في اليوم الذي بدأت فيه وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا زيارتها لمدينة أوديسا جنوب أوكرانيا أمس الخميس، استهدفت القوات الروسية بالصواريخ مرافق البنية التحتية للطاقة في المدينة الساحلية صاحبة الميناء الشهير على ساحل البحر الأسود، وتسببت في انقطاعات للتيار الكهربائي، وفقاً لما قاله نظيرها الأوكراني دميترو كوليبا. وجاءت زيارة الوزيرة الفرنسية بعد يوم من تعهد حلفاء كييف الرئيسيين، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، زيادة الدعم العسكري لأوكرانيا من الدبابات القتالية الثقيلة للدفاع عن نفسها أمام القوات الروسية، التي قد تقوم بهجوم واسع مع بداية فصل الربيع، حسب التقديرات العسكرية الاستخباراتية.
وتهدف زيارة كولونا إلى أن تبعث برسالة إلى موسكو وسط مخاوف غربية من أن روسيا، بعد ما يقرب من عام على بدء غزو أوكرانيا، ربما لا تزال تخطط لشن هجوم على المدينة لحرمان أوكرانيا من منفذها البحري الرئيسي لتصدير الحبوب. ووصلت كولونا إلى أوديسا، المدينة الاستراتيجية، في إطار جهود فرنسا لتعزيز علاقتها مع أوكرانيا، وبحث احتياجاتها في الأشهر المقبلة.
وأدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، الأربعاء، المركز التاريخي لمدينة أوديسا على قائمة مواقع التراث العالمي المهددة بالخطر؛ بسبب القصف الصاروخي الروسي.
وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية، الخميس، أنه لا فرنسا ولا أي شريك من شركائها في حالة حرب مع روسيا، رافضة التعليقات التي أدلت بها موسكو بعد القرار الغربي بإرسال دبابات ثقيلة إلى أوكرانيا. وقالت المتحدثة باسم الوزارة آن كلير لوجندر في مؤتمر صحافي: «نرد بوضوح شديد، لسنا نحن ولا أي حليف من حلفائنا في حرب مع روسيا». وأضافت أن «تسليم المعدات العسكرية في إطار ممارسة الدفاع المشروع... لا يشكل انخراطاً في الحرب».
وجاء ذلك رداً على ما اعتبره الكرملين «تورطاً مباشراً» للغربيين في النزاع مع إعلانهم عزمهم على تسليم كييف دبابات ألمانية وأميركية الصنع. كما يأتي التوضيح بعد تصريحات وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك التي قالت: «نحن نقاتل في حرب ضد روسيا وليس فيما بيننا». وتابعت المتحدثة الفرنسية «نستنكر هذه التعليقات الصادرة عن الكرملين».
ووافقت ألمانيا، الأربعاء، على إرسال دبابات «ليوبارد 2» الثقيلة إلى أوكرانيا، وقد أعلنت دول النرويج وبولندا وإسبانيا إثر ذلك أنها سترسل قطعاً من هذه الدبابات إلى كييف. وبدوره، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن الولايات المتحدة ستقدم 31 دبابة «أبرامز» إلى كييف. ويشدّد مسؤولون غربيون على الطابع الدفاعي لهذه الدبابات لتهدئة غضب موسكو.
وبعد فترة وجيزة من وجود كولونا في أوديسا تعرضت المدينة لضربات صاروخية استهدفت منشآت البنية التحتية للطاقة الحيوية في المنطقة المحيطة، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي في المدينة. وكان من المقرر أن تزور أحد المواقع المتضررة.
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي للصحافيين قبل الزيارة: «إذا كان هدف روسيا حقاً هو حرمان أوكرانيا من كل منافذها على البحر، فإنها يوماً ما ستصل إلى أوديسا، مع العلم أن أوديسا هي بوابة لزعزعة استقرار مولدوفا ورومانيا والأراضي الأوروبية ككل». وأضاف «الفكرة هي إظهار أن أوديسا ليست مدينة أوكرانية فحسب، بل إنها مدينة مدرجة على قائمة التراث العالمي». ومن المقرر أن تناقش كولونا مع نظيرها الأوكراني دميترو كوليبا المساعدات الإنسانية والعسكرية. ومن المرجح أن تشمل المناقشات مسألة ما إذا كانت باريس مستعدة لتزويد كييف بدبابات قتالية من طراز لوكلير بعد أن تعهدت الولايات المتحدة وألمانيا بإرسال دبابات، مما يفتح الباب أمام حلفاء آخرين للقيام بذلك. ووافقت فرنسا حتى الآن على إرسال مركبات قتالية مدرعة. وتقول مصادر فرنسية إن دبابات لوكلير تحتاج للكثير من الصيانة، مما يجعل من الصعب إنشاء سلسلة لوجيستية في أوكرانيا. ونظراً لأن باريس لن تستطيع توفير إلا عدد صغير منها، فهذا يجعل تأثيرها في ساحة المعركة محدوداً. وقالت الحكومة إنها تدرس الطلب وستتخذ قراراً قريباً.
موسكو تستهدف أوديسا تزامناً مع زيارة وزيرة خارجية فرنسا
الجمعة - 5 رجب 1444 هـ - 27 يناير 2023 مـ رقم العدد [
16131]

كولونا وكوليبا يبحثان المساعدات الإنسانية والعسكرية (رويترز)

أوديسا (أوكرانيا) - باريس: «الشرق الأوسط»