«الوحدة» الليبية تبرم اتفاق غاز مع إيطاليا... و«النواب» يرفضه

انتقادات حادة للسفارة الأميركية بعد إجرائها اتصالات بقائد ميليشيا موالية للدبيبة

رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة خلال استقباله رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني في طرابلس أمس (حكومة الوحدة)
رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة خلال استقباله رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني في طرابلس أمس (حكومة الوحدة)
TT

«الوحدة» الليبية تبرم اتفاق غاز مع إيطاليا... و«النواب» يرفضه

رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة خلال استقباله رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني في طرابلس أمس (حكومة الوحدة)
رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة خلال استقباله رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني في طرابلس أمس (حكومة الوحدة)

أبرمت حكومة الوحدة الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، أمس، صفقة غاز مع إيطاليا بقيمة ثمانية مليارات دولار، على الرغم من غياب وزيرها المكلف بقطاع النفط وتصاعد الاعتراضات. وقال الدبيبة معلقاً على زيارة رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني إلى طرابلس، أمس، إنها تأتي في إطار «صداقة البلدين، وحرص إيطاليا على مساندة ليبيا»، مشيراً إلى أنه «تم تتويج الاتفاقية بتوقيع مذكرة تفاهم بين وزيري الخارجية بدعم ليبيا بخمسة زوارق للبحث والإنقاذ»، وأنه بحث مع ميلوني عدداً من الملفات المتعلقة بالهجرة والطاقة.
وخلال أول زيارة لها إلى ليبيا، منذ زيارة سلفها ماريو دراغي في أبريل (نيسان) عام 2021، أبرمت ميلوني صفقة غاز كبيرة مع الجانب الليبي، تهدف إلى تعزيز إمدادات الطاقة إلى أوروبا، على الرغم من تدهور الوضع الأمني والفوضى السياسية في ليبيا. واعتبرت ميلوني أن «ليبيا سوق استراتيجية للشركات الإيطالية»، وقالت إن «بلادها مدعوة للقيام بدورها»، مؤكدة أن «التعاون بين البلدين في مجال الطاقة يعزّز الاقتصاد الليبي». كما وصفت التوقيع على مذكرة التفاهم بـ«التطور المهم في العلاقات الاستثمارية، وخطوة أساسية تعزز العلاقة الاستراتيجية بين البلدين».
وبعدما لفتت إلى أن تعاون البلدين في مجال الطاقة قديم ومتجدد، رأت ميلوني أن مساهمة ليبيا في وقف الهجرة غير المشروعة «يجب أن تكون فعّالة... وليبيا تعرف أنها تستطيع أن تعتمد على إيطاليا فيما يتعلق بالاستقرار السياسي، وفي مشروع الذهاب إلى الانتخابات في زمن قصير»، مشيرة إلى أنها بحثت مع الدبيبة «الإسراع في بدء العمل سريعاً بمطار طرابلس العالمي، باعتبار أن وجود نظام أمني مناسب يعني رجوع الرحلات المباشرة بين البلدين».وتعد إيطاليا شريكاً تجارياً مهماً لليبيا، ولا سيما في مجال المحروقات، وتعد مجموعة «إيني» الإيطالية أكبر شريك أجنبي في استخراج الغاز الطبيعي في ليبيا، حيث يؤمن أكثر من ثلث احتياج استهلاك إيطاليا. وفي هذا السياق، استحضرت ميلوني مسيرة شركة «إيني» في ليبيا منذ عام 1959، ومساهمتها في تاريخ وتطور ليبيا، وفق قولها، وقالت بهذا الخصوص: «اليوم وبفضل خط غاز غرين ستريم، نحن نتقاسم أهدافاً أساسية تسهم في تعدد مصادر الطاقة. ولهذا فإن توقيع اتفاقية بين مؤسسة النفط الليبية وشركة (إيني) يعد خطوة مهمة في التعاون الطويل والمثمر بين البلدين».
في المقابل، سارع أعضاء في مجلس النواب إلى انتقاد الاتفاقية، ووصفوها بأنها «غير شرعية وغير قانونية»، كما رفضها محمد عون، وزير النفط والغاز بحكومة الدبيبة، الذي اعتبر أن «أي صفقة تبرمها المؤسسة الوطنية للنفط مع إيطاليا هي تفريط في ثروة الدولة الليبية».
