علي بونغو... الرئيس الساعي إلى تثبيت «إرث والده» في الغابون

قدّمه الحزب الحاكم للترشح لولاية رئاسية ثالثة

علي بونغو... الرئيس الساعي إلى تثبيت «إرث والده» في الغابون
TT

علي بونغو... الرئيس الساعي إلى تثبيت «إرث والده» في الغابون

علي بونغو... الرئيس الساعي إلى تثبيت «إرث والده» في الغابون

يطمح الرئيس الغابوني علي بونغو، إلى تثبيت «إرث عائلته» السياسي في البلد الغني بالنفط بوسط أفريقيا، عبر ولاية رئاسية هي الثالثة، تمنحه تمديد فترة حكمه إلى 21 سنة، وهو ما يعادل نصف مدة حكم والده، أحد أصحاب الأرقام القياسية في الحكم على مستوى القارة السمراء. بونغو (63 سنة) يسير بخطى ثابتة في طريقه للفوز بالانتخابات الرئاسية المقررة في أغسطس (آب) 2023. بعدما دعاه «الحزب الديمقراطي» الحاكم، في ختام مؤتمره العام نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إلى الترشح. وهي دعوة قُوبلت بترحاب من الرئيس الحالي، معتبراً إياها «دليلاً على الثقة»، وأضاف قائلاً: «مناشداتكم تلقى آذاناً مصغية». الجدير بالذكر أن عائلة بونغو استفردت بالسلطة في الغابون لأكثر من نصف قرن، منذ حكم والده عمر بونغو المستعمرة الفرنسية السابقة طيلة 42 سنة من عام 1967 وحتى وفاته في عام 2009. وكان بونغو الابن قد وصل إلى الرئاسة بعد شهرين فقط من وفاة والده في عملية انتقال سلس للسلطة. والواقع أن «الامتداد السلطوي» أو «التوريث» لا يُعدُّ أمراً مستغرباً في القارة السمراء، التي تتفنن بعض دولها في أنماطه، لكن ثمة عوامل دعمت عائلة بونغو في هذا الاتجاه، بحسب مراقبين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، من بينها شبكة التأثير الدولية الواسعة التي تتمتع بها الأسرة قارياً ودولياً، والتي أسهمت في تقليص الانتقادات إليها، فضلاً عن الاستقرار الاقتصادي في البلاد، على خلاف جيرانها. هذا، وتعد الغابون إحدى أغنى دول أفريقيا بفضل ثروتها النفطية الهائلة، لكن معارضين لبونغو يقولون إن معظم تلك الثروة «يتركز في أيدي نخبة صغيرة»، وسط اتهامات متكررة - تنفيها الحكومة - بالفساد.
يحرص كثيرون من الحكام في دول «العالم الثالث»، وبالأخص، في أفريقيا جنوبي الصحراء على تدريب أبنائهم على السلطة عبر توليهم مناصب ومسؤوليات تحضيراً لمنصب الرئيس مستقبلاً، ومن ثم يبدو الأمر وكأنه خطوة طبيعية، وهذا ما حصل في الغابون عندما تدرّج علي بونغو في عدّة وظائف ومسؤوليات حزبية وسياسية، قبيل حكمه الذي بدأ عام 2009.
النقلة السياسية الأولى في حياة علي بونغو - المولود نحن ألان برنار بونغو - في الكونغو برازافيل المجاورة للغابون في فبراير (شباط) عام 1959. وذلك قبل تحوّله مع والده إلى الإسلام عام 1973 وتغييرهما اسميهما. بدأت تلك النقلة مبكراً خلال دراسته في المدرسة الابتدائية عندما تقلّد لقب «ابن الرئيس»، بتولي والده - الذي كان اسمه الأصلي ألبير برنار بونغو - الحكم في الغابون عام 1967. الأمر الذي ساعده في الحصول على فرصة تعليمية متميزة منذ صغره، فالتحق في سن التاسعة بمدرسة راقية بضواحي العاصمة الفرنسية باريس، أعقبها دخوله جامعة باريس - السوربون الفرنسية العريقة، حيث درس القانون.
وبجانب تعليمه الراقي، أظهر علي بونغو إبّان شبابه اهتماماً بكرة القدم والموسيقى، باعتباره نجل المغنية الغابونية الشهيرة بيشنس داباني، حتى إنه أصدر عام 1977 ألبوماً غنائياً باسم «إيه براند نيو مان»، أنتجه تشارلز بوبيت مدير أعمال الفنان الأميركي جيمس براون.
بعد سنوات من هذا الألبوم، بدأت تحولات سياسية بارزة في حياة علي بونغو، بانتخابه عام 1983 عضواً في اللجنة المركزية للحزب الحاكم. ثم صار عضواً في مكتبه السياسي 1986. قبل أن يتولى منصب وزير الشؤون الخارجية 1989 - 1991. ثم إنه انتخب نائباً عن مدينة بونغوفيل في الجمعية الوطنية (البرلمان) بين 1991 - 1999. وبعدها تولى منصب وزير الدفاع، وهو المنصب الذي ظل محتفظاً به لمدة 10 سنوات (ما بين 1999 - 2009)، ومعه لعب دوراً كبيراً في تحييد المؤسسة العسكرية عن العملية السياسية، بغية «تأمين وصوله إلى قمة السلطة»، كما يشير الدكتور العيد دحماني، أستاذ العلوم السياسيّة والعلاقات الدوليّة بجامعة الأغواط - عمار ثليجي بالجزائر. ويعتبر دحماني «هذه المحطات التي مرّ بها كل من الرئيس الأب في استغلال العائدات النفطية لترسيخ نمط حكمه، ومن ثم الإمساك بمفاصل الدولة عبر مؤسستها العسكرية من طرف الرئيس الابن، هي بمثابة مقاربة من شأنها أن تورث الحكم في أي دولة».
الدكتور دحماني، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، يرى أن الغابون، التي استقلت عن فرنسا عام 1960. لم تخرج عن طبيعة ونوعية الأنظمة السياسية التي تكونت في دول القارة الأفريقية، من حيث نمط حكم الهيمنة الإدارية الذي يعمل على التعبئة الجماهيرية لكسب التأييد والمكانة، ويرتبط في بعض الأحيان بالمنظمات المساعدة كالحزب الوحيد أو الأحزاب الموالية. وفي هذا النظام تتمركز القرارات حول القائد ومستشاريه الهامين، وهو ما اعتمد عليه الرئيس الأب في الغابون. وفي إطار السيطرة والتمهيد لحكم نجله، اتسمت فترة بونغو الأب - كما يشير دحماني - بـ«الحكم المنفرد»، كما «شكّل أقلية صغيرة من حوله، وتولى بنفسه توزيع المسؤوليات الحكومية والإدارية بما يضمن توازنات إثنية وإقليمية، بالإضافة للتعاون مع مستشاريه الأجانب. ذلك أنّ فرنسا لم تغب عن الساحة السياسيّة والاقتصادية، بل انتهزت ولاء السلطة الحاكمة التي تدعمها في قراراتها مقابل الاستفادة من الثروات والموارد الغابونية. وأيضاً استفاد نظام الحكم الغابوني من مشروع التنمية المنشود لعقود من الزمن الذي تصدر اهتمامات القادة الأفارقة عقب مرحلة الاستقلال، وعادة ما يكون مبرراً لبقائهم في الحكم لفترات طويلة».

