«جيش الإسلام» و«النصرة» يطوقان خلافاتهما في الغوطة الشرقية باتفاق مشترك

رفض «النصرة» لمجلس القضاء الموحد ومحاولات تأسيس «جيش الفتح» ضاعف الاحتقان

متدربون من {فيلق الرحمن} في الغوطة الشرقية بريف دمشق قبل إرسالهم إلى جبهات المواجهة مع القوات النظامية (أ.ف.ب)
متدربون من {فيلق الرحمن} في الغوطة الشرقية بريف دمشق قبل إرسالهم إلى جبهات المواجهة مع القوات النظامية (أ.ف.ب)
TT

«جيش الإسلام» و«النصرة» يطوقان خلافاتهما في الغوطة الشرقية باتفاق مشترك

متدربون من {فيلق الرحمن} في الغوطة الشرقية بريف دمشق قبل إرسالهم إلى جبهات المواجهة مع القوات النظامية (أ.ف.ب)
متدربون من {فيلق الرحمن} في الغوطة الشرقية بريف دمشق قبل إرسالهم إلى جبهات المواجهة مع القوات النظامية (أ.ف.ب)

طوّق «جيش الإسلام» و«جبهة النصرة» في الغوطة الشرقية لدمشق، أمس، الإشكالات بينهما بعد أسبوع على «تصادم محدود» بين عناصرهما على حاجز في بلدة مديرا في الغوطة، بتوقيع اتفاق بينهما على «حلّ الخلاف» وإنشاء «غرفة عمليات عسكرية» وإعادة تفعيل التعاون الأمني بين الطرفين.
وقضى الاتفاق المؤلف من 5 بنود بـ«توقيف حملات التخوين والتشهير والتحريض من الطرفين، والتعهد بمحاسبة كل من المخالفين لهذا الإثبات من الجهتين»، و«الاتفاق على إعادة تفعيل التعاون الأمني بين الطرفين لحل كل الملفات»، و«إنشاء غرفة عمليات عسكرية لدراسة الواقع العسكري في الغوطة (ريف دمشق)، ووضع رؤية مشتركة بين جميع الفصائل في الغوطة». وتعهد «جيش الإسلام» بإزالة حاجز مديرا - بيت سوى، واعدًا بتقديم دراسة لجميع حواجزه المنتشرة في الغوطة في جلسات قادمة. كما تعهد الطرفان بفتح ملف القضاء للوصول إلى رؤية مشتركة.
ويتصدر ملف القضاء الموحد في الغوطة واجهة الخلاف بين التنظيمين داخل الغوطة. ويشرح عضو المكتب التنفيذي في مجلس قيادة الثورة بريف دمشق محمد علوش لـ«الشرق الأوسط» أساس الخلاف، بالقول إن «الإشكاليات في الغوطة كانت قائمة بين الطرفين، تتعلق بالقضاء الموحد الذي لا تعترف به جبهة النصرة، وتطالب بتغييره»، فضلاً عن «دعوة النصرة لتأسيس جيش فتح في الغوطة، وهو ما يتعارض مع القيادة المشتركة» الموجودة في الغوطة، ويشكل فيها «جيش الإسلام» الثقل العسكري، إلى جانب «فيلق الرحمن» وفصائل تابعة لـ«الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام».
وكانت قيادة «جيش الإسلام» التي يترأسها زهران علوش، رفضت تشكيل «جيش فتح» في الغوطة، وخرج مدنيون يطالبون بتشكيله، بعد سيطرة تجمع «جيش الفتح» في إدلب على المدينة، واستكمال سيطرته على جسر الشغور. ويقول محمد علوش لـ«الشرق الأوسط» إن قيادة «جيش الإسلام» دعت جبهة النصرة «للمرابضة في الجبهات المفتوحة»، وأطلق دعوة مفتوحة في كلمة له، لإطلاق تسمية «غرفة عمليات جيش الفتح» على غرفة العمليات المشتركة في الغوطة، مشيرًا إلى أن زعيم «جيش الإسلام» اعتبر آنذاك أن ««تأسيس جيش الفتح في الغوطة لا قيمة له بوجود غرفة عمليات مشتركة وفاعلة».
وأكد أن الاتفاق الجديد مع «النصرة» قد «جدد التأكيد بأن الدعوة لتأسيس جيش آخر وقضاء آخر غير واردة في الغوطة الشرقية». وشدد على أن «الاتفاق حصل لحل الإشكاليات لأننا لسنا بوارد فتح مشكلات مع النصرة وغيرها».
ورغم التباينات بين التنظيمين في الغوطة الشرقية، لم يصل الأمر إلى حد الصدام قبل 12 يوليو (تموز) الحالي، حين تصادم عناصر «جيش الإسلام» و«جبهة النصرة» عند حاجز في بلدة مديرا في الغوطة الشرقية، كما يقول ناشطون.
وأشار عضو مجلس قيادة الثورة بريف دمشق إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط» إلى أن قرارات جديدة صدرت في الغوطة، بعد عودة زهران علوش إليها قبل أسابيع قليلة، قضت بنشر حواجز لتأمين الغوطة الشرقية من الاختراقات، وهو «ما استفز جبهة النصرة، خصوصًا بعد تصريح للناطق الرسمي باسم جيش الإسلام، حذر فيه من صدام قادم إذا لم تلتزم النصرة حدودها». وأشار إلى أن «جبهة النصرة» أعلنت عن «رفضها لحواجز جيش الإسلام وخضوع عناصرها للتفتيش فيها، ما تسبب في تصعيد وصدام مباشر في 12 يوليو، رغم محاولات حل الخلافات بينهما». وأشار إلى أن حل الخلافات أخيرًا «جاء بعد وساطات قام بها (فيلق الرحمن) المعروف بانفتاحه على جميع الأطراف، أنهت الخلافات بينهما، عبر الاتفاق الموقع أمس».
ويتصدر «جيش الإسلام» الفصائل الموجودة في الغوطة، يليها «فيلق الرحمن» الذي تشكل قبل عامين نتيجة اتحاد 13 فصيلاً، بينهم «كتائب شهداء دوما» وكتائب «أبو موسى الأشعري» التي كانت نافذة في بلدة عربين في الغوطة. وتتفاوت التقديرات حول عديد «جبهة النصرة» في الغوطة، ففي حين يقول ناشطون وبينهم الداراني إن التنظيم موجود في الغوطة، يقول محمد علوش إن عددهم قليل.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».