تخوف من تراجع الدعم الأميركي لأوكرانيا

TT

تخوف من تراجع الدعم الأميركي لأوكرانيا

قال مسؤول دفاعي أميركي كبير، إن إرسال روسيا قوات بديلة إضافية إلى منطقة القتال في باخموت، للتعويض عن الخسائر الضخمة التي تكبدها جيشها ومرتزقتها هناك، لا يزال يعاني من الصعوبات اللوجيستية نفسها. وقال المسؤول في إحاطة صحفية، «إن أحد الجوانب الرئيسية، هو أنه على الرغم من هذه الأعداد المتزايدة من حيث التعزيزات، فقد هرعوا إلى ساحة المعركة من دون تعزيز كبير للتجهيزات والمعدات وتدريب تلك القوات». وأضاف أن روسيا دفعت بعشرات آلاف الجنود إلى ساحة المعركة، مكرراً تأكيدات الجنرال مارك ميلي، رئيس أركان القوات الأميركية المشتركة، بأن روسيا تكبدت أكثر من 100 ألف ضحية بين قتيل وجريح منذ بدء الحرب في فبراير (شباط) 2022. وأكد المسؤول أن الوضع في أوكرانيا لا يزال ثابتاً إلى حد كبير، لكن هناك معارك دامية، حيث تحاول القوات الروسية السيطرة على باخموت، وتواصل القوات الأوكرانية هجماتها ضد المواقع الروسية بالقرب من كريمينا. وقال إن الوضع في هاتين المنطقتين لا يزال متقلباً، حيث يتبادل الطرفان الهجمات، ورغم ذلك لا يزال الأوكرانيون يحتفظون بسيطرتهم على باخموت.
يأتي تصريح المسؤول الأميركي في الوقت الذي تتزايد فيه الشكوك من احتمال تراجع مستوى الدعم والزخم الأميركي والغربي عموماً، لتقديم المزيد من المساعدات الأمنية لأوكرانيا. ويتخوف البعض من أن يؤدي التغيير السياسي في الولايات المتحدة، الذي حصل بعد الانتخابات النصفية، إلى التأثير على قرارات إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن، في تأمين المزيد من التمويل للدفاع عن أوكرانيا، بعد انتهاء صلاحية الأموال المصرح بها حالياً في 30 سبتمبر (أيلول) المقبل، بحسب تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال». ويقول بعض المسؤولين الأوروبيين أيضاً، إنهم يخشون أن تتراجع الأسلحة الإضافية لأوكرانيا على جدول الأعمال السياسي للولايات المتحدة مع بدء الحملة الانتخابية الرئاسية لعام 2024، وأن الرئيس المقبل قد يتبع مساراً مختلفاً.
وقد يواجه الرئيس بايدن صعوبة في حشد الدعم الكافي من الحزبين؛ للحفاظ على تدفق المساعدات العسكرية الأميركية إلى ما بعد هذا الخريف، في ظل انتقادات عدد من أعضاء الكونغرس الجمهوريين لتقديم مساعدات بمليارات الدولارات لكييف، ومطالبة البعض بالمزيد من التدقيق في الأموال والأسلحة المسلّمة لأوكرانيا. وهو ما قد يتصاعد في الفترة المقبلة، على خلفية الاستقالات والإقالات الجماعية التي جرت أمس (الثلاثاء)، لعدد من المسؤولين الكبار في الحكومة الأوكرانية، على خلفية الفساد في شراء الأسلحة والعقود المبالغ فيها. ويتوقع البعض أن تتحول هذه القضية إلى مادة سجال سياسي رئيسية في واشنطن، خصوصاً من قبل الجمهوريين الذين يستعدون لمحاسبة إدارة بايدن على خلفية ادعاءات تطال ابنه، هانتر بايدن، في ملف له علاقة بأوكرانيا أيضاً.
ويقول مسؤولون ومحللون إن الإحباط في العديد من العواصم الأوروبية بسبب مقاومة برلين لإرسال دبابات «ليوبارد»، ليس فقط بسبب فائدتها في ساحة المعركة، ولكن أيضاً لأن استجابة ألمانيا المتأخرة للحرب، يضع أوروبا مرة أخرى أكثر اعتماداً على الولايات المتحدة. وهذا ما يتناقض مع الدعوات الأوروبية السابقة، وخصوصاً من ألمانيا وفرنسا، بضرورة اعتماد «سياسة أمنية أوروبية أكثر استقلالية، بقيادة فرنسا. وتتهم باريس وبرلين، بأن نهجيهما الحذر في تسليح كييف، وتواصلهما الدبلوماسي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحثاً عن اتفاق سلام، أديا إلى زيادة انعدام الثقة تجاههما من دول الناتو المجاورة لروسيا، مثل بولندا ودول البلطيق. ولطالما دافع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عمّا يسميه «الحكم الذاتي الاستراتيجي» لأوروبا، لاتخاذ موقف «أكثر قوة داخل الناتو»، وهو ما لم تجر ترجمته على الأرض، في الحرب الروسية الجارية الآن. وفي ظل هذه الخلفية، فإن العديد من البلدان في شمال وشرق أوروبا غاضبة من تردد ألمانيا المتكرر في دعم أوكرانيا بشكل أكثر استباقية، الأمر الذي أدى إلى نتيجة «غير مقصودة» تتمثل في تعميق اعتماد أوروبا على الولايات المتحدة لحمايتها عسكرياً وقيادتها سياسياً ضد روسيا. وهو ما أدى عملياً إلى تهميش فكرة أن فرنسا وألمانيا يمكن أن تقودا أوروبا إلى استقلالية أكثر على المسرح العالمي.


مقالات ذات صلة

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».