إسرائيل تحذر حماس وتطالبها بلجم «العناصر الراديكالية» قبل أن تتمرد

تأخذ تهديداتها على محمل الجد وتتهم الحركة بالتعاون معها في سيناء

إسرائيل تحذر حماس وتطالبها بلجم «العناصر الراديكالية» قبل أن تتمرد
TT

إسرائيل تحذر حماس وتطالبها بلجم «العناصر الراديكالية» قبل أن تتمرد

إسرائيل تحذر حماس وتطالبها بلجم «العناصر الراديكالية» قبل أن تتمرد

وجهت إسرائيل تحذيرات وتهديدات مبطنة إلى حركة حماس، في ضوء تهديدات ما يسمى بـ«تنظيم السلفيين» بقصف إسرائيل انتقاما لعمليات الملاحقة التي ينفذها مقاتلو حماس ضدهم. وقال مسؤول إسرائيلي أمني إن إسرائيل تأخذ بجدية تهديدات هذه العناصر، وتطالب حماس بالتحرك السريع للجمهم.. «فإذا لم تفعل، فسيأتي رد إسرائيلي صارم يوجع كل تنظيمات قطاع غزة».
وقال المسؤول إن «هؤلاء أنصار (داعش) في قطاع غزة يحاولون الحفاظ على مستوى معين من التوازن مع حماس، لكنهم لا يخفون رغبتهم في التمرد عليها. فهم يستخفون بها ويتهمونها بالتهادن مع إسرائيل ومع السلطات المصرية ضدهم، ويحاولون من آن لآخر القيام بخطوات تظهر قوتهم، وتحذر من التفكير في تصفيتهم».
وكانت الجماعات التكفيرية المتطرفة في قطاع غزة قد توعّدت بشن هجمات على إسرائيل ردا على ما وصفته بـ«الجرائم والمؤامرات الحمساوية المتواصلة ضد هذه الجماعات». وقد نشر هذا التهديد «تجمع أهالي المعتقلين الراديكاليين في سجون سلطة حماس في غزة»، وذلك في بيان للرأي العام جاء فيه: «سلطات حماس مدعومة بعناصر من كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري للحركة، قامت بحملة شرسة وباعتقال عدد من الدعاة و(المجاهدين) بعد ساعات فقط من مسرحية التفجيرات الأخيرة المفتعلة» (التفجيرات المتزامنة التي دمرت خمس سيارات تعود لناشطين في حماس و«الجهاد الإسلامي» الأحد الماضي في شمال مدينة غزة ولم يعلن أي طرف مسؤوليته عنها). وقال البيان إن «التصعيد الخطير الذي نتوقع أن يزداد يدل على أن هذه المؤامرة الحمساوية الجديدة حيكت خيوطها في الظلام مسبقا، أو على الأقل تم استغلالها ذريعة لتنفيذ مخططات حماس بالقضاء على منهجنا الذي تحاربه حماس»، متهما «أطرافا مشبوهة وكتلا دموية» بأنها «باتت معنية بجر القطاع إلى حروب داخلية المستفيد الوحيد منها هو الاحتلال وعملاؤه».
وهدد «التجمع» بشن هجمات على إسرائيل ردا على تلك الحملة، وقال إن «أبناءنا اختاروا للرد على هذه الجرائم والمؤامرات الحمساوية المتواصلة أن يصوّبوا صواريخهم إلى الاحتلال على طريقة مزيد من العمليات ردا على الاعتقالات». وحذر البيان من «نتائج كارثية ليست في حسبان أحد»، محملا «حماس وحلفاءها، في غزة، المسؤولية التامة عن تبعات هذه الأحداث الخطيرة». وأشار «التجمع» إلى أن «العشرات من هؤلاء ما زالوا يقبعون في سجون حماس ظلما وعدوانا منذ أشهر طويلة، من دون أن توجه لهم أي تهمة».
ولم تصدر وزارة الداخلية في غزة أي تعليق في شأن هذه الاعتقالات. لكن إياد البزم، المتحدث باسم الوزارة، قال في بيان إنه «تم إيقاف عناصر يشتبه في ضلوعهم في التفجيرات المشبوهة التي وقعت الأحد، وتجري الأجهزة الأمنية التحقيق معهم لكشف الملابسات». وأضاف أن «الأجهزة الأمنية تواصل عملها وتتخذ كل الإجراءات اللازمة للمحافظة على استقرار الحال الأمني ومحاسبة المتورطين»، مؤكدا أنه «لن نسمح بمس حالة الأمن والهدوء التي يعيشها القطاع».
ويسود منذ أشهر عدة توتر في العلاقات بين حماس وما تسمى بـ«الجماعات السلفية»، وفي مقدمها جماعة «أنصار الدولة الإسلامية في بيت المقدس»، التي كانت تبنت المسؤولية عن هجمات صاروخية عدة انطلقت من قطاع غزة على جنوب إسرائيل. وكانت الأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس نفّذت حملات اعتقال ضد العناصر الراديكالية، وقتلت أحدهم في حي الشيخ رضوان قبل أكثر من شهر، بعد تبنّي جماعة «أنصار الدولة الإسلامية في بيت المقدس» قبل شهرين، هجوما على موقع لـ«كتائب القسام». لكن قياديا في هذه الجماعة توسط بين جماعته وحماس أخيرا، تمكّن من التوصل إلى «تهدئة» بين الجانبين، يوقف بموجبها الراديكاليون هجماتهم في مقابل إطلاق المعتقلين من أتباعهم. لكن حماس لم تسارع إلى إطلاقهم.
يذكر أن إسرائيل تتابع ما يجري بين حماس والجماعات المتشددة باهتمام بالغ. وقد أجرى مركز أبحاث الأمن القومي في تل أبيب دراسة خاصة حولها، في نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي، أبدى فيها استغرابه من العلاقات المتناقضة بينهما.
فقال إن «حماس تقمع الراديكاليين في قطاع غزة، لأنها ترى فيهم تهديدا لحكمها. وفي الوقت نفسه تتعاون معهم في سيناء». وفسر ذلك بأنه «تناقض اضطراري»، بدعوى أن «حماس تمتلك في سيناء مخازن أسلحة عديدة يحميها المتشددون من تنظيم داعش، مقابل قيام حماس بإيواء عدد من المصريين أنصار (داعش) الهاربين إلى القطاع وحمايتهم». وترى إسرائيل أن هذه العلاقات محتملة، ما دامت لا تمس إسرائيل وتبقى في حدود السيطرة. وأشاد الباحثون بجهود حماس في لجم الجماعات المتشددة في حينه. لذلك امتنعت عن الرد على صواريخهم بحدة، واكتفت بقصف تظاهري.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.