ذكرى ثالثة قاتمة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

دافع رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، عن «بريكست»، معتبراً أنه «فرصة هائلة»، في الذكرى الثالثة لانفصال المملكة المتحدة التاريخي عن الاتحاد الأوروبي، التي حلت الثلاثاء، وسط أجواء من الإحباط ما بين أزمة اجتماعية وندم متزايد.
وأضاف صندوق النقد الدولي، الثلاثاء، خبراً جديداً لسلسلة الأخبار السيئة، معلناً وفقا لآخر توقعاته أن البلاد ستكون هذا العام الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي سيعاني من ركود مع انكماش اقتصاده بنسبة 0.6 في المائة. حتى روسيا التي هي في حالة حرب وتخضع لعقوبات ستسجل نمواً.
وقال ريتشارد هولدن، المسؤول الحكومي، على قناة «سكاي نيوز»، إن البلاد «قادرة على تجاوز هذه التوقعات، كما سبق وفعلت».
وقال وزير المال جيريمي هانت، في بيان، «إذا التزمنا بخطتنا لخفض التضخم إلى النصف يفترض أن تسجل المملكة المتحدة نمواً أسرع من ألمانيا واليابان في السنوات القليلة المقبلة».
وتقول صوفي لوند - ييتس المحللة في «هارغريفز لانسداون»، إن «المملكة المتحدة تواجه مشكلات محددة»، لا سيما فواتير طاقة أعلى من أي مكان آخر «تؤثر على موازنة الأسر»، أو حتى «مشكلة كبيرة في اليد العاملة تعود لـ(بريكست) ولكنها تفاقمت» بسبب وباء «كوفيد».
منذ أشهر تسجل المملكة المتحدة تضخماً تجاوز 10 في المائة وتحركات اجتماعية. والأربعاء ستنظم إضرابات غير مسبوقة منذ 10 سنوات، خصوصاً في التعليم والنقل العام.
تعاقب ثلاثة رؤساء وزراء على «داوننغ ستريت»، العام الماضي، وآيرلندا الشمالية مشلولة سياسياً، بينما تحاول لندن إقناع بروكسل بإعادة النظر في وضع الإقليم بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ورغم الوعود بمراقبة الحدود والخطط المتتالية لمكافحة الهجرة، فإن عمليات العبور غير الشرعية للقناة تزداد باستمرار، بعد أن تجاوزت 45 ألف مهاجر العام الماضي.
تبدو وعود مؤيدي «بريكست» باستعادة الحرية بعيدة، وباتت الآن مرحلة «بريغريت» (الندم على بريكست): الرأي العام المنقسم منذ فترة طويلة، يميل اليوم إلى معارضة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وفقاً لاستطلاع أجراه معهد «إيبسوس»، الاثنين، يعتقد 45 في المائة من البريطانيين أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لا يسير كما كان متوقعاً - مقابل 28 في المائة فقط في يونيو (حزيران) 2021، فيما يرى 9 في المائة فقط عكس ذلك.
سعى رئيس الوزراء المحافظ ريشي سوناك، الذي يصادف الخميس مرور 100 يوم على وصوله إلى «داونينغ ستريت»، رغم كل شيء للدفاع عن حصيلة «بريكست».
وقال سوناك، في بيان، «لقد أحرزنا تقدماً كبيراً من خلال تسخير الحريات التي وفرها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لرفع تحديات الأجيال... أنا مصمم على أن تستمر فوائد (بريكست) في تمكين الأفراد والشركات في جميع أنحاء البلاد».
شدد البيان الصادر عن «داونينغ ستريت» على «الفرصة الهائلة» للخروج من الاتحاد الأوروبي، لا سيما «لنمو الاقتصاد البريطاني». ويستشهد بإنشاء موانئ حرة ومناطق تعد خارج المنطقة الجمركية للبلاد، وبالتالي تستفيد من الضرائب الميسرة والآفاق التي فتحت حسب قوله، بفضل «بريكست».

نقص في اليد العاملة
لم يتم التخطيط لاحتفال رسمي بمناسبة هذه الذكرى السنوية. في المقابل، في اسكوتلندا، حيث يندد الانفصاليون في السلطة بـ«كارثة»، يتم التخطيط لمسيرة مؤيدة لأوروبا.
في 31 يناير (كانون الثاني) 2020، أنهت المملكة المتحدة عضوية استمرت في الاتحاد الأوروبي 47 عاماً، وبعد فوز بوريس جونسون الساحق في الانتخابات أسدل الستار على أربع سنوات من الانقسامات السياسية التي أعقبت صدمة استفتاء عام 2016.
ثم بدأت فترة انتقالية من تسعة أشهر، مع التوصل في اللحظة الأخيرة لاتفاقية تجارة حرة وصفها بوريس جونسون بهدية عيد الميلاد.
بعد ثلاث سنوات، الأضرار الاقتصادية موجودة حتى لو أدت جائحة «كوفيد» والحرب في أوكرانيا إلى تفاقم الوضع إلى حد كبير.
وفقاً للهيئة العامة لتوقعات الموازنة، فإن «بريكست» سيقلل من حجم الاقتصاد البريطاني بنحو 4 في المائة على الأجل البعيد.
نأت المملكة المتحدة بنفسها عن شريكها الاقتصادي الرئيسي، الذي تستورد منه جزءاً كبيراً من الأغذية التي تستهلكها. وتفاقم النقص في اليد العاملة بسبب صعوبة استقدام عمال أوروبيين.
ومع ذلك لا مجال للعودة إلى الوراء حتى بالنسبة للمعارضة العمالية التي تتقدم بشكل كبير في استطلاعات الرأي بعد أقل من عامين من الانتخابات التشريعية المقبلة.
قال زعيم حزب العمال كير ستارمر، الحريص على التخلص من ماضيه المناهض لـ«بريكست»، إن برنامجه لا يدعو إلى العودة إلى الاتحاد الأوروبي بعد أن تمت تسوية القضية، لكنه يريد تحسين العلاقات مع بروكسل.
ولا يزال ملف آيرلندا الشمالية يسمم العلاقات مع بروكسل. تحاول لندن تصحيح الوضع بعد «بريكست»، وإنهاء المأزق السياسي الذي يعيق الاستعدادات للاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والعشرين لاتفاق السلام مع آيرلندا الشمالية. وكان الاتفاق أنهى في أبريل (نيسان) 1998 ثلاثة عقود من النزاع.