بعد تحريرها.. عدن تبدأ باستقبال المساعدات الإنسانية بحرًا

المحافظ الجديد يوجه بإصلاح الكهرباء في المناطق المحررة وإعادة الاتصالات والإنترنت إليها

يمني ينظر إلى السفينة المحملة بالمساعدات التي جلبها برنامج الأغذية العالمي أمام ميناء عدن أمس (أ.ب)
يمني ينظر إلى السفينة المحملة بالمساعدات التي جلبها برنامج الأغذية العالمي أمام ميناء عدن أمس (أ.ب)
TT

بعد تحريرها.. عدن تبدأ باستقبال المساعدات الإنسانية بحرًا

يمني ينظر إلى السفينة المحملة بالمساعدات التي جلبها برنامج الأغذية العالمي أمام ميناء عدن أمس (أ.ب)
يمني ينظر إلى السفينة المحملة بالمساعدات التي جلبها برنامج الأغذية العالمي أمام ميناء عدن أمس (أ.ب)

سلمت الأمم المتحدة أمس بحرًا شحنة من المساعدات الإنسانية إلى عدن، هي الأولى للمنظمة الدولية التي تصل إلى هذه المدينة في جنوب اليمن منذ أشهر، فيما وصلت سفينة ثانية محملة بالمساعدات الإنسانية أرسلتها الإمارات، بعد الظهر إلى عدن.
وقد شجع على نقل المساعدات إلى عدن، التي اعتبرتها منظمات غير حكومية ضرورية للتخفيف من حدة كارثة إنسانية، تمكن القوات الحكومية من تحرير القسم الأكبر من المدينة من أيدي المتمردين الحوثيين الذين كانوا يسيطرون عليها منذ نهاية مارس (آذار) الماضي.
وكان في استقبال السفينة محافظ عدن الجديد نايف صالح البكري وعدد من مسؤولي الإدارة التنفيذية بعدن. وقال المحافظ للصحافيين على رصيف الميناء: «إنها السفينة الأولى التي ترسو في مرفأ عدن لتسليم مساعدات إنسانية منذ بدء المعارك».
بدوره، أوضح وزير النقل بدر باسلمة الذي كان موجودا في الميناء، أن الحمولة تضم 4700 طن من المواد الغذائية والأدوية، وأن تفريغها تواصل حتى بعد الظهر.
من جانبه، قال المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي بيتر سميردون، الذي قام بتسليم الحمولة: «هذه أول سفينة يستأجرها برنامج الأغذية العالمي ترسو في الميناء منذ اندلاع الصراع في مارس (آذار) الماضي. لدينا سفن أخرى مستأجرة تنتظر التوجه إلى عدن تحمل المزيد من الأطعمة والوقود». ودعا سميردون لتوزيع المساعدات التي حملتها السفينة أمس واستئناف التجارة لأنها الوسيلة الوحيدة لتغطية احتياجات اليمن من الطعام. وقال «الأمم المتحدة ليس بوسعها سد الثغرة. هذه الثغرة لن يسدها سوى قطاع التجارة والسماح له باستيراد الطعام وتوزيعه في أنحاء البلاد».
كما وصلت سفينة ثانية إلى نفس الميناء محملة بمساعدة طبية من 2315 طنا أرسلتها دولة الإمارات العربية المتحدة، العضو المشارك في الائتلاف الذي تقوده المملكة العربية السعودية ويشن عمليات عسكرية ضد المتمردين منذ مارس الماضي من أجل إعادة الشرعية لليمن. وكانت الإمارات قد تمكنت في مايو (أيار) الماضي من إيصال مساعدات إنسانية عبر البحر إلى عدن، لكن من دون راية الأمم المتحدة.
واستأجر سفينة الأمم المتحدة برنامج الأغذية العالمي الذي حاول في الأسابيع الأخيرة تسليم مساعدة إنسانية، لكنه لم ينجح بسبب المعارك. وقالت المتحدثة باسم هذه المنظمة الدولية ريم ندا: «إنها أول سفينة يستأجرها برنامج الأغذية العالمي تبلغ مرفأ عدن».
