أسعد رشدان لـ «الشرق الأوسط» : الممثل اللبناني في عمري يعاني

قال إن الشهرة والأضواء لم تعد تهمّه

أسعد رشدان لـ  «الشرق الأوسط» : الممثل اللبناني في عمري يعاني
TT
20

أسعد رشدان لـ «الشرق الأوسط» : الممثل اللبناني في عمري يعاني

أسعد رشدان لـ  «الشرق الأوسط» : الممثل اللبناني في عمري يعاني

يلقّبونه بـ«جوكر» الدراما اللبنانية؛ كونه يستطيع تأدية أدوار الشر بامتياز، تماماً كتلك المتعلقة بالخير والرومانسية والفقر والثراء وغيرها. فالممثل اللبناني أسعد رشدان، الذي مضى على مشواره الفني نحو 50 عاماً، لا يزال يتمتع بحضور لافت في أعمال الدراما. محلياً وعربياً سطع اسمه وبرزت قدراته التمثيلية في أكثر من عمل، كما في «بارانويا» و«ورد جوري» و«أمير الليل» و«الهيبة» و«التحدي» و«رصيف الغرباء»، وغيرها.
حالياً يطلّ رشدان في «أسماء من الماضي» مع المُخرج إيلي معلوف في دور قريب إلى ضيف الشرف، وهو لا ينكر أنه دور عادي، ولكنه ينتظر أن يجسد واحداً من أحلى أدواره في تعاون آخر مع معلوف بعنوان «الزيتونة». ويعلّق: «لست ضد الإطلالة كضيف شرف، شرط أن تكون محورية، وهو أمر قدّمته في أعمال عديدة تركت أثرها عند المشاهد».
وفي حديثك معه تقلِّب صفحات غنية منذ بدايات الدراما اللبنانية وصولاً إلى اليوم. اليوم حيث ما عاد الإنتاج المحلي يشكل ذروة عصره، ولكن يبقى رشدان واحداً من أركانه الأصيلة. ويعلق، لـ«الشرق الأوسط»: «لا يزال للإنتاج المحلي جمهوره ومتابعوه، وهذه الشريحة من الناس لا يهمها سوى الحدوتة من العمل. فلا تدقق في التقنيات ولا في عمليات الإخراج. وكما في أي بلد آخر، الإنتاج المحلي يمثل هذه العلاقة الوطيدة بين بلد وشعبه. وحالياً لم يبق من منتجيها سوى قلة قليلة مثل مروان حداد وإيلي معلوف».

