«حارس صدام» قدّم معلومات كشفت مكان اختبائه في تكريت

أحد أفراد قوة «دلتا» الأميركية يكسر حاجز الصمت ويروي قصة مشاركته في اعتقال الرئيس العراقي

طبيب في الجيش الأميركي يفحص الرئيس العراقي صدام حسين بعد اعتقاله في 13 ديسمبر 2003 (غيتي)
طبيب في الجيش الأميركي يفحص الرئيس العراقي صدام حسين بعد اعتقاله في 13 ديسمبر 2003 (غيتي)
TT

«حارس صدام» قدّم معلومات كشفت مكان اختبائه في تكريت

طبيب في الجيش الأميركي يفحص الرئيس العراقي صدام حسين بعد اعتقاله في 13 ديسمبر 2003 (غيتي)
طبيب في الجيش الأميركي يفحص الرئيس العراقي صدام حسين بعد اعتقاله في 13 ديسمبر 2003 (غيتي)

في 13 ديسمبر (كانون الأول) من عام 2003، ألقت قوة كوماندوس أميركية القبض على الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين الذي اختفى من الصورة مباشرة عقب سقوط العاصمة بغداد. وكان البحث والقبض عليه من أولويات القيادة الأميركية السياسية والعسكرية، خصوصاً بعد أن تفاقمت العمليات التي تستهدف هذه القوات في عدد من المناطق العراقية. ورأى الجميع مشهد صدام وهو يخرج من حفرة ضيقة مغطاة بالحشائش والتراب والرمل كان يختبئ تحتها فيما يشبه الغرفة البدائية المحفورة تحت الأرض التي كان يصل إليها الهواء من خلال أنبوب بلاستيكي. صدام كان ملتحياً، «منكوش» الشعر، لا يبدو عليه الخوف، بل الاندهاش، وحوله أفراد قوة «دلتا فورس» الأميركية التي كانت مكلفة بالقبض عليه.
لكن حتى تاريخه، لم يجرؤ أي من العسكريين الذين شاركوا في العملية على الكشف عن التفاصيل التي أفضت إلى القبض على المطلوب الأول للقوات الأميركية (من بين 55 مطلوباً) في المحلة المسماة «الدور» في منطقة تكريت المناصرة تقليدياً لحكم صدام، وذلك بسبب القانون الأميركي الذي يأمر بكتم التفاصيل حتى عام 2028، بيد أن الرقيب أول كيفين هولاند، تجرأ وكسر الحظر، وذلك من خلال تسجيلات بودكاست مسماة بالإنجليزية «Danger Close» المخصصة للشؤون العسكرية الأميركية، والتي يديرها الضابط السابق في القوات الخاصة الأميركية جاك كير. وقد نجح الأخير في إقناع العسكري كيفين هولاند بأن يتحدث، لا بل أن يكون حديثه مصوراً، وذلك في 9 ديسمبر الماضي. وأخيراً، أفرج كير عن «شهادة» هولاند. ونقلت صحيفة «لو فيغارو» قبل يومين بعض تفاصيل هذه الشهادة، علماً بأن العدالة الأميركية لم تحرك حتى اليوم ساكناً، ولم تلاحق أياً من الشخصين المسؤولين عن كشف أحد أهم الأسرار التي بقيت طي الكتمان عقدين من الزمن، خصوصاً هوية الشخص الذي «باع» الرئيس العراقي الأسبق.
تتّبع قيادة العمليات العسكرية الخاصة التي يقع مقر قيادتها في مدينة تامبا في ولاية فلوريدا، نهجاً صارماً يمنع أياً من أفرادها من الحديث إلى الصحافة بأي شكل من الأشكال، لكن يبدو أن كيفين هولاند أراد المخاطرة كأن سراً دفيناً يجثم على صدره ولم يعد يحتمل التستر عليه؛ لذا تحدث وفصّل وأطال.