وكان عدد من أفراد الحكومة اليمنية في المنفى في استقبال السفينة، علمًا بأنهم عادوا الأسبوع الماضي إلى عدن بعد إعلان السلطات تحريرها من المتمردين الحوثيين.
ووجه البكري غداة تعيينه من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي، محافظا جديدا لعدن، إدارة وموظفي قطاع الكهرباء والاتصالات في المدينة بسرعة إصلاح الكهرباء في المناطق المحررة وإعادة الاتصالات وشبكة الإنترنت إلى عدن في أسرع وقت ممكن. وأكد البكري أن من أولوياته كمحافظ لعدن خلال الشهرين القادمين هو دعم المقاومة في عدن ورعاية أسر الشهداء والجرحى وتثبيت الأمن والاستقرار وتفعيل الخدمات الأساسية للمواطنين.
وكان ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻤﻦ عبد الرقيب فتح قد أعلن أول من أمس عن بدء ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻹﻋﻤﺎﺭ ﻓﻲ ﻋدن، ﻣؤكدا ﺃن فرقًا ميدانية قد بدأت بتحديد ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ في المدينة. ﻭﻗﺎﻝ ﻓﺘﺢ ﻓﻲ ﺗﺼﺮﻳﺢ لوسائل الإعلام إن هناك خطة ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﻹﻋﺎﺩﺓ إعمار عدن، ﻣوﺿﺤﺎ ﺃﻥ ﻓﺮﻗﺎ ﻣﺤﻠﻴﺔ بدأت بتقييم ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﻠﻔﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤواجهات ﺍﻟمسلحة في المدينة. وأضاف أن العملية ﺳﺘﺒدأ ﺑﺈﻋﺎﺩﺓ تأهيل مطار عدن وﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻊ السعودية والإمارات.
بدوره، قام «ائتلاف عدن للإغاثة الشعبية» بتوزيع الآلاف من الحصص الغذائية على الأسر النازحة والمتضررة في عدن. وأوضح عدنان الكاف الناطق الرسمي باسم «ائتلاف عدن للإغاثة الشعبية» لـ«الشرق الأوسط»، أن الائتلاف قام بتوزيع 6500 سلة غذائية في منطقة القاهرة التابعة لمديرية المنصورة في عدن. وجاءت هذه العملية في إطار مشروع يقوم به «ائتلاف عدن» لمساعدة الأسر النازحة والمتضررة والمحاصرة على مدى الأشهر الرابعة الفائتة.
وقد تعذر تطبيق هدنة إنسانية أعلنتها الأمم المتحدة في العاشر من يوليو (تموز) الحالي، بسبب استمرار النزاع الذي أسفر، كما تقول المنظمة العالمية للصحة، عن مقتل 3640 شخصا. ومن هؤلاء القتلى 1693 مدنيا، كما أوضحت المفوضية العليا للأمم المتحدة للاجئين. وبحسب الأمم المتحدة فإن 80 في المائة من الشعب اليمني، أي 21 مليون شخص، بحاجة إلى المساعدة أو الحماية وأكثر من 10 ملايين شخص لا يجدون الطعام ومياه الشرب.



«تفاهمات» جديدة لـ«إعمار غزة» أمام الوسطاء

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«تفاهمات» جديدة لـ«إعمار غزة» أمام الوسطاء

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة (أ.ف.ب)

بدأ وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مناقشات دراسة أولية بشأن إعادة الإعمار في القطاع، في أعقاب تأخر عقد مؤتمر القاهرة بشأن التعافي المبكر، وتسريبات أميركية وإسرائيلية تتناول مشاريع إعمار تثير مخاوف بشأن تهجير الفلسطينيين وتقسيم القطاع.

تلك الدراسة التي ناقشها الوسطاء في اجتماع ميامي، وكشفت عنها أنقرة، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تفتح مسار تفاهمات جديدة بين الإعمار الشامل الذي تريده مصر والعرب وتركيا، مقابل خطط الإعمار الجزئي المطروح إسرائيلياً أو برؤية واشنطن، مشيرين إلى أنه ما دامت المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار لم تدخل فهذه المناقشات «هروب للأمام، وتأجيل للحلول، وبحث عن تفاهمات لسد الفجوات وإنهاء تجميد هذا المسار الحيوي للفلسطينيين».

وغداة اجتماع الوسطاء في مدينة ميامي الأميركية، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في تصريحات أدلى بها للصحافيين، السبت: «إن هناك تفاهمات تبعث على الأمل رغم تعنت إسرائيل»، مضيفاً: «هناك دراسة أولية بشأن إعادة إعمار غزة، تم تقديمها، ونقاشها بشكل تمهيدي»، وفق ما ذكرته وكالة «الأناضول» التركية.

ولم يقدم فيدان تفاصيل بشأن تلك الدراسة الأولية، وهل هي متفقة مع ما هو مطروح عربياً أو إسرائيلياً أو أميركياً، وتمسك بأهمية أن يدار القطاع من قبل أبنائه، مؤكداً رفض أي مخططات لتقسيم أراضي غزة.

شاحنات مساعدات مصرية في طريقها إلى قطاع غزة ضمن قوافل «التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي» (مؤسسة مصر الخير)

وسبق حديث فيدان بيوم، تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن خطة أعدها جاريد كوشنر صهر الرئيس دونالد ترمب ومبعوثه ستيف ويتكوف تسمى «مشروع شروق الشمس» لإعمار غزة بدأ من الجنوب في رفح على مدار 10 سنوات، مع اشتراط نزع سلاح «حماس»، دون تحديد أين سيقيم نحو مليوني فلسطيني نازح خلال فترة إعادة البناء.

وجاءت هذه التسريبات بعد نحو 8 أيام من نقل موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤول إسرائيلي قوله إن «تل أبيب وافقت مبدئياً على دفع تكاليف إزالة الأنقاض من قطاع غزة، وأن تتحمل مسؤولية العملية الهندسية الضخمة، بعد طلب من الولايات المتحدة، وستبدأ بإخلاء منطقة في رفح جنوب القطاع من أجل إعادة إعمارها».

وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أكد كوشنر، في مؤتمر صحافي بإسرائيل، أن إعادة إعمار غزة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي «مدروسة بعناية، وهناك اعتبارات جارية حالياً في المنطقة الخاضعة لسيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي، إذا أمكن تأمينها لبدء البناء، بوصفها غزة جديدة، وذلك بهدف منح الفلسطينيين المقيمين في غزة مكاناً يذهبون إليه، ومكاناً للعمل، ومكاناً للعيش»، مضيفاً: «لن تُخصَّص أي أموال لإعادة الإعمار للمناطق التي لا تزال تسيطر عليها (حماس)».

ويرى مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير حسين هريدي أن هذا الحديث عن دراسة أولية، غير معروفة تفاصيلها هل عربية أو أميركية، يأتي في ظل طرح أميركي بخطة للإعمار، وكذلك إسرائيل بحديث عن إعمار جزئي في منطقة سيطرتها بالخط الأصفر بالقطاع، مشيراً إلى أن أي حديث عن بدء الإعمار دون الدخول للمرحلة الثانية محاولة للهروب للأمام لا سيما من واشنطن، ولا يعني حالياً سوى البحث عن تفاهمات جديدة، والأقرب تنفيذ أو فرض الخطة الأميركية بضمانات.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن مصر وقطر وتركيا لن تقبل أي خطط تهدد خطة الإعمار الشامل، والقاهرة أعلنت أكثر من مرة أهمية بدء الإعمار ومساعيها المتواصلة لعقد مؤتمر للإعمار سيكون بشراكة مع واشنطن، مشيراً إلى أن أي دراسة بشأن الإعمار يجب أن تتوافق مع يطلبه الفلسطينيون، وليس كما ترغب واشنطن في خطط شروق الشمس أو إسرائيل بالإعمار الجزئي في مناطق سيطرتها التي تصل لنحو 52 في المائة بالقطاع متذرعة بعدم نزع سلاح «حماس».

تلك الدراسة التي طُرحت في اجتماع ميامي، ولم تُكشف تفاصيلها كاملة بعد، جاءت بعد نحو 17 يوماً من إعلان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في مؤتمر صحافي ببرلين، مع نظيره الألماني، يوهان فاديفول: «التشاور مع الولايات المتحدة لتكوين رئاسة مشتركة لمؤتمر الإعمار»، الذي يأمل «التوافق على توقيته في أسرع وقت ممكن بالتعاون مع الشركاء».

وبعد ذلك، قال رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، في جلسة بـ«منتدى الدوحة»، أخيراً: «سنواصل دعم الشعب الفلسطيني، لكننا لن نمول إعادة إعمار ما دمره الآخرون»، ووصفت وقتها تلك التصريحات القطرية، من جانب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بأنها «ضغط على واشنطن لدفع إسرائيل لتنفيذ انسحاب وبدء إعمار شامل وليس جزئياً».

وكان مؤتمر إعمار قطاع غزة الذي كانت القاهرة ستنظمه في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أُجِّل دون ذكر السبب، بينما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، تميم خلاف لـ«الشرق الأوسط»، نهاية الشهر الماضي، إن القاهرة تعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على تهيئة البيئة المناسبة لنجاح مؤتمر «التعافي المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة». في معرض ردّه على سؤال عن سبب تأجيل المؤتمر.

ويرى هريدي أن جهود مصر ستتواصل مع الوسطاء لوضع الإعمار موضع التنفيذ، لكن سيبقى دخول المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار هو المعيار لتحديد ماذا سيحدث، وهل حدثت تفاهمات أو ستفرض خططاً معنية وتُرفض عربياً أو ماذا؟

بينما شدد الرقب أن أي حسم لأي خطة ستنفَّذ أميركية أم عربية يتوقف أولاً وقبل أي شيء على بدء المرحلة الثانية من اتفاق غزة، ونشر قوات الاستقرار، وبدء انسحاب إسرائيل، وإلا فما يحدث هو كسب للوقت وتأخر لأي مشاريع إعمار حقيقية تطرحها الخطة العربية بقيادة مصر.


الصومال يتأهب أمنياً لأول انتخابات مباشرة منذ 6 عقود

قائد قوات الشرطة الوطنية بالصومال العميد أسد عثمان عبد الله (وكالة الأنباء الصومالية)
قائد قوات الشرطة الوطنية بالصومال العميد أسد عثمان عبد الله (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

الصومال يتأهب أمنياً لأول انتخابات مباشرة منذ 6 عقود

قائد قوات الشرطة الوطنية بالصومال العميد أسد عثمان عبد الله (وكالة الأنباء الصومالية)
قائد قوات الشرطة الوطنية بالصومال العميد أسد عثمان عبد الله (وكالة الأنباء الصومالية)

وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة تقترب أول انتخابات مباشرة في الصومال منذ عقود، من خطوة التصويت الشعبي، الخميس المقبل، وسط خلافات سياسية بين الحكومة الفيدرالية والمعارضة، ومواجهات بين الجيش و«حركة الشباب» الإرهابية.

تلك الإجراءات شملت نشر 10 آلاف عنصر أمني وتقييد التحرك في مقديشو يوم الاقتراع، يراها خبير في الشأن الأفريقي والصومال، في حديث لـ«الشرق الأوسط» بمثابة تعزيز لمسار الانتخابات المباشرة وتأمينها ضد أي مخاطر محتملة؛ كون أن نجاح هذا الاقتراع سيسهم في تعزيز استحقاقات مهمة في 2026.

