إيفرتون المتعثر... إلى أين؟

احتجاجات جماهير النادي لا تتعلق بالمال بل بالأمل والتواصل معهم

جماهير إيفرتون الغاضبة تطالب برحيل القائمين على النادي (رويترز)
جماهير إيفرتون الغاضبة تطالب برحيل القائمين على النادي (رويترز)
TT

إيفرتون المتعثر... إلى أين؟

جماهير إيفرتون الغاضبة تطالب برحيل القائمين على النادي (رويترز)
جماهير إيفرتون الغاضبة تطالب برحيل القائمين على النادي (رويترز)

لقد استمتعت بشكل خاص برؤية لافتات الاحتجاج التي رفعتها جماهير إيفرتون، والتي تُظهر أن هناك حرباً مفتوحة الآن بين جمهور ومُلاك النادي، الذي يعاني من مزيج من الغضب واليأس والعجز. وكان عدد من هذه اللافتات يقول: «إيفرتون كان ساحراً، لكن كينرايت شخص سيئ للغاية»، و«عملاق كرة القدم يمتلكه مهرج، كل ما ستحققه هو قيادتنا نحو الهبوط»، و«رئيس لن يرحل، ورئيس تنفيذي غير مؤهل». وكانت الغريزة الطبيعية بين العديد من مشجعي الفرق المنافسة، وحتى بعض الأصوات في وسائل الإعلام، هي السخرية من الظروف الصعبة التي يعاني منها إيفرتون، والاستهزاء بالقاعدة الجماهيرية واتهامها بأنها تعيش في حالة من الوهم والجنون. وكما هو الحال مع أي حركة احتجاجية جماهيرية، يتحول التركيز دائماً على أساليب الاحتجاج، وليس على الهدف من الاحتجاج نفسه!
وبعد الهزيمة التي تعرض لها إيفرتون أمام ساوثهامبتون بهدفين مقابل هدف وحيد في الجولة الماضية في مسابقة الدوري - وهي المباراة التي لم يحضرها مجلس الإدارة بسبب مخاوف غامضة وغير محددة تتعلق بالسلامة والأمن - حاصرت مجموعة صغيرة من المشجعين سياراتي لاعبي الفريق أنتوني غوردون وياري مينا، أثناء محاولتهما الخروج من ملعب «غوديسون بارك». لقد كان حصاراً بغيضاً، لكنه غير ضار. وربما هذا هو السبب الذي جعل ياري مينا، الذي نشأ في كولومبيا ومن المفترض أنه رأى أسوأ من ذلك بكثير، يبدو هادئاً للغاية عندما خرج من سيارته للتحدث إلى الجماهير والاستماع إلى مخاوفهم. وقال له أحد المشجعين: «أظهر لنا القليل من الحماس. كل ما نريده هو الشغف، أظهر لنا القليل من الشغف. ابدأ بالتحدث أيها الفتى، وأظهر لهم أنك رجل».
لقد كشف هذا النقاش المؤثر والمثير للفضول عن السبب الحقيقي وراء الغضب الشديد الذي يشعر به جمهور إيفرتون، فهذا الاحتجاج في جوهره ليس احتجاجاً على الإنفاق على التعاقدات أو المديرين الرياضيين أو حتى على نتائج الفريق في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن الأمر يتعلق بالأمل والتواصل وفكرة أن كرة القدم يجب أن تعبر عن الناس.
فما الذي يريده مشجعو إيفرتون؟ وهل يمكن لكرة القدم الحديثة أن تقدم ذلك؟ وكانت إحدى اللافتات تقول: «الجماهير تتوقع الأفضل»، في حين كانت لافتة أخرى تقول: «لا شيء يكفي سوى الأفضل»، وهي الكلمات المستمدة من شعار النادي. لقد كان لدى إيفرتون في وقت من الأوقات أحد أفضل المهاجمين الشباب في أوروبا، وهو المهاجم البلجيكي روميلو لوكاكو، الذي اشتراه مانشستر يونايتد مقابل 75 مليون جنيه إسترليني. وكان لديه في وقت من الأوقات أحد أفضل المديرين الفنيين في العالم، وهو الإيطالي كارلو أنشيلوتي، الذي رحل لتولي القيادة الفنية لريال مدريد. وقدم غوردون مستويات جيدة في نصف موسم قبل أن يبدأ تشيلسي اهتمامه بالحصول على خدماته. فما الذي نعتقد أنه سيحدث لأمادو أونانا إذا تألق بشكل لافت في الدوري الإنجليزي الممتاز؟ أو ما الذي سيحدث لبن غودفري، أو ناثان باترسون في حال تقديمهما أداء جيداً؟
