نادراً ما يكون لمرافق البنية التحتية مهام متعددة. فمحطات الكهرباء توزّع الكهرباء على المنازل، وجسور المرافق تنقل الأنابيب من أحد طرفي الجسر إلى الطرف الآخر؛ أي إن هذه المرافق النفعية للغاية صُمّمت لتخدم غرضاً واحداً محدداً. فلماذا نهتم بعمل المزيد؟
بالنسبة لفريق من المصممين البريطانيين، فإن الإجابة عن هذا السؤال تبدو بسيطة: 6 ملايين شخص سيسيرون إلى جوارها وسيرونها من خلال قطار متحرك. إذاً، لماذا لا تفعل البنية التحتية المزيد؟
في تصميم جديد عنوانه: «هنا نأتي... هنا نرتفع»، صممت شركة الهندسة المعمارية «إف دو» والفنانة لاكوينا جداراً ملوناً رائعاً يخفي وراءه محطة كهربائية فرعية في ضواحي لندن. بدّل الفريق نوع سياج الحواجز الباهت الذي يحيط عادة بهذه المرافق بمنحوتة تشبه القطار الأفعواني ترتفع مع البناء الخرساني للطرق السريعة والسكك الحديدية التي ترتكز عليها، حسبما ذكرت مجلة «فاست كومباني».
يقع العمل الفني على حافة «برنت كروس تاون»، وهو مشروع بقيمة 8 مليارات جنيه إسترليني (نحو 9.9 مليار دولار) في شمال لندن، تقوده شركه «ريليتد أرجنت». لن ينتهي البناء قبل بضع سنوات أخرى، على الرغم من أن المرحلة الأولى - حديقة مساحتها 4.5 فدان - افتتحت الصيف الماضي. في نهاية المطاف، ستوفر المحطة الفرعية كهرباء صديقة البيئة للمشروع بأكمله؛ إذ يضم المشروع 6700 منزل جديد، و3 ملايين قدم مربعة من المساحات المكتبية والتجارية والترفيهية.
منذ البداية، كان من المفترض أن يقوم الهيكل بأكثر من مجرد الإخفاء. حسبما أوضحت المديرة سارة كاسل، كان يجب أن يصبح معلماً يرمز إلى التغيير وتطور المنطقة. لذلك، تعاونت شركتا «إف دو» ولاكوينا على الفور واقترحتا شيئاً يبرز قيمة التطوير. باستغلال 50 فداناً من الحدائق، والملاعب التي تشغل مساحة 150.000 قدم مربعة من المرافق الداخلية، جعلت «برنت كروس تاون» من نفسها وجهة مهمة للرياضة والألعاب في شمال لندن. واستناداً إلى هذه الفكرة، استلهم الفريق فكرة الشخصيات الأيقونية المتحركة من دراسات «إيدويرد مويبريدج» التي غطت منحنى الهيكل كاملاً.
للتأكيد بشكل أكبر على الإحساس بالحركة، استعار المصممون مفهوم اللوحات الإعلانية المثلثة؛ إذ يعرض كل جانب من جوانب لوحة الإعلانات إعلاناً مختلفاً. فقد بنوا «كونسرتينا» – آلة الاوكورديون - من الألواح المعدنية المطوية التي تعرض ألواناً مختلفة على كل جانب. يتكون الهيكل في الواقع من 4 شرائط أفقية، لكل منها تسلسل هرمي لوني خاص به، يحمل الشريط العلوي عبارة تقول: «هنا نأتي... هنا نرتفع ونتألق»، اعتماداً على الزاوية التي تشاهدها منها. ومن ثَم تُضاء كل لوحة من الأعلى، مما يخلق تأثيراً متدرجاً يتلاشى باتجاه الأسفل.
لو أنك شاهدت لقطة من طائرة بلا طيار للموقع، ستدرك كيف أن المشروع جلب قطعة من الضوء الفضي البراق إلى هذه الزاوية الباهتة في شمال لندن. من السهل أيضاً تخيل التأثير الذي يمكن أن يحدثه نهج كهذا في مدن أخرى في المملكة المتحدة وخارجها. وتُعد المرافق الكبيرة مثل المحطات الفرعية الكهربائية ومحطات معالجة الصرف الصحي الضخمة أماكن منطقية لتنفيذ هذا النهج، خصوصاً عندما تُبنى وسط المدن، لكن حسب توماس براينز، المؤسس المشارك لشركة «إف دو»، فإن الفكرة قابلة للتنفيذ في المرافق الصغرى مثل مراكز توزيع الهاتف.
في السياق، قال براينز: «إنهم يقومون بعمل مهم حقاً من حيث توفير خدمات الهاتف، لكن هذه الصناديق الكبيرة قبيحة المنظر يمكن أن تكون لوحات بأحجام مختلفة تجلب البهجة للناس».
يمكن أن تساعد أجزاء البنية التحتية متعددة المهام في جذب انتباه الناس إلى الآليات المعقدة التي تسيّر الحياة في المدن. «كيف تفكر في آلية عمل المحطات الكهربائية؟»، الأمر الجوهري هنا هو كيف يمكننا أن نجعل عالمنا الحضري أكثر متعة للناظرين. فحسب سارة كاسل، فإن «للبيئة التي نبنيها بأيدينا تأثيراً عميقاً على ما نشعر به، ونحن نستشعر مسؤولية تصميم المزيد منها».
خدمات «تريبيون ميديا»*
محطة طاقة كئيبة في لندن تتحول إلى عمل فني رائع
محطة طاقة كئيبة في لندن تتحول إلى عمل فني رائع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة