هو يرسم الحركة التصويرية للغة الأجساد وأكون أنا أنسج اللغة التي ترسم طريق هذه الأجساد وما ستذهب إليه. كأن واحدنا يشتغل مع حاله».

طلال حيدر نجم التكريم، هو بالفعل بطل على مسرح كركلا، سواء في صوغ الأغنيات أو بعض الحوارات، تنشد قصائده هدى حداد، وجوزف عازار، وليس أشهر من قصيدته «وحدن بيبقوا مثل زهر البيلسان» التي غنتها فيروز بصوتها الملائكي.

أعلن رئيساً لجمهورية الخيال

طالب الشاعر شوقي بزيع، في كلمته، بأن ينصّب حيدر «رئيساً لجمهورية الخيال الشعري في دولة لبنان الكبير» بصرف النظر عمن سيتربع على عرش السياسة. ورغم أن لبنان كبير في «الإبداعوغرافيا»، كما قال الشاعر هنري زغيب، فإن طلال حيدر «يبقى الكلام عنه ضئيلاً أمام شعره. فهو لم يكن يقول الشعر لأنه هو الشعر».

وقال عنه كركلا: «إنه عمر الخيام في زمانه»، و«أسطورة بعلبك التي سكبت في عينيه نوراً منها، وجعلت من هيبة معابدها حصناً دفيناً لشعره». وعدَّه بطلاً من أبطال الحضارة الناطقين بالجمال والإبداع. سيعيش دوماً في ذاكرة الأجيال، شعلةً مُضيئةً في تاريخ لبنان.

الفنان مارسيل خليفة الذي تلا كلمته رفعت طربيه لتعذّر حضوره بداعي السفر، قال إن «شعره مأخوذ من المتسكعين والباعة المتجولين والعاملين في الحقول الغامرة بالخير والبركة». ووصفه بأنه «بطل وصعلوك في آن، حرّ حتى الانتحار والجنون، جاهليّ بدويّ فولكلوريّ خرافيّ، هجّاء، مدّاح، جاء إلى الحياة فتدبّر أمره».

وزير الإعلام المكاري في كلمته توجه إلى الشاعر: «أقول: طلال حيدر (بيكفّي). اسمُك أهمّ من كلّ لقب وتسمية ونعت. اسمُك هو اللقب والتسمية والنعت. تقول: كبروا اللي بدهن يكبروا، ما عندي وقت إكبر. وأنا أقول أنتَ وُلِدْتَ كبيراً»، وقال عنه إنه أحد أعمدة قلعة بعلبك.

أما المحامي محمد مطر، فركزّ على أن «طلال حيدر اختار الحرية دوماً، وحقق في حياته وشعره هذه الحرية حتى ضاقت به، لذا أراه كشاعر فيلسوف ناشداً للحرية وللتحرر في اشتباكه الدائم مع تجليات الزمان والمكان».

الحضور في أثناء التكريم (خاص - الشرق الأوسط)

وفي الختام كانت كلمة للمحتفى به ألقاها نجله علي حيدر، جاءت تكريماً لمكرميه واحداً واحداً، ثم خاطب الحضور: «من يظن أن الشعر ترف فكري أو مساحة جمالية عابرة، إنما لا يدرك إلا القشور... الشعر شريك في تغيير العالم وإعادة تكوين المستقبل».