وأفاد قائد قوات الشرطة الصومالية، العميد أسد عثمان عبد الله، بأنه سيتم تقييد الحركة في مدينة مقديشو الخميس المقبل الموافق 25 ديسمبر (كانون الأول) 2025؛ لضمان تمكّن المواطنين من الإدلاء بأصواتهم بأمان في انتخابات المجالس المحلية المقرر إجراؤها في مديريات محافظة بنادر، حسب ما نقلته «وكالة الأنباء الصومالية» الرسمية، الاثنين.

ووفقاً للمصدر ذاته: «هذا، وتقوم قيادة قوات الشرطة الوطنية باستعدادات قوية لضمان أمن انتخابات المجالس المحلية المباشرة التي من المتوقع إجراؤها في مقديشو بعد انقطاع دام نحو خمسين عاماً؛ وذلك لإتاحة الفرصة للمواطنين لاختيار قادتهم».

كما أعلن وزير الأمن الصومالي، عبد الله شيخ إسماعيل، الأحد، أن بلاده ستنشر أكثر من 10 آلاف عنصر أمني في العاصمة مقديشو قبيل الانتخابات المحلية المقررة الأسبوع المقبل والتي تُعدّ أول انتخابات مباشرة منذ نحو 60 عاماً.

وتنظم الانتخابات المحلية في مقديشو، بعد تأجيلها إلى 25 ديسمبر 2025، بدلاً من الموعد المقرر سابقاً في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) بناءً على طلب رسمي من 61 جمعية سياسية، تُمثل مجتمعة أكثر من 900 ألف ناخب مسجّل في العاصمة، حيث طلبت هذه الجمعيات «وقتاً إضافياً لإعداد مرشحيها، واستكمال الترتيبات اللوجستية» قبل التصويت؛ بهدف ضمان مشاركة أكبر، وتحسين الجاهزية، وسلاسة العملية الانتخابية، وفق ما أعلنه وقتها رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بالصومال، عبد الكريم أحمد حسن.

ويستبعد الخبير في الشؤون الأفريقية، الدكتور علي محمود كلني، إمكانية تهديد أمني خطير حالياً من الإرهابيين أو جماعات المعارضة، لافتاً إلى أن ما طرح رسمياً بشأن الانتشار الأمني سيساعد في تعزيز عدم وجود أي تهديد، لكن تقييد حركة المرور قد يعقّد العملية الانتخابية وغير معروف كيف يمكن تنفيذه وقد لا ينفذ مع الإقبال.

وأضاف: «سيأتي الناخبون في مقديشو من أماكن بعيدة ولن يتمكنوا من الوصول إلى مراكز الاقتراع من دون وسائل نقل، خاصةً وأن عملية تسجيل الناخبين كانت في الأصل تعتمد على نظام غير محلي، حيث كان كل ناخب يسجل في الدائرة التي تقيم فيها عائلته».

وعلى سبيل المثال، أوضح كلني أنه يمكن لناخب يسكن في حي أفجوي، الذي يبعد 30 كيلومتراً عن مقديشو، التسجيل في الدائرة التي ينتمي إليها، داعياً إلى النظر في هذه النقطة.

ويشارك في انتخابات 25 ديسمبر التي تقاطعها المعارضة لأسباب تتعلق باتخاذ الحكومة الفيدرالية «إجراءات انتخابية أحادية»، أكثر من 1600 مرشح يتنافسون على 390 مقعداً في منطقة بنادر في جنوب شرقي البلاد، وأحصت الهيئة الانتخابية تسجيل نحو 400 ألف ناخب للتصويت في هذه الانتخابات.

