ظريف مدافعًا أمام البرلمان: بذلنا أقصى ما في وسعنا.. ولم نقدم تنازلات

وزير الخارجية الإيراني قال إن المفاوضات الماراثونية لم تكن لتحقق كل مطلب لدى إيران أو الغرب

محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني يوجه كلمة إلى نواب البرلمان بخصوص الاتفاق النووي في طهران أمس (أ.ب)
محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني يوجه كلمة إلى نواب البرلمان بخصوص الاتفاق النووي في طهران أمس (أ.ب)
TT

ظريف مدافعًا أمام البرلمان: بذلنا أقصى ما في وسعنا.. ولم نقدم تنازلات

محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني يوجه كلمة إلى نواب البرلمان بخصوص الاتفاق النووي في طهران أمس (أ.ب)
محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني يوجه كلمة إلى نواب البرلمان بخصوص الاتفاق النووي في طهران أمس (أ.ب)

دافع محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، عن الاتفاق النووي الذي توصل إليه مع القوى العالمية بعد الانتقادات التي وجهها له متشددون، وشدد أمس الثلاثاء أمام البرلمان الذي يغلب عليه المحافظون على أن أغلب شروط بلاده، إن لم يكن كلها، قد استوفيت.
وقال ظريف مخاطبا نواب البرلمان: «نحن لا نقول إن الاتفاق بالكامل في صالح إيران. فأي مفاوضات فيها أخذ وعطاء. وبكل تأكيد أبدينا بعض المرونة». وتابع مدافعا عن موقفه: «أقول لكم كما قلت للمرشد الأعلى إننا بذلنا أقصى ما في وسعنا للحفاظ على أغلب الخطوط الحمراء، إن لم يكن كلها»، مشيرا إلى أن آية الله علي خامنئي هو الذي يملك القول الفصل في كل المسائل العليا التي تخص البلاد.
وبموجب الاتفاق التاريخي الذي أبرم في فيينا الأسبوع الماضي ستلتزم إيران بفرض قيود طويلة الأجل على برنامجها النووي، الذي يشتبه الغرب في أن هدفه تصنيع القنبلة الذرية، لكن إيران تصر على أنه برنامج سلمي. وفي مقابل ذلك سترفع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة عقوباتها المفروضة على إيران. لكن يتعين موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني وكذلك خامنئي نفسه على الاتفاق.
ومباشرة بعد التوصل إلى هذا الاتفاق بدأ الحرس الثوري الإيراني والمتشددون في انتقاده، والهجوم على قرار أقره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أول من أمس يقضي بموافقته على الاتفاق. وتركزت الانتقادات، بصفة خاصة، على بنود في الاتفاق تبقي على القيود السارية على نشاط إيران في تطوير الصواريخ الباليستية ومشترياتها من السلاح من الخارج.
وحتى الآن لم يصدر خامنئي حكما صريحا في الاتفاق، لكنه قال يوم السبت إنه لن يسمح بإساءة استخدام الاتفاق أو تعريض «أمن إيران وقدراتها الدفاعية» للخطر. كما قال أمام حشد من المواطنين كانوا يرددون هتاف «الموت لأميركا» إن الاتفاق لن يغير سياسة إيران الخارجية المناهضة للغرب.
وقال ظريف للنواب إن قرار الأمم المتحدة اقتصر على تقييد تطوير الصواريخ المصممة لحمل رؤوس نووية، وأوضح أن هذا لن يؤثر على برنامج الصواريخ الإيراني لأن إيران ليس لديها برنامج لتطوير صواريخ نووية.
وحسب مراقبين فربما سيحاول المتشددون في إيران إقناع خامنئي بتعطيل الاتفاق من خلال تصويره على أنه تجاوز «للخطوط الحمراء»، التي حددها المرشد الأعلى بنفسه. وفي هذا الصدد نقلت وكالة «تسنيم» للأنباء عن محمد علي جعفري، قائد الحرس الثوري، قوله أول من أمس إن بعض بنود مشروع قرار مجلس الأمن تجاوزت بوضوح الخطوط الحمراء التي رسمتها الجمهورية الإسلامية، خاصة ما يتعلق منها بالقدرات العسكرية لإيران.
وفي محاولة لطمأنة المعارضين، شدد ظريف، الذي قاد فريق المفاوضين الإيرانيين، والذي يواجه تشكيكا من جانب المحافظين الذين يشكلون غالبية في مجلس الشورى، أمام النواب على أن الاتفاق الذي أبرم بين إيران والقوى الكبرى سيضمن رفع العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة والغرب على إيران بسبب برنامجها النووي.
بعد أن وافقت إيران على الحد من أنشطتها النووية لعقد على الأقل، لكنها ستواصل تخصيب اليورانيوم، وسيسمح لها بمواصلة الأبحاث وتطوير تكنولوجيا نووية حديثة.
وردا على بعض المتشددين في مجلس الشورى الذين قالوا إنه تم تقديم الكثير من التنازلات في المفاوضات، أوضح ظريف أمس أن المفاوضات الماراثونية لم تكن لتحقق كل مطلب لدى إيران أو الغرب بقوله: «في كل مباحثات هناك تبادل للآراء، وعلى كل جانب أن يتخلى عن قسم من مطالبه لتحقيق الشق الأهم إلى حين الوصول إلى ما هو متوازن». وأضاف موضحا: «إن أهداف إيران الرئيسية التي قمنا بالإصرار عليها، تم تحقيقها. وبالنسبة للجانب الآخر فإن المطالب الرئيسية كانت منع إيران من الحصول على أسلحة نووية عبر قيود وإشراف».
واعتبر ظريف أن إيران حققت مكاسب أكبر من الاتفاق قائلا: «ما كسبوه كان أمرا قائما أساسا لأن إيران لم تسع أبدا إلى امتلاك السلاح الذري. وإنجازنا الأهم هو مصادقة مجلس الأمن الدولي» على الاتفاق النووي، وهي تمهد بذلك الطريق أمام رفع العقوبات الدولية تدريجيا.
ونقلت وكالة «فارس» الإيرانية عنه القول إن «ماراثون المفاوضات أثبت للجميع أن إيران لن تقدم أي امتيازات أو تنازلات، ولن تعدل تحت الضغوط عن خطوطها الحمر».
وعن موقف إسرائيل من الاتفاق، قال ظريف إن «الكيان الإسرائيلي لم يكن أبدا معزولا إلى هذا الحد، حتى بين حلفائه». واعتبر أن هذا هو السبب الذي أثار غضب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجعله «يصرخ في كل مكان» ويحاول عرقلة الاتفاق بأي ثمن. ورأى ظريف أن «الاتفاق وضع نهاية لعقود من الدعاية التي قام بها الكيان الإسرائيلي ضد إيران».
وبخصوص موقف الدول الغربية من الاتفاق أوضح ظريف أن المطلب الأساسي للدول الغربية كان يتجلى في عدم وصول إيران للقنبلة النووية من خلال فرض بعض القيود وعمليات المراقبة، واعتبر أن «ما حصل عليه الطرف الآخر تحصيل حاصل لأنه وفقا لمبادئنا الدينية والإنسانية لم ولن تسعى الجمهورية الإسلامية للسلاح النووي أبدا».



إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
TT

إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)

فرضت أفغانستان إجراءات أمنية مشددة، الخميس، قبل جنازة وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» خليل حقاني الذي قُتل في تفجير انتحاري أعلنت مسؤوليته جماعة تابعة لتنظيم «داعش».

وزير شؤون اللاجئين والعودة بالوكالة في حركة «طالبان» الأفغانية خليل الرحمن حقاني يحمل مسبحة أثناء جلوسه بالمنطقة المتضررة من الزلزال في ولاية باكتيكا بأفغانستان 23 يونيو 2022 (رويترز)

ويعدّ حقاني أبرز ضحية تُقتل في هجوم في البلاد منذ استولت «طالبان» على السلطة قبل ثلاث سنوات.

ولقي حتفه الأربعاء، في انفجار عند وزارة شؤون اللاجئين في العاصمة كابل إلى جانب ضحايا آخرين عدة. ولم يعلن المسؤولون عن أحدث حصيلة للقتلى والمصابين.

وخليل حقاني هو عم القائم بأعمال وزير الداخلية الأفغاني، سراج الدين حقاني، الذي يقود فصيلاً قوياً داخل «طالبان». وأعلنت الولايات المتحدة عن مكافأة لمن يقدم معلومات تقود إلى القبض عليهما.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني (إ.ب.أ)

ووفق بيان نقلته وكالة أنباء «أعماق»، قالت الجماعة التابعة لـ«داعش» إن أحد مقاتليها نفَّذ التفجير الانتحاري. وانتظر المقاتل حتى غادر حقاني مكتبه ثم فجَّر العبوة الناسفة، بحسب البيان.

وتقام جنازة الوزير عصر الخميس، في مقاطعة جاردا سيراي بإقليم باكتيا بشرق البلاد، وهو مركز عائلة حقاني.

يقف أفراد أمن «طالبان» في حراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وكانت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان بين من أدانوا الهجوم على الوزارة.

وقالت عبر منصة «إكس»: «لا يوجد مكان للإرهاب في المسعى الرامي إلى تحقيق الاستقرار». وأورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشاً تدريبية كانت تُعقد في الأيام الأخيرة في الموقع.

وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو الدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح جراء الحرب.

شقيق مؤسس «شبكة حقاني»

وخليل الرحمن الذي كان يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته هو شقيق جلال الدين، مؤسس «شبكة حقاني» التي تنسب إليها أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان خلال عقدين من حكم حركة «طالبان» الذي أنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001.

يقف أفراد أمن «طالبان» في استنفار وحراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 بعد مقتل خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين (إ.ب.أ)

وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني.

ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى خمسة ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية».

وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً».

وكان خليل الرحمن خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، بحسب تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل.

ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم (داعش - ولاية خراسان) لا يزال ينشط في البلاد وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان».

وسُمع في أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين في حكومة «طالبان» (إ.ب.أ)

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، قُتل طفل وأصيب نحو عشرة أشخاص في هجوم استهدف سوقاً في وسط المدينة.

وفي سبتمبر (أيلول)، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل ستة أشخاص وجرح 13 في مقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً أن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.