«جوكر» الدراما اللبنانية  جسد أدواراً بالمئات

ولا ينسى أن يُشيد بمنتجين لبنانيين كجمال ورائد سنان وصادق الصباح الذين أسهموا في ازدهار صناعة الدراما اللبنانية، وكذلك في تلوينها بأساسات محلية من مخرجين وممثلين.
وهل هو راض عن دوره الحالي في «أسماء من الماضي»؟ يردُّ: «لا أعتبره دوراً محورياً، ولكني أقوم بعملي على أكمل وجه. هناك معاناة أعيشها كغيري من الزملاء بعمري، سيما وأن أجورنا المادية تتراجع مع تراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار. وأنا شخصياً لست متفائلاً بما يحدث للبنان، لا بل يمكن القول إني قطعت الأمل بعودة الأمور إلى سابق عهدها».
يسير أسعد رشدان بين النقاط، فهو لم ييأس بعدُ ولم يستسلم لواقع قاتم، ولكنه في الوقت نفسه يكمل مشواره من باب شغفه بالتمثيل. وبرأيه، إن هناك شريحة من الممثلين محظوظة، في حين أن غيرها تجاهد كي تبقى وتستمر. وماذا تعني بالـ«محظوظة»؟ يوضح، لـ«الشرق الأوسط»: «أعني أن الأعمار تلعب دوراً أساسياً في انطلاقة مدوِّية لممثل، فعندنا أسماء ممثلين شباب يُعترف لهم بحرفيتهم وبمطرحهم على الساحة. فباسم مغنية ويوسف الخال وبديع أبو شقرا وغيرهم يقطفون الفرص التي تُقدَّم لهم، وهو أمر طبيعي. ومن ناحية ثانية تلعب الشللية والمصلحة دورهما في هذا الموضوع؛ لأن بعض شركات الإنتاج تطبِّقها في خياراتها التمثيلية».
وفق رشدان، فإن الدراما اللبنانية المحلية تشكو من بعض الشوائب كالبطء في عملية الإخراج، وكذلك اتباع أسلوب تقليدي غير حديث في حبكة العمل ككل.
وعن الفرق بين الأمس واليوم في هذا الإطار يقول: «الفرق شاسع، ولا مجال للمقارنة بين الزمنين. في الماضي كان الاتكال الأول على الممثلين وعلى مواهب تركت بصمتها على الشاشة. فمَن منا لا يتذكر محمود سعيد وعبد المجيد مجذوب وسمير شمص وإيلي صنيفر وغيرهم. فهؤلاء كانوا أصحاب مواهب ولم يدرسوا يوماً في معاهد فنية، أما اليوم فالتمويل يلعب الدور الأكبر والأهم، ولكن هؤلاء بنوا الدراما اللبنانية وأسّسوا لها بإنتاجات ونصوص جميلة ضمن أعمال لا تتعدى حلقاتها الـ13. واليوم عادت هذه القاعدة تنتشر من جديد؛ لأن الأعمال القصيرة تختصر الوقت ولا يعود هناك مكان للملل، كما أنها تخفف من ارتكاب الأخطاء وتضييع الوقت في تصوير عجلة سيارة أو حصان أو أي تفصيل آخر، فهذا البطء لا يخدم العمل بتاتاً، بل يتم حسابه (فوترته) على ساعات الإنتاج ليس أكثر، فهذا الأسلوب ينتج عنه التطويل الذي لا يقع في مصلحة العمل ولا مشاهده. فالتكنولوجيا قلبت قواعد كثيرة، ومواكبة العصر ضرورة، في حين أن بعض أعمالنا المحلية لا تزال تقبع في زمن آخر».
يصف أسعد رشدان نفسه بالممثل الذكي والمُلمّ بعلوم كثيرة؛ لأنه كان متفوقاً في دروسه وحتى في جامعته. «أنا إنسان حساس جداً، ولديّ منسوب عاطفي كبير ولكنني عصبيّ في الوقت نفسه. وعندما أمثل أستعمل كل هذه العناصر معاً وأستعيرها في وقتها اللازم كي أجسد الشخصية التي ألعبها بما يقنع المشاهد. وبرأيي، أن أساس النجاح عند الممثل هو تمتعه بالموهبة، وبعدها تأتي عناصر أخرى يجتهد كي يبلورها في عمله».
يغوص أسعد رشدان وهو يحدثك عن الحياة، اليوم، في أمور وجدانية إلى حد شعورك بأنه زاهد في الدنيا، فلا الشهرة ولا الأضواء ولا الأمجاد تلفته أو يهتم بتحقيقها. «صرت اليوم أميل أكثر نحو الوجدانيات والفلسفة، إذ أشعر بأني من خلالها أستطيع أن أكون جاهزاً للرحيل. حتى أغراضي الخاصة ما عادت تعني لي أي شيء. تبرعت بغالبية مقتنيات مكتبتي إلى صديق وهو محامٍ، ولم أتوان عن إعطاء أولادي بعض مقتنيات أخرى كانت عزيزة على قلبي. نظرتي للحياة وأنا في السبعين من عمري تغيرت وما عادت تشبه تلك التي عندما كنت شاباً. أسئلة كثيرة عن سر الوجود تراودني أحاول إيجاد أجوبة لها، وبذلك أكون مستعداً لساعة الصفر والانتقال إلى عالم آخر. لا أتكلم عن ذلك من باب اليأس أو الاستسلام أو في التفكير بالانتحار أبداً. فأنا متعلق بالحياة وما زلت أعطي لكل وقت ما يستحقه، ولكنني صرت أكثر واقعية وأحاول قدر الإمكان الحفاظ على سلامة صحتي».
الطاقة الإيجابية لا تزال تسكن أسعد رشدان، فالمراحل التي قطعها في حياته من طلعات ونزلات وتوقف عن التمثيل دام نحو 15 عاماً، إثر هجرته إلى أميركا، زادته خبرة. ويقول: «أنا حاضر اليوم لأي دور، فالتمثيل شغفي، وألبِّي عروضاً كثيرة من هذا المنطلق، ولكن الأدوار في عمري تقلّ، ويمكن أن يستفيد منها شخصان أو ثلاثة ليس أكثر. ولذلك بالكاد نلحظ حضور ممثلين من أبناء جيلي أمثال طوني مهنا وعصام الأشقر وجورد دياب».
قد تكون خسارته أصدقاء عزيزين على قلبه أثّرت على نمط حياته، فقد حزن لغياب أقربهم إلى قلبه الممثل بيار شمعون، وكذلك الرسام بيار شديد. اتجه نحو الوجدانيات وصار يغوص أكثر فأكثر في أسرار الحياة والموت. «كلنا نصل إلى هذه المرحلة مع التقدم في العمر، ومن الجيد وُلوجها بعمر أبكر، فموضوعات الإيمان والفلسفة والوجدانيات تزوِّدنا بالنضج وبخبرات قد تكون الأهم في مشوارنا».
ومن ناحية ثانية يفتخر رشدان بما حققه حتى اليوم في عالم التمثيل. ويتذكر بداياته يومَ مثَّل إلى جانب الراحلة صباح في مسرحية «ست الكل»، وفي مسلسل «البركة» و«اسمها لا»، وكذلك في مسلسل «بارانويا» إلى جانب قصي الخولي. ويختم: «أعلم جيداً أن لديّ طاقات كبيرة، وأنه كان في استطاعتي استخدامها بشكل أهم لو أتيحت لي الفرص».



