مسلحون حوثيون يقتلون يمنياً أمام شقيقتيه في إب

وسط تفاقم الانفلات الأمني واتساع عمليات نهب الأراضي

مسلحون حوثيون في صنعاء يرددون شعارات الجماعة (أ.ف.ب)
مسلحون حوثيون في صنعاء يرددون شعارات الجماعة (أ.ف.ب)
TT

مسلحون حوثيون يقتلون يمنياً أمام شقيقتيه في إب

مسلحون حوثيون في صنعاء يرددون شعارات الجماعة (أ.ف.ب)
مسلحون حوثيون في صنعاء يرددون شعارات الجماعة (أ.ف.ب)

اتسعت رقعة الانفلات الأمني في مدينة إب اليمنية (192كلم جنوب صنعاء) ومعها تنامت ظاهرة البسط على الأراضي والممتلكات إلى الأرياف، حيث أقدم أحد قادة الميليشيات الحوثية على قتل شاب بدم بارد أمام شقيقتيه بالقرب من المدرسة التي تدرسان بها، ما أثار موجة غضب واسعة في المدينة التي يدير ملفها الأمني الحارس الشخصي السابق لزعيم الانقلابيين عبد الملك الحوثي.
سكان في المدينة ذكروا لـ«الشرق الأوسط» أن عناصر مسلحة تتبع قيادياً حوثياً يدعى صخر حمزة يعمل مسؤولاً أمنياً في إحدى مديريات المدينة اقتحم مجمع السعيد التربوي بغرض إلقاء القبض على الشاب محمد محسن العواضي من سكان قرية الواسطة في منطقة ميتم الواقعة في ضواحي المدينة والذي جاء لزيارة شقيقتيه.
الرواية التي يتداولها السكان تفيد بأن العواضي دخل المجمع التربوي وترك سلاحه الشخصي لدى مرافقه عند البوابة، إلا أن القيادي الحوثي الذي يشغل موقع مدير أمن مديرية المشنة اقتحم المجمع برفقة مجموعة من المسلحين، حين كان الشاب يتحدث إلى شقيقتيه، وقاموا على الفور بإشهار أسلحتهم وتوجيهها نحوه في فناء المدرسة، ما أثار الرعب بين الطالبات والمعلمات، لكن العواضي رفض الاستسلام وتمكن من الفرار، فتبعه المسلحون الحوثيون الذين كانوا يراقبونه بحجة أنه مطلوب أمني، وطاردوه خارج المبنى وأطلقوا عليه الرصاص بكثافة.
المصادر ذكرت أن كثافة النيران التي كان القيادي الحوثي ومرافقوه يطلقونها نحو الشاب المطارد أسقطته أرضاً بالقرب من مبنى المركز الثقافي، وعلى مرأى من شقيقتيه، فيما روج الانقلابيون أنه قتل بانفجار قنبلة كانت بحوزته وأنها انفجرت عند إطلاق النار عليه، لكنهم لم يصدروا أي تعليق رسمي على الحادثة، في حين يتهمهم السكان بتصفية الشاب والادعاء بأنه قتل نفسه.
وبحسب ما ذكره سكان في المدينة، فإن أجهزة أمن الانقلاب قامت بمصادرة محتويات كاميرات المراقبة في كل المحلات التجارية القريبة من موقع الحادثة، التي تمتد من بوابة مجمع السعيد التربوي وحتى المركز الثقافي، في وقت استنكر السكان ما أقدم عليه القيادي الحوثي ومرافقوه، الذين أرادوا القبض على الشخص وسط المجمع الممتلئ بالطلبات والمعلمات، واعتبروا ذلك تأكيداً على مدى استهتارهم بحياة الناس والعبث الذي يمارس في المدينة.
ويقول رامز وهو أحد السكان، إنه «لأمر مؤلم جداً أن تتم محاصرة الشاب وقتله أمام شقيقتيه». ويضيف: «إذا كان مطلوباً فلماذا لم يتم إيقافه في أي نقطة من نقاط التفتيش المنتشرة في كل شارع».
ويتهم ساكن آخر واسمه أمين مرافقي القيادي الحوثي صخر حمزة بأنهم مطلوبون للعدالة، وسبق أن صدرت بحقهم أوامر قبض قهرية، ومع هذا لا يزالون طلقاء، حيث تولوا ملاحقة الشاب داخل مدرسة للبنات، مرجحاً أن يكون للأمر علاقة بخلاف شخصي بين القيادي الحوثي وبين الضحية، وأكد أنه «لو كان الشاب العواضي مطلوباً لما دخل إلى مركز المحافظة (مدينة إب) وهو يعرف أنه سيتم إلقاء القبض عليه».
أما نبيل وهو أحد السكان فيقول إن المشهد كان مأساوياً، حيث كانت الطالبتان تستجديان - وبدون جدوى - المسلحين الحوثيين وهم يطلقون النار صوب أخيهما، الذي أتى لزيارتهما والاطمئنان عليهما.
الحادثة أتت بعد أيام من قيام مجهولين بوضع قنبلة أسفل سيارة أحد سكان حارة مصعب بن عمير في المدينة وهي متوقفة أمام المنزل حيث احترقت بالكامل، كما تضررت بعض المنازل المجاورة، في حين التزمت سلطة الانقلاب الصمت ولم تتخذ أي إجراءات لملاحقة الفاعلين.
وفي سياق منفصل، أمر الانقلابيون الحوثيون مدارس ومراكز تحفيظ القرآن الكريم في المحافظة بالحصول على تراخيص عمل جديدة، بهدف السيطرة على هذه المدارس والمراكز التي ما تزال تعمل بعيداً عن التوجهات الطائفية للانقلابيين وفق ما أفاد به عاملون في تلك المدارس والمراكز.
وطبقاً لما ذكرته المصادر، فإن الانقلابيين منحوا هذه المدارس والمراكز شهراً لاستيفاء الشروط المطلوبة للعمل التي وضعها فرع مكتب الإرشاد التابع للانقلابيين، في حين وصفت تلك الشروط بالتعجيزية والتي من بينها تدريس ملازم حسين الحوثي مؤسس الميليشيات، وغيرها من الأفكار الطائفية التي تتعارض مع معتقدات المحافظة السنية.
وكان الانقلابيون الحوثيون أغلقوا خلال السنوات الماضية العشرات من مدارس التحفيظ وحلقات تعليم القرآن في مختلف مديريات المحافظة (إب) وأقدموا على تغيير العشرات من خطباء وأئمة المساجد.
وتتصدر محافظة إب مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين من حيث الجرائم المرتكبة والانفلات الأمني والبسط على الأراضي الذي تجاوز عاصمة المحافظة إلى أريافها، إذ يعتقد الكثير من السكان أن هذه الأعمال يشرف عليها مدير الأمن الحوثي المدعو أبو علي الكحلاني وهو الحارس الشخصي السابق لزعيم الانقلابيين بهدف منع أي انتفاضة شعبية متوقعة ضد سلطتهم، بحكم موقع المحافظة على خطوط التماس مع القوات الحكومية في محافظة الضالع.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.