نواب المعارضة في البرلمان اللبناني لمتابعة تحقيق المرفأ و«محاسبة» المدعي العام

قرروا مقاطعة جلسات البرلمان باستثناء المخصصة لانتخاب الرئيس

نواب المعارضة خلال إعلان قرارات اجتماعهم أمس (الوكالة الوطنية)
نواب المعارضة خلال إعلان قرارات اجتماعهم أمس (الوكالة الوطنية)
TT

نواب المعارضة في البرلمان اللبناني لمتابعة تحقيق المرفأ و«محاسبة» المدعي العام

نواب المعارضة خلال إعلان قرارات اجتماعهم أمس (الوكالة الوطنية)
نواب المعارضة خلال إعلان قرارات اجتماعهم أمس (الوكالة الوطنية)

بدأت قوى المعارضة في البرلمان اللبناني مساراً تصعيدياً، شارك فيه 40 نائباً، يشكلون ما يقرب من ثلث أعضاء البرلمان (128 نائباً) وانتهى الاجتماع بإصدار بيان يدعو إلى محاسبة مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، والمطالبة بلجنة تقصي حقائق دولية في انفجار المرفأ، على خلفية الإجراءات القضائية الأخيرة والتعثر السياسي، رافضين إقرار أي قانون في مجلس النواب، والتأكيد على أن «مجلس النواب هيئة انتخابية ملتئمة بشكل دائم».
وانفجرت التوترات القضائية عندما وجه المحقق العدلي في الملف القاضي طارق البيطار استدعاءات قضائية وادعى على شخصيات جديدة، بينها مدعي عام التمييز نفسه، رغم أن دعاوى المتضررين كفت يد البيطار منذ سنة وأربعة أشهر، ما دفع عويدات، الأربعاء، لاتهام البيطار بأنه يغتصب السلطة. ورد عويدات على البيطار بإجراءات تضمنت إطلاق سراح 17 شخصاً كان البيطار قرر توقيفهم.
وأثار الانقسام القضائي توترات سياسية وشرخاً في المؤسسة القضائية، حيث رأى نادي القضاة، في بيان الخميس، أن قرار المحقق العدلي، مهما كانت الملاحظات القانونية عليه ويمكن معالجتها وفق الأصول، «لا يبرر ردة الفعل التي تبعته والتي جاءت للأسف خارجة عن الضوابط والأصول بشكل صارخ يهدم أساسات العدالة والقانون». ودعا «كل من ارتضى ألا يتصرف كقاضٍ ورهن نفسه لخدمة السلطة السياسية واللاعدالة إلى أن يبادر إلى الاستقالة تمهيداً للمحاسبة والمساءلة، لأنه لم يعد يشبهنا وأسهم في ضرب هيبة القضاء ودولة القانون والمؤسسات»، في إشارة إلى عويدات.
وإثر تلك التطورات، ذهبت المعارضة التي تتمثل بحزبي «القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» ونواب كتلة التغيير وشخصيات مستقلة معارضة، في خطوات تصعيدية سياسية، بحسب ما قالت مصادر نيابية، شملت الدعوات لتصويب العمل القضائي، كما تضمنت إجراءات سياسية تتمثل في عدم المشاركة في أي جلسة برلمانية تشريعية في الهيئة العامة، قبل انتخاب رئيس للجمهورية ووضع حد للشغور الرئاسي.
وغداة مؤازرة نواب المعارضة للناشطين وأهالي ضحايا المرفأ في اعتصامات وتحركات أمام قصر العدل، استكملت الخطوة، أمس، بالاجتماع الموسع الذي عقدوه في البرلمان، وحضره 40 نائباً وشارك فيه مستقلون وسياديون وممثلون عن حزبي «القوات» و«الكتائب»، أعلنوا في ختامه «تبنّينا للبيانين الصادرين عن مجلس نقابة المحامين في بيروت ونادي قضاة لبنان، وهما من أهل البيت القضائي والقانوني، وندعم مطالبتهما بالمحاسبة الفورية لمدعي عام التمييز بسبب ما قام به من مخالفات فاضحة».