تعددية صورية
لقد سعى الرئيس الأب في الغابون إلى تبني نهج التعددية السياسية والحزبية إبان فترة التحولات في أفريقيا، «إلا أن هذا لم يغير من نمط الحكم، ولا عندما سمح لعدة شخصيات بمنافسته في انتخابات 1993، بضغط من المعارضة»، كما يوضح دحماني. إذ يعتقد الأكاديمي الجزائري «أن معظم الانتخابات التي أجريت في أفريقيا خلال تلك الفترة كانت شكلية وصورية بحكم سيطرة الرؤساء المنتهية ولايتهم على أجهزة الدولة، وتسخيرهم إمكاناتها لصالحهم، وهو ما يفسر بقاءهم أو عودتهم للحكم من جديد في مرحلة لاحقة من الانتخابات».
من جهة ثانية، كان أحد أهم الظروف والعوامل التي مكّنت عائلة بونغو من البقاء في السلطة طيلة 55 سنة «شخصنة السلطة»، التي يصعب تفكيكها في ظل تبني «السياسة الريعية»، على حد وصف خبير في الشؤون الأفريقية. إذ تعدُّ الغابون إحدى أهم الدول الريعية في أفريقيا جنوبي الصحراء من حيث الاحتياطي النفطي الذي يشكِّل 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وهو ما سمح بتحويل هذا البلد الصغير في وسط أفريقيا إلى حكم عائلي خاص، وساعد بونغو الأب في تعديل الدستور ليسمح لنفسه بالترشح لمنصب الرئاسة مرات عدة وسط تهم المعارضة بـ«القمع والديكتاتورية». ويعد النفوذ السياسي الدولي والاستقرار الاقتصادي عاملين مهمين مكّنا عائلة بونغو من فرض هيمنتها، كما يوضح الباحث المتخصص في الشأن الأفريقي محمد تورشين، الذي قال لـ«لشرق الأوسط»، إن «أسرة بونغو تتمتع بشبكة تأثير واسعة على الصعيدين الأفريقي والدولي، ولها علاقات متينة مع فرنسا... وكذلك ضمن العوامل التي ساهمت في ترسيخ حكم بونغو في الغابون، هو أنها دولة بترولية غنية صاحبة إنتاج وطي كبير، ودخول أفراد معدلاته ممتازة، مما حقق نوعاً من الاستقرار الاقتصادي، ميز البلاد عن غيرها من دول الجوار». وحقاً، بفضل ثروة الغابون النفطية، يُعد متوسط نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي فيها من أعلى المتوسطات في أفريقيا، وجعلها البنك الدولي في الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل. ومع ذلك، ووفق تقارير دولية، فإن الثروة موزعة توزيعاً غير متكافئ، ويعيش كثيرون من مواطني الغابون في فقر وعوز.