وفي أبريل (نيسان) الماضي، نظمت البلاد أول عملية تسجيل للناخبين منذ عشرات السنين؛ تمهيداً لإجراء اقتراع عام وإنهاء نظام التصويت غير المباشر المعقد القائم على العشائر والمطبق منذ عام 1969، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأُلغي نظام التصويت المباشر في الصومال بعد تولي الرئيس محمد سياد بري السلطة عام 1969. ومنذ سقوط حكومته عام 1991، يقوم النظام السياسي في البلاد على هيكل قبلي، والانتخابات التي ستجرى الخميس بنظام «شخص واحد صوت واحد»، تم تأجيلها ثلاث مرات هذا العام، ومن المتوقع أن تنظم البلاد أيضاً انتخابات رئاسية عام 2026، مع انتهاء ولاية الرئيس حسن شيخ محمود.

ويعتقد كلني، أن الانتخابات، التي سيشارك بها منظمات سياسية، أبرزها حزب Jsp، وتوفيق، ورماس، وكرامة، وغيرها الكثير، مثيرة للاهتمام وذات مغزى من حيث كيفية إدارتها من البداية إلى النهاية، وسيقاس على نتائجها.

ومنذ عام، يشتد الجدل داخل الصومال بشأن الانتخابات المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع أُجري عام 1968، بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي تعتمد بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، التي جرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة 4 عشائر كبرى، هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية على نحو لافت، وكانت العودة لاستكمال الدستور المؤقت الذي يعود إلى 2012 هي الشرارة الأبرز لتفاقم الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وغوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.

واشتدت الخلافات بين الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود والمعارضة، بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو (أيار) الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

وأوضح كلني أنه إذا جرت هذه الانتخابات بسلام، فستكون بمثابة اختبار حقيقي للانتخابات المباشرة التي دعت إليها الحكومة، والتي سيختار الشعب من خلالها قادته على جميع المستويات، مشيراً إلى أن إتمام هذا الاقتراع ستكون هذه بدايةً لانتخابات مباشرة وشاملة تعزّز فرص تكررها مع رئاسيات 2026.


تصعيد «الانتقالي الجنوبي» يضع «مجلس القيادة اليمني» أمام اختبار «وحدة القرار»

جانب من اجتماع سابق لـ«مجلس القيادة الرئاسي» اليمني (سبأ)
جانب من اجتماع سابق لـ«مجلس القيادة الرئاسي» اليمني (سبأ)
TT

تصعيد «الانتقالي الجنوبي» يضع «مجلس القيادة اليمني» أمام اختبار «وحدة القرار»

جانب من اجتماع سابق لـ«مجلس القيادة الرئاسي» اليمني (سبأ)
جانب من اجتماع سابق لـ«مجلس القيادة الرئاسي» اليمني (سبأ)

أعاد التصعيد الميداني الذي أقدم عليه «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتي حضرموت والمهرة، خلط الأوراق داخل معسكر الشرعية اليمنية، وفتح باباً واسعاً للتساؤلات حول مدى قدرة «مجلس القيادة الرئاسي» على العودة للتماسك، وفرض وحدة القرار بشقيه السياسي والعسكري، في مرحلة تُعد من أكثر المراحل اليمنية تعقيداً منذ تشكيل المجلس في أبريل (نيسان) 2022.

وفي أحدث هذه التطورات، أعلن وزراء ونواب وزراء ووكلاء ومحافظون محسوبون على «الانتقالي الجنوبي»، إضافة إلى مسؤولين حكوميين مقربين منه، تأييدهم العلني لإجراءاته في حضرموت والمهرة، واصطفافهم السياسي خلف رئيسه عيدروس الزُّبيدي، الذي يشغل في الوقت ذاته، منصب نائب رئيس «مجلس القيادة الرئاسي»، في خطوة عُدّت، «تجاوزاً غير مسبوق لمبدأ الشراكة داخل أعلى سلطة تنفيذية في البلاد».

