توصل نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق ورئيس ائتلاف «دولة القانون» والعضو القيادي في قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية التي شكلت الحكومة الحالية، إلى أزمة الدولار في بلاده؛ إذ دعا رئيس الوزراء محمد السوداني إلى الحوار مع واشنطن، لتجاوز مرحلة الاضطراب الشديد في الأسواق العراقية جراء تراجع أسعار صرف الدينار العراقي أمام الدولار، وما ترتب على ذلك من زيادة كبيرة في أسعار السلع والمواد الغذائية الأساسية، في بلاد يعيش 25 في المائة من سكانها تحت خط الفقر، طبقاً لتوقعات أعلنتها وزارة التخطيط قبل أيام.
والمالكي شغل منصب رئاسة الوزراء لدورتين متتاليتين (2005 - 2010) ولديه خبرة واسعة في التعامل مع الإدارة الأميركية، وهو بهذا المعنى يختلف اختلافاً جذرياً عن معظم شركائه في «الإطار التنسيقي» الذين يحملون «لواء المقاومة» ضد المحتل الأميركي ويرتبطون بعلاقات وثيقة مع طهران، إلا أن دعوته رئيس الوزراء للتفاوض مع الجانب الأميركي بشأن أزمة الدولار وأسعار الصرف، تكشف عن واقعية سياسية غابت تماماً عن معظم القوى الإطارية خلال حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، حتى إن عمليات الاستهداف المكثفة التي كانت تستهدف أرتال الإمدادات اللوجستية للجيش العراقي وقوات التحالف القادمة من الجنوب، إلى جانب قصف المعسكرات والمنطقة الخضراء في زمن الكاظمي، غابت تماماً خلال الثلاثة أشهر الأخيرة من عمر حكومة السوداني، الأمر الذي يترك المزيد من علامات الاستفهام والتساؤل حول مفهوم «المقاومة» وشرعيتها وشعاراتها المرفوعة وحدود مصالحها.
وبدت الواقعية السياسية حاضرة في المالكي، خلال مقابلة تلفزيونية لصالح قناة «الرشيد» حين أقر بالمشكلات الحقيقية المتمثلة بالصعود الجنوني لأسعار صرف الدينار أمام الدولار (1650 ديناراً مقابل الدولار الواحد)، وأكد أن «الحلول تكمن بالجلوس مع الأميركان وسيطرة الدولة على حركة المصارف والحوالات».
كما حذر من إمكانية «ألا تعادل قيمة العملة العراقية قيمة الورق المطبوع كما حدث في بعض دول الجوار»، في إشارة ضمنية إلى العملة الإيرانية. وحذر كذلك من إمكانية تواصل انخفاض أسعار الدينار مقابل الدولار إلى أرقام قياسية غير مسبوقة.
وأشار إلى أن «الأميركيين يراقبون، وسلاحهم في العالم الدولار، وأي دولة يريدون إخضاعها يخضعونها بالدولار، وكل المحاولات لإيجاد عملة تنافس الدولار لم تنجح، ويجب أن يبقى الدولار بعيداً عن عمليات التهريب والتزوير والتلاعب».
وتابع: «نحن حريصون من هذا السلاح الأميركي، لكن حصل تلاعب وتهريب ومخالفات من بعض البنوك والتجار، والحكومة تعلم بذلك، وهذا يؤثر على مخزوننا من الدولار كذلك».
ورغم إشارة المالكي إلى استغلال خصوم الحكومة الإطارية لأزمة الدولار، فإنه يرى أن حل الأزمة يكمن في «الذهاب إلى الأميركان والتفاهم معهم، إلى جانب ضبط حركة المصارف والحوالات وتهريب العملة إلى دول الجوار».
وخلص المالكي إلى أن أزمة الدولار الأخيرة، أخذت طابعاً سياسياً يُراد منه ضرب الحكومة، وجعلها غير قادرة على إيقاف التداعيات الخطيرة: «هنالك من يتربص بالحكومة وبالدولة من بوابة الدولار».
ورغم دفاع المالكي «المتحفظ» عن حكومة السوداني، فإن أوساط ائتلاف «دولة القانون» لا تخفي تبرمها من الإجراءات «البطيئة» التي يتخذها السوداني لمواجهة أزمة الدولار، وترى أن ذلك «يؤثر على سمعة الائتلاف الذي ركز في برنامجه الانتخابي على معالجة رفع سعر الدولار الذي أقرته الحكومة السابقة والتعامل بجدية مع مشكلة الفقر في البلاد»، استناداً إلى مصدر داخل الائتلاف.
من جانبها، انتقدت غرفة تجارة بغداد، حملة الاعتقالات التي شنتها الحكومة، أول من أمس، ضد العاملين في مجال التداول والعملة في بورصة سوق الشورجة ببغداد.
وقال رئيس غرفة التجارة فراس الحمداني، في تصريحات صحافية، أمس (الأحد)، إن «قرار رفع سعر الدولار أمام الدينار العراقي هو قرار حكومي بعد تثبيته في الموازنة، كما أن ارتفاع الدولار أكثر جاء بعد عقوبة من قبل البنك الفيدرالي الأميركي، مما يعني تدخلاً أميركياً بسياسة سعر صرف الدولار باعتبار قيام العراق بفتح اعتمادات غير أصولية وفق معايير معينة».
وأضاف أن «أي تعامل تعسفي مع التجار ليس صحيحاً، ولا يمكن محاكمة المتعاملين بالدولار؛ لأنه ليس ممنوعاً».
المالكي يرى أن واشنطن لديها حلول لأزمة الدولار في العراق
على خلفية اضطراب الأسواق وانهيار الدينار
المالكي يرى أن واشنطن لديها حلول لأزمة الدولار في العراق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة