الدوري الإنجليزي الأقوى مالياً لا يخشى انتقادات الاتحاد الإسباني

الفجوة مع الدوريات الأوروبية الأخرى تتنامى بعدما كسر حاجز الـ10 مليارات إسترليني من عائدات البث التلفزيوني والرعاية التجارية

تعاقد تشيلسي مع المهاجم الأوكراني مودريك مقابل 83 مليون إسترليني أثار غضب رئيس الاتحاد الإسباني (رويترز)
تعاقد تشيلسي مع المهاجم الأوكراني مودريك مقابل 83 مليون إسترليني أثار غضب رئيس الاتحاد الإسباني (رويترز)
TT

الدوري الإنجليزي الأقوى مالياً لا يخشى انتقادات الاتحاد الإسباني

تعاقد تشيلسي مع المهاجم الأوكراني مودريك مقابل 83 مليون إسترليني أثار غضب رئيس الاتحاد الإسباني (رويترز)
تعاقد تشيلسي مع المهاجم الأوكراني مودريك مقابل 83 مليون إسترليني أثار غضب رئيس الاتحاد الإسباني (رويترز)

هناك لحظة معبرة للغاية في الفيلم الوثائقي الجديد «دوري السوبر الأوروبي: حرب كرة القدم»، على خدمة «آبل تي في بلس»، وهي اللحظة التي تحدث فيها رئيس رابطة الدوري الإسباني الممتاز، خافيير تيباس، عن تقييمه لأولئك الذين يسعون للسيطرة على اللعبة الحديثة، حيث قال بصوت عالٍ: «يتعين عليك أن تستمر في القتال. المال ليس كل شيء، فالأمر بعيد كل البعد عن ذلك. الأغنياء ليس لديهم نفس المعايير الأخلاقية. وهناك الكثير من الكذابين والأفاقين، والخيانات تحدث طوال الوقت، والولاء غير موجود على أرض الواقع. أنا لا أثق بأحد أبدا».
يتسم تيباس بأنه لديه عقلية المحامين، بالإضافة إلى قدرة فائقة على القتال حتى الرمق الأخير، وهو المزيج المناسب تماما للعمل في كرة القدم. ولولا تيباس، وكذلك رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ألكسندر سيفرين، ورئيس باريس سان جيرمان، ناصر الخليفي، ربما أصبح دوري السوبر الأوروبي حقيقة واقعة. لكن الآن، وضع تيباس أمام عينيه هدفا آخر وهو الدوري الإنجليزي الممتاز.
فقد حذر تيباس يوم الخميس الماضي من أن الدوري الإنجليزي الممتاز غير قادر على الاستمرار بهذا الشكل من الناحية المالية - قبل أن يتعهد بمحاربة القواعد التي تسمح للأندية الإنجليزية بـ«تشويه» سوق انتقالات اللاعبين من خلال إنفاق مبالغ ضخمة رغم تكبدها خسائر مالية.
وكانت تعليقاته عدوانية بشكل كبير، لكنها استندت إلى أرقام حتى يؤثر على المستمعين لتصريحاته. لقد أنفقت أندية الدوري الإنجليزي الممتاز مجتمعة الصيف الماضي 1.92 مليار جنيه إسترليني على انتقالات اللاعبين - تقريبا نفس المبلغ الذي أنفقته أندية الدوريات الخمسة الكبرى مجتمعة على تدعيم صفوفها. وفي خطوة تبدو وكأنها تدعم وجهة نظر تيباس، تعاقد تشيلسي خلال عطلة نهاية الأسبوع مع جناح شاختار دونيتسك، ميخايلو مودريك، مقابل 83 مليون جنيه إسترليني - بعد أن أنفق بالفعل 60 مليون جنيه إسترليني على التعاقد مع بينوا بدياشيل، وديفيد فوفانا، وأندري سانتوس في فترة الانتقالات الشتوية الحالية، بالإضافة إلى 278 مليون جنيه إسترليني خلال الصيف الماضي.
فهل هذه الأرقام غير منطقية؟ من المؤكد أنها كذلك. وهل هذه الأرقام تجعل الناس يشعرون بالغثيان؟ بكل تأكيد! لكن هل أصبح الدوري الإنجليزي الممتاز أكثر اضطرابا وأقل استقراراً من الناحية المالية؟ بالطبع، لا. وهذا هو الشيء المثير للاهتمام في حقيقة الأمر، إذ لا يبدو أن هذه الفقاعة على وشك الانفجار، بل تبدو محمية تماما.
وتتمثل الحقيقة المؤلمة في أن الدوري الإنجليزي الممتاز قادر على إنفاق ما هو أكثر من ذلك بكثير، لأن الفجوة بينه وبين الدوريات الأخرى آخذة في التنامي والازدياد. فخلال الموسم الماضي، كسر الدوري الإنجليزي الممتاز حاجز الـ10 مليارات جنيه إسترليني فيما يتعلق بعائدات البث التلفزيوني والعائدات التجارية لأول مرة، في الوقت الذي وصل فيه الحضور الجماهيري إلى 97 في المائة من سعة الملاعب. ورغم أن الإنفاق على التعاقدات الجديدة كان مرتفعا خلال الصيف الماضي، إلا أنه يتناسب مع العائدات التجارية للدوري الإنجليزي الممتاز.
وبنفس القدر من الأهمية، يحرص الشيوخ القادمون من منطقة الشرق الأوسط، ورجال الأعمال المقربون من السلطة في روسيا، والأنظمة القمعية، ومديرو صناديق التحوط على ضخ استثمارات في الدوري الإنجليزي الممتاز – بغض النظر عن أن ذلك يجعل بعض المشجعين يشعرون بعدم الراحة، وبغض النظر عن العواقب المترتبة على ذلك بالنسبة للأندية.