وعلى وقع هذه الخطوات من قبل المسؤولين الحكوميين المحسوبين على «الانتقالي»، صدر بيان عن رئيس «مجلس القيادة الرئاسي»، رشاد العليمي، نُسب إلى «مصدر مسؤول» في مكتب رئاسة الجمهورية، عبّر فيه، عن قلق واضح إزاء ما وصفه بـ«خروج بعض الوزراء والمسؤولين التنفيذيين عن مهامهم الوظيفية»، وتحولهم إلى التعبير عن مواقف سياسية «لا تنسجم مع المرجعيات الدستورية والقانونية الناظمة للمرحلة الانتقالية وعمل مؤسسات الدولة».

رشاد العليمي رئيس «مجلس القيادة الرئاسي» اليمني يصافح عضو المجلس عيدروس الزبيدي (سبأ)

وشدّد البيان على «أن القيادة السياسية الشرعية، المعترف بها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والممثلة بمجلس القيادة الرئاسي، هي الجهة الوحيدة المخولة بتحديد المواقف السياسية العليا للدولة»، محذراً من أن «استغلال المنصب الرسمي لتحقيق مكاسب سياسية، يُعد خرقاً جسيماً للدستور والقانون، وإضراراً بوحدة السلطة التنفيذية، ومساساً بالسلم الأهلي والتوافق الوطني القائم».

ووجّه العليمي الحكومة والسلطات المختصة «لاتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية كافة بحق أي تجاوزات تمس وحدة القرار، أو تحاول فرض سياسات خارج الأطر الدستورية»، مؤكداً «ضرورة الالتزام الصارم بقرارات مجلس القيادة، والبرنامج الحكومي، ومرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض».

ولم يخلُ البيان من رسالة سياسية مباشرة إلى شركاء «المجلس الانتقالي الجنوبي»، دعاهم فيها، «إلى تغليب الحكمة ولغة الحوار، وتجنيب البلاد تهديدات غير مسبوقة، تشمل الأمن الوطني والإقليمي والدولي، وعدم التفريط بالمكاسب التي تحققت خلال السنوات الماضية بدعم من تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، بما في ذلك مكاسب القضية الجنوبية العادلة».

مشهد معقد

يضم «مجلس القيادة الرئاسي» إلى جانب رئيسه العليمي سبعة أعضاء، من بينهم ثلاثة ينتمون لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي»، هم: عيدروس الزُّبيدي، وعبد الرحمن المحرمي، وفرج البحسني، وجميعهم يُعدّون مؤيدين لخطوات «الانتقالي» الأخيرة في المحافظات الشرقية، ما يضع المجلس أمام معادلة معقّدة بين الشراكة السياسية وتضارب الأجندات.

في المقابل، لم تصدر حتى الآن مواقف صريحة من عضو المجلس طارق صالح بشأن التطورات الجارية، سواء بالتأييد أو الاعتراض، باستثناء تأكيده الدائم أنه «لن يخوض أي صراع في المناطق المحررة، وأن الوجهة يجب أن تكون صنعاء الخاضعة للحوثيين». كما التزم عبد الله العليمي، عضو المجلس المنتمي إلى الجنوب، والممثل لحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، عدم اتخاذ أي مواقف صريحة ومعلنة حيال هذه التطورات.

عثمان مجلي عضو «مجلس القيادة اليمني» مع السفيرة البريطانية عبدة شريف (سبأ)

أما عضو «مجلس القيادة الرئاسي» عثمان مجلي، فقد حاول الظهور بموقف وسطي، مؤكداً «ضرورة خفض التصعيد وحل الخلافات تحت سقف الحوار»، ومشدداً على «أن الخصم الحقيقي يتمثل في الحوثيين»، ومحذراً من «استغلالهم لهذه التوترات لإعادة ترتيب صفوفهم، وتعويض خسائرهم العسكرية».

من جهته، حذّر عضو «مجلس القيادة الرئاسي» سلطان العرادة من تداعيات الظروف الراهنة، «وانعكاساتها السلبية على الأمن والاستقرار وجهود مكافحة الإرهاب»، مشدداً على «ضرورة الالتزام بالمرجعيات الثلاث وإعلان نقل السلطة، وعدم خلق فراغات قد يستفيد منها الحوثيون»، وذلك خلال اتصال سابق له مع السفير الأميركي.