انتقال سلس... وتهم فساد
نتيجة لهذا التمهيد، وبعد شهرين على وفاة عمر بونغو (الأب) وصل الابن علي بونغو إلى السلطة عام 2009. عقب انتخابات رئاسية فاز فيها بـ42 في المائة من الأصوات، واستقبلت بنوع من الترحيب من قبل الأوساط الدولية. وبالفعل، شهد حفل تنصيب بونغو الابن رئيساً وأداء اليمين الرئاسي حضور العديد من رؤساء الدول الأفريقية وممثل فرنسا، التي استقبلته في أول زيارة خارج أفريقيا عام 2009. ويومذاك التقى نيكولا ساركوزي (في حينه رئيس فرنسا) للتأكيد على رغبته في عودة العلاقات الوثيقة إلى طبيعتها بين القوة الاستعمارية السابقة وأحد أهم حلفائها في أفريقيا. وجاءت الولاية الثانية، لبونغو الابن عبر انتخابات عام 2016، عندما أعيد انتخابه بعد حصوله على 49.80 في المائة من الأصوات، متقدماً على منافسه المعارض جان بينغ الذي حصل بدوره على 48.23 في المائة من الأصوات. ولقد بلغت نسبة الاقتراع 59.64 في المائة، أمام احتجاجات للمعارضة بحجة التزوير.
اليوم يواجه علي بونغو تهماً بـ«الفساد» خلفها منظمات حقوقية وقوى معارضة، ولقد استند بعضها إلى تحقيق للشرطة الفرنسية استغرق 7 سنوات، وادعى أن عائلة بونغو تملك 39 عقاراً في فرنسا و9 سيارات فاخرة. ومع أن التحقيق توقف عام 2017 لعدم توفر أدلة على «مكاسب غير مشروعة»، ظلت الاتهامات تلاحق الأسرة، التي نفت بشدة كل تلك الأمور. أيضاً يواجه بونغو انتقادات لدوره البارز في «الحركة الماسونية» التي يقود جناحها في الغابون علناً، وفق تقرير بريطاني.
وفي مواجهة هذه الانتقادات يدافع أنصار بونغو عنه بالقول إنه «يحاول تنويع مصادر الغابون عوضاً عن اعتمادها على النفط، الذي تراجعت عائداته، وإنه جعل هدفه تحويل البلاد إلى التكنولوجيا المتقدمة وجذب الاستثمارات التي قام من أجلها بالعديد من الرحلات إلى الخارج».
وفي محاولة لترسيخ شعبيته في مواجهة تلك الاتهامات، أعلن الرئيس بونغو عام 2015، بمناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والخمسين للاستقلال عن فرنسا، عن تبرّعه بميراثه من والده لحساب «مؤسسة للشباب والتعليم»، ويذكر أن ثروة أسرة بونغو تقدّر بملايين الدولارات المودعة في حسابات بمصارف أجنبية، إضافة إلى عقارات وحصص في الصناعات الرئيسية في الغابون. وقال الرئيس أيضاً إن أسرته ستسلم الدولة أيضاً ممتلكات منها فيلا في العاصمة وعقارات في باريس، مكرّراً أنه اتخذ هذا القرار تكريماً لذكرى والده. وبنهاية 2018، أعلن بونغو عن حملة لمكافحة فساد «الطبقة السياسية»، تتضمن تشكيل حكومة جديدة «أصغر حجماً، وتضم نساء ورجالاً قادرين على إعطاء الأولوية للمصلحة العامة وقادرين على التحلي بالمثالية والاستقامة والأخلاق».