والآن، يحقق إيفرتون وولفرهامبتون عائدات مالية أعلى من ميلان الإيطالي المتوج بسبع بطولات أوروبية، وفقاً للإحصائيات الأخيرة الصادرة عن مؤسسة ديلويت للمراجعات الحسابية، كما حقق ساوثهامبتون عائدات مالية أكثر من نابولي، الذي يتصدر جدول ترتيب الدوري الإيطالي الممتاز.
من المؤكد أن هذه الأرقام مربكة للغاية، لكنها تظهر كيف تحول الدوري الإنجليزي الممتاز إلى وحش ضخم من الناحية المالية. يؤكد مسؤولو الدوري الإنجليزي الممتاز على أن هذا الأمر لم يحدث عن طريق الصدفة، ولكن عن طريق التخطيط والدراسة، وبناء على كيفية توزيع الثروات. وخلال العام الماضي، حصل مانشستر سيتي على 161.3 مليون جنيه إسترليني كجوائز مالية ومن عائدات البث التلفزيوني، بينما حصل الفريق الأسوأ أداء، وهو نوريتش سيتي، على 100.3 مليون جنيه إسترليني. هذه النسبة (1.6 مقابل 1. والتي تمثل النسبة بين ما حصل عليه مانشستر سيتي كأعلى فريق حصولا على العائدات المالية، وبين نوريتش سيتي الأقل حصولا على العائدات المالية) هي الأقل بين بطولات الدوري الأخرى في أوروبا، وكانت تؤدي منذ عقود إلى تأثيرات غير مباشرة تصب في مصلحة الدوري الإنجليزي الممتاز.
انظروا إلى هذا الموسم. صحيح أن مانشستر سيتي فاز بأربع بطولات للدوري من آخر خمسة ألقاب، لكن اللقب الخامس ليس مضمونا على الإطلاق. وفي نفس الوقت، يعاني ليفربول وتشيلسي بشدة. وأظهرت أندية فولهام وبرايتون وبرنتفورد أن أي شيء قد يحدث في مباريات الدوري. وبالتالي، فهناك قدر كبير من التنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز، على عكس الكثير من الدوريات الأخرى، مثل الدوري الفرنسي الممتاز الذي يهيمن عليه باريس سان جيرمان، والدوري الألماني الممتاز الذي يسيطر عليه بايرن ميونيخ.
من المؤكد أن هذه القوة المالية تعطي الأندية الإنجليزية ميزة هائلة في دوري أبطال أوروبا، لكن التوزيع المالي في الدوري الإنجليزي الممتاز يسمح للأندية الأصغر بالحصول على الأموال اللازمة للتعاقد مع لاعبين جيدين بما يكفي للحفاظ على التنافس في المباريات وإبقاء المشجعين سعداء ويحلمون بتحقيق الإنجازات. ويؤدي هذا – كما يظهر من خلال مباريات الدوري – إلى أن تكون المباريات تنافسية للغاية ولا يمكن التنبؤ بنتيجتها، وهو الأمر الذي يزيد من شعبية المسابقة في جميع أنحاء العالم، ويؤدي بالتالي إلى زيادة عائدات البث التلفزيوني والإيرادات التجارية في المرة التالية التي تنتهي فيها العقود.
ومع ذلك، شهد الدوري الإنجليزي الممتاز استحواذ عدد من الأنظمة والشخصيات البغيضة على بعض الأندية، بالإضافة إلى أن الكثير من الأندية في الدوريات الأدنى أصبحت تعاني بشدة، خاصةً بعد تفشي فيروس كورونا. وهناك سبب يجعل الكثير يتفقون مع المراجعة التي أجرتها وزيرة الرياضة السابقة تريسي كراوتش والتي دعت إلى إنشاء جهة تنظيمية مستقلة «لضمان الاستدامة المالية للعبة على المستوى الاحترافي»، إلى جانب منح صلاحيات أكبر للجماهير، ووضع قواعد أفضل فيما يتعلق بالسماح للملاك الجدد بالاستحواذ على الأندية.
من الواضح أن تيباس يعمل في المكان المناسب لشخصيته تماما، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالشؤون المالية لكرة القدم - لأسباب ليس أقلها أنه يتعين عليه أن يتعامل مع ريال مدريد وبرشلونة، اللذين يسعيان للحصول على كل شيء ولا يرضيهما أي شيء – لكن في نفس الوقت هناك القليل من الأدلة على أن الدوري الإنجليزي يتجه نحو التراجع من الناحية المالية، والدليل على ذلك أنه استمر في نموه وتطوره بشكل كبير رغم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأزمة ارتفاع تكلفة المعيشة، وتهديد دوري السوبر الأوروبي. ومع تأكيد قطر مؤخراً على رغبتها في الاستثمار في نادٍ إنجليزي كبير، وفي ظل الاحتمالات الكبيرة لبيع مانشستر يونايتد وليفربول بمليارات الدولارات هذا الربيع، فمن الواضح أن الدوري الإنجليزي الممتاز سيواصل التطور من الناحية المالية.


