ما دلالة التقارب بين «القاعدة» وجماعات مسلحة في مالي؟

عقب معلومات عن مباحثات سرّية بين قياداتهما

مقاتلون من الطوارق يتجمعون في مكان غير معروف في مالي (وكالة الصحافة الفرنسية)
مقاتلون من الطوارق يتجمعون في مكان غير معروف في مالي (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT

ما دلالة التقارب بين «القاعدة» وجماعات مسلحة في مالي؟

مقاتلون من الطوارق يتجمعون في مكان غير معروف في مالي (وكالة الصحافة الفرنسية)
مقاتلون من الطوارق يتجمعون في مكان غير معروف في مالي (وكالة الصحافة الفرنسية)

بعد أن أعلنت جماعات مسلحة في شمال مالي انسحابها من اتفاق سلام مع الحكومة، ترد معلومات حول تقارب بينها وفرع تنظيم «القاعدة»، حيث الطرفان منخرطان في قتال ضد تنظيم «داعش».
في هذا السياق، قالت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها (الثلاثاء)، إن مباحثات سرّية جرت بين أحد قيادات تنظيم «القاعدة» الإرهابي في منطقة الساحل مع جماعات مسلحة في شمال مالي. وحسب التقرير، فإن القيادي في «القاعدة» هو إياد أغ غالي، وهو من عرقية الطوارق، ويرأس جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (GSIM)، التي تقاتل تنظيم «داعش» من أجل النفوذ في منطقة الساحل.
ونقل التقرير عن مصدر قَبليّ محليّ، طلب عدم الكشف عن هويته، قوله إن «المباحثات جرت في منطقة كيدال الأسبوع الماضي»، وتمحورت حول «توحيد صفوف أبناء منطقة كيدال».
وكيدال هي منطقة مفترق طرق في الشمال لا تخضع لسيطرة الدولة المالية ولكن من ائتلاف تنسيق حركات أزواد (CMA)، وهو تحالف يسيطر عليه الطوارق، حارب السلطات في مالي قبل توقيع اتفاق سلام مع باماكو في 2015.
وسابقاً هذا الأسبوع، نشر منبر إعلامي تابع لجماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، فيديو لما وصفه بـ«بيعة قبائل» في ولاية ميناكا، شمال مالي، لقائد الجماعة أغ غالي. وقالت الجماعة إن «البيعة تمّت بحضور ممثل الجماعة في الولاية التي تقع على حدود مالي مع النيجر».
وتشهد ولاية ميناكا ومناطق أخرى في مالي منذ العام الماضي تنافساً على النفوذ والموارد بين تنظيمي «داعش» و«القاعدة». وتسبب ذلك في مقتل العشرات من الجانبين ومئات من المدنيين. والشهر الماضي، اتهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تنظيمَي «القاعدة» و«داعش» بأنهما يزعزعان الاستقرار والأمن في وسط مالي، ويخوضان اشتباكات قرب المناطق المأهولة بالسكان في منطقتي غاو وميناكا الشماليتين.
وأعلنت «تنسيقية حركات الأزواد»، (السبت الماضي)، الانسحاب من اللجنة المكلَّفة بإنجاز مسودة دستور جديد. وكانت التنسيقية قد علَّقت مشاركتها في آليات تنفيذ اتفاق السلام في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وانضمت إليها غالبية المجموعات المسلحة الموقِّعة على الاتفاق.
وذكرت التنسيقية في بيان السبت الماضي، أنها لا تتبنّى مواقف وزير الخارجية عبد الله ديوب الأحادية حين تحدث من على منبر الأمم المتحدة في 27 يناير (كانون الثاني) عن أن الحركات الموقِّعة كانت وراء كبح زخم تنفيذ الاتفاق. ورأت التنسيقية أن ذلك «يمثل تدهوراً واضحاً في العملية يعكس تراجع اهتمام الحكومة، الطرف في اتفاق السلام».
وكان تقرير صدر هذا الأسبوع لمجلة «جون أفريك» الفرنسية، قد قال إن الجزائر تكثّف جهودها لجمع أطراف النزاع في مالي فوق أرضها؛ بهدف إنقاذ «اتفاق السلام» الذي ترعاه منذ التوقيع عليه عام 2015 من الانهيار. غير أن الرئيس الانتقالي في مالي، العقيد أسيمي غويتا، رفض المقترح.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال محمد ولد الداه، المحلل المختص في شؤون الساحل الأفريقي، إن «الوضع في شمال مالي يزداد خطورة ويعود إلى المربع الأول، حيث نشهد الآن صراعاً معقداً للغاية بين جماعات إرهابية متنافسة وجماعات عرقية متصارعة، وفي الوقت نفسه صراع بين الحكومة المالية والإرهاب المتقارب مع جماعات عرقية، علاوة على الصراع المرشح للتصاعد مع الجماعات العرقية المنسحبة من اتفاق السلام».
وأضاف: «ثمة تقارب بين إياد أغ والجماعات المنسحبة من اتفاق السلام لأنه ينتمي إليهم قبلياً، كما أنه كان هناك تحالف بين الطرفين قبل توقيع اتفاق السلام، فيما تَعد تنسيقية أزواد والقبائل المتحالفة معهم عناصر (داعش) أغراباً يحاولون السيطرة على مواردهم وممتلكاتهم».
وأشار ولد الداه إلى أن «(داعش) ينجح في تجنيد عناصر من قبائل الفولاني التي تعادي قبائل الطوارق، وهو ما يفاقم الصراع عرقياً».
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» رأى الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة طارق أبو السعد، أن «شخصية أغ غالي هي المسيطرة على المشهد الجهادي القاعدي في تلك المنطقة، فهو من قاد الجماعات المتطرفة القاعدية للانضمام إلى جماعة نصرة الإسلام والمسلمين عبر جماعة نصرة الدين، وضم إليها باقي الفصائل الإسلاموية المتطرفة والتي تقترب من (القاعدة) في الفكر والأسلوب والمنهج».
وقال: «يمتلك أغ غالي قدرات قتالية وتفاوضية كبيرة مكّنته من إحداث فارق في الوجود القاعدي في مالي». واعتقد أبو السعد أن «أغ غالي يسعى إلى اتّباع نفس التكتيكات الحركية وذات الاستراتيجية التفاوضية التي قامت بها حركة (طالبان) في أفغانستان وحققت في النهاية وجوداً قانونياً بعد انسحاب أميركا... وهو ما يسعى إليه في ظل انسحاب فرنسا من منطقة الساحل وتحديداً مالي... أن يكون لـ(القاعدة) دور في مالي مع الإقرار بالحفاظ على مصالح فرنسا الاقتصادية في المنطقة».