وقال عون، الذي تغيب عن استقبال ميلوني، ولم يشارك في المحادثات التي أجرتها في طرابلس أمس، في مقطع فيديو على موقع الوزارة على الإنترنت، إن مثل هذه الاتفاقات «يجب أن تعقدها الوزارة»، واتهم رئيس مؤسسة النفط، فرحات بن قدارة، بتجاوز صلاحياته. لكن فرحات دافع عن الاتفاقية، وقال في مؤتمر صحافي أمس: «راعينا في اتفاقيتنا مع شركة (إيني) الإيطالية نشاط دول الجوار في مجال الاكتشافات البحرية والمخاطر المحيطة»، لافتاً إلى أن الاتفاقية «تدلّ على عمق العلاقات بين دولتين جارتين في حوض البحر المتوسط... وهي تعني أكثر من مجرد تطوير لحقول غاز تقترب احتياطاتها من 6 تريليونات قدم مكعب من الغاز، وقدرة إنتاجية ما بين 750 و800 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً، ولمدة 25 عاماً». أما كلاوديو ديسكالزي، الرئيس التنفيذي لشركة «إيني» الإيطالية، فقد وصف الاتفاق بأنه «مهم وتاريخي لإنتاج الطاقة في ليبيا».
في غضون ذلك، كشف قائد ميليشيات مسلحة، موالية لحكومة الدبيبة، النقاب عن إجرائه اتصالاً «نادراً» بمسؤولي السفارة الأميركية. وقال معمر الضاوي، آمر «الكتيبة 55 مشاة»، التابعة لحكومة الوحدة، إنه قام بزيارة السفير الأميركي لدى ليبيا، ووكيل شؤون السفارة الأميركية في ليبيا بالعاصمة التونسية، موضحاً أن اللقاء تناول «الموضوعات ذات الاهتمام المشترك». فيما أوضح بيان للكتيبة أن السفير الأميركي «أشاد بالجهود المبذولة المختلفة، وأبرزها الجانبان الأمني والاجتماعي داخل مدن وقرى الجفارة من قبل الضاوي».ويقود الضاوي «الكتيبة 55 مشاة» في مدينة ورشفانة، التي تقع على بُعد 30 كيلومتراً جنوب غرب العاصمة طرابلس، وكانت تعد في السابق من المجموعات المسلحة الموالية لحكومة الاستقرار الموازية، برئاسة فتحي باشاغا، وخلال الشهر الماضي زاره الدبيبة رفقة بعض وزرائه، عقب نجاته من محاولة اغتيال لدى زيارته إلى تونس. لكن أحمد حمزة، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، انتقد بشدة هذا الاجتماع، واعتبره «وصمة سياسية» للسفارة الأميركية لأنها قبلت بالجلوس والتحاور مع أحد أبرز قادة التشكيلات المسلحة، «الضالعة في ارتكاب انتهاكات ضد مواطنين ليبيين ومهاجرين»، وقال غاضباً: «هذا اللقاء نعتبره دعماً سياسياً لهذا الخارج عن القانون».
بدوره، أبلغ المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، بيتر ستانو، وسائل إعلام محلية ليبية، مساء أول من أمس، بأهمية «إدارة وتوزيع الموارد النفطية بشفافية وعدالة، بالإضافة إلى تقديم الخدمات العامة في جميع أنحاء البلاد لصالح جميع المواطنين». وقال إن «مذكرة التفاهم بين تركيا وحكومة الدبيبة، الموقعة في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022 أكدنا فيها موقفنا بشأن تجنب الأعمال التي يمكن أن تقوض الاستقرار الإقليمي»، موضحاً أن «الاتحاد الأوروبي تربطه مصالح اقتصادية قوية مع ليبيا».


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

جناح «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يستكمل خضوعه للحوثيين

جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)
جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)
TT

جناح «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يستكمل خضوعه للحوثيين

جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)
جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)

استكمل جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الحوثيين مسارَ الرضوخ لإملاءات الجماعة، وذلك بفصل الأمين العام للحزب، غازي علي الأحول، الذي لا يزال رهن الاعتقال، وتعيين شخصية مقرّبة من الجماعة نائباً لرئيس الحزب بديلاً عن أحمد علي صالح، نجل الرئيس اليمني الأسبق.