مدحت العدل: أغنيات أم كلثوم حفزتني لكتابة الشعر

جانب من مؤتمر الإعلان عن مسرحية أم كلثوم (حسابه على {فيسبوك})
جانب من مؤتمر الإعلان عن مسرحية أم كلثوم (حسابه على {فيسبوك})
TT
20

مدحت العدل: أغنيات أم كلثوم حفزتني لكتابة الشعر

جانب من مؤتمر الإعلان عن مسرحية أم كلثوم (حسابه على {فيسبوك})
جانب من مؤتمر الإعلان عن مسرحية أم كلثوم (حسابه على {فيسبوك})

كشف الشاعر الغنائي والمؤلف المصري د. مدحت العدل عن تعاون جديد يجمعه بالمطرب عمرو دياب عبر أغنية كتبها له، بعد أن قدم لدياب عدداً كبيراً من الأغنيات الناجحة في بداية مسيرته الفنية على غرار «راجعين»، و«كان عندك حق»، و«رصيف نمرة خمسة»، و«هواك حيرني»، «ولا الليالي تهون»، وأغنيات فيلم «آيس كريم في جليم»، وأضاف العدل في حوار لـ«الشرق الأوسط» أنه انتهى أخيراً من كتابة المسرحية الموسيقية الاستعراضية «أم كلثوم» التي تروي سيرة «كوكب الشرق».

وحدد د. مدحت العدل أول مايو (أيار) لبدء بروفات المسرحية بعدما انتهى أخيراً من كتابة النص، لافتاً إلى أنه «النص الأصعب في حياته»؛ لأنه يقدم 75 سنة من حياة أم كلثوم في عرض مسرحي يستغرق ساعتين، ويتطرق لعدد من أغنياتها وبعض الشخصيات التي عاشت وأثّرت في حياتها، مؤكداً أن «الأمر لم يكن سهلاً أبداً».

العدل يتعاون مجدداً مع عمرو دياب (حسابه على {فيسبوك})
العدل يتعاون مجدداً مع عمرو دياب (حسابه على {فيسبوك})

وتحمس العدل لكتابة هذا النص لعدة أسباب من بينها «أنه مُتيم بأم كلثوم»، مؤكداً أن «أغنياتها حفزته لكتابة الشعر، بعدما تعلم منها أموراً عدة في هذا المجال بجانب صوتها الآسر، فقد عشت قصص الحب والتجارب الإنسانية والمواقف الوطنية في أغنياتها، وكان الشاعر أحمد رامي هو البطل الأكبر الذي أدخلني في دهاليز القصة؛ فهو صاحب بصمة مهمة في مشوارها، وصاحب تأثير كبير في تعلقي المبكر بالشعر».

وبعيداً عن مكانة فن أم كلثوم في حياة ومسيرة د. مدحت العدل، فإن ما دفعه لتقديم سيرتها في ذكرى مرور نصف قرن على وفاتها كونها «مطربة العرب الأولى» التي لا يوجد بلد عربي إلا وبه مقهى يحمل اسمها، مثلما يقول: «لم تكن أم كلثوم مطربة كبيرة أثرت في المجتمع العربي كله من المحيط إلى الخليج فقط، بل أيضاً سيدة تحدت زمنها الذكوري والعادات والتقاليد التي كبلت المرأة في عصرها، لتصبح هي الأولى بموهبة صوتية فريدة تشبه المعجزة وذكاء فطري لا يقل عن موهبتها، جعلها بعد نصف قرن من رحيلها لا تزال على القمة، ويكفي دورها الوطني وحفلات المجهود الحربي وحفل باريس، وقد بدت لي مثل (أسطورة إيزيس) التي جمعت (أشلاء أوزوريس)، إذ تظل حياتها درساً عملياً لمن يتطلعون لتحقيق نجاح خالد».

ولم يتحمس العدل لكتابة المسرحية فقط، بل قرر أيضاً إنتاجها عبر شركته الإنتاجية الجديدة «العدل غروب ستوديوز» ومشاركة «سي سينما للإنتاج»، لضمان تقديمها بالشكل اللائق على المسرح.

