جدل بين القضاء العسكري التونسي وهيئة الدفاع عن متهمين مدنيين

رفض الإفراج عن العريض... وتأجيل النظر في اتهامات موجهة للجبالي

حمادي الجبالي (الشرق الأوسط)
حمادي الجبالي (الشرق الأوسط)
TT

جدل بين القضاء العسكري التونسي وهيئة الدفاع عن متهمين مدنيين

حمادي الجبالي (الشرق الأوسط)
حمادي الجبالي (الشرق الأوسط)

رفض القطب القضائي التونسي لمكافحة الإرهاب، طلب الإفراج عن علي العريض رئيس الحكومة التونسية الأسبق ونائب رئيس «حركة النهضة»، والإبقاء عليه في السجن، وذلك على خلفية الاتهامات الموجهة إليه في ملف «التسفير إلى بؤر التوتر» خارج تونس في 2012 و2013.
وكان العريض مثل يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) أمام قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب فاستمع إليه بصفته متهماً، باعتبار أنه كان وزيراً للداخلية، ثم رئيساً للحكومة التونسية. ودامت عملية استنطاقه أكثر من 12 ساعة تقريباً، قرر بعدها القاضي إصدار بطاقة إيداع بالسجن في حقه.
في السياق ذاته، أرجأ قاضي التحقيق النظر في قضية حمادي الجبالي رئيس الحكومة الأسبق والقيادي السابق في «حركة النهضة»، فيما بات يعرف بملف «منح جوازات السفر والجنسية التونسية لأجانب». وكان من المنتظر أن يمثل الجبالي أمام قاضي التحقيق في الشهر الماضي، غير أن هيئة الدفاع عنه طلبت التأخير، إلى حين البت في مسائل أولية تتعلق «بقضية تجاوز السلطة المنشورة لدى المحكمة الإدارية التونسية».
يذكر أن هذه القضية تشمل أيضاً نور الدين البحيري وزير العدل الأسبق ونائب رئيس «حركة النهضة»، وقاضيين معفيين من قبل الرئيس التونسي قيس سعيد، ومسؤولين حكوميين في وزارة العدل التونسية.
من جانب آخر، قضت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية، بالسجن الغيابي لمدة 10 أعوام في حق كل من: صخر الماطري صهر الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، وشخص أجنبي، «وتخطئتهما بمبلغ 61 مليون دينار تونسي (نحو 20 مليون دولار) وإلزامهما بردّ المبلغ نفسه بالتضامن بينهما».
كما قضت الدائرة القضائية ذاتها، بسجن متهم ثالث مدة 8 أعوام ومتهمين اثنين آخرين مدة 4 أعوام، في قضية تتعلق «بتسهيل عمليات توريد بضائع، وعدم التصريح بها لدى المصالح المعنية وتقديم تصريحات مغلوطة لدى الجمارك بهدف التهرب من الدفع الضريبي».
إلى ذلك, تدخلت وكالة الدولة العامة لإدارة القضاء العسكري التونسي للدفاع عن مجموع الأحكام التي أصدرها القضاء العسكري في قضية «أحداث المطار»، التي حوكم فيها متهمون مدنيون من بينهم سيف الدين مخلوف رئيس حزب «ائتلاف الكرامة» المعارض أمام القضاء العسكري، كما دافعت عن اختصاصها بالنظر في ملف القضية، وذلك لوجود عناصر من الأمن التونسي في النزاع، واختلاف الاتهامات الموجهة للمتهمين في القضية المدنية، والقضية التي نظر فيها القضاء العسكري.
وفيما يتعلق بمحاكمة أشخاص أمام المحكمة مرتين في القضية نفسها، أشارت وكالة الدولة العامة لإدارة القضاء العسكري، إلى أنّ شروطه «غير متوفرة» في القضية الحالية لأنها لم تشمل الأطراف ذاتها، ولا الأفعال الصادرة عن المتهمين.
وبشأن إصدار القضاء العسكري لعقوبة الحرمان من مباشرة مهنة المحاماة ضد سيف الدين مخلوف ومهدي زقروبة، أشار القضاء العسكري، إلى «أنّ القانون الجزائي التونسي نص على عقوبة تكميلية ضمن المسار الجزائي، وذلك بقطع النظر عن العقوبات التي تصدرها الهياكل المهنية في إطار المسار التأديبي».
وخلفت توضيحات القضاء العسكري التونسي جدلاً قانونياً مع هيئة الدفاع عن المتهمين في قضية «أحداث المطار» التي اتهمت السلطات التونسية، «باستعمال القضاء العسكري لتصفية الخصوم السياسيين وأصحاب الفكر المعارض». وأكدت الهيئة المكونة من مجموعة من المحامين، أن «مسك جدول المحامين هو اختصاص مطلق للهيئة الوطنية للمحامين ترسيماً ومباشرة وتأديباً، ولا يجوز للمحكمة العسكرية التدخل في الموضوع الذي ليس من اختصاصها».
وأكدت «احترامها للقرارات القضائية الصادرة عن القضاء المستقل الذي لا يخضع لإملاءات، ولا يرضخ لتهديد الإعفاءات» على حد تعبيرها. ودعت القضاء العسكري التونسي إلى «عدم الانصياع لرغبات من يسعون لتوظيفه في استهداف خصومهم السياسيين والتنكيل بمعارضيهم، وإلى الإقلاع عن إصدار البلاغات التبريرية التي تجافي الواقع والقانون». كما دعته إلى السماح «لوسائل الإعلام المحلية والأجنبية بنقل وقائع المحاكمات مباشرة ليطلع الرأي العام على حقيقتها».
في السياق ذاته، اعتبر «المرصد الدولي لحقوق الإنسان»، أن محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري في تونس، «وتوظيفه من قبل النظام القائم لتصفية المعارضين، سابقة خطيرة تمثل انحرافاً غير مسبوق عن دولة القانون إلى دولة خرق القانون». وندد «بالأحكام السجنية المكسوة بالنفاذ العاجل ضد محامين، من أجل أفعال سبق وأن نظر فيها القضاء العدلي، بل وأصدر فيها أحكاماً باتة، بما يتعارض مع مقوّمات المحاكمة العادلة».
كما عبر المرصد، عن رفضه «المطلق والقطعي لمحاكمة محامين في القضية نفسها مرتين: مرة أمام المحاكم العدلية، ومرة أمام المحاكم العسكرية، لما في ذلك من خرق واضح للقانون وانتهاك لحق المتقاضين في استكمال آليات الدفاع والتقاضي». وطالب القضاء العسكري «بالتخلي عن جميع القضايا التي يختص بها القضاء العدلي ضد المدنيين».


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.