بايدن يستبعد منح كييف طائرات مقاتلة وماكرون يعتبره ممكناً

أوكرانيا تعلن أنها ستتسلّم «ما بين 120 و140» دبابة غربية كدفعة أولى

دبابات «ليوبارد 2» (د.ب.أ)
دبابات «ليوبارد 2» (د.ب.أ)
TT

بايدن يستبعد منح كييف طائرات مقاتلة وماكرون يعتبره ممكناً

دبابات «ليوبارد 2» (د.ب.أ)
دبابات «ليوبارد 2» (د.ب.أ)

على الرغم من كلمة «لا» التي أجاب فيها الرئيس الأميركي جو بايدن عن سؤال عمّا إذا كانت بلاده سترسل طائرات «إف - 16» إلى أوكرانيا، يرى البعض أن هذا الجواب «البسيط» بات سياسة «تقليدية» في الرفض، ثم الموافقة لاحقاً على طلبات كييف. هذا ما حصل منذ اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية، التي تقترب من إنهاء عامها الأول، حيث تدرج تقديم المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا، في آلية، تصر إدارة بايدن على القول، إنها تتكيف مع الوضع الميداني على الأرض.
وكان بايدن، قد أعلن الاثنين أن الولايات المتحدة لن ترسل تلك الطائرات المقاتلة، رافضاً دعوات متجددة من حكومة كييف لهذه الأسلحة المتطورة، لتغيير مجرى الصراع، وتعزيز سيطرة أوكرانيا على مجالها الجوي. ورغم ذلك، وصف مسؤول أوكراني تلك الطائرات بأنها «العقبة الكبيرة التالية» لبلاده، مدعوماً بالالتزامات التي تم إقرارها الأسبوع الماضي، بعد موافقة الولايات المتحدة وألمانيا، وقبلها بريطانيا ودول أوروبية عدة، على إرسال دبابات قتال ثقيلة. وفي تصريح لشبكة «سي إن إن»، أشار المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، إلى التزام الأسبوع الماضي بإرسال الدبابات. وقال: «هناك الكثير من القدرات التي يتم إرسالها وسيتم إرسالها». هذا، وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) مساء الاثنين، أن أول شحنة من مركبات «برادلي» القتالية وصلت إلى أوكرانيا. وقالت قيادة النقل الأميركية في بيان، إن أكثر من 60 مركبة «برادلي» غادرت قاعدتها من شمال مدينة تشارلستون، في ولاية ساوث كارولاينا، الأسبوع الماضي.
وستتسلّم أوكرانيا «ما بين 120 و140» دبابة ثقيلة غربية الصنع، على ما أكّد وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، وذلك بعد أيام قليلة من إعطاء الغربيين الضوء الأخضر لهذه الشحنات. وقال كوليبا في مقطع فيديو على «فيسبوك»: «في الدفعة الأولى من المساهمات، ستتلقى القوات الأوكرانية ما بين 120 و140 دبابة حديثة غربية»، مذكّرا بأن هذه الدبابات هي من طراز ليوبارد 2 الألمانية وتشالنجر 2 البريطانية وأبرامز الأميركية.
وبدوره أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الإثنين أنّ تزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة لتعزيز قدرتها على التصدّي للغزو الروسي «ليس أمراً مستبعداً»، محذّراً في الوقت نفسه من خطر تصعيد النزاع. وفي أعقاب محادثات أجراها في لاهاي مع رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، قال الرئيس الفرنسي ردّاً على سؤال بشأن إمكان تزويد كييف طائرات مقاتلة «لا شيء مستبعداً من حيث المبدأ». لكنّ ماكرون شدّد على أن هناك «معايير» لاتّخاذ أي قرار بهذا الشأن هي أن يكون هناك «طلب» بهذا المعنى قد «صاغته» أوكرانيا، وألا يكون هذا الأمر «تصعيدياً»، و«ألا يطال الأراضي الروسية، بل أن يساعد جهود مقاومة» الغزو، و«ألا يضعف قدرة الجيش الفرنسي».