مقالات ذات صلة

لماذا أصبح اللاعبون اليابانيون جذابين في إنجلترا؟

رياضة عالمية آو تاناكا (ليدز يونايتد)

لماذا أصبح اللاعبون اليابانيون جذابين في إنجلترا؟

كان انتقال آو تاناكا في اليوم الأخير من فورتونا دوسلدورف إلى ليدز يونايتد بمثابة مخاطرة محسوبة لناديه الجديد وذلك بحسب شبكة «The Athletic».

The Athletic (طوكيو)
رياضة عالمية غيوكيريس (يمين) سجَّل ثلاثية من رباعية فوز سبورتنغ على سيتي في دوري الأبطال (رويترز)

كيف أصبح غيوكيريس المهاجم الأكثر تألقاً في أوروبا هذا الموسم؟

سجل غيوكيريس أهدافاً أكثر من هالاند هذا الموسم، وعروضه الاستثنائية ترشحه للانضمام لأحد فرق القمة الأوروبية.

رياضة عالمية دييغو سيميوني (أ.ف.ب)

سيميوني يعزو سلسلة انتصارات أتلتيكو إلى تأقلم اللاعبين الجدد

عزا دييغو سيميوني مدرب أتلتيكو مدريد المنافس في دوري الدرجة الأولى الإسباني لكرة القدم أمس (السبت) سلسلة انتصارات فريقه إلى تأقلم اللاعبين الذين تم التعاقد معهم

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية جانب من مواجهة لودوغوريتس رازاغراد البلغاري ولاتسيو الإيطالي (رويترز)

«دوري المؤتمر الأوروبي»: لودوغوريتس يعرقل انطلاقة لاتسيو المثالية

أوقف لودوغوريتس رازاغراد البلغاري انطلاقة مضيفه لاتسيو الإيطالي المثالية في بطولة الدوري الأوروبي لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (روما)
رياضة عالمية لقطة جماعية لفريق فيتوريا غيماريش البرتغالي (الشرق الأوسط)

«دوري المؤتمر الأوروبي»: فيتوريا غيماريش يتعادل مع آستانة الكازاخي

تعادل فيتوريا غيماريش البرتغالي مع مضيفه آستانة الكازاخي 1-1، الخميس، ضمن منافسات الجولة الرابعة من دوري المؤتمر الأوروبي لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (آستانة)

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
TT

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)

سجَّل ريكو لويس لاعب مانشستر سيتي هدفاً في الشوط الثاني، قبل أن يحصل على بطاقة حمراء في الدقائق الأخيرة ليخرج سيتي بنقطة التعادل 2 - 2 أمام مستضيفه كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، السبت.

كما سجَّل إرلينغ هالاند هدفاً لسيتي بقيادة المدرب بيب غوارديولا، الذي ظلَّ في المركز الرابع مؤقتاً في جدول الدوري برصيد 27 نقطة بعد 15 مباراة، بينما يحتل بالاس المركز الـ15.

وضع دانييل مونوز بالاس في المقدمة مبكراً في الدقيقة الرابعة، حين تلقى تمريرة من ويل هيوز ليضع الكرة في الزاوية البعيدة في مرمى شتيفان أورتيغا.

وأدرك سيتي التعادل في الدقيقة 30 بضربة رأس رائعة من هالاند.

وأعاد ماكسينس لاكروا بالاس للمقدمة على عكس سير اللعب في الدقيقة 56، عندما أفلت من الرقابة ليسجِّل برأسه في الشباك من ركلة ركنية نفَّذها ويل هيوز.

لكن سيتي تعادل مرة أخرى في الدقيقة 68 عندما مرَّر برناردو سيلفا كرة بينية جميلة إلى لويس الذي سدَّدها في الشباك.

ولعب سيتي بعشرة لاعبين منذ الدقيقة 84 بعد أن حصل لويس على الإنذار الثاني؛ بسبب تدخل عنيف على تريفوه تشالوبا، وتم طرده.