وفي حين يراقب الحوثيون هذه التطورات بصمت، معوّلين على أن يفضي أي صدام بين فرقاء الشرعية، إلى منحهم مزيداً من المكاسب سواء العسكرية أو السياسية، يرفض«الانتقالي الجنوبي» حتى الآن، دعوات رئيس «مجلس القيادة الرئاسي»، والوساطات الإقليمية والدولية، لسحب القوات التي دفع بها بشكل أحادي إلى حضرموت والمهرة، في خطوة عدّها مراقبون «تجاوزاً واضحاً لصلاحيات رئيس مجلس القيادة، وتهديداً مباشراً لاتفاقات الشراكة والتوافق القائمة».

موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي محتشدون في عدن تأييداً له (رويترز)

من جهته، وصف رئيس الأركان اليمني صغير بن عزيز، ما تعرضت له قوات المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت بأنه «اعتداء» من قبل قوات «الانتقالي» .

وفي السياق ذاته، يرى محافظ حضرموت سالم الخنبشي «أن الحل الأمثل للأزمة يكمن في عودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة، وملء الفراغ بقوات أمنية من أبناء المحافظة، بمساندة قوات درع الوطن».

محاولات احتواء

سياسياً، دخل مجلس النواب على خط الأزمة، حيث أعلن في بيان له رفضه «للتحركات الأحادية التي يقوم بها المجلس الانتقالي خارج أطر الشراكة الدستورية»، وهو موقف يعكس قلق المؤسسة التشريعية من انزلاق الوضع نحو تفكك السلطة التنفيذية.

وفي هذا الإطار، زار رئيس مجلس النواب سلطان البركاني العاصمة المؤقتة عدن، والتقى عيدروس الزُّبيدي، قبل أن يغادر إلى الرياض، حيث عقد بمعية نائبيه محسن باصرة ومحمد الشدادي، لقاء مع العليمي، في مسعى برلماني من أجل احتواء الأزمة.

في المقابل، لزم وزير الدفاع محسن الداعري ووزير الداخلية إبراهيم حيدان الصمت، رغم رصد ظهورهما في وقت سابق إلى جانب الزُّبيدي في عدن، دون صدور أي موقف رسمي يوضح موقف المؤسستين العسكرية والأمنية مما يجري.

اجتماع في عدن لمجلس «البنك المركزي اليمني» (سبأ)

اقتصادياً، تحاول الحكومة اليمنية إظهار قدر من التماسك، حيث أعلنت وزارة المالية في عدن إطلاق التعزيزات المالية الخاصة بمرتبات موظفي الدولة في القطاعين المدني والعسكري، بما فيها «مستحقات الشهداء والجرحى»، تنفيذاً لتوجيهات رئيس الوزراء سالم بن بريك، الذي يركز - حسب تأكيدات دبلوماسية - على ملف الخدمات والإصلاحات، على الرغم من أنه كان غادر عدن رفقة العليمي، في أعقاب تصعيد «الانتقالي».

كما أكد «البنك المركزي اليمني» - من جهته - التزامه بالحياد والاستقلالية، مشدداً على مواصلة أداء مهامه القانونية والمهنية «بعيداً عن التجاذبات السياسية»، في محاولة للحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار المالي والنقدي.

وفي حين لا يُخفي «الانتقالي الجنوبي» سعيه من أجل فصل الجنوب عن الشمال، واستعادة الدولة التي كانت قائمة قبل 1990، بالتوازي مع الدفع بأتباعه إلى الاحتشاد في الساحات لتأييد هذه المساعي، برزت رسائل دولية عدّة مناقضة، حيث أكدت فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة و«مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، ودول أخرى، دعمها لوحدة اليمن وسلامة أراضيه ووحدة القرار الشرعي.