علم كوبا يرفرف رسميًا في واشنطن للمرة الأولى منذ 1961

كيري يزور هافانا 14 أغسطس لدفع تطبيع العلاقات

وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز يصفق مع مسؤولين آخرين مع رفع علم بلاده أمام السفارة الكوبية في واشنطن أمس (أ.ب)
وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز يصفق مع مسؤولين آخرين مع رفع علم بلاده أمام السفارة الكوبية في واشنطن أمس (أ.ب)
TT

علم كوبا يرفرف رسميًا في واشنطن للمرة الأولى منذ 1961

وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز يصفق مع مسؤولين آخرين مع رفع علم بلاده أمام السفارة الكوبية في واشنطن أمس (أ.ب)
وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز يصفق مع مسؤولين آخرين مع رفع علم بلاده أمام السفارة الكوبية في واشنطن أمس (أ.ب)

عقب 54 عاما من العداء، أعادت الولايات المتحدة وكوبا رسميا أمس فتح سفارتيهما في هافانا وواشنطن مما يشكل محطة جديدة ملموسة في التقارب التاريخي الذي بدأه الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره راؤول كاسترو.
واستعاد المبنيان اللذان يؤويان شعبتي مصالح كل من البلدين في العاصمتين تلقائيا وضع السفارة في تمام الساعة 00.01 في التوقيت المحلي، عملا باتفاق أعلن عنه في 30 يونيو (حزيران) الماضي.
وقد وضع العلم الكوبي في البهو الكبير لمدخل وزارة الخارجية في واشنطن، بين أعلام البلدان التي تقيم علاقات دبلوماسية مع الولايات المتحدة، وقد وضع العلم الكوبي الذي ثبته موظفون في ساعات الصباح الأولى، بين علمي كرواتيا وقبرص.
وفي واشنطن، أقام احتفال في مبنى البعثة الكوبية المشيد منذ نحو القرن، في حضور وزير الخارجية برونو رودريغيز الذي يقوم بأول زيارة إلى واشنطن لوزير خارجية كوبي منذ 1959.
ووصل وفد كوبي كبير للمشاركة في الحفل الذي حضره 500 مدعو بينهم مغني النظام المثير للجدل سيلفيو رودريغيز ومساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون أميركا اللاتينية روبرتا جاكوبسون ورئيس شعبة المصالح الأميركية في هافانا جيفري دولورنتيس. وتوجه برونو رودريغيز بعد ذلك إلى وزارة الخارجية للقاء نظيره الأميركي جون كيري، قبل أن يعقدا مؤتمرا صحافيا مشتركا.
وفي هافانا لم يتقرر إقامة أي حفل أمس، كما لم يلاحظ أمام البعثة الدبلوماسية الأميركية في العاصمة الكوبية أي تغيير على الرغم من الوضع الجديد للممثلية التي أصبحت سفارة بعد 54 عاما من الانتظار. لكن مبنى الممثلية الأميركية الشبيه بكتلة من الإسمنت والزجاج على جادة ماليكون المحاذية للشاطئ تحول إلى السفارة الأميركية. لكن الدبلوماسيين سينتظرون زيارة جون كيري يوم 14 أغسطس (آب) المقبل. وأوضح مسؤول في الخارجية الأميركية: «ليس هناك ما يلزم قانونيا برفع العلم، لكن وزير الخارجية يريد أن يكون حاضرا ليترأس حدثا بهذه الأهمية». وتعود آخر زيارة لوزير خارجية أميركي إلى كوبا إلى عام 1945.
وعند افتتاح «شعبة المصالح الأميركية» السابقة في هافانا عند الساعة الثامنة صباحا (12.00 توقيت غرينتش)، لم يكن العلم الأميركي يرفرف بعد على المبنى المواجه للبحر، بينما كان عشرات الكوبيين ينتظرون ككل صباح موعدهم مع قسم التأشيرات.
ومن العناصر النادرة التي تشهد على تغيير الوضعية هو لافتة صغيرة مكتوبة بالإنجليزية «سفارة الولايات المتحدة، هافانا، كوبا 20 يوليو» يعلوها علم أميركي صغير.
وقال عنصر أمن سألته وكالة الصحافة الفرنسية إن التدابير خففت قليلا حول المبنى الذي وقف أمامه عشرات الصحافيين والفضوليين يرصدون أي حركة. وأكد مصدر من السفارة أنه يوم عمل كغيره من الأيام.
ويذكر أنه كانت العلاقات الدبلوماسية قطعت في 1961، وفي عام 1977 وافق الرئيس الأميركي جيمي كارتر ونظيره فيدل كاسترو على فتح شعبتي مصالح في المقرين السابقين للسفارتين، للقيام بمهمات قنصلية بالدرجة الأولى، برعاية سويسرا للأميركيين في هافانا، وبرعاية تشيكوسلوفاكيا للكوبيين في واشنطن، حتى تقسيم هذا البلد، فبدأت سويسرا عندئذ الاضطلاع بالدور نفسه.
وعملية التطبيع بين واشنطن وهافانا أمامها مسار طويل، التطبيع، إذ هناك مواضيع الخلاف كثيرة على جدول أعمال دبلوماسي البلدين، منها رفع الحصار الأميركي، وإعادة قاعدة غوانتانامو البحرية الأميركية الواقعة في كوبا، والتعويضات البالغة مليارات الدولارات التي يطالب بها الأميركيون الذين صودرت أملاكهم في كوبا أثناء الثورة، وتسليم الفارين اللاجئين في كوبا والملاحقين من القضاء الأميركي.
ويجب أن يصوت الكونغرس الأميركي لرفع الحظر الذي فرضه الرئيس الأميركي الراحل جون كينيدي في 1962 وشدده قانون هلمز - بورتون في 1996، لكن الأكثرية الجمهورية تعارضه بشدة، والمرشحون للرئاسة يعارضون أي تقارب يمكن أن يعتبر مكافأة لراؤول وفيدل كاسترو.
وأكد اليسناتور الجمهوري ماركو روبيو الكوبي الأصل المرشح لسباق البيت الأبيض أنه في حال انتخابه رئيسا في يناير (كانون الثاني) 2016: «سينهي العلاقات الدبلوماسية مع الطغيان الشيوعي المعادي لأميركا، حتى حصول انفتاح فعلي ديمقراطي في كوبا».
ومن المرتقب أن يعرقل مجلس الشيوخ على الفور تعيين سفير أميركي لدى كوبا، لأن كل تعيين رئاسي يحتاج إلى مصادقة أعضاء مجلس الشيوخ.
وستتاح لجون كيري وبرونو رودريغيز الفرصة لمناقشة مواضيع ثنائية خلال لقاء أول قبل مؤتمرهما الصحافي، رغم أن جدول الأعمال الرسمي لا يتضمن أي اجتماع يستغرق 45 دقيقة.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.