يعالون يتهم تركيا بالتغطية على «نشاطات إرهابية» ضد إسرائيل

تل أبيب تركز على «أسرى شاليط» في الخارج.. والحركة تنفي إدارة عملياتها من أي دولة

يعالون يتهم تركيا بالتغطية على «نشاطات إرهابية» ضد إسرائيل
TT

يعالون يتهم تركيا بالتغطية على «نشاطات إرهابية» ضد إسرائيل

يعالون يتهم تركيا بالتغطية على «نشاطات إرهابية» ضد إسرائيل

حمل وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون، مجددا، القيادي في حماس صالح العاروري الذي يعيش في أنقرة، المسؤولية عن الخلايا العسكرية للحركة التي اعتقلت في الضفة الغربية وتقف خلف عدد من العمليات بينها قتل إسرائيليين، متهما تركيا في الوقت نفسه بالسماح «بانطلاق نشاطات إرهابية» من أراضيها. وقال يعالون: «إنها تسمح بانطلاق نشاطات إرهابية من أراضيها ضد إسرائيل رغم كونها دولة عضوا في حلف شمال الأطلسي».
وأضاف في بيان أصدره عقب الكشف عن اعتقال خلية لحماس تقف وراء قتل المستوطن الإسرائيلي ملاخي روزنفيلد، نهاية الشهر الماضي، إن «القيادي الحمساوي صالح العاروري ينشط في تركيا، ويخطط لارتكاب اعتداءات خطيرة في إسرائيل، بواسطة نشطاء يعملون بإيحاء منه في الضفة الغربية ودول مجاورة».
وكان يعالون يلمح إلى مسؤولين في حماس، قال الشاباك (الأمن العام) الإسرائيلي إنهم أسرى محررون وأحدهم يعيش في الأردن، ويقفون خلف الخلية الأخيرة التي اكتشفت.
وكان الشاباك نشر الأحد الماضي عن اعتقال خلية تابعة لحركة حماس في الضفة الغربية مسؤولة عن تنفيذ عمليات ضد إسرائيليين بما في ذلك عملية قتل مستوطن وجرح ثلاثة آخرين الشهر الماضي، عند تقاطع «شفوت راحيل» جنوب نابلس شمال الضفة الغربية.
وقال الشاباك إن المسؤول عن الخلية هو أحد نشطاء حماس من محرري صفقة «شاليط»، ويدعى أحمد نجار (يعيش في الأردن)، وقد اعترف عليه شقيقه أمجد الذي يسكن في قرية سلواد في رام الله وقال لمحققيه إنه تلقى التعليمات من شقيقه وزود الخلية بالسلاح اللازم.
وبحسب الشاباك فإن بعض أعضاء الخلية معتقلون الآن لدى أجهزة الأمن الفلسطينية بالضفة الغربية، ومن بينهم معاذ حامد. وتطرق الإعلام الإسرائيلي إلى أسماء أحمد شبراوي وعبد الله إسحق وفواز حامد وجمال يونس.
ونفت حماس فورا أنها تخطط لتنفيذ عمليات في الضفة من الخارج. وقالت في بيان أصدرته أمس، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة عنه: «عمليات كتائب القسام التي تستهدف الإسرائيليين والمستوطنين في الضفة تدار من داخلها».
واتهمت حماس إسرائيل بمحاولة «التأثير على علاقات حماس الخارجية، من خلال اتهام الأسرى المحررين المُبعدين إلى الخارج بالمسؤولية عن أعمال المقاومة في الضفة». وأضافت: «كما أنها محاولة لتبرير عجز أجهزة العدو الأمنية عن وقف تصاعد العمليات واتساعها في كل أنحاء الضفة، رغم القمع والملاحقة المتواصلين والتنسيق الأمني على أعلى المستويات مع السلطة الفلسطينية».
وقالت حماس إنها تحترم الدول التي يوجد فيها عناصرها، ولا تتدخل في شؤونها الداخلية، ولا تحاول التسبب بأي مشكلات لها. كما شدد القيادي في حماس أسامة بدران على أن اتهام محرري صفقة «وفاء الأحراء» (شاليط) بالوقوف خلف العمليات في الضفة، سواء الموجودين في الضفة أو الخارج أو في غزة، إنما تغطية على الفشل الإسرائيلي «في وقف تصاعد عمليات المقاومة واتساعها بكل أنحاء الضفة الغربية».
وأضاف بدران، وهو أحد المحررين في الصفقة ويعيش في قطر: «إن عمليات القسام في الضفة تدار وتخطط وتنفذ بأيدي رجال كتائب القسام في الضفة، ونحن نفتخر وندعم ونبارك هذه العمليات التي تستهدف جنود الاحتلال ومستوطنيه، ونرى فيها حقًا طبيعيًا مشروعًا».
وحذر الناطق باسم حماس من السياسة التي بات الاحتلال يتبعها «والتي ترمي إلى خلط الأوراق، وتسعى للتأثير على علاقات حماس الخارجية».
وهذه ليست أول مرة تتهم فيها إسرائيل أسرى محررين بالوقوف خلف عمليات في الضفة الغربية. وتوجه أهالي الإسرائيليين القتلى يوم الأحد إلى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، متهمين إياه بمسؤوليته عن هذه العمليات لأنه أطلق سراح أسرى تسببوا في قتل أبنائهم. وتعتقل إسرائيل الآن 54 أسيرا محررا من أسرى صفقة «شاليط» التي أبرمت بين حماس وإسرائيل في 2011، وترفض حماس أي حديث عن تبادل جديد لأسرى أو جثث لديها، قبل إعادة إطلاق سراح معتقلي صفقة شاليط.
وقال إسماعيل هنية القيادي في حماس، الجمعة الماضي: «لا مفاوضات ولا معلومات قبل إعادة إطلاق سراح الأسرى المحررين». وترفض إسرائيل ذلك، وتقول إنهم عادوا إلى نشاطهم، وتتهم بعضهم بالتخطيط والمشاركة المباشرة في عمليات قتل إسرائيليين.
وقدم عضو الكنيست عن حزب «البيت اليهودي»، نيسان سلومنسكي، اقتراح قانون جديد، ينص على فرض عقوبة سجن مزدوجة للأسرى المحررين في صفقة شاليط والمتورطين في ارتكاب عمليات.
وينص اقتراح القانون على أن يعاقب كل أسير تحرر في الصفقة وعاد إلى العمل ضد إسرائيل بالسجن ضعف مدة حكمه الأصلي، إضافة إلى منع إدراجه على قائمة أي مفرج عنهم في أي صفقة مستقبلية.
وقال سلومنك: «القانون يهدف إلى ردع السجناء، وضمان عدم عودتهم إلى ممارسة أي اعتداءات وأعمال تخريبية».



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».