يدرك جمهور الأندية الصغيرة أن الأشياء الجيدة لا تدوم أبداً، ويتعين عليه أن يتصالح مع هذه الحقيقة سواء عاجلاً أم آجلاً، فهذه الأندية المتوسطة أو الصغيرة، مثل وستهام وأستون فيلا وهامبورغ وسامبدوريا لا تستطيع الحفاظ على أفضل نجومها، وما إن يبرز نجم هنا أو هناك حتى تغريه الأندية الكبرى وتتعاقد معه، ولا يكون أمام هذه الأندية إلا الهبوط إلى الدوري الأدنى أو البحث عن رجل أعمال ثري مستبد يستحوذ على النادي وينفق أموالاً طائلة لتدعيم صفوفه! ويمكن القول بكل بساطة إنه لن يُسمح لمثل هذه الأندية أبداً بالنمو والتطور، سواء اتخذت الخيارات الصحيحة أو اتخذت الخيارات الخاطئة!
إن أحد العناصر المثيرة للاهتمام حقاً في هذا الاحتجاج هو صغر سن الشباب الذين يحملون لافتات الاحتجاج، فمعظم المحتجين من الشباب في العشرينات والثلاثينات من العمر، وبعضهم أصغر حتى من ذلك، وهو ما يعني أن هؤلاء المحتجين ليسوا من كبار السن الذين لديهم درجات عالية من الحنين إلى الماضي، لكنهم من الشباب الذين يدركون الآن، وربما لأول مرة، أن الحلم الذي تم تسويقه لهم لم يعد موجوداً، أو على الأقل ليس من حقهم. لقد شعروا بأن هذه اللعبة التي ورثوها عن آبائهم لم تعد ذلك الشيء الرومانسي الطموح، لكنها تحولت إلى ما يشبه العملات المشفرة!
لن تكون هناك بطولات، ولن تكون هناك ليالٍ في دوري أبطال أوروبا على ملعب «براملي مور دوك»، ولن يتمكن هذا الجمهور من رؤية أفضل اللاعبين في العالم بقميص إيفرتون، بل لن يروا حتى فريقهم وهو يلعب بشكل جيد ويحقق نتائج جيدة مثل مشجعي برايتون أو برينتفورد أو ويغان. وعلاوة على ذلك، فإن مالك النادي هو ملياردير لن يتكلم أبداً مع الجمهور أو يحضر مباراة، وحتى لو تعثر النادي فلن يكون بإمكان هذه الجماهير القيام بأي شيء حيال ذلك!
وهكذا يستمر موسم إيفرتون في التعثر من هزيمة مؤسفة إلى أخرى، ووسط احتجاجات الجماهير داخل ملعب جوديسون بارك بعد الخسارة أمام ساوثامبتون متذيل الترتيب، يبقى السؤال بالنسبة للنادي هو: «إلى أين الآن؟»، واعترف المدرب فرانك لامبارد في أعقاب الهزيمة بأنها كانت مباراة يجب الفوز بها، كما كانت الخسارة بنفس النتيجة أمام ولفرهامبتون قبل أسابيع قليلة عندما كان الأخير أيضاً في ذيل ترتيب الدوري.
ويتركز إحباط المشجعين في الوقت الحالي على مجلس الإدارة، خاصة أن الأندية المتنافسة القريبة من منطقة الهبوط تتعاقد مع مواهب جديدة لمساعدتها في محاولة البقاء، بينما يظل إيفرتون صامتاً خلال فترة الانتقالات الحالية. ووعد مجلس إدارة النادي بأن الاقتراب من الهبوط العام الماضي لن يتكرر، ولكن إذا تكرر الأمر فإن الوضع يبدو أكثر خطورة هذه المرة. إنه اسم كبير في كرة القدم الإنجليزية يسير على طريق لا رجوع فيه.