انقلاب فاشل
في المقابل، خلال يناير (كانون الثاني) 2019. استغل عسكريون معارضون غياب بونغو عن الغابون في رحلة علاجية في الخارج لبضعة أشهر، فأعلنوا تشكيل «مجلس وطني للإصلاح» من أجل «استعادة الديمقراطية»، في رسالة تليت عبر الإذاعة الرسمية بأمل إشعال «انتفاضة شعبية». لكن بعد ساعات قليلة من هذا التحرك، أعادت قوات الأمن السيطرة على الوضع وأوقفت «المتمردين»، معيدة الهدوء إلى البلاد. وبهذا الصدد، كان بونغو قد تعرّض لجلطة دماغية في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، أثناء حضوره مؤتمراً اقتصادياً في المملكة العربية السعودية، دخل على إثرها مستشفى الملك فيصل بالرياض. وبعدها، توجه إلى المغرب في نوفمبر (تشرين الثاني) للنقاهة.
ومن ثم، عاد إلى الغابون في 23 مارس (آذار). وفي تأكيد للدعم الدولي لحكم بونغو، قوبلت محاولة الانقلاب عليه برفض واسع، ودعم مقابل للنظام، خاصة من باريس التي عبرت عن إدانتها للمحاولة، وأكدت رفضها «أي محاولة تغيير للنظام خارج إطار الدستور». كذلك شدد الاتحاد الأفريقي على رفض أي «تغيير غير دستوري للسلطة».