مقالات ذات صلة

تركيا: انقسام حول المشكلة الكردية... وإردوغان قد يختار الانتخابات المبكرة

شؤون إقليمية إردوغان وبهشلي خلال الاحتفال بذكرى تأسيس الجمهورية التركية في 29 أكتوبر الماضي (الرئاسة التركية)

تركيا: انقسام حول المشكلة الكردية... وإردوغان قد يختار الانتخابات المبكرة

تعمق الجدل والانقسام حول احتمالات انطلاق عملية جديدة لحل المشكلة الكردية في تركيا... وذهبت المعارضة إلى وجود أزمة داخل «تحالف الشعب» الحاكم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أحد لقاءات الأسد وإردوغان في عام 2010 (أرشيفية - الرئاسة التركية)

​إردوغان يُبقي على آماله بلقاء الأسد واحتمال شنّ عملية عسكرية شمال سوريا

جدّدت تركيا رغبتها في تطبيع العلاقات مع سوريا من دون تحقيق شرط الانسحاب العسكري لقواتها الموجودة في مناطق الشمال السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا عناصر من «حركة الشباب» الصومالية الإرهابية (أ.ب)

مقديشو: مقتل 3 جنود صوماليين وأكثر من 20 إرهابياً من «حركة الشباب»

لقي ثلاثة جنود على الأقل مصرعهم، وأصيب ثلاثة آخرون من القوات الصومالية جراء انفجار لغم أرضي استهدف مركبة عسكرية في مديرية دينيلي بالعاصمة مقديشو.

«الشرق الأوسط» (مقديشو)
شؤون إقليمية يسود جدل واسع في تركيا حول خلافات غير معلنة بين إردوغان وحليفه دولت بهشلي (الرئاسة التركية)

بهشلي جدد دعوة أوجلان للبرلمان وأكد عدم وجود خلاف مع إردوغان

جدد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي تمسكه بدعوته لحضور زعيم حزب العمال الكردستاني السجين للحديث أمام البرلمان مشدداً على عدم وجود خلاف مع إردوغان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا استنفار أمني ألماني في شوارع برلين (أرشيفية - د.ب.أ)

توقيف فتى بألمانيا بتهمة التخطيط لتنفيذ هجوم في فترة الأعياد

تفيد السلطات الألمانية بأنها أحبطت هجمات عدة، لكن 3 أشخاص قُتلوا، وجُرح 8 في عملية طعن أثناء مهرجان في أحد شوارع مدينة زولينغن في أغسطس (آب) الماضي.