وأضاف «من حيث المبدأ، لا شيء مستبعداً»، مشدّداً على أنّ الأوكرانيين «لا يطلبون ذلك اليوم». وأوضح الرئيس الفرنسي أنّه «في ضوء هذه المعايير الثلاثة، سنواصل، على أساس كلّ حالة على حدة، النظر في شحنات الأعتدة العسكرية إلى كييف»، مشيراً إلى أنّ هذه المعايير تنطبق أيضاً على مسألة تزويد أوكرانيا بدبابات لوكلير الفرنسية. ولفت ماكرون إلى أنّ بلاده ستدرس الطلبات الرسمية التي تتلقّاها من أوكرانيا وليس ما يتمّ تداوله في الإعلام، مشيراً إلى أنّ وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف سيزور باريس لإجراء محادثات مع نظيره الفرنسي سيباستيان لوكورنو.
من جهته قال الرئيس الليتواني، جيتاناس ناوسيدا، إنه يجب على الغرب إبقاء جميع خياراته مفتوحة عندما يتعلق الأمر بتسليم الأسلحة إلى أوكرانيا، والذي يشمل إرسال الطائرات المقاتلة التي هناك حاجة شديدة إليها. وقال ناوسيدا في مقابلة مع التلفزيون الليتواني، إنه «يجب تجاوز هذه الخطوط الحمراء»، وذلك في إشارة إلى التحفظات بشأن الطائرات المقاتلة والصواريخ بعيدة المدى التي تطلب أوكرانيا الحصول عليها. وقال الزعيم الليتواني إن أنظمة الأسلحة هذه تعد «مساعدة عسكرية لا غنى عنها». وأضاف ناوسيدا في مقابلة أجريت معه مساء الاثنين، قائلا: «في هذه المرحلة الحاسمة من الحرب، عندما تكون نقطة التحول وشيكة، فمن الضروري أن نتحرك من دون تأخير». ويشار إلى أن ليتوانيا عضو في كل من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو).
كذلك شدّد رئيس الوزراء الهولندي مارك روته على أنّه «لا محظورات، لكنّها ستكون خطوة كبيرة» إذا تمّ تسليم كييف طائرات مقاتلة. وأكّد روته أنّ هولندا، على غرار فرنسا، لم تتلقّ بعد أي طلب رسمي من أوكرانيا بهذا المعنى، مشيراً إلى أنّه يوافق على المعايير التي طرحها نظيره الفرنسي.
وأشار السفير الأوكراني في العاصمة الألمانية برلين أوليكسي ماكييف إلى مدى أهمية حصول بلاده على طائرات مقاتلة. وفي تصريحات لمحطة «دويتشه فيله» الألمانية، قال ماكييف الاثنين: «لم نقدم طلبا لألمانيا بعد بخصوص المقاتلات»، لكنه لفت إلى أنها مهمة لأن هناك حاجة إليها لإسقاط الصواريخ الروسية. وأضاف ماكييف أن «روسيا تطلق الكثير من الصواريخ على مدن وبنية تحتية أوكرانية»، وقال إن الطائرات المقاتلة هي جزء من الجهود الأوكرانية الرامية إلى الدفاع عن المجال الجوي. وواصل السفير الأوكراني حديثه قائلا: «كل يوم نتناقش ونتجادل فيه داخلياً أو نتفاوض فيه مع شركاء حول قواعد الاشتباك، يموت فيه جنود ومدنيون أوكرانيون»، وأردف أنه لهذا السبب فإن من المهم جداً إجراء النقاش سريعاً، وتوفير الإمداد بالأسلحة والذخيرة بأسرع ما يمكن.
بيد أن بعض الانتقادات، تؤكد أن هذه السياسة قد تكون مسؤولة عن إطالة أمد الحرب، بسبب «الحذر» الزائد عن حده، في تقدير ردة فعل روسيا. ويرى مايكل روبن، كبير الباحثين في «معهد أميركان إنتربرايز»، أن بايدن يخشى استفزاز روسيا، لكن ما لا يفهمه الرئيس، هو أن إظهار قدرة روسيا على إملاء الأسلحة التي يمكن للولايات المتحدة إرسالها إلى أوكرانيا، يثير استفزاز روسيا أكثر، منذ أن خلص بوتين إلى أن بايدن ضعيف. ومع ذلك، يضيف روبن لـ«الشرق الأوسط»، أن الجواب الأول كان عدم إرسال طائرات «إف - 16»، رغم أنه قد تم بالفعل تخصيص الأموال من قبل الكونغرس، وليس هناك أي سبب على الإطلاق لعدم القيام بذلك، ويمكن أن يسمح للطيارين الأوكرانيين بالتدريب عليها. ويؤكد روبن أن رفض بايدن تسليم الطائرات، يظهر أن غرائز بايدن «سيئة»، وأن مستشاريه هم في الحقيقة من يتحكمون ويصححون له، وفي الحالتين هذا سيئ للديمقراطية. ودعا روبن إلى مساعدة أوكرانيا، على بناء مصانع لإنتاج أسلحتها، بدلا من الاعتماد فقط على توريد الأسلحة لها، مشدداً على أن لأوكرانيا الحق الكامل في الدفاع عن بنيتها التحتية ضد أي هجوم، وهي تقوم بذلك بالفعل. وأكد أن الدفاع عن تلك المصانع يختلف كثيراً عن شن هجمات على المصانع الروسية، ولا يعد تصعيداً لتورط الولايات المتحدة وحلف الناتو في الصراع.
من جهة أخرى، أبقت كوريا الجنوبية الباب مفتوحاً لإعادة النظر في الحظر الذي تفرضه على إرسال أسلحة إلى أوكرانيا. وقال وزير دفاعها لي جونغ سوب، الثلاثاء، إنه كان على دراية «بالحاجة إلى الجهد الدولي»، وإن حكومته «توجه اهتماماً وثيقاً» بالوضع. وجاءت تصريحات لي، في مؤتمر صحافي مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، بعد يوم من حث الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ كوريا الجنوبية على تغيير سياستها في تصدير الأسلحة الدفاعية «للأغراض السلمية فقط». وقال ستولتنبرغ خلال زيارته لسيول، الاثنين، إن دولاً، مثل ألمانيا والنرويج... وغيرهما، غيّرت موقفها؛ «لأنها أدركت أنه عندما تواجه غزواً وحشياً؛ حيث تغزو قوة عظمى دولة أخرى بطريقة صارخة كما رأينا في أوكرانيا، وإذا كنا نؤمن بالحرية ونؤمن بالديمقراطية، ولا نريد أن ينتصر الاستبداد... فعندئذ يُحتاج إلى أسلحة». وفي حين قدمت كوريا الجنوبية مساعدات إنسانية ومساعدات أخرى غير قاتلة مباشرة إلى أوكرانيا، قالت الولايات المتحدة إن كوريا الشمالية ترسل صواريخ إلى روسيا لتعويض النقص في إمداداتها.


مقالات ذات صلة

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

أوروبا جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع هاوتزر ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية منشأة للبنية التحتية لتخزين الوقود في منطقة أوريول بوسط روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.