وقال النواب المجتمعون، في بيان تلاه النائب وضاح الصادق: «نشهد انقلاباً مُدمّراً بدأ باغتيال العدالة في مقتلة بيروت التاريخية بقرارات ووسائل فاقدة للشرعية فلا مساومة على دم أبرياء 4 أغسطس (آب)»، في إشارة إلى تاريخ انفجار مرفأ بيروت الذي أدى إلى مقتل ما يزيد على 225 شخصاً، وإصابة نحو 6 آلاف، وتدمير أجزاء كبيرة من العاصمة اللبنانية.
وقال النواب: «نرفض أي مساس بصلاحيات المحقق العدلي لجهة إشراك أي قاضٍ رديف بملف عكف على إعداده قاضٍ لا يزال معيّناً أصولاً للتحقيق فيه ونطالب بمتابعة التحقيق وإصدار القرار الظني». وأضافوا: «ندرك مخاطر شغور الرئاسة وجئنا موحدين لنعلن أننا نلتزم بأحكام الدستور التي تنص على أن مجلس النواب هيئة انتخابية ملتئمة بشكل دائم».
ويتبنى حزب «القوات» تلك الخطوات التصعيدية، ويذهب أبعد إلى المطالبة بلجنة تحقيق دولية في الملف. وتوقف رئيس الحزب سمير جعجع عند «المسار الذي اتضحت معالمه لعرقلة التحقيق في قضية تفجير مرفأ بيروت»، مشدداً على أن «التطورات الأخيرة تحتم علينا توفير الدعم الكامل لاستكمال التحقيق من خلال التوجه فوراً نحو تأليف لجنة تقصي حقائق دولية للمساعدة في كشف الحقيقة في ملف هذه الجريمة وإعادة تصويب مسار العدالة».
واستقبل جعجع، أمس، سفيرة الولايات المتحدة الأميركيّة في لبنان دوروثي شيا، ترافقها المستشارة السياسية آيمي سميث والمستشار في السفارة فادي حافظ، في حضور رئيس جهاز العلاقات الخارجية الوزير السابق ريشار قيومجيان وعضو المجلس المركزي مارك سعد. وتباحث المجتمعون في المستجدات على الساحة اللبنانية على مدى ساعة ونصف الساعة، وجدد جعجع التأكيد على أن المدخل الأساسي للحل السياسي والاقتصادي في البلاد ينطلق من انتخاب رئيس للجمهورية يحقق التغيير والإنقاذ.
ولفت رئيس «القوات» إلى أن «المطلوب اليوم قطع الطريق أمام المعرقلين عبر الإبقاء على جلسات مجلس النواب مفتوحة حتى تأمين هذا الانتخاب، تماماً كما حصل في الولايات المتحدة منذ أسابيع، خصوصاً أن الوضع الاقتصادي المتردي يحتم على الجميع صحوة ضمير واتخاذ القرار المناسب لحماية حقوق ومصالح الشعب اللبناني الذي يرزح تحت عبء الأزمات أكثر فأكثر».
ويرفض نواب المعارضة الانقسامات في الجسم القضائي. وقال النائب أشرف ريفي، الذي لم يشارك في اجتماع نواب المعارضة، وكان يضع في الشمال إكليلاً من الزهر على ضريح الرائد وسام عيد الذي اغتيل في عام 2008: «اليوم يتم تسخيف القضاء ومؤسساته واستهداف قاضي التحقيق العدلي، لحماية من تم الادعاء عليهم، للتحقيق معهم لكشف من يقف خلف الانفجار الآثم، الذي أودى بحياة أكثر من 230 شهيداً وأكثر من 6000 جريح ودمر جزءاً كبيراً من العاصمة بيروت». وأضاف: «ما يجري على الساحة القضائية اليوم، لن يطمس الحقيقة بل على العكس، فقد أدى إلى أن يفتح اللبنانيون أعينهم على أن هناك من يحاول إخفاء حقيقة ما جرى وحماية منظومة الفساد والإجرام والإرهاب التي استهدفت أولادهم وفلذات أكبادهم وذويهم وأحباءهم».
وقال النائب غسان حاصباني، في تصريح تلفزيوني، أمس، إن النائب العام التمييزي «لم يخلِ سبيل الموقوفين في القضية وفق الأصول. فإن كانت لديه سلطة على الضابطة العدلية التي تملك مفاتيح السجن، فليست لديه سلطة الإفراج عن موقوفين في ملف ليس مسؤولاً عنه»، مضيفاً: «قرار عويدات فضيحة قضائية كبرى تضاف إلى الممارسات التي تهدف إلى تفكيك ما تبقى من القضاء ومصداقيته».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

