«أخي فوق الشجرة»... كوميديا «مكررة» تراهن على كاريزما رامز جلال

يلعب على وتر الضحك بأداء شخصيتين متناقضتين

لقطة من العمل
لقطة من العمل
TT

«أخي فوق الشجرة»... كوميديا «مكررة» تراهن على كاريزما رامز جلال

لقطة من العمل
لقطة من العمل

هل يمكن أن تعوض الكاريزما اللافتة لأحد نجوم الكوميديا، حبكة توصف بأنها «تقليدية»؟، وهل تصلح شعبية البطل لانتزاع الضحك حتى لو شعر الجمهور أنه بإزاء قصة مكررة؟
يبدو للوهلة الأولى أن صناع فيلم «أخي فوق الشجرة» الذي يعرض حالياً في دور العرض بمصر ضمن موسم إجازة منتصف العام الدراسي يميلون للإجابة بـ«نعم» عن مثل هذه النوعية من التساؤلات.
العمل بطولة الفنان رامز جلال الذي حقق شعبية كبيرة في السنوات الأخيرة عبر برنامج المقالب الشهير الذي يقدمه كل عام في شهر رمضان، فضلاً عن تألقه في عدد من الأعمال السينمائية مثل «غش الزوجية»، و«حد سامع حاجة».
يجسد رامز شخصية «علاء»، رجل في منتصف العمر يعمل بأحد الفنادق، يتميز بالوسامة والرشاقة، شديد الجدية في حياته ويتسم بالكفاءة والاجتهاد في عمله. يعشق الهدوء ويميل للصمت ويبدو في علاقاته الاجتماعية انطوائياً إلى حد كبير. انعكست طبيعة مهنته على شخصيته التي تتميز باللباقة والدبلوماسية، لكنه خجول، متردد، لا سيما على المستوى العاطفي، حيث يخفي مشاعره تجاه من يحب.

في المقابل، هناك شخصية على النقيض هي «بهاء» التي يجسدها أيضاً رامز جلال. إنه الشقيق التوأم غير المتماثل لـ«علاء». شخص يتسم بالبدانة اللافتة ويفتقر إلى الوسامة، لكنه يمتلك طاقة هائلة من المرح وخفة الظل والحضور الاجتماعي والقدرة على اكتساب الأصدقاء سريعاً. يلتقي الشقيقان وتتقاطع مصائرهما حين يتم استدعاء «علاء» إلى أبيه وهو على فراش الموت الذي يخبره بسر يتمثل في وجود شقيق له وأنه كي يحصل على ثروته الهائلة كميراث يقدر بـ100 مليون جنيه، عليه أن يتعرف على شقيقه ويعيشا معاً، حسب وصية الأب التي يشرف على تنفيذها المحامي.
اعتمد السيناريو الذي كتبه لؤي السيد على تفجير المفارقات الضاحكة الناتجة من التناقض الحاد في الطباع والميول بين الشخصيتين الرئيسيتين، فأحدهما خائف من الحياة ويهرب من المواجهة، بينما الآخر شديد الرعونة ويصمم على تجربة كل ما هو جديد. كما بدا الفيلم مباراة في إطلاق النكات و«الإفيهات» بين ثلاثي الضحك بيومي فؤاد وحمدي الميرغني ومحمد ثروت، في حين تقاسم الحضور النسائي كل من تارا عماد ونسرين طافش.
ويبدو عنوان العمل الذي يخرجه محمود كريم استمراراً لغرام رامز جلال بالعناوين التي تستلهم أسماء أعمال خالدة في الذاكرة الفنية مع عمل تعديل طفيف يصنع مفارقة كوميدية، فالاسم هنا يلعب على وتر «أبي فوق الشجرة»، بطولة عبد الحليم حافظ ونادية لطفي، إنتاج 1969، وهو ما تكرر في أعمال أخرى لرامز مثل «أحلام الفتى الطايش» الذي يتقاطع مع المسلسل الشهير لعادل إمام «أحلام الفتى الطائر» إنتاج 1978، و«أحمد نوتردام» الذي يعيد إلى الأذهان الرواية الشهيرة «أحدب نوتردام» لفكتور هوجو «1802 - 1885» والتي تم استلهامها في العديد من الأعمال المسرحية والسينمائية.

وبحسب الناقد الفني محمد عبد الخالق، فإن «رامز جلال فنان خفيف الدم مبهج الحضور، ظهر في السينما في أدوار صديق البطل الشاب الشقي خفيف الظل، لكنه بعد تألقه في برنامج المقالب الذي يقدمه منذ سنوات، انتقل لدور البطولة وقدم أفلام لايت كوميدي عدة، وحققت إيرادات لا بأس بها بسبب موعد عرضها الذي كان دائماً يأتي في عيد الفطر، فيستفيد من إيرادات العيد الضخمة وجمهور أفلام العيد الذي يغلب عليه الأطفال والمراهقون».
ويضيف عبد الخالق في تصريح إلى «الشرق الأوسط» قائلاً «يبدو أن رامز كان يتعمد استثمار حالة الجدل التي يثيرها برنامجه طوال شهر رمضان فيأتي فيلمه الجديد كل عام في موسم عيد الفطر مباشرة، لكن فيلمه الأخير (أخي فوق الشجرة) يخرج لأول مرة عن هذه القاعدة ويتم عرضه في موسم نصف العام الدراسي؛ وهو ما أثر إلى حد ما على إيراداته، خصوصاً أنه لجأ إلى ثيمة الظهور بشخصيتين، أحدهما يعاني من السمنة المفرطة، وهي ثيمة مكررة قدمها العديد من الفنانين من قبل، بالإضافة إلى أن كل أفلام منتصف العام جاءت تقريباً هذا الموسم كوميدية؛ مما صعّب المنافسة».


مقالات ذات صلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.