مقالات ذات صلة

«البريمرليغ»: يونايتد وتشيلسي يتعادلان مع أستون فيلا ونوتنغهام

رياضة عالمية جانب من مواجهة أستون فيلا ومانشستر يونايتد ضمن منافسات الدوري الإنجليزي الممتاز (أ.ف.ب)

«البريمرليغ»: يونايتد وتشيلسي يتعادلان مع أستون فيلا ونوتنغهام

حقق مانشستر يونايتد نتيجة جيدة إذا قورنت بمشواره خلال الأسابيع الماضية، بعودته من ملعب أستون فيلا بنقطة التعادل السلبي، الأحد، في الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية فيرجيل فان دايك (أ.ب)

قائد ليفربول: نريد المنافسة حتى اليوم الأخير للفوز بالبريمرليغ

يرغب فيرجيل فان دايك، قائد فريق ليفربول، في أن يواصل فريقه المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، هذا الموسم، حتى المرحلة الأخيرة من عمر البطولة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
رياضة عالمية جيريمي دوكو (د.ب.أ)

دوكو: السيتي لا يحتاج إلى تسجيل المزيد من الأهداف في غياب رودري

أكد جيريمي دوكو، نجم فريق مانشستر سيتي، عدم وجود ضغوط على مهاجمي فريقه لتسجيل مزيد من الأهداف لتعويض غياب لاعب خط الوسط الإسباني رودري.

«الشرق الأوسط» (لندن )
رياضة عالمية بيب غوارديولا (إ.ب.أ)

غوارديولا: مواجهة فولهام كانت صعبة

أثنى الإسباني بيب غوارديولا المدير الفني لمانشستر سيتي على لاعب وسطه الكرواتي الدولي ماتيو كوفاسيتش الذي لعب دوراً محورياً في الفوز على فولهام 3 - 2، السبت.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية ماتيو كوفاسيتش يحتفل بعد التسجيل في فولهام (د.ب.أ)

كوفاسيتش: الهدفان لطفلي الصغير... وأي فريق سيفتقد رودري

أشاد الكرواتي الدولي ماتيو كوفاسيتش، نجم وسط مانشستر سيتي، بتحسن شخصية فريقه خلال الفوز الصعب على فولهام 3-2، السبت، في الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بعد مئويته الأولى... هالاند يتطلع إلى المزيد في مسيرته الحالمة مع مانشستر سيتي

هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)
هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)
TT

بعد مئويته الأولى... هالاند يتطلع إلى المزيد في مسيرته الحالمة مع مانشستر سيتي

هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)
هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)

وصل النجم النرويجي الدولي إيرلينغ هالاند إلى 100 مباراة في مسيرته مع فريق مانشستر سيتي، حيث احتفل بمباراته المئوية خلال فوز الفريق السماوي 2 - صفر على مضيفه تشيلسي، الأحد، في المرحلة الافتتاحية لبطولة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

وكان المهاجم النرويجي بمثابة اكتشاف مذهل منذ وصوله إلى ملعب «الاتحاد» قادماً من بوروسيا دورتموند الألماني في صيف عام 2022، حيث حصل على الحذاء الذهبي للدوري الإنجليزي الممتاز كأفضل هداف بالبطولة العريقة في موسميه حتى الآن. واحتفل هالاند بمباراته الـ100 مع كتيبة المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا على أفضل وجه، عقب تسجيله أول أهداف مانشستر سيتي في الموسم الجديد بالدوري الإنجليزي في شباك تشيلسي على ملعب «ستامفورد بريدج»، ليصل إلى 91 هدفاً مع فريقه حتى الآن بمختلف المسابقات. هذا يعني أنه في بداية موسمه الثالث مع سيتي، سجل 21 لاعباً فقط أهدافاً للنادي أكثر من اللاعب البالغ من العمر 24 عاماً، حسبما أفاد الموقع الإلكتروني الرسمي لمانشستر سيتي.