9 أشهر انقضت منذ سقوط بغداد وبقي صدام حراً طليقاً. وآخر ظهور له تم يوم 9 أبريل (نيسان) وقد اعتلى سطح سيارة ليخاطب جمهوراً من العراقيين عندما كانت الدبابات الأميركية على مداخل العاصمة. القيادة الأميركية كانت قد أطلقت عملية «الفجر الأحمر» للقبض على صدام، وخصصت مكافأة كبيرة لمن يوفر معلومات تُفضي إلى القبض عليه، والأهم أن آلافاً من الجنود والمخابرات (كيفين هولاند ذكر أن العدد يصل إلى 30 ألف رجل من المشاة) قد جُندوا لهذه المهمة، إضافةً إلى مجموعة ضيقة من «قوة دلتا» بينهم هولاند، ولكن كل ذلك بقي دون طائل حتى تمكنت هذه القوة من وضع اليد على أكثرية حرس صدام الخاص، والأهم أن من بينهم كان م. إ. م. الذي يصفه هولاند بأنه كان «الأقرب» لصدام. ووفق رواية هولاند، فإن م. أعطى جميع التفاصيل عن مكان اختباء صدام في قرية «الدور» المطلة على نهر دجلة والواقعة على بُعد 10 كلم من تكريت، وذلك في مزرعة معزولة تقود إليها طريق مستقيمة تقوم مجموعة من الرجال بمراقبتها لتجنب أي مفاجأة.
ويؤكد الراوي أن م. رافق القوة الأميركية وقادها إلى مكان اختباء صدام الذي بلغته في الثامنة والنصف مساءً. ويصف هولاند عمل المجموعة التي بدأت برفع الحشائش والتربة ووصلت إلى لوح بلاستيكي مقوى نزعته فظهرت تحته كوّة الحفرة البالغ عمقها 3 أمتار. ومن أجل تلافي أي مفاجأة أو فخ، لم يتردد أحد أفراد القوة من استخدام قنبلة فُجرت في الدهليز. بعدها، تأكد للفرقة التي استخدمت أنوار أسلحتها الكشافة، أن صدام يختفي في هذا المكان. ولمزيد من التفاصيل، يسرد هولاند أنهم أنزلوا كلباً بوليسياً إلى الحفرة، لكنه تراجع خوفاً.
كانت المفاجأة عندما سمعت القوة صوتاً قادماً من تحت الحفرة، ورد عليه المترجم الملحق بالقوة بالعربية، ثم رأت القوة يدين تمتدّان إلى الخارج، ثم برز رأس صدام وجسده، وصرخ أحدهم: «يا للهول، إنه صدام!». بعدها أُخرج صدام من الحفرة التي خرج منها وهو يحمل مسدساً من طراز «غلوك 18». وما إن أصبح في متناولهم، يروي هولاند، حتى وجّه إليه أحد أفراد الفرقة ضربة قوية على وجهه لشل حركته. وبعد أن استعاد صدام امتلاك أعصابه، توجه إلى الجنود الأميركيين بالإنجليزية قائلاً: «أنا صدام حسين، رئيس العراق، وجاهز للتفاوض». وجاء الرد عليه: «سنرى ذلك لاحقاً يا أخ». وأضاف أحدهم: «الرئيس بوش يرسل إليك تحياته». بعدها، نُقل صدام بطوافة إلى تكريت، ومنها إلى بغداد بعد أن أُخذ منه مسدسه الذي قُدم لاحقاً للرئيس بوش الابن. والمسدس موجود اليوم في المكتبة التي تحمل اسم الرئيس الأسبق في مدينة دالاس.
يؤكد هولاند أنه شخصياً مَن نزل إلى الغرفة التي كان يختبئ فيها صدام، مستعيناً بالضوء المثبت على مسدسه، إلا أنه عاد للخروج ليطلب مسدساً آخر لتحسين الرؤية. وفي وصفه للغرفة، يقول إنها بطول مترين وكافية ليتمدد فيها رجل على أريكة بسيطة، وسقفها كان مسنوداً بألواح خشبية، ومزودة بمروحة. وعمد هولاند إلى تصوير مقطع فيديو قصير بثته شبكة «فوكس نيوز». ووفق المعلومات التي جمعها الطرف الأميركي من المخبرين، فإن صدام كان يقضي غالبية وقته في الخارج، وتحديداً في المزرعة القريبة من الحفرة، وإن اثنين من حرسه الخاص كانا يتوليان مهمة الطبخ.
في الطوافة التي نقلته، استعاد صدام رباطة جأشه «عندما تبين له أنه لن يُقتل». ولأن العسكريين الذين كانوا معه في الطوافة خافوا من أن يقفز منها للإفلات من الأَسر؛ فقد أحاطوا به بقوة ومنعوا عنه أي حركة. وفي التفاصيل، يقول هولاند إن أحد أفراد الفرقة كان يمسك بشعره من الخلف وآخر بلحيته من الأمام. وحسب هولاند، فإن الخلاصة التي توصل إليها الجنرال ريكاردو سانشيز، بعد أن زار صدام في سجنه، أن الأخير «متعاون وراغب في الحديث ومتقبل لمصيره». وكانت نهاية صدام، بعد محاكمة دامت شهوراً، الإعدام شنقاً.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