ثقة في الفوز
عودة إلى الانتخابات المقبلة هذا العام، هناك ثقة واسعة في استمرار حكم بونغو، كما يقول الخبير محمد تورشين، الذي يؤكد على تمتع بونغو «بشخصية قوية وتاريخ سياسي مع تدرجه الواسع في المناصب، مما منحه أفضلية عن غيره... وبالتالي، من الطبيعي ترشحه في هذه الحقبة المهمة... كما أن فوزه في نظر كثيرين حتمي».
وحقاً، في مؤتمر الحزب الحاكم لإعادة ترشيح بونغو عقد آلاف المندوبين والناشطين، الذين كانوا يرتدون قمصاناً بيضاء مرقطة بألوان علم الغابون الأخضر والأصفر والأزرق، اجتماعاً في ملعب على مشارف العاصمة ليبرفيل، وسط أجواء احتفالية. في حين ارتدى آخرون سترات تحمل صورة مؤسس الحزب عمر بونغو أونديمبا (والد الرئيس الحالي). وهتف الحضور «علي رئيساً» وفي «2023 سنفوز».
وردّ بونغو: «لقد سمعت الرسالة ودعواتكم». وتابع في كلمته: «إنني أعدها تعبيراً عن الثقة... مناشداتكم تلقى آذاناً مصغية».
لكن في المقابل، يعتقد الدكتور العيد دحماني، أنه مع تفاقم الوضع السياسي فإن الانتخابات الرئاسية المقبلة ربما تشهد منافسة فعلية وحقيقية رغم دعوة الحزب الديمقراطي الغابوني الحاكم للرئيس علي بونغو إلى الترشح لولاية ثالثة، لكن هذا لا يجعل المعارضة تبقى رهينة الأحداث الماضية، فهي تسعى بكل جهد لعدم تكرار تجربة 2016 عندما خسرت بفارق ضئيل، وفي الوقت نفسه، ليس بالأمر المحسوم أن ترشح علي بونغو يعني فوزه بالانتخابات، لأن اللعبة السياسية دائماً تتطلب فواعل جدد في الوقت المناسب.


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

5 نزاعات منسية خلال عام 2024

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

5 نزاعات منسية خلال عام 2024

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

إلى جانب الحربين اللتين تصدَّرتا عناوين الأخبار بانتظام خلال عام 2024، في الشرق الأوسط وأوكرانيا، يستمر كثير من النزاعات التي لا تحظى بالقدر نفسه من التغطية الإعلامية في أماكن كثيرة في العالم، حسبما جاء في تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. وفي ما يأتي خمسة منها.

السودان

يشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً بين القوات شبه العسكرية والجيش.

وقد تسبب الصراع، الذي تعدّه الأمم المتحدة إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث، في مقتل ما بين 20 ألفاً و150 ألف شخص، بالإضافة إلى ما يقدَّر بنحو 11 مليون نازح.

ويضاف إلى تداعيات هذا النزاع المتواصل، شبح المجاعة، إذ يحتاج 26 مليون شخص، أي نحو نصف السكان، إلى المساعدات الغذائية بشكل متواصل.

ووُجِّهت مراراً وتكراراً اتهامات إلى الأطراف المتنازعة بارتكاب جرائم حرب، لاستهدافهم المدنيين عمداً.

وفي نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، حذَّرت الأمم المتحدة من الحجم «المذهل» للعنف الجنسي المتفشي منذ بداية النزاع، مؤكدةً أن حالات الاغتصاب، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي، مستشرية.

معلّم في مدرسة خلال امتحانات نهاية السنة الدراسية في قرية بشمال السودان يوم 24 نوفمبر الجاري (أ.ف.ب)

جمهورية الكونغو الديمقراطية

يواجه شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، منذ نهاية عام 2021، عودة ظهور حركة «إم 23»، (حركة «23 مارس»)، وهي تمرد تدعمه رواندا استولى على مساحات كبيرة من الأراضي إثر مواجهات مع القوات المسلحة الكونغولية والميليشيات التابعة لها.

وقد أدى هذا التمرد إلى تفاقم أزمة إنسانية مستمرة منذ ثلاثين عاماً في شمال كيفو (شرق)، وهي منطقة غنية بالمعادن، حيث يوجد مئات الآلاف من النازحين في ملاجئ مؤقتة على مشارف غوما، عاصمة الإقليم.

وانتهى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين كيغالي وكينشاسا في بداية أغسطس (آب) إلى استقرار خط المواجهة، لكن «حركة 23 مارس» استأنفت الهجوم في نهاية أكتوبر، واستولت على عدة مواقع.

ومع ذلك، يتشبث البلدان المتجاوران بالحوار، فقد التقى وزيرا خارجيتهما في بداية نوفمبر (تشرين الثاني)، وأكدا من جديد ضرورة احترام وقف إطلاق النار.