وعقدت اللجنة العامة (المكتب السياسي) لجناح الحزب اجتماعاً في صنعاء، الخميس، برئاسة صادق أمين أبو راس، رئيس الجناح في مناطق سيطرة الحوثيين، انتهى إلى اختيار عبد العزيز بن حبتور، الرئيس السابق لحكومة الحوثيين غير المعترف بها، نائباً لرئيس الحزب، في خطوة عُدّت استجابة مباشرة لمطالب حوثية علنية بعزل نجل الرئيس الأسبق، وتهديدات متكررة بإغلاق الحزب ومنع أنشطته.

جاء قرار إزاحة أحمد علي صالح بعد أسابيع من ضغوط متصاعدة مارستها الجماعة على قيادة جناح الحزب، شملت فرض قيود أمنية مشددة على تحركات رئيسه، وتهديدات بحل الحزب.


الدفاع المدني في غزة: سقوط 5 قتلى في قصف إسرائيلي على مدرسة

طفل فلسطيني يقف أمام منازل محطمة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني يقف أمام منازل محطمة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

الدفاع المدني في غزة: سقوط 5 قتلى في قصف إسرائيلي على مدرسة

طفل فلسطيني يقف أمام منازل محطمة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني يقف أمام منازل محطمة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 5 فلسطينيين، الجمعة، في قصف إسرائيلي على مدرسة حوّلت إلى ملجأ، في حين قال الجيش إنه أطلق النار على «أفراد مشبوهين».

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه تم «انتشال 5 شهداء جراء القصف الإسرائيلي لمركز إيواء مدرسة شهداء غزة» في حي التفاح، شرق مدينة غزة (شمال).

من جهته، قال الجيش الإسرائيلي لوكالة الصحافة الفرنسية إن قواته «أطلقت النار على الأفراد المشتبه بهم للقضاء على التهديد»، مضيفاً أنه «على علم بالادعاء المتعلق بوقوع إصابات في المنطقة، والتفاصيل قيد المراجعة».


العليمي يشيد بجهود السعودية والإمارات في خفض التصعيد شرق اليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
TT

العليمي يشيد بجهود السعودية والإمارات في خفض التصعيد شرق اليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

أشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، بجهود السعودية والإمارات في احتواء التصعيد وخفض التوتر بالمحافظات الشرقية، مؤكداً أهمية عدم الانزلاق إلى خطوات أحادية، أو تحركات عسكرية خارج الأطر المرجعية للمرحلة الانتقالية.

وجاءت تصريحات العليمي خلال لقائه، الخميس، في الرياض، رئيس مجلس النواب، سلطان البركاني، وعضوي هيئة رئاسة المجلس، محمد الشدادي ومحسن باصرة، للتشاور حول المستجدات الوطنية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، وجهود احتواء تداعياتها السياسية والاقتصادية والخدمية.

وبحسب المصادر الرسمية، استعرض العليمي خلال اللقاء، نتائج الاتصالات الجارية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، مشدداً على ضرورة الحفاظ على التوافق الوطني القائم، وعدم اتخاذ أي إجراءات أحادية قد تعقّد المشهد أو تقوّض مسار الشراكة السياسية، مع التذكير بالمرجعيات الناظمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي بالدور الذي تضطلع به السعودية، ومعها الإمارات، في قيادة مسار تهدئة مسؤول يهدف إلى خفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، بما يشمل انسحاب القوات الوافدة من خارج هذه المحافظات، وتمكين أبنائها من إدارة شؤونهم المحلية، بما يعزز الاستقرار ويحافظ على السلم الأهلي.

وجدد العليمي التأكيد على موقف الدولة من القضية الجنوبية، بوصفها «قضية وطنية عادلة»، وجزءاً أصيلاً من أي تسوية سياسية شاملة، تبدأ بمعالجة مظالم الماضي، وتنفتح على الخيارات التي تقررها الإرادة الشعبية في ظروف طبيعية. كما رحب بما صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من دعم جهود خفض التصعيد، والتنبيه إلى مخاطر أي توترات على فرص العيش والسلم الأهلي والأمن الإقليمي.