يعتمد العرض المسرحي على وجوه جديدة من المواهب الدارسة بالمعاهد التمثيلية والموسيقية ودار الأوبرا، الذين تم اختيارهم ليجمعوا بين التمثيل والغناء وتقديم الاستعراضات، ويحدد توجهه لذلك: «لم أرغب في الاستعانة بممثلين محترفين لأن صورتهم الذهنية معروفة للجمهور، كما أن من شروط العرض أن يتفرغ فريق العمل تماماً للمسرحية خلال عرضها الذي يبدأ في القاهرة وينطلق لمحافظات مصر، ثم خلال جولاتها المرتقبة في الدول العربية».

وتضم المسرحية شخصيات أثّرت في مسيرة أم كلثوم على غرار الملحنين والشعراء الذين ارتبطت بهم في أعمال عدة مثل رياض السنباطي ومحمد عبد الوهاب وبليغ حمدي، وعن مدى اهتمامه بتقديم ممثلين قريبي الشبه بهم، يقول: «الموهبة هي أساس الاختيار، لكن نحاول الجمع بين التقارب الشكلي والموهبة قدر الإمكان، لكن المهم أيضاً أن يقترب الفنان من روح الشخصية حتى لو لم يشبهها تماماً».

قال بأن الجمهور السعودي أول من منحنا {صك النجاح} لمسرحية {شارلي} التي نجحت أيضاً في مصر بشكل مذهل
قال بأن الجمهور السعودي أول من منحنا {صك النجاح} لمسرحية {شارلي} التي نجحت أيضاً في مصر بشكل مذهل

وقد كان «نجاح» مسرحيتيه «كوكو شانيل» التي أعادت النجمة شيريهان للفن، والعرض المسرحي الموسيقي «شارلي» دافعاً له لكي يعيد المسرح الغنائي للواجهة مجدداً، ويقول عن ذلك: «نجاح هذين العرضين أكد لي أن الجمهور لديه رغبة في مشاهدة مثل هذه العروض، وقد كان الجمهور السعودي أول من منحنا (صك النجاح) لمسرحية (شارلي) التي نجحت أيضاً في مصر بشكل مذهل».

يستدرك قائلاً: «أجد سعادتي في تقديم المسرح الموسيقي مستغلاً موهبتي الأساسية شاعراً، وفي أفلامي ومسلسلاتي كنت أتحين الفرصة لتقديم أغنيات، وفي هذه المرحلة من حياتي لا أريد أن أقدم سوى ما أحبه، لذا أتعامل مع عرض أم كلثوم بحب وشغف كبيرين».

ورغم دراسته الطب فقد آثر التفرغ للفن منذ بدأ مسيرته بصفته شاعراً عبر أغنية «جت من الغريب» للمطرب محمد الحلو، وقد حققت نجاحاً لافتاً، ويرى أنها أعطته درساً بليغاً بأنه لكي تصل للجمهور لا بد أن تستخدم مفرداته، وكان حبه للشعر الغنائي دافعاً له لتقديم فن «الأوبريت» من خلال أكثر من عمل، من بينها أوبريت «الحلم العربي»، كما كتب «تترات» الكثير من المسلسلات التي يؤلفها، أحدثها مسلسل «لأعلى سعر». كما كتب لمحمد فؤاد فيلم «أميركا شيكا بيكا» وأغنيات الفيلم، ومن بين أغنياته الأخرى «حبيبي يا عاشق» لمدحت صالح، و«في حب مصر» لمحمد منير، و«اتكلم عربي» لكارول سماحة، و«أنا مش ضعيفة» لأنغام، و«تسلم إيدك» لهشام عباس، و«صورتك ذكرياتي» لميادة الحناوي.

لم يرغب العدل في الاستعانة بممثلين محترفين لأن صورتهم الذهنية معروفة للجمهور (حسابه على {فيسبوك})
لم يرغب العدل في الاستعانة بممثلين محترفين لأن صورتهم الذهنية معروفة للجمهور (حسابه على {فيسبوك})

وكان عمرو دياب من أكثر المطربين الذين كتب لهم العدل أغاني، وها هو يعود إليه مجدداً بأغنية يتحفظ في كشف تفاصيلها، لكنه يؤكد: «أسمعني عمرو دياب لحنها أخيراً».

وفي ظل رئاسته لجمعية المؤلفين والملحنين في مصر يستعد للانتقال لمقر جديد لها، ويواصل دوره للحفاظ على حقوق الملكية الفكرية لأعضاء الجمعية وورثتهم، والتصدي للاعتداءات المتكررة عليها، كما يستعد لإقامة حفلات تكريم لكبار الشعراء والموسيقيين الحاليين، مؤكداً أنه من المهم تكريمهم في حياتهم والتي سيبدأها بتكريم الفنان حميد الشاعري، الذي حقق نقلة في الموسيقى، وساهم في ظهور مواهب غنائية عديدة، ما جعله رمزاً لجيل الثمانينات، حسبما يؤكد.