القضاء العراقي: معلومات «شبكة التنصت» مبنية على «التحليل والاستنتاج»

رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (د.ب.أ)
رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (د.ب.أ)
TT

القضاء العراقي: معلومات «شبكة التنصت» مبنية على «التحليل والاستنتاج»

رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (د.ب.أ)
رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (د.ب.أ)

أعاد مجلس القضاء الأعلى العراقي، الأحد، التذكير بقضية «شبكة التنصت» التي تفجرت قبل نحو أسبوعين، وضمت مسؤولين وضباطاً متخصصين في الأمن الرقمي، يعملون في مكتب رئاسة الوزراء.

ووصف مجلس القضاء الأعلى المعلومات المتداولة بشأن القضية بأنها «غير دقيقة». وأكد في بيان «عدم دقة المعلومات المتداولة في بعض مواقع التواصل الاجتماعي، بخصوص التحقيق فيما تعرف بقضية (شبكة محمد جوحي) كون هذه المعلومات مبنية على التحليل والاستنتاج، بعيداً عن الحقيقة». وجوحي المشار إليه شغل منصب معاون مدير عام الدائرة الإدارية في مكتب رئيس الوزراء، وهو ابن أخٍ لرائد جوحي، مدير مكتب رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي.

وفي مقابل البيان القضائي الذي أشار إلى المتورط في «قضية التنصت» بصراحة، أصدر الناطق الرسمي باسم الحكومة، باسم العوادي، الأحد، بياناً يشير إلى القضية نفسها التي تتوالى فصولها منذ أيام.

وقال بيان الناطق إن حكومته «تتابع من منطلق التزامها ومسؤولياتها القانونية، الحملات المضللة التي تستهدف إعاقة عملها في مختلف المجالات، ومنها ما جرى تناوله من معلومات غير دقيقة تستبطن الغمز، وبعضها تضمن الاتهام المباشر للحكومة تجاه قضايا تخضع الآن لنظر القضاء؛ إذ تنتظر السلطة التنفيذية ما سيصدر عنه بهذا الصدد، مع تأكيد الحكومة المستمر على الالتزام بالقانون واحترام قرارات القضاء».

وأضاف أن «الحكومة تشدد على المضي في محاربة الفساد وكل أشكال التعدي على القانون، وذلك بالتعاون المستمر والوثيق مع السلطتين القضائية والتشريعية، كما أنها تعوّل في هذا المسار على يقظة المواطن ووعيه، حتى لا يكون ضحيّة لمن يشوه الحقائق ويتعمد تضليل الرأي العام».

وذكر بيان الناطق الحكومي أن «هناك من يعمل على جرّ الحكومة وإشغالها عن نهجها الوطني، عبر محاولات يائسة لا تصمد أمام الإجراءات القانونية الحقيقية والفعلية التي تعمل الحكومة على تنفيذها ودعمها. وقد أثبتت السنتان الماضيتان من عمر الحكومة قوة الإرادة في هذا الاتجاه، والتصميم المتواصل على تنفيذ الإصلاحات، وعدم التهاون في الحق العام، مهما كانت الضغوط والتبعات».

رد متأخر

بيان القضاء الجديد، وكذلك الحكومة، صدرا بعد 4 أيام من بيان مماثل أصدره القضاء، وقال فيه إنه «لا صحّة لما يجري تداوله على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بشأن وجود محاولات تنصت على القاضي فائق زيدان»، بالنظر إلى أن المعلومات التي رشحت عن عمل شبكة التنصت، ذهبت إلى أن زيدان كان ضمن لائحة المستهدفين.

ويضفي البيانان الجديدان مزيداً من الغموض على القضية بدلاً من تفكيك تفاصيلها، حسب مراقبين؛ خصوصاً مع ما يتردد عن تورط مسؤولين كبار في رئاسة الوزراء. وتشير بعض المصادر إلى صدور أوامر قبض جديدة على مسؤولين رفيعين في مكتب رئيس الوزراء.