صورة أرشيفية لمقاتلين من الطوارق من تنسيقية حركات أزواد يمرون بالقرب من كيدال شمال مالي (أ.ف.ب)

الساحل

تعاني دول منطقة الساحل من هجمات لمتشددين.

وبدأت «بوكو حرام»، أحد التنظيمات المتشددة الرئيسية في المنطقة، تمرداً في نيجيريا في عام 2009، مما أسفر عن مقتل نحو 40 ألف شخص وتشريد أكثر من مليوني شخص، قبل أن تنتشر في البلدان الحدودية.

وفي تشاد، تتواصل الهجمات التي تشنها جماعة «بوكو حرام» أو جماعة منشقة عنها في منطقة بحيرة تشاد.

وأطلق الجيش عملية عسكرية في نهاية أكتوبر بهدف «القضاء على القوة الضاربة» لـ«بوكو حرام».

وفيما تسمى منطقة «الحدود الثلاثة»، تواجه مالي وبوركينا فاسو والنيجر متشددين في منطقة الساحل ينتسبون إلى تنظيمَي «داعش» و«القاعدة».

وطردت هذه الدول الثلاث -بقيادة أنظمة عسكرية في أعقاب الانقلابات بين عامي 2020 و2023- الجيش الفرنسي من أراضيها وشكَّلت تحالف دول الساحل، للتعاون في مواجهة تهديد المتشددين.

ولم تحقق الهجمات نجاحاً في الوقت الحالي، وتسببت في مقتل ما يقرب من 7 آلاف مدني وعسكري في بوركينا فاسو منذ يناير (كانون الثاني)، وأكثر من 1500 في النيجر وأكثر من 3600 في مالي، وفق منظمة «أكليد» غير الحكومية مع ازدياد الصعوبات للحصول على المعلومات.

هايتي

تعاني هايتي من عدم الاستقرار السياسي المزمن منذ عقود.

وتفاقم مستوى عنف العصابات، المتأصل بشكل فعلي في الدولة الكاريبية منذ فبراير (شباط).

وتسيطر العصابات على 80 في المائة من العاصمة بورت أو برنس.

وسجلت الأمم المتحدة 4544 حالة وفاة بسبب أعمال العنف منذ بداية العام، مؤكدةً أن الإحصاءات «ربما تكون أعلى».

وتستهدف أعمال العنف بشكل خاص الأطفال في بعض الأحيان، حيث يجري تشويه الضحايا أو رجمهم أو قطع رؤوسهم أو إحراقهم أحياء أو دفنهم أحياء.

ودفعت أهوال العنف أكثر من 700 ألف شخص، نصفهم من الأطفال، إلى الفرار من منازلهم، حسب المنظمة الدولية للهجرة.

وبدعم من الأمم المتحدة وواشنطن، بدأت بعثة دعم الشرطة المتعددة الجنسيات بقيادة كينيا في الانتشار هذا الصيف.

مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال ميانمار (أ.ب)

بورما

تشهد بورما (ميانمار) صراعاً دموياً منذ عام 2021 بعد الانقلاب الذي قاده المجلس العسكري ضد حكومة منتخبة ديمقراطياً.

وتصاعدت حدة الحرب الأهلية، التي تسببت في مقتل أكثر من 5300 مدني وتشريد أكثر من 3.3 مليون شخص وفق الأمم المتحدة، خلال العام الفائت بسبب صعود القوات المعارضة للمجلس العسكري.

وفي الأشهر الأخيرة، هاجم المتمردون ماندالاي، ثاني أكبر مدينة في البلاد، بالصواريخ والمسيّرات، وفي نهاية أكتوبر سيطروا على الطريق الذي يربطها بالصين، الشريك التجاري الرئيسي للبلاد.

والسيطرة على هذا المحور تحرم المجلس العسكري من الضرائب المربحة وتهدد قواعده في السهول الوسطى.

وفي مواجهة هذه الصعوبات، دعا المجلس العسكري الجماعات المسلحة في نهاية سبتمبر (أيلول) إلى بدء محادثات السلام، وهو المقترح الذي ظل حتى الآن حبراً على ورق.