«الشرق الأوسط» (برلين)

مدير الاستخبارات الأميركية يبحث في مقديشو سُبل محاربة الإرهاب

الرئيس حسن شيخ محمود بحث مع المسؤول الأميركي محاربة الإرهاب والجماعات المتشددة (رويترز)
الرئيس حسن شيخ محمود بحث مع المسؤول الأميركي محاربة الإرهاب والجماعات المتشددة (رويترز)
TT

مدير الاستخبارات الأميركية يبحث في مقديشو سُبل محاربة الإرهاب

الرئيس حسن شيخ محمود بحث مع المسؤول الأميركي محاربة الإرهاب والجماعات المتشددة (رويترز)
الرئيس حسن شيخ محمود بحث مع المسؤول الأميركي محاربة الإرهاب والجماعات المتشددة (رويترز)

كشف موقع «الصومال الجديد»، السبت، عن قيام مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، بزيارة سرية إلى العاصمة الصومالية مقديشو، وفق ما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية».

وخلال هذه الزيارة، التقى بيرنز، الرئيس حسن شيخ محمود، ومعه مدير وكالة المخابرات والأمن الوطني الصومالية، عبد الله سنبلوشي. وناقش الجانبان خلال اللقاء تعزيز الشراكة بين الصومال والولايات المتحدة، والتعاون الاستخباراتي، واستراتيجيات مكافحة الإرهاب، والتوترات القائمة في منطقة القرن الأفريقي، وفق المصدر نفسه.

وتُعدّ هذه الزيارة هي الثانية من نوعها التي يقوم بها بيرنز إلى الصومال خلال هذا العام، إذ سبق أن زار مقديشو في يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد عملية للقوات الأميركية لاعتراض شحنة أسلحة إيرانية قبالة السواحل الصومالية.

وأكد الرئيس حسن شيخ، والمسؤول الأميركي، أهمية التعاون في القضايا الحاسمة للسلام والأمن، مشددين على التزامهما بتعزيز الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.

وتوترت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا في يناير الماضي، بعدما وقّعت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال الانفصالي، تتضمن الاعتراف باستقلاله، مقابل السماح لها بالوصول إلى ميناء على خليج عدن.

وشغل ملف محاربة الإرهاب والجماعات المتشددة حيزاً مهماً من لقاء المسؤولين، نظراً لما يمثله هذه الملف من أهمية بالنسبة للإدارة الأميركية، وأيضاً بسبب الأحداث الإرهابية الأخيرة والدامية التي عرفها الصومال خلال الشهور الماضية، ووجود جماعة متطرفة في هذا البلد.

ففي الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تمكّنت وحدات من الجيش الصومالي بالتعاون مع الشركاء الدوليين من القضاء على 47 عنصراً إرهابياً في ‏عملية عسكرية بمحافظة غلغدود وسط البلاد.‏ واستهدفت العملية العسكرية تجمعاً للعناصر ‏الإرهابية في مدينة عيل طير؛ إذ أسفرت عن القضاء على 47 عنصراً إرهابياً، وتدمير القاعدة ‏التي تجمعوا فيها، وتدمير سيارة مفخخة.

وفي 31 من الشهر نفسه، تمكّنت قوات الجيش الصومالي في عملية عسكرية، من القضاء على 15 عنصراً إرهابيّاً ‏من حركة «الشباب» الإرهابية بمحافظة مدغ بولاية غلمدغ وسط البلاد. في حين تواصل القوات المسلحة عمليات ‏المطاردة والملاحقة ضد فلول العناصر الإرهابية، في المناطق الريفية بالمحافظة نفسها.

وكان مستشار الأمن القومي الصومالي، حسين شيخ علي، قد نفى وجود مفاوضات سرية بين الحكومة الفيدرالية الصومالية وحركة «الشباب» الإرهابية. وقال إن الرئيس الصومالي وضع شروطاً واضحة بشأن هذا الاحتمال، تتمثل في قطع المقاتلين، أي صلة مع الجماعات الإرهابية العالمية، وقبول سلامة أراضي الصومال، والاستعداد لمتابعة أجندتهم السياسية بشكل سلمي.

وجاء هذا التصريح ردّاً على تقارير جرى تداولها في وسائل التواصل الاجتماعي، تحدثت عن التحضير لمفاوضات بين الحكومة الصومالية وحركة «الشباب» في العاصمة القطرية الدوحة.