خبراء: القصف الإسرائيلي ضد مواقع عسكرية سورية يتعارض مع القانون الدولي

قوات إسرائيلية تتحرك داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا في مرتفعات الجولان (إ.ب.أ)
قوات إسرائيلية تتحرك داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا في مرتفعات الجولان (إ.ب.أ)
TT

خبراء: القصف الإسرائيلي ضد مواقع عسكرية سورية يتعارض مع القانون الدولي

قوات إسرائيلية تتحرك داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا في مرتفعات الجولان (إ.ب.أ)
قوات إسرائيلية تتحرك داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا في مرتفعات الجولان (إ.ب.أ)

أكّد خبراء أمميون، أمس (الأربعاء)، أنّ الغارات الجوية التي شنّتها إسرائيل ضدّ مواقع عسكرية سورية أخيراً تتعارض مع القانون الدولي الذي لا يجيز نزع أسلحة دولة ما بطريقة «وقائية» لأنّ هذا الأمر يمكن أن يتسبّب بـ«فوضى عالمية»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقال المقرّر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب بن سول خلال مؤتمر صحافي في جنيف: «ليس هناك أيّ أساس على الإطلاق بموجب القانون الدولي لنزع سلاح بلد ما لا نحبّه بطريقة وقائية أو مسبقة».

وأضاف: «لو كان الأمر كذلك، لفُتح الباب أمام فوضى عالمية، لأنّ العديد من الدول لديها أعداء تودّ رؤيتهم منزوعي السلاح».

وشدّد سول، الخبير الأسترالي المتخصص في القانون الدولي الإنساني وقانون الأمم المتحدة، على أنّه «لا يمكنكم أن تتبعوا عدوكم أينما كان في العالم وأن تقصفوه».

وعلى غرار سائر المقرّرين المكلّفين من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فإنّ سول لا يتحدّث باسم المجلس.

بالمقابل، أوضح الخبير الأممي أنّ الوضع «مختلف» في لبنان، حيث تشنّ إسرائيل منذ أشهر غارات لتدمير مخازن أسلحة وذخيرة، مشيراً إلى أنّ وجه الاختلاف هو أنّه في لبنان «هناك نزاع مفتوح».

وإثر سقوط الرئيس السوري بشار الأسد، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنّ اتّفاق فض الاشتباك المبرم في 1974 بين سوريا وإسرائيل ملغى، وأمر بنشر جنود إسرائيليين في المنطقة العازلة في هضبة الجولان التي تفصل بين الجزء الذي احتلّته الدولة العبرية من هذه المرتفعات وضمّته إليها وبقية الهضبة السورية.

ولعقود خلت كانت سوريا حليفاً وثيقاً لإيران والحلقة الأساسية في طريق الإمداد البري لـ«حزب الله» من طهران.

وفي الأيام الأخيرة، شنّ الجيش الإسرائيلي مئات الغارات الجوية في سوريا، مستهدفاً مستودعات أسلحة كيماوية ومنظومات دفاع جوية ومخازن ذخيرة وقطعاً بحرية حربية.

وعن هذه الغارات قال الخبير الأممي: «هذا أمر غير قانوني على الإطلاق، وليس هناك أيّ أساس في القانون الدولي للقيام بذلك، لكنّه استمرار لما فعلته إسرائيل في سوريا منذ عقد من الزمان».

بدوره، قال المقرّر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز النظام الديمقراطي والعادل، جورج كاتروغالوس، إنّ ما تقوم به إسرائيل في سوريا «يندرج في إطار نمط».

وأضاف الأستاذ في القانون العام ووزير الخارجية اليوناني الأسبق أنّ «هذه حالة أخرى من حالات عدم احترام القانون التي تظهرها إسرائيل في المنطقة: هجمات لم يسبقها استفزاز ضدّ دولة ذات سيادة».