وكان السوداني قد أمر في 20 أغسطس (آب) الماضي بـ«تشكيل لجنة تحقيقية بحقّ أحد الموظفين العاملين في مكتب رئيس مجلس الوزراء؛ لتبنّيه منشوراً مُسيئاً لبعض المسؤولين، وعدد من السادة أعضاء مجلس النواب، وإصدار أمر سحب يد لحين إكمال التحقيق».

وأبلغت مصادر مطلعة «الشرق الأوسط» الخميس الماضي، بأن «زعيمين بارزين في (الإطار التنسيقي) من ضحايا عملية التنصت التي قامت بها الشبكة المذكورة، وأنهما أبلغا القضاء بمعطيات القضية».

وحسب إفادات سابقة للنائب مصطفى سند، فإن محكمة تحقيق الكرخ، المختصة بقضايا الإرهاب، قامت، الأسبوع الماضي، بـ«اعتقال شبكة من القصر الحكومي لمكتب رئيس الوزراء؛ وعلى رأسهم المقرَّب (محمد جوحي)، وعدد من الضباط والموظفين».

وذكر أن الشبكة «كانت تمارس عدة أعمال غير نظيفة؛ ومنها التنصت على هواتف عدد من النواب والسياسيين (وعلى رأسهم رقم هاتفي)، كذلك تقوم الشبكة بتوجيه جيوش إلكترونية، وصناعة أخبار مزيفة، وانتحال صفات لسياسيين ورجال أعمال ومالكي قنوات».

حجاج شيعة على طريق كربلاء لإحياء «ذكرى عاشوراء» في أغسطس 2024 (رويترز)

«تمثيلية» أو تصفية حساب

وترى أوساط مقربة من السوداني أن تلك محاولات لتصفية الحسابات معه، نظراً إلى أن معلومات كهذه سوف تتسبب في إحراج كبير له، قد يؤثر على وضعه السياسي على مشارف الانتخابات. لكن القيادي السابق بالتيار الصدري، ونائب رئيس الوزراء الأسبق، بهاء الأعرجي، وصف الأمر بأنه لا يخرج عن إطار «التمثيلية».

الأعرجي -في لقاء متلفز- قال إن «(الإطار التنسيقي) قام بتمثيلية إعلامية ضد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، من أجل أن يعود إلى صفوفه في الانتخابات المقبلة». وأضاف الأعرجي أن «بعض الخلافات بين السوداني و(الإطار) قديمة، وظهرت الآن مع قرب الانتخابات»، مضيفاً أن «الهجمة الإعلامية ضد رئيس الوزراء هي تمثيلية، من أجل أن يعود إلى صفوف (التنسيقي) في التحالفات الانتخابية». وأكد الأعرجي أن «بعض الأطراف في (الإطار) كانت تتصور أن يكون السوداني سهلاً، ويمكن أن يمرر كثيراً من الأمور والعقود والمصالح، وأن يكون مديراً لهم؛ لكنه لا يقبل بذلك، وأصبح قائداً سياسياً».

ورقة ضغط انتخابية

في وقت بدأت فيه بعض الأطراف داخل «الإطار التنسيقي» الشيعي التي بدأت خلافاتها مع السوداني تظهر على السطح، ترفع سقف طموحاتها بشأن نتائج التحقيقات في قضية التنصت، والتي أشاعوا تسميتها «شبكة التجسس»، لا تزال هناك قوى ضمن دائرة «الإطار» نفسه، لا ترغب في هذا التصعيد؛ كونها داعمة للسوداني أصلاً، ولكونها ترى أن أي هزة في البيت الشيعي، وفي هذا الظرف، لن تتوقف تداعياتها عند منصب رئيس الوزراء.

وفي هذا السياق، ورغم عدم عقد اجتماع دوري لقوى «الإطار التنسيقي»، فإن قائدين بارزين، هما: زعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم، وزعيم «العصائب» قيس الخزعلي، التقيا مؤخراً ليصدرا بياناً يؤازران فيه حكومة السوداني.

لكن بالنسبة للأطراف التي تعتمد على تسريبات متداولة حول تقديم موعد الانتخابات البرلمانية، من نهاية العام المقبل إلى منتصفه، بعدما فشلت في إجراء انتخابات مبكرة نهاية العام الحالي، فإن تركيزها الآن ينصب على المطالبة بتغيير قانون الانتخابات، من الدائرة الواحدة إلى دوائر متعددة، للحد من قدرة السوداني والمتحالفين معه على الحصول على الأغلبية التي تؤهلهم لتشكيل الحكومة المقبلة.