تشييع قتلى ومخاوف حقوقية

ميدانياً، شُيعت في مدينة مأرب، الجمعة، جثامين عدد من قتلى المنطقة العسكرية الأولى في موكب جنائزي رسمي وشعبي، بحضور رئيس هيئة الأركان العامة، قائد العمليات المشتركة الفريق ركن صغير بن عزيز، وقيادات عسكرية وأمنية، وأعضاء مجلس النواب، وشخصيات اجتماعية. وأكد المشيعون، بحسب الإعلام الرسمي، المضي في استكمال ما وصفوه بالأهداف الوطنية، مع التشديد على استعادة مؤسسات الدولة وإنهاء انقلاب الجماعة الحوثية.

تشييع جنود في مأرب قتلوا خلال التصعيد العسكري بوادي حضرموت (سبأ)

من جهتها، أعلنت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات توثيق 312 حالة اعتقال تعسفي وإخفاء قسري، قالت إن عناصر تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي نفذتها في وادي وصحراء حضرموت خلال الفترة من 2 إلى 18 ديسمبر (كانون الأول) 2025. وأوضحت الشبكة أن الاعتقالات شملت عسكريين ومدنيين من محافظات عدة، بينها حضرموت وتعز وريمة وذمار وحجة وأبين.

وأشارت الشبكة إلى تلقي بلاغات عن حملات اقتحام واعتقال واسعة في مدينة الشحر دون أوامر قضائية، إضافة إلى توثيق حالات اختطاف في مدينة سيئون، من بينها قاصران، معتبرة أن ذلك يمثل انتهاكاً خطيراً للقوانين الوطنية والمواثيق الدولية، لا سيما اتفاقية حقوق الطفل. وطالبت الشبكة بالإفراج الفوري عن جميع المحتجزين وفتح تحقيقات مستقلة، محذرة من مخاطر استمرار هذه الممارسات على السلم المجتمعي وسيادة القانون.

الزبيدي: الوجهة صنعاء

في موازاة ذلك، قال عضو مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، إن الهدف المشترك للقوى الوطنية المناهضة للجماعة الحوثية، يتمثل في تحرير مناطق الشمال الخاضعة لسيطرتها، وصولاً إلى العاصمة صنعاء.

وجاءت تصريحاته خلال لقائه، في القصر الرئاسي بمدينة عدن، قيادات جبهة مريس وحجر شمال محافظة الضالع، حيث استعرض مستجدات الأوضاع العسكرية وسبل تنسيق الجهود لمواجهة ما وصفه بالتصعيد الحوثي.

ونقل إعلام المجلس الانتقالي الجنوبي عن الزبيدي قوله إن الإجراءات التي نفذتها القوات التابعة للمجلس أخيراً في محافظتي حضرموت والمهرة، جاءت في سياق «تأمين الجنوب»، ليكون منطلقاً لتحرير مناطق الشمال، مؤكداً أن «الوجهة هي صنعاء»، رغم ما عدّه محاولات بعض القوى «حرف مسار المعركة عبر افتعال صراعات جانبية».

الزُّبيدي مجتمعاً في القصر الرئاسي بعدن مع قيادات عسكرية مرابطة في جبهات الضالع (المجلس الانتقالي الجنوبي)

ودعا الزبيدي إلى عدم الالتفات لما وصفها بـ«حملات التشويش والضجيج الإعلامي» الصادرة عن قوى فقدت تأثيرها السياسي، معتبراً أن الالتزام بالمسؤولية الوطنية والشراكة الصادقة يمثل الطريق الوحيد لتحقيق النصر.

وأضاف أن المجلس الانتقالي والقوات الجنوبية «ماضون على العهد» في مواجهة الحوثيين، مجدداً التأكيد على أن المعركة الأساسية يجب أن تبقى موجهة نحو الجماعة المدعومة من إيران.

وتطرق الزبيدي إلى الأوضاع الإنسانية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، معرباً عن أسفه لما يتعرض له السكان هناك من «قتل واضطهاد»، ومحملاً قيادات سابقة مسؤولية ما وصفه بالتخلي عن مسار التحرير والانحراف نحو مصالح خاصة، على حساب المصلحة الوطنية العليا، وفق تعبيره.