وعلى طول الطريق، حطم هالاند كثيراً من الأرقام القياسية للنادي والدوري الإنجليزي الممتاز، حيث وضع نفسه أحد أعظم الهدافين الذين شهدتهم هذه البطولة العريقة على الإطلاق. ونتيجة لذلك، توج هالاند بكثير من الألقاب خلال مشواره القصير مع سيتي، حيث حصل على جائزة لاعب الموسم في الدوري الإنجليزي الممتاز، ولاعب العام من رابطة كتاب كرة القدم، ولاعب العام من رابطة اللاعبين المحترفين، ووصيف الكرة الذهبية، وأفضل لاعب في جوائز «غلوب سوكر».

كان هالاند بمثابة اكتشاف مذهل منذ وصوله إلى مانشستر (أ.ف.ب)

وخلال موسمه الأول مع سيتي، أحرز هالاند 52 هدفاً في 53 مباراة في عام 2022 - 2023، وهو أكبر عدد من الأهداف سجله لاعب بالدوري الإنجليزي الممتاز خلال موسم واحد بجميع البطولات. ومع إحرازه 36 هدفاً، حطم هالاند الرقم القياسي المشترك للأسطورتين آلان شيرر وآندي كول، البالغ 34 هدفاً لكل منهما كأكبر عدد من الأهداف المسجلة في موسم واحد بالدوري الإنجليزي الممتاز. وفي طريقه لتحقيق هذا العدد من الأهداف في البطولة، سجل النجم النرويجي الشاب 6 ثلاثيات - مثل كل اللاعبين الآخرين في الدوري الإنجليزي الممتاز مجتمعين آنذاك. وخلال موسمه الأول مع الفريق، كان هالاند أيضاً أول لاعب في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز يسجل «هاتريك» في 3 مباريات متتالية على ملعبه، وأول لاعب في تاريخ المسابقة أيضاً يسجل في كل من مبارياته الأربع الأولى خارج قواعده. وكان تسجيله 22 هدفاً على أرضه رقماً قياسياً لأكبر عدد من الأهداف المسجلة في ملعب «الاتحاد» خلال موسم واحد، كما أن أهدافه الـ12 ب دوري أبطال أوروبا هي أكبر عدد يحرزه لاعب في سيتي خلال موسم واحد من المسابقة.

أما في موسمه الثاني بالملاعب البريطانية (2023 - 2024)، فرغم غيابه نحو شهرين من الموسم بسبب الإصابة، فإن هالاند سجل 38 هدفاً في 45 مباراة، بمعدل هدف واحد كل 98.55 دقيقة بكل المنافسات، وفقاً لموقع مانشستر سيتي الإلكتروني الرسمي. واحتفظ هالاند بلقب هداف الدوري الإنجليزي للموسم الثاني على التوالي، عقب إحرازه 27 هدفاً في 31 مباراة... وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما سجل هدفاً في تعادل مانشستر سيتي 1 - 1 مع ليفربول، حطم هالاند رقماً قياسياً آخر في الدوري الإنجليزي الممتاز، بعدما أصبح أسرع لاعب في تاريخ المسابقة يسجل 50 هدفاً، بعد خوضه 48 مباراة فقط بالبطولة.

وتفوق هالاند على النجم المعتزل آندي كول، صاحب الرقم القياسي السابق، الذي احتاج لخوض 65 لقاء لتسجيل هذا العدد من الأهداف في البطولة. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، وخلال فوز سيتي على لايبزيغ، أصبح اللاعب البالغ من العمر 23 عاماً في ذلك الوقت أسرع وأصغر لاعب على الإطلاق يسجل 40 هدفاً في دوري أبطال أوروبا، حيث انتقل إلى قائمة أفضل 20 هدافاً على الإطلاق بالمسابقة.

كما سجل هالاند 5 أهداف في مباراة واحدة للمرة الثانية في مسيرته مع سيتي في موسم 2023 - 2024، وذلك خلال الفوز على لوتون تاون في كأس الاتحاد الإنجليزي. ومع انطلاق الموسم الجديد الآن، من يدري ما المستويات التي يمكن أن يصل إليها هالاند خلال الأشهر الـ12 المقبلة؟