لماذا يتصدر ملف الهجرة أولويات الدبلوماسية الإيطالية في المنطقة؟

بعدما سجلت موجات المصريين والتونسيين ارتفاعاً لافتاً

رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (أ.ب)
رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (أ.ب)
TT

لماذا يتصدر ملف الهجرة أولويات الدبلوماسية الإيطالية في المنطقة؟

رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (أ.ب)
رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (أ.ب)

حازت قضية الهجرة غير الشرعية أولوية على أجندة الحراك الدبلوماسي الإيطالي المكثف في منطقة الشمال الأفريقي خلال الآونة الأخيرة، واستحوذت القضية، بموازاة ملف أمن الطاقة، على الحيز الأكبر في مباحثات رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في الجزائر، وتلك التي أجراها وزير خارجيتها أنطونيو تاياني، في كل من تونس ومصر، سعياً للوفاء بتعهدات الحكومة الإيطالية الجديدة بوقف تدفق موجات الهجرة غير الشرعية إلى أراضيها، والتي تؤكد إحصاءات رسمية ارتفاعها بصورة «غير مسبوقة».
وقال وزير الخارجية الإيطالي (الأحد)، إن بلاده «تَعد مصر شريكاً مهماً في وقف الهجرة غير النظامية عبر البحر المتوسط»، بينما أوضح خلال اجتماعه مع مسؤولين تونسيين (الأربعاء) أن بلاده «لديها رؤية مشتركة مع تونس لمكافحة الهجرة غير الشرعية».
وشهد عام 2022 تدفقاً قياسياً للمهاجرين التونسيين إلى الأراضي الإيطالية، إذ وصل أكثر من 18 ألفاً عبر البحر، وفق بيانات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي يُعنى بمسائل الهجرة، فيما وصل 20542 مصرياً إلى إيطاليا في نفس العام، ارتفاعاً من 1264 في 2020، وهو العدد الأكبر من جنسية واحدة وفقاً لبيانات نشرتها وزارة الداخلية الإيطالية.
وقال تاياني خلال زيارته لتونس والقاهرة، إن بلاده «مستعدة لاستقبال المزيد من المهاجرين الشرعيين»، وأشار إلى مشروعات تجريبية لتوفير منح دراسية وتدريبية للمهاجرين في إيطاليا.
وتُعد إيطاليا واحدة من أهم نقاط دخول المهاجرين إلى أوروبا، وأشارت تقارير أممية إلى أن نحو 85 ألف مهاجر وصلوا إلى إيطاليا على متن قوارب في عام 2022، وسجلت الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا أعلى مستوى لها منذ 6 سنوات، وشكَّل السوريون والأفغان والتونسيون 47% من إجمالي المهاجرين غير الشرعيين إلى القارة الذين بلغ عددهم 330 ألف شخص في عام 2022، حسب وكالة الحدود الأوروبية.
وقدَّرت أرقام وزارة الداخلية الإيطالية عدد المهاجرين الذي وصلوا إلى الشواطئ الإيطالية في الأيام العشرة الأولى من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي بنحو 3700 مهاجر، مقابل أقل من 400 مهاجر في الفترة نفسها من العام الماضي.
وأرجع بسام حمدي، الكاتب والمحلل السياسي التونسي، تنامي وتيرة الهجرة غير الشرعية من تونس إلى استغلال صعوبة الأوضاع الاقتصادية ونشاط ما وصفها بـ«عصابات الهجرة» في تنظيم رحلات هجرة غير نظامية للمئات من الشباب الراغبين في العمل خارج البلاد.
ولفت حمدي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن أعداد المهاجرين غير النظاميين من الأراضي التونسية لا تقتصر فقط على الشباب التونسي، بل تتضمن كذلك الكثير من أبناء دول جنوب الصحراء، الذين يتسللون عبر الحدود الليبية.
وأضاف أن الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية التونسية «حملت طرحاً إيجابياً»، عبر الحديث عن حلول غير أمنية لقضية الهجرة غير النظامية، مشيراً إلى أنها «من المرات القليلة التي يقدم فيها مسؤولون أوروبيون طرحاً تنموياً لعلاج المشكلة»، بغرض التوسع في قبول المهاجرين النظاميين، وإتاحة فرص للدراسة والتدريب في إيطاليا، علاوة على التعاون مع الدول التي يخرج منها هؤلاء الشباب من أجل تأسيس واقع أفضل ربما يكون عاملاً حاسماً في حثهم على البقاء في أوطانهم، إلا أنه أردف بأن «التنفيذ الواقعي على الأرض سيكون هو العامل الحاسم بشأن جدية هذا الطرح من عدمه».
وفي هذا الصدد يُبدي الدكتور أيمن زهري، خبير سياسات السكان ودراسات الهجرة، اتفاقه مع أهمية أن تكون هناك «مقاربة شاملة» للتعامل مع ملف الهجرة غير الشرعية، مشيراً إلى أن الحلول الأمنية من خلال تعقب عصابات تسفير هؤلاء المهاجرين، أو إقامة حظر بحري يَحول دون وصول سفن المهاجرين «قد تكون أحد العناصر التي تحل المشكلة جزئياً، لكن المواجهة الحقيقية تكمن في بناء نماذج تنموية جاذبة للمهاجرين وتحسين ظروفهم المعيشية، بما يضمن عدم إقدامهم على مغامرة الهجرة غير محسوبة العواقب».
ويضيف زهري لـ«الشرق الأوسط» أن التعاون الإقليمي بين دول البحر المتوسط «بات ضرورة قصوى»، مشيراً إلى أهمية أن تقدّم أوروبا الدعم للمبادرات التي تقوم بها دول جنوب المتوسط، ومن بينها مصر التي نجحت في عدم خروج أي مراكب للهجرة غير الشرعية من أراضيها منذ عام 2016، مثمناً في هذا الصدد مبادرة «مراكب النجاة» التي أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل عدة أعوام، وتستهدف 14 محافظة هي الأكثر تصديراً للمهاجرين غير الشرعيين، بهدف إيجاد البديل الآمن عن طريق توفير فرصة عمل وتدريب مناسبة لهؤلاء الشباب.
ولفت زهري كذلك إلى أن مواجهة الهجرة غير الشرعية تتطلب كذلك بعداً سياسياً يتمثل في إيجاد حلول لأزمات الدول التي تواجه هشاشة أمنية وسياسية، مثل ليبيا التي تحولت إلى مصدر كبير لموجات الهجرة غير الشرعية، وهو ما يستدعي جهداً إقليمياً ودولياً، حتى تستطيع الدول الأوروبية الوفاء بتعهداتها أمام مواطنيها، خصوصاً أن تلك الدول تواجه تفاقماً غير مسبوق لموجات الهجرة والتي زادت بفعل الأزمات، مثل الأزمة السورية، والأزمة الأوكرانية التي أدت إلى تدفق ملايين المهاجرين على أوروبا، فضلاً عمّا يصل إليها عبر شواطئ البحر المتوسط يومياً.
يُذكر أن رئيسة الوزراء الإيطالية تعهدت في خطابها الأول أمام مجلس النواب نهاية العام الماضي، بأن تتصدر قضية الهجرة اهتمامات حكومتها.
وصدّق مجلس الوزراء الإيطالي في 29 ديسمبر (كانون الأول) الماضي على قانون جديد للهجرة غير الشرعية يتضمن أحكاماً صارمة وعقوبات تصل إلى 50 ألف يورو بحق قباطنة ومالكي السفن التي تقل مهاجرين غير شرعيين، ولا يتعاونون مع الحكومة، وحجزاً إدارياً للسفينة لمدة شهرين ومصادرتها عند المخالفة، كما فرض القانون غرامات تصل إلى 10 آلاف يورو لمن لا يقدّمون المعلومات المطلوبة للسلطات المختصة.


مقالات ذات صلة

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

في عملية واسعة النطاق شملت عدة ولايات ألمانية، شنت الشرطة الألمانية حملة أمنية ضد أعضاء مافيا إيطالية، اليوم (الأربعاء)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وأعلنت السلطات الألمانية أن الحملة استهدفت أعضاء المافيا الإيطالية «ندرانجيتا». وكانت السلطات المشاركة في الحملة هي مكاتب الادعاء العام في مدن في دوسلدورف وكوبلنتس وزاربروكن وميونيخ، وكذلك مكاتب الشرطة الجنائية الإقليمية في ولايات بافاريا وشمال الراين - ويستفاليا وراينلاند – بفالتس وزارلاند.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

أصبح برنامج «تشات جي بي تي» الشهير الذي طورته شركة الذكاء الاصطناعي «أوبن إيه آي» متاحا مجددا في إيطاليا بعد علاج المخاوف الخاصة بالخصوصية. وقالت هيئة حماية البيانات المعروفة باسم «جارانتي»، في بيان، إن شركة «أوبن إيه آي» أعادت تشغيل خدمتها في إيطاليا «بتحسين الشفافية وحقوق المستخدمين الأوروبيين». وأضافت: «(أوبن إيه آي) تمتثل الآن لعدد من الشروط التي طالبت بها الهيئة من أجل رفع الحظر الذي فرضته عليها في أواخر مارس (آذار) الماضي».

«الشرق الأوسط» (روما)
العالم إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

في الخامس والعشرين من أبريل (نيسان) من كل عام تحتفل إيطاليا بـ«عيد التحرير» من النازية والفاشية عام 1945، أي عيد النصر الذي أحرزه الحلفاء على الجيش النازي المحتلّ، وانتصار المقاومة الوطنية على الحركة الفاشية، لتستحضر مسيرة استعادة النظام الديمقراطي والمؤسسات التي أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم. يقوم الدستور الإيطالي على المبادئ التي نشأت من الحاجة لمنع العودة إلى الأوضاع السياسية التي ساهمت في ظهور الحركة الفاشية، لكن هذا العيد الوطني لم يكن أبداً من مزاج اليمين الإيطالي، حتى أن سيلفيو برلوسكوني كان دائماً يتغيّب عن الاحتفالات الرسمية بمناسبته، ويتحاشى المشاركة فيها عندما كان رئيساً للحكومة.

شوقي الريّس (روما)
شمال افريقيا تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

أعلنت الحكومة المصرية عن عزمها تعزيز التعاون مع إيطاليا في مجال الاستثمار الزراعي؛ ما يساهم في «سد فجوة الاستيراد، وتحقيق الأمن الغذائي»، بحسب إفادة رسمية اليوم (الأربعاء). وقال السفير نادر سعد، المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء المصري، إن السفير الإيطالي في القاهرة ميكيلي كواروني أشار خلال لقائه والدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، (الأربعاء) إلى أن «إحدى أكبر الشركات الإيطالية العاملة في المجال الزراعي لديها خطة للاستثمار في مصر؛ تتضمن المرحلة الأولى منها زراعة نحو 10 آلاف فدان من المحاصيل الاستراتيجية التي تحتاج إليها مصر، بما يسهم في سد فجوة الاستيراد وتحقيق الأمن